الخارجية البريطانية: مستقبل السودان يقرره شعبه    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: دور المجتمع الدولي والإقليمي في وقف حرب السودان    توجيهات مشدّدة للقيادة العسكرية في الدبّة..ماذا هناك؟    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية تدخل في وصلة رقص فاضحة بمؤخرتها على طريقة "الترترة" وسط عدد من الشباب والجمهور يعبر عن غضبه: (قلة أدب وعدم احترام)    شاهد بالفيديو.. الفنانة توتة عذاب تشعل حفل غنائي بوصلة رقص مثيرة والجمهور: (بتحاولي تقلدي هدى عربي بس ما قادرة)    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تثير ضجة غير مسبوقة بتصريحات جريئة: (مفهومي للرجل الصقر هو الراجل البعمل لي مساج وبسعدني في السرير)    شاهد بالفيديو.. الفنانة توتة عذاب تشعل حفل غنائي بوصلة رقص مثيرة والجمهور: (بتحاولي تقلدي هدى عربي بس ما قادرة)    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية تدخل في وصلة رقص فاضحة بمؤخرتها على طريقة "الترترة" وسط عدد من الشباب والجمهور يعبر عن غضبه: (قلة أدب وعدم احترام)    انشقاق بشارة إنكا عن حركة العدل والمساواة (جناح صندل ) وانضمامه لحركة جيش تحرير السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تثير ضجة غير مسبوقة بتصريحات جريئة: (مفهومي للرجل الصقر هو الراجل البعمل لي مساج وبسعدني في السرير)    على الهلال المحاولة العام القادم..!!    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    مناوي يلتقي العمامرة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للسودان    أول تعليق من ترامب على اجتياح غزة.. وتحذير ثان لحماس    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    السودان يدعو المجتمع الدولي لدعم إعادة الإعمار    بيراميدز يسحق أوكلاند ويضرب موعدا مع الأهلي السعودي    أونانا يحقق بداية رائعة في تركيا    ما ترتيب محمد صلاح في قائمة هدافي دوري أبطال أوروبا عبر التاريخ؟    دراسة تكشف تأثير "تيك توك" وتطبيقات الفيديو على سلوك الأطفال    "خطوط حمراء" رسمها السيسي لإسرائيل أمام قمة الدوحة    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    لقد غيّر الهجوم على قطر قواعد اللعبة الدبلوماسية    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    شاب سوداني يستشير: (والدي يريد الزواج من والدة زوجتي صاحبة ال 40 عام وأنا ما عاوز لخبطة في النسب يعني إبنه يكون أخوي وأخ زوجتي ماذا أفعل؟)    الهلال السوداني يتطلّع لتحقيق كأس سيكافا أمام سينغيدا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    مصر تسجل مستوى دخل قياسيا في الدولار    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والري بالخرطوم تبحث إعادة إعمار وتطوير قطاع الألبان    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بابكر: حد الردة وظفت لأغراض سياسية ولتصفية الخصوم
حد الردة بين النصوص الدينية ومواثيق حقوق الإنسان(1-2)
نشر في الصحافة يوم 19 - 08 - 2011

أثار حد الردة، أي قتل المسلم بسبب خروجه عن الإسلام، نقاشات جمة وجدالات لم تنفض، بين من يرونه استجابة لنصوص صريحة من جنس قول النبي «من بدل دينه فاقتلوه»، وبين من يراه حداً خاضعاً لتوظيف سياسي يستهدف تصفية الخصوم ناسخاً لأصل مهم قعدته الآية الكريمة «لا إكراه في الدين».
فما هي حقيقة حد الردة في الفكر الإسلامي؟ وهل هناك إجماع عليها؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون توظيفاً من قبل السلطات الحاكمة. لمناقشة هذه القضية الحيوية استضاف برنامج (قيد النظر) الأستاذ بابكر فيصل بابكر، الباحث والكاتب الصحفي، والأستاذ محمد الحبر، الباحث بمركز النهضة للتواصل الحضاري.
* أستاذ بابكر، هل ترى مفهوم حد الردة موضوعياً؟
- الموضوع مهم من جانبين، الأول يمس قضية مركزية في الإسلام وهي قضية حرية الاعتقاد، وفي الجانب الآخر يتم توظيف الموضوع من الناحية السياسية أكثر من الدين. وكما قال د.طه جابر علواني، مدير المعهد العالمي للفكر الإسلامي، إن موضوع الردة في التاريخ الإسلامي كان في أغلبه سياسي والجانب الديني فيه كان ضئيلاً، فالقرآن لم يورد آية واحدة تدل على حد الردة ولم يحدِّد عقوبة دنيوية على المرتد، بل تحدثت كل الآيات عن عقوبة المرتد في الآخرة، وورد موضوع الردة في أربعة مواضع لم يذكر القرآن فيها حداً للردة، كما أن السنة المتواترة لم يرد فيها إثبات لحد الردة.
