عادت دوامة الصراع بين دولة السودان ودولة جنوب السودان الى السطح من جديد فى ملف البترول الذى اضحى خميرة عكننة فى علاقة البلدين، ولم تفلح مجهودات دولة الصين فى إحتواء الأزمة وايقاف حرب التصريحات المستعرة بتوقف تدفق البترول، ووصل الأمر الى تهديد الجنوب باغلاق آباره في حال اوقف الشمال عملية التصدير عبره وسمح لشركات البترول بتصدير نصيبها من نفط الجنوب. حيث صرحت حكومة جنوب السودان بانها قد تلجأ الى اغلاق آبارها في حال اوقف الشمال عملية تصدير بترول الجنوب عبره وسمح لشركات البترول بتصدير نصيبها من بترول الجنوب ، يأتى هذا فى وقت عقدت الحكومة اجتماعا حاسما مع شركات البترول وطالبتها بنقل مقارها الى جوبا. وفى تصريح ل «الصحافة» قال وزير النفط بحكومة الجنوب قرنق دينق ان الجنوب دفع بمقترح خلال الاجتماع مع شركات البترول يقضي بتوقيع عقود جديدة مع الدولة الوليدة تتضمن استمرارية العقود القديمة مع التأكيد على مراجعتها باعتبارها عقوداً وقعت في غياب حكومة الجنوب لاضفاء قانونية عليها، واشار الى ان الشركات وافقت على دراسة المقترح، واكد الوزير ان الجنوب طلب خلال الاجتماع من الشركات التي تنقب في حدوده نقل مقارها للدولة الجديدة، واوضح انهم تلقوا موافقة من الشركات بذلك، وكشف دينق ان الاجتماع ناقش اعادة ترتيب مربعات البترول الممتدة بين الدولتين وتوفيق اوضاعها بحسب الوضع الجديد، واوضح دينق ان الاجتماع تطرق للاحتمالات المستقبلية بشأن تصدير نفط الجنوب عبر الشمال والتحوطات التي وضعتها حكومة الجنوب في حال ساء التعاون فى المستقبل بين الشمال والجنوب في قضية تصدير البترول، لافتاً الى انهم ابلغوا الشركات انهم في ذلك الوضع يمكن ان يلجأوا لبيع النفط داخل الآبار، وقال « نقلنا لهم فكرتنا انه اذا اوقف الشمال التصدير وسمح للشركات فسنرفض الوضع وننظر في اغلاق الآبار لحين ايجاد منفذ تصدير آخر عبر الدول الافريقية»، وشدد دينق خلال الاجتماع على ضرورة ان يعامل الجنوب بذات الرسوم التي سيفرضها الشمال على الشركات لتصدير نصيبها، واوضح ان الشركات ابدت استعدادها للمساهمة عبر دولها في مساعدة الشمال والجنوب لايجاد حل لقضية البترول. ويأتى هذا التشاكس فى وقت تتكامل فيه العلاقات الإقتصادية بين السودان وتشاد والتى اعلنت عزمها لتصدير نفطها عبر السودان، وكشف سفير السودان لدى تشاد عبد الله الشيخ لوكالة السودان للأنباء «سونا» عن اتفاق بين السودان وتشاد يقضي بتصدير البترول المنتج شرق تشاد عبر الموانئ السودانية بجانب التعاون في مجال الاستكشاف والإنتاج النفطي وتنمية الكوادر في مجال صناعة النفط وتخزين وتسويق المنتجات النفطية وزيارات تبادل الخبرات وكيفية الحفاظ على المعلومات النفطية وقيام شركة سودانية تشادية للعمل في المشاريع النفطية وتطوير خدمات الحقول، وهى خطوه اعتبرها مراقبون بمثابة رسالة الى حكومة جنوب السودان مفادها ان الشمال فى غنى عن عائدات بترول الجنوب وسيتجه الى دولة تشاد فى مجال البترول. وساءت العلاقة المتقلبة بين الهدوء والعداء ولم تتأخر حكومة جنوب السودان فى إتهام الخرطوم بتعقيد الملف بفرضها لرسوم وصفتها بالتعجيزية والمبالغ فيها مقابل استخدام خط أنابيب الشمال، ووصف وكيل وزارة الطاقة والتعدين في جنوب السودان ديفيد لورو جوبك خلال مقابلة له مع رويترز المبلغ الذي تريده الخرطوم بالمبالغ فيه، وحذر من تمادى الشمال وتمسكه بالنسبة التى طرحها الشمال وقال «اذا أصرت الخرطوم على أننا اما أن ندفع والا فلن يسمحوا لنا باستخدام هذه الاشياء، فإن جمهورية جنوب السودان، قد تطلب منهم اغلاق خط الانابيب لان ذلك ينطوي على