السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بابكر: حد الردة ليس في القرآن والرسول لم يقتل مرتداً
حد الردة بين النصوص الدينية ومواثيق حقوق الإنسان (2-2)
نشر في الصحافة يوم 20 - 08 - 2011

أثار حد الردة، أي قتل المسلم بسبب خروجه عن الإسلام، نقاشات جمة وجدالات لم تنفض، بين من يرونه استجابة لنصوص صريحة من جنس قول النبي «من بدل دينه فاقتلوه»، وبين من يراه حداً خاضعاً لتوظيف سياسي يستهدف تصفية الخصوم ناسخاً لأصل مهم قعدته الآية الكريمة «لا إكراه في الدين».
فما هي حقيقة حد الردة في الفكر الإسلامي؟ وهل هناك إجماع عليها؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون توظيفاً من قبل السلطات الحاكمة. لمناقشة هذه القضية الحيوية استضاف برنامج (قيد النظر) الأستاذ بابكر فيصل بابكر، الباحث والكاتب الصحفي، والأستاذ محمد الحبر، الباحث بمركز النهضة للتواصل الحضاري.
*بابكر، هل هناك تعارض بين حرية المعتقد وحد الردة؟
- أعتقد أن هناك تعارضا واضحا، لأن الآية «لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي»، تعني عندي أنه لا إكراه في الدين على العموم، بمعنى لا إكراه أن تدخل أو تخرج، وبالتالي إذا دخل الإنسان وأراد أن يخرج فقتلناه هو يتعارض مع الآية، ولم يثبت عن الرسول (ص) قتل مرتد رغم نزول الآية «يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا»، وكان المنافقون يطعنون في الرسول (ص) بعد غزوة تبوك، ولما كان الرسول لم يقتل مرتداً، والقرآن لم يقل يقتل المرتد في الدنيا إنما يرجئ عقوبته للآخرة، لذا أرى تعارضاً واضحاً بين الحديث عن حرية الاعتقاد التي هي قضية جوهرية في الإسلام، وبين قتل المرتد.
* ولكن سيدنا أبو بكر الصديق قاتل المرتدين؟
- قتال سيدنا أبي بكر الصديق للمرتدين لم يكن حرب ردة، هذه تسمية لاحقة، بل كانت حرباً سياسية موجهة ضد أناس خرجوا على سلطان الدولة وأرادوا هدمها، ومنهم من رفض دفع الزكاة وكانت مورداً أساسياً، والدليل أنها لم تكن حرب ردة أن سيدنا عمر بن الخطاب اختلف مع أبي بكر الصديق في حرب الردة، ولو أن سيدنا أبا بكر أظهر رؤية ثاقبة في السياسة بقتاله لهم.
* أستاذ محمد، هل ترى تعارضا نظريا بين حرية المعتقد وحد الردة؟
- أقول إنه لا يوجد تعارض بين الأمرين، لأن الآية التي تحدثت عن ألا إكراه في الدين يبين فيها الله أن قضية الاعتقاد لا يمكن أن يقع فيها إكراه، بمعنى أنها لا نافية وناهية لأن الآيات الأخرى «أفأنت تكره الناس»، و»لست عليهم بمسيطر»، كلها تفيد مبدأ كرامة الإنسان وأن حرية الإنسان مكفولة له بأن يعتقد العقيدة التي يراها.
* من أين أتى ظن التعارض؟
- إذا اختار الإنسان الإسلام ثم أراد أن يترك الدين فهناك قضايا تترتب على هذا الأمر، منها أنه يجب أن يناقش وتقام عليه الحجة ويستتاب، ويعلم أن الردة مفارقة لجماعة المسلمين وخروج على نظام الدولة والمجتمع المسلم، وهذه ثبتت في الناحية الواقعية، ومعظم الذين ارتدوا لم تكن ردتهم مجرد ردة فكرية نظرية لكن كان معها انتقال للولاء وخروج على جماعة المسلمين، فالأفغان الذين أخذتهم روسيا ودربتهم هناك وأخرجتهم من دينهم وتبنوا الإلحاد كنظرية وإيمان ورجعوا إلى بلادهم كي يكونوا طابوراً خامساً، وأرادوا أن يحكموا بالحديد والنار، هؤلاء كانوا مرتدين، ولذلك الشريعة كانت حاسمة في هذا الأمر، لأن الدين أعظم شيء في حياة المسلمين، فالدين هو مكون هذا المجتمع، والارتداد عن الدين خلخلة لهذا المجتمع.
* إذن يا بابكر لا تعارض بين القول بحد الردة وحرية الاعتقاد، والشريعة قالت بذلك؟
- هناك تعارض، ودليلي على ذلك أنه عندما وقع الرسول (ص) صلح الحديبية مع المشركين نص على أن من يترك معسكر المسلمين ويذهب لمعسكر الكفار يسمح له بذلك، أما الذي يأتي لمعسكر المسلمين من المشركين فإنهم يردونه، بل أذكر مثال عبد الله بن أبي بن سلول، وكان زعيم المنافقين، والمنافقين كانوا طابورا خامسا وأخطر على المسلمين من الكفار، قال «إذا رجعنا المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل»، فقال سيدنا عمر للرسول(ص): «مر به عباس بن بشر يقتله»، فقال له الرسول (ص): «ماذا يقول الناس، أن محمدا يقتل أصحابه»، وصلى عليه الرسول عندما مات ولم يطبق عليه حد الردة. لذا لا أعتقد أن الردة تشكل خطورة على الإسلام لأنه ديانة يعتنقها مليار وخمسمائة مليون نسمة، وهي الديانة الأكثر تطورا في الغرب، ويدخل العشرات بل المئات يومياً إلى الإسلام، وربنا قال في القرآن ما معناه إذا ارتددتم سآتي بمن هو خير منكم.
