بعد خروج عائدات نفط الجنوب من دورة الاقتصاد السوداني، بدأ التفكير في إيجاد بدال سريعة لتعويض فاقد الموارد أو جزء منها، وبالطبع فإن الأنظار اتجهت للثروة الحيوانية التي تذخر بها البلاد وتملك منها ما يلبي طلب السوق الخارجي لجودته ، وكان مؤملا أن تفكر الدولة منذ وقت مبكر في تنظيم هذه الثروة والاهتمام بها والاعتناء ببنية الصادر من مسالخ ومحاجر وبحوث ومعامل وموانىء وغيرها، ومدارسة هموم المصدرين،ولكن يبدو أن الجهة التي كان ينبغي أن تكون مبادرة في هذا العمل تحتاج إلى مراجعة حتى لا يكون باب النجار مخلعا. وتكشف المعلومات التي تتسرب من دهاليز ووثائق وزارة الثروة الحيوانية بأنها تشهد صراعا مكتوما وتيارات متجاذبة ومتقاطعة المواقف والمصالح، وممارسات يعتقد أنها غير سليمة منها مثلا ما يتعلق بشراء تراكتورات صغيرة لإدارة المحاجر بمبلغ 177,44,00 جنيه، خصما على بند إنشاء وتأهيل المحاجر والمسالخ من دون مناقصة ومخالفة لمواصفات التراكتورات المطلوبة التي تعمل في المحاجر والمسالخ، باعتبار أنها تحتاج إلى نوع اكبر من الذي تم استيراده وعندما تساءلت إدارة المحاجر كونت لجنة من الوزير لاستلامه. كما بدا أن فرصة ضاعت لتأهيل مسلخ الكدرو الذي يعتمد عليه في صادر اللحوم ،فبعد أن حصلت الوزارة على تصديق لصندوق تنمية الثروة الحيوانية بمبلغ 25 مليون جنيه، منح منها كقسط أول مبلغ 16,587 ألف جنيه وزعت على مشروعات بعضها في طور الدراسة ولم تضع أولوية للمشروعات ذات العائدات الكبيرة والسريعة التي تضمن استمرار الصندوق كرأسمال دوار، و لم يتم تحديد مساهمات القطاع العام والخاص وصندوق تنمية الثروة الحيوانية، ولم تعط المسلخ سوى مبلغ 387 ألف جنيه على الرغم من أن تأهيل المسلخ واحد من شروط بعض الدول لرفع الحظر عن صادر اللحوم السودانية،وكان ينبغي أن تكون له الأولوية في التمويل. وتشهد الوزارة أيضا جدلا وأحاديث همسا وجهرا عن ما جرى في هيكل مركز المعامل والبحوث البيطرية الذي يرى خبراء أنه مترهل ومكلف ماليا ،وتم تغيير اسمه إلى معهد البحوث البيطرية من دون دراسة كافية عبر مختصين،كما تم تذويب إدارة المعامل والمحطات الولائية في الهيئة، وإسناد تبعية المعامل الولائية إلى معهد سوبا والمحطات لمركز الإنتاج الحيواني مما يضيف عبئا كبيرا على هذين المركزين اللذين يعانيان من ضعف الميزانية وبجانب ذلك شهدت الوزارة توترا بسبب إجراء تنقلات شملت مديري إدارات مما دفع بعض العاملين في الأسماك لرفع مذكرة لوزارة العدل بعد رفض وزارتهم الرد عليها كما رفعوا شكاوى إلى ديوان الحسبة والمظالم. ومن الملفات التي تثير تساؤلات العلاقة غير السلسة بين وزارة الثروة الحيوانية أو بالأحرى وزيرها والاتحاد العام للبيطريين والمجلس البيطري، ويبدو أن خلافات شخصية انسحبت على ضعف التعاون بين كيانات ينبغي أن تنهض معا بالثروة الحيوانية. وللحديث صلة غدا بإذن الله