* أستاذ محمد، هناك من يرى أن الموضوع مجرَّد توظيف سياسي، والديني فيه قليل؟
- دعني أقرر أن الردة ذنب كبير، فأن يرتد الإنسان من الإسلام إلى غيره عندي جريمة.
* جريمة تستحق القتل؟
- سأجيبك، هي ذنب عظيم رتب الله تعالى عليه بنص القرآن عقوبات أخروية، ورتب عليه بنص الأحاديث عقوبات دنيوية. العقوبة الأخروية في قوله تعالى «من يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون»، فليس هناك ذنب أو كبيرة أعظم من الردة، ولا نعلم في الإسلام ذنباً يذهب بكل الحسنات إلا الردة. وحينما نتحدث عن الردة نتحدث في ظروف استثنائية، أي أن الأمة في حالة تراجع وسلطان المسلمين غائب، والثقافة الغربية مهيمنة على كل أوضاعنا وحركتنا وتفكيرنا والأمة تحت الاحتلال، بمعنى أن هذه المركزية الغربية ستترك آثارها على تفكير المسلمين.
* بمعني أنها أملت هذا الرأي؟
- سيكون هذا يقيناً، فالثقافة الغربية جعلت الكثير من المفكرين الإسلاميين، بل من كبار المفكرين الإسلاميين، يبحثون عن مخرج لبعض القضايا ويحاولون أن يوائموا بين الرؤية الإسلامية والرؤية الغربية حتى يكون الإسلام مستساغاً في تقبل الآخرين له، وهذا بلا شك جانب من جوانب الانكسار ومحاولة المواءمة ما بين الرؤيتين حتى في قضايا أخف من هذه القضية كالمعجزات وما ورد عنها في السنة والقرآن.
* هل هي جريمة تستحق القتل؟
- أقول إن الله رتب عليها عقوبة في الآخرة بنص القرآن، وفي الدنيا هناك عقوبات تترتب على الردة منها أن المرتد سيفقد ولاء الأمة له، وحديث النبي (ص) «من بدل دينه فاقتلوه»، والحديث الآخر في الصحيحين «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث»، وهذه النصوص تبين لنا أن المرتد حكمه القتل.
* الأخ بابكر، أنتم منكسرون أمام الحاضرة الغربية تريدون أن توفِّقوا بين الدين وحقوق الإنسان حتى توافقوا الغرب؟
- لا أتفق مع الأخ محمد، ليس الموضوع موضوع انكسار أو استضعاف، بل الموضوع موضوع أدلة، فلم يثبت أن الرسول (ص) قتل مرتداً عن الدين، رغم أن الآية تحدثت عن المنافقين الذين كفروا وكانوا بين يدي الرسول لكنه لم يقتلهم، والقرآن لم يورد عقوبة دنيوية للمرتد إنما وردت هذه العقوبة في حديثين لا يفيدان اليقين من وجهة نظري، لأنهما حديثا آحاد، وأحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في الأمور التي تستوجب اليقين، والحديث إما أن يكون متواتراً أو أن يكون حديث آحاد، والمتواتر هو ما ذكره أناس من الكثرة بحيث لا يتواطأون على كذب، وبهذا يفيد اليقين، وحديث الآحاد فيه الظن وفيه الأخذ والرد وهو مقسم إلى صحيح وحسن وضعيف، والحنفية مثلاً يقولون إن حديث الآحاد لا يفيد الإلزام (الفرض والوجوب).
* بابكر، لو كانت مسألة الردة بهذا الوضوح والبساطة لأخذ الناس بهذا الرأي في الماضي، مما يوحي بأن هذا الرأي الآن خاضع لضغط من الحضارة الغربية ومسألة حقوق الإنسان؟
- هذا غير صحيح، فالموضوع كان مثاراً في أوقات كثيرة في التاريخ الإسلامي، وباسم الردة قتل الحلاج والسهروردي ومفكرون إسلاميون كبار منهم في السودان محمود محمد طه، وفي إيران هاشم أغاجاري، وفي مصر فرق بين نصر حامد أبو زيد وزوجته، وطرح هذا الموضوع في التاريخ الإسلامي وسيظل مطروحاً.
