٭ غادرتنا صفية المنصوري نهار الجمعة الماضية بعد ان اشبعت الجميع من خيرها وودها ومحبتها.. اذ كانت «نوارة» المجلس وفاكهته.. قضت سنواتها الغضة في رحاب جامعة الخرطوم فاهدت الكل الالفة ومعاني الخير والجمال فازدانت بها كلية الآداب التي شهدت تجوالها بين هذه القاعة وتلك. ٭ صفية المنصوري النخلة الشماء في العطاء وحلو الثمر.. جمع بينها وبين النخلة الكرم الحفي والندى وليس غريباً عليها هذا الاندياح الجميل في ذاك الزمن الذي ظلت بصمته داخل صفية تستمد منه في كل حين لوناً بهياً تسرج به خيول عطائها لكل من تعرف فهي ابنة القبيلة «المنصورية» التي تتدثر بالجود وتفتح ابوابها لمسافر الطريق وتنطلق من دارها الظعائن.. ٭ في القلب جرح موجع ودمعة لا تكف عن النزول من عين اكتحلت برؤيتها قريباً... لم يختزن القلب غير نقاء سريرتها وصفاء حسنها وحلو حديثها في الغياب والحضور.. فلقد كانت بحق سفيرة «المناصير» اينما حطت رحلها في معيتها قوس قزح ماطر وكف تقطر شهداً تحيل الايام لباكر مملوء بعشم مشتهى. ٭ غادرت دنيانا صفية المنصوري في نهار رطب بعد ان ادت صلاة الفجر «حاضراً».. ودّعت الجميع بنذر قلبها الوضيء وكف ندية خضراء تعطي بلا مقابل.. لكنها لم تعرف ان رحيلها شقّ علينا وحملنا بامواج الاسى بحر الحزن لساحل بلا نهاية تتبعنا ذكرى الرحيل المر لفقدان صفية التي منحها والداها هذا الاسم بكل ثقة في انها الصفاء والنقاء والبهاء والرؤى الجميلة.. ٭ صفية التي تسربلت بالورع والتقوى واغتسلت بالصبر في مواجهة المحن سيظل جرحها في داخلنا يفيض رعافاً كلما مرّ طيفها البهي يحمل خطوها من اياب الطريق في زمن «الاصيل» والشمس تزحف نحو مرقدها فتختصر المسافات. ٭ بكيناك يا صفية كما لم نبك من قبل.. بكينا وجهاً اغتسل بالرحيق والمطر.. جفت الكلمات وتعطلت امام سيل الدموع الجارف من عيني سمية عبد الباقي ونادية سيد احمد وسميرة قرشي وانعام عبد اللطيف، وفكرية ابا يزيد وبهاء عبد الواحد ونعمات عمر وفاطمة «اركيولوجي»... بللت الارض التي كانت يوماً ما تشهد خطى كتبت علينا غابت اليوم عنها خطاك فانكسرت امامنا البصائر واستحالت الامنيات وصارت جرحاً لن يمنحه الزمن التئاماً.. ٭ اشاطركم الاحزان وفي القلب منها دفين اهلي في «المناصير» والصديقة العزيزة عائشة يوسف المنصوري في العين بالامارات العربية المتحدة في فقدكم الجلل واتمنى ان تنبت على خد الزمن ألف رحمة تهب قلبكم الصبر المستدام وتمدكم بضوء بارق في فضاء هذه الدنيا يحيل الحزن نوراً على قبرها يومض كالبرق في ليالي الخريف حالكة السواد. ٭ نامي هانئة صفية المنصوري فالجنة مقدمك ومثواك وسيظل اسمك محفوراً في قلوب أحبتك بمداد الوصل.. ٭ همسة: بين الرحيل والإياب مدائنا تنزف... جروحاً من عذاب... فترتوي ارضي بلوعة الشجن المقيم... يا حاطباً في الليل اجنحة الرحيل.. وداعاً فالقلب بعدك ينطوي على عمق المصاب..