تمييز»، واوضح جوبك ان الجنوب قد يسعى لبدائل أخرى من بينها بناء خط منفصل لانابيب النفط اذا ما أصر الشمال على رسوم توازي ثلث قيمة صادرات الدولة الوليدة، وأضاف «لسنا البلد الوحيد الذي يصدر النفط عبر أراضي الدول المجاورة، لماذا علينا أن ندفع رسوما مرتفعة للغاية،اذا اضطررنا فسنقوم بإنشاء خط انابيب مستقل»، وكشف جوبك ان شركات من بينها صينية مستعدة لتمويل انشاء خط انابيب مستقل في جنوب السودان، يمتد الى كينيا، وقال جوبك «شركات بعضها صينية ويابانية وكورية ومن دول بالشرق الاوسط مستعدة لتمويل خط الانابيب حتى لامو» وذكر جوبك ان وزارة الطاقة والتعدين وقعت الاسبوع الماضي مذكرة تفاهم مع شركة النفط الوطنية الصينية (سي.ان.بي.سي) لكنه لم يذكر تفاصيل،وقال «يحاول الصينيون ارضاءنا بنفس القدر، فهم من مدوا خط الانابيب وهم من بنوا المصفاة في الخرطوم» فى اشارة الى ان دولة الصين لها مصالح فى دولة الجنوب ولن تعاملهم بأقل من الشمال. وتجدر الإشارة الى ان حكومة الصين ارسلت وزير خارجيتها الى السودان، لبحث القضايا العالقة بين الدولتين والتركيز على حل ملف تدفق نفط الجنوب عبر الشمال، ويوضح عدد من المراقبين بأن استمرار تدفق النفط من الجنوب عبر الشمال يهدف الى تحقيق المصالح المشتركة للدول الثلاث «السودان والصين ودولة جنوب السودان» وبتدفقه تضمن الصين تأمين (7%) من امداداتها النفطية، وتضمن الدولة الوليدة توافر موارد ترسي بها الحكم وتثبت بها اركان الدولة ، بينما تضمن الدولة (الام ) توافر موارد النقد الاجنبى بعد فقدان عائدات النفط التى كانت تشكل (50%) من ميزانيتها وفقدتها جراء الانفصال، الا ان هذه المصالح اصبحت عرضة لرياح الخلافات بعد ان اخذت قضية البترول طابعاً سياسياً يحكم علاقة البلدين اكثر من الطابع الإقتصادى الذى يقوم على تبادل المنافع ورعاية المصالح المشتركة. وفى حديثه ل «الصحافة» وصف المحلل السياسى دكتور حسن الساعورى تصريحات حكومة الجنوب بوقف تصدير بترولها عن طريق الشمال بالحديث السياسي، وقال قضية البترول تحتاج الى تعاون الطرفين، لافتا الى ان موقف الجنوب واضح بعد ان قطع بانه سيتعامل مع الشمال بمبدأ الإيجار، واضاف ان قضية البترول خياراتها محدودة اما الرجوع الى المعيار الدولى لقيمة ايجار الخطوط، واما بإتفاق الدولتين على صيغة محددة ترضى الطرفين، واوضح الساعورى ان الجنوب يتعامل بذهنية محدده مع الشمال تنظر اليه بأنه محتاج الى بتروله فى هذا التوقيت تحديداً وانه يمر بحالة اقتصادية حرجة ويتعامل معه بهذا الفهم. وفى حديثه ل «»الصحافة» اوضح المحلل الاقتصادى الدكتور محمد الناير ان عدم الاتفاق فى مسألة البترول يضر بالدولتين خاصة دولة الجنوب والتى تعتمد على النفط بنسبة 98% من مواردها، مايحتم على الجانبين التوصل الى اتفاق ولو كان مؤقتاً فى الوقت الحالى نظراً لحاجة جميع الأطراف لعائداته السريعه، وقال الناير ان الملفات الاقتصادية يجب ان تناقش بمعزل عن القضايا السياسية لانها لا تتحمل التأخير والمضاربات السياسية، وذلك لان البترول من القضايا الحساسة وتؤثر على اقتصاد البلدين ويجب التوافق حولها لمصلحة الشعبين، ولم يستبعد النائر ان تمارس دولة الصين ضغوطاً على الدولتين من اجل التوصل الى اتفاق يضمن انسياب النفط من حقول الجنوب عبر مرافق الشمال النفطية مقابل تعويض عادل لحكومة السودان واضاف «من المسائل المهمة التى تجعل الصين قادرة على ممارسة الضغوط ولعب هذا الدور يتمثل فى الاستكشافات النفطية المتوقعة فى الجنوب والشمال والدعم الذى تقدمه للجانبين لضمان تدفق البترول الذى يشكل لها مورداً مهماً فى إقتصادها بنسبة مقدرة.