* هذا الحديث أخ محمد ليس وليد هذا الزمن، ووجد في التاريخ، وهناك توظيف سياسي لمسألة الردة، وهناك قتل للخصوم والمفكرين؟
- كم عدد الخصوم السياسيين للولاة والحكام في تاريخ المسلمين؟، لا شك أنهم بالآلاف بل بالملايين، لماذا لم يقتل كل هؤلاء بحد الردة؟، والقول بأن حد الردة هدفه التوظيف السياسي حكم جائر لا يصدقه الواقع التاريخي، لأننا نعلم أن الحكام قتلوا لكن لم يقتلوا بحد الردة، والقول بأنه فقط للتوظيف السياسي تنقصه الدقة، بل تتداخل أحياناً القضية السياسية مع البعد الديني، ومحمود محمد طه تداخل في مقتله البعد السياسي مع البعد الديني، ومحمود محمد طه حكم عليه القضاة والعلماء في هذا البلد بالردة قبل أن يصدر النميري حكمه بالإعدام، أما أن النميري نفذ حكمهم لقضايا سياسية أو غيرها فهذا شأن آخر.. وفي الإسلام يصعب فصل البعد السياسي من البعد الديني في مثل هذه القضايا، لكن ما يهمنا: هل تثبت الردة على هذا الشخص؟، فإن ثبتت فما هو الحكم؟.
بابكر:
-هذا يدخلنا في التكفير والردة، وهما متداخلان، هناك من يقول إنه ارتد عن الدين، وهناك من يقولون إن فلانا ارتد عن الدين وفقاً لوجهة نظرهم السياسية، وهذا كان الغالب في التاريخ الإسلامي، وحتى حديث عبد الرحمن الأوزاعي الذي اعتمد عليه محمد في قتل المرتد ورد لأول مرة في ظروف سقوط الدولة الأموية وظهور الدولة العباسية، وأول مرة قاله الأوزاعي في حضرة عبد الله بن علي -عم السفاح أول حكام العباسيين-، فالموضوع مشوب بمحاولة إيجاد شرعية دينية لأن الدين ظل وسيظل في المنطقة العربية أكبر مصادر الشرعية، فالموضوع كان الجانب السياسي فيه مهماً، أن تمنح الحاكم الشرعية ومن ثم يستطيع أن ينفذ أهدافه السياسية.
محمد:
- أريدك أن تذكر النص «من بدل دينه فاقتلوه»، ما هي الظروف التي ورد فيها هذا الحديث عن النبي (ص) ومتى قاله عبد الله بن عباس؟، لأن هذا الحديث ورد في قتل زنادقة في زمن سيدنا علي ممن جاءوه وقالوا «أنت ربنا وأنت إلهنا: فبين لهم سيدنا علي الحق لكنهم ظلوا على هذا الرأي فحرقهم بالنار، فأنكر عليه عبد الله بن عباس بقوله قال رسول الله «من بدل دينه فاقتلوه»، وتلاحظ عدم وجود بعد سياسي لكن الأمر أمر عقيدة.
* ألم يحدث هذا في ظلال موضوع الشيعة والسنة؟
- لو قتلهم خصوم سيدنا علي لجاز لنا أن نقول هذا.
بابكر:
-كلمة زنديق التي وردت في الحديث كلمة فارسية ومعناها من يؤمن بالدهر، لكنها في السياق الإسلامي مختلفة، وسيد سابق في كتابه (فقه السنة) يقول إن الزنديق مؤمن لكنه يقول قاعدة في غاية الخطورة، إنه ينكر ما علم من الدين بالضرورة، وهذا هو المدخل السياسي، لأن هذه القاعدة الفقهية (المعلوم من الدين بالضرورة) متأخرة ولم تكن موجودة في زمن الصحابة والرسول (ص)، وليست محددة ولم ترد في القرآن إنما هي قائمة قابلة للزيادة والنقصان، ولكل شخص الحق أن يدخل فيها شيئاً لتوظيفها سياسياً، وإذا أردت أن أذكر لك مثالاً من سيد سابق نفسه سأفعل.
محمد:
-عندما قال العلماء هذا الأمر، إن الإنسان يكفر بإنكار ما علم من الدين بالضرورة، فلا شك أن هذه القاعدة جاءت بعد استقراء للأحاديث ولآيات القرآن بينت أن من ترك كذا يكفر، وبالتالي فإن هذه القاعدة لم يخترعها العلماء من عند أنفسهم، صحيح أنها لم تكن بهذا التقعيد.
بابكر:
-الخطورة في هذه القاعدة مثلاً أنهم يقولون إن أحد الأشياء التي تجعل المرء ينكر ما علم من الدين بالضرورة أن يطعن في كتاب الله وسنة رسوله، ومعلوم أن الطعن في كتاب الله في تاريخ الإسلام تم توظيفه، لأن المذاهب اختلفت في قضايا كثيرة مثل قضايا خلق القرآن ورؤية الله والقضاء والقدر، وكل فرقة تأتي بدليل من القرآن وتثبت وجهة نظرها، وليس هناك تحديد لإنكار الكتاب والسنة، فمثلا إذا لم أكن سلفياً سأقول إن خلق القرآن قضية، فإذا جاء السلفي يحكم عليه بأنه ينكر القرآن ويقتله أو يعذبه مثلما فعل المأمون مع أحمد بن حنبل، والعكس صحيح، وهذا ما يحدث في هذا الزمان، أن الجهات التي لها خلفيات فكرية مختلفة توظف هذه القضايا الفقهية لتصفى بها الخصومة السياسية.
محمد:
- هناك أناس ارتدوا في زماننا هذا ولم يرتدوا بمثل ما تأول المعتزلة أو الفرق الإسلامية، وتجد بعض الناس الآن لا ينكر ردته عن الإسلام وكتبه تنضح بالكفر الصراح الذي لا يقبل تأويلاً آخر، والردة عندنا تثبت بأمور إما بالمعتقد أو بالقول، أو بترك شرائع الإسلام، لذلك قال العلماء في وصف الفعل أنه فعلاً لا يحتمل تأويلاً غير الكفر، إنسان يسجد لصنم ويعتقد فيه، إنسان يعلق الصليب ويعتقد فيه.
بابكر:
-لماذا لم يقتل الرسول (ص) مرتداً؟.
* ما هي الأدلة التي استند عليها القائلون بحد الردة، من القرآن والسنة؟
محمد:
-من السنة استدلوا بالأحاديث التي ذكرتها.
* ومن القرآن؟
- القرآن لا يوجد فيه نص صريح يرتب عقوبة على المرتد، لكني أقول إن القرآن ذكر الخمر ولم يرتب عليها عقوبة دنيوية ولكن جاءت السنة ورتبت عليها، فما هي مصادر التشريع عند المسلمين؟.
* القرآن لم يرتب على الردة عقوبة دنيوية، فماذا عن السنة؟
محمد الحبر:
- في السنة وردت أحاديث عن النبي، أنه قال «من بدل دينه فقتلوه»، وكذلك فعل الصحابة، فسيدنا أبو بكر قاتل المرتدين وسيدنا علي أقام حد الردة في هؤلاء الزنادقة، ولم أجد خلافاً بين أهل العلم في أن المرتد حكمه القتل، لكن بعضهم يقول يستتاب فإن لم يتب يقتل، وبالنسبة لموقفنا من السنة النبوية فهل هذه السنة المروية عن النبي تفيد حكماً وتشريعاً أم لا؟، وهل لا بد لهذا الحكم حتى يثبت ان يكون موجوداً في القرآن حتى نقول ان هذا الحكم هو حكم الله؟.
بابكر:
- الحنفية على سبيل المثال يقولون إن السنة الآحادية لا تستقل بإثبات الواجب أو المحرم، والشاطبي في (الموافقات) قال نفس الكلام، وإن وظيفتها هي تخصيص علم القرآن وتقييد مطلقه وتفسير مجمله، وحديث الآحاد لا يفيد اليقين.
* فصل لنا حديث «من بدل دينه فاقتلوه»؟
- الحديث رواه عكرمة وهو فارسي، وأدخل كلمة زنادقة في الأحاديث للمرة الأولى فيما أطلعت عليه على الأقل، والحديث الثاني هو حديث الأوزاعي.
محمد:
- هذا الحديث مروي في الصحيحين.
بابكر:
- نعم، هو جاء وقاله بعد قرنين، وقاله في حضرة عبد الله بن علي -عم السفاح- وهذا ما أقصده بالسياق، ولم يذكر السند ولم يذكر رواة، بل قال: قال رسول الله (ص) «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بثلاث: الثيب الزاني وقاتل النفس والتارك لدينه المفارق للجماعة»، والمفارقة أن الأوزاعي قاله لكن البخاري في سلسلة السند والرواة لم يذكر الأوزاعي الذي قال هذا الحديث.
محمد:
- لكنه لم يقله.
بابكر:
-هو أول من قاله، هل سمعته مروياً عن أحد قبل الأوزاعي؟.
محمد:
- الحديث مروي بأسانيد صحيحة في البخاري ومسلم، وكوننا لا نجد الأوزاعي في السند وأن الأوزاعي حدث به بطريق آخر فهذا لا يعني أي شيء، وأحاديث الصحيحين في أعلى درجات الصحة.
بابكر:
-نعم، لكنه لا يفيد اليقين، وهذه نقطة الخلاف، واليقين لا يتم إلا بالسنة المتواترة، وقضية مثل قتل النفس فإن الشيء الوحيد الذي يبيحها في القرآن هو القصاص: «من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً».
* محمد، الآن هناك طعن جوهري، أن هذه أحاديث آحاد ولا ينعقد بها مثل هذا الأمر الخطير؟
- الأحاديث المروية عن النبي (ص) إما أنها متواترة عنه لفظاً أو معنى، أو أنها أحاديث آحاد، وبالنسبة لأحاديث الآحاد فالنظر فيها في ثبوتها عن النبي، هل ثبت أن النبي قال هذا القول أم لم يقله، أما بالنسبة للحديث المتواتر الذي يرويه الكافة عن الكافة فنكاد نصل فيه الى درجة اليقين في ثبوته عن النبي (ص)، لكن قد لا نصل به إلى درجة اليقين في دلالة النص على الحكم، فحديث الآحاد يحتاج أن نمحص ثبوته عن النبي (ص) فماذا نقول إذا ثبت عندنا يقيناً أن النبي قال هذا القول؟، وهل اليقين مطلوب من جهة ثبوت الحديث أم من جهة دلالة النص على الحكم المعين؟.
بابكر:
-من كليهما، هل يستقل حديث الآحاد بإثبات واجب أو محرم؟.
محمد:
-نعم، الله تعالى ذكر المحرمات في القرآن، والنبي زاد على ذلك فنهى أن يجمع الرجل بين المرأة وخالتها، وهذا القول هو قول أهل العلم أن السنة تستقل بالتشريع، لأن الرسول (ص) مشرع، والله تعالى يقول «أطيعوا الله وأطيعوا الرسول»، ومن مقتضيات أن أقول أشهد أن محمدا رسول الله أن أشهد أن ما ثبت عندي أنه نطق به صدق، وأن كل ما أمر به النبي (ص) من أمر يجب أن يطاع، وألا يعبد الله إلا بما شرع، والحديث يقول «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، وإذا أردنا أن نطبق هذه القاعدة على أن أحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في الأحكام فإن أكثر أحكام هذا الدين ثبتت بأحاديث الآحاد، أما مسألة الظن في الحديث فإن القول إن الحديث يفيد الظن الراجح ليس معناه أن الحديث لا يعمل به في الأحكام، فأغلب حياة الناس الآن هي بالظن الراجح وأنت تركب الطائرة ولست على يقين أنها لن تسقط.
بابكر:
-مسألة قتل النفس مسألة كبيرة لا يجوز الأخذ فيها بالظن، لأن حديث الآحاد يفيد الظن، والقرآن تحدث عن هذا الأمر، فإذا لم يتحدث القرآن لقلنا ان السنة فسرت، لكن القرآن قال إن عقوبة هذا الشخص (المرتد) عند الله تعالى.
محمد:
-هل هناك تعارض بين النصين بأن تثبت عقوبة له في الدنيا وتثبت عليه عقوبة في الآخرة؟، لكن كون الآية ذكرت عقوبة أخروية فلا أرى تعارضاً بين الأمرين.
بابكر:
-قال تعالى «وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، فإن كان ربنا سبحانه وتعالى في القرآن خيَّر الإنسان بين أن يؤمن أو يكفر، فهل يجوز أن نقتله؟.
محمد:
-لا.
* محمد، كأنك تقول هناك حرية في دخول الإسلام وليس هناك حرية في الخروج؟
- الله تعالى قرر الحرية الدينية في آيات كثيرة: «لا إكراه في الدين»، «أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين»، هذا أمر مقرر في القرآن ألا يُكره أحد على الدخول في الدين كما كانت تفعل الأديان القديمة، وتحارب على ذلك وتقتل، ونحن لا نقتل من أجل الكفر، ولا نحارب اليهود اليوم لأنهم كفار ويهود، بل نحارب لأسباب رد العدوان والكفر، نأتي إلى قضية الردة، لماذا قررت الشريعة هذه العقوبة للمرتد؟.
بابكر:
-ماذا تعني بالشريعة؟.
محمد:
-أعني بها مصادر التشريع عند المسلمين.
بابكر:
-القرآن لم يقل ذلك وهو المصدر الأول.
محمد:
-قلت إن الأحاديث التي وردت تفيد عندي أنها ثابتة عن الرسول (ص) وكل ما ثبت عن الرسول معمول به عندي وعند من يقول بهذا الأمر، وقضية الدين في حياة المسلمين أعظم قضية والمجتمع المسلم يقوم على هذا الأساس وعلاقته وترابطه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.