* هكذا يسقط حد الردة ببيان أنه لا خوف على الإسلام.. فما تقول يا محمد؟
- هل المرتد يترك؟، وليس هناك أي أحكام تترتب على هذه الردة؟.
بابكر:
- هناك أحكام تترتب مثل تطليق الزوجة والميراث وغيرها، ولكن لا يقتل.
محمد:
- أليس هذا اعتداء على حق المعتقد بنفس القاعدة التي تقررها؟.
بابكر:
- دخلت أطراف أخرى، هنا الزوجة مسلمة والأبناء مسلمون ولا اعتداء في ذلك.
محمد:
- كيف؟.. إنسان يريد أن يحافظ على زوجته وأنت تفرق بينه وبينها بالسلطان.
بابكر:
-زوجته مسلمة، وقالت إنه غير مسلم، هذا ما يخص الإسلام في ذلك، لكنه لا يقتل.
محمد:
-نقطة الخلاف ليست القتل فقط، فبعض العلماء يقولون يمكن أن تكون هناك عقوبة تعزيرية للمرتد، وسؤالي: إما أن نقول إن المرتد يترك وليس هناك شيء يترتب على هذا المرتد لأن هذه حريته والإسلام كفل حرية المعتقد وقال «لا إكراه في الدين» وبالتالي يبقى على ما هو عليه.
* حتى لو كان الضرر متعدياً؟
- ما الضرر المتعدي أن يدفن في مقابر المسلمين؟، هذا لأنه نقض الولاء وخان العهد، وإما أن نقول إن كل هذه الأمور تسقط بناء على هذا وتتاح له حرية التعبير ويتاح له أن يفتن أهله وزوجه، ولو قلنا إنه يجوز منه أن تقع منه الردة فبالتالي يجوز له أن يفتن أهل بيته، وبالنسبة للمنافقين فالأصل في أهل النفاق والناس عامة أن تجرى عليهم أحكام الظاهر، وهؤلاء الذين أخبر الله بكفرهم أنكروا أنهم قالوا، والرسول عاملهم بالظاهر، كذلك عبد الله بن سلول أنكر أنه قال كذا، فكانوا ينكرون لكن القرآن يفضحهم بأنهم قالوا، والشريعة أخذت بظاهر قولهم ولم تحاكمهم.
بابكر:
-ماذا تعني بالشريعة؟.
محمد:
-أن النبي (ص) أجرى عليهم أحكام الظاهر، ورغم أن القرآن يخبر أنهم كفروا، لكن الشريعة لم تتعامل معهم بكفرهم، والإنسان قد يكفر بينه وبين الله ويعامله الناس على أنه مسلم، أما في صلح الحديبية فأقول إن النص يحتاج منك إلى مراجعة، النبي لم يقل من جاء مسلماً يمكن أن يرتد، والاتفاق كان أن من جاء إلى الرسول يرد إلى الكفار، لذلك كان بعض الكفار يخافون على أنفسهم أن يفتنوا وكذا، والرسول رد بعض الناس وهؤلاء تعلم أنهم في النهاية كونوا جماعة من المستضعفين.
* هل نميز بين الردة المسلحة والردة الفكرية يا بابكر؟
- أصر على الحديث بأن الرسول (ص) لم يطبق حد الردة، وكذلك القرآن لم يذكر حكماً على المرتد، والحديث الذي ذكره محمد، هذا الأمر فيه كثير من الآراء، وأذكر أن فتوى الأزهر عام 2002 قالت إن المرتد يستتاب ولا يقام عليه حد الردة أي القتل، ود.محمد سليم العوا الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين، قال يعزَّر، بمعنى أن يكون أقل من خمسين جلدة، ود.حسن عبد الله الترابي ينفي هذا وذاك، ويقول إنما يترك.
* لنناقش موضوع الاجتهاد، هناك من العلماء من يفرق بين الردة المسلحة بالخروج على سلطان الدولة، وبين الردة الفكرية، بمعنى أنك حر أن تؤمن أو تكفر، لكن إذا كانت هذه الردة مصحوبة بعمل مسلح وخروج على سلطان الدولة تجب مقاتلتك؟
بابكر:
- هذه تكون حرب مثلما فعل سيدنا أبو بكر الصديق، لأنه حارب هذه القبائل لأنها ارتدت عن سلطان الدولة، وبعضها أمتنع عن دفع الزكاة وهي المورد الذي تقوم عليه الدولة، لذلك قاتلهم وكانت حرباً سياسياً ضد جهة هددت سلطان الدولة واستطاع أن يقضي عليهم.
* أليس هذا الرأي توفيقياً؟، فلا تناقض بين حرية المعتقد، ولكن إذا خرجت على المعتقد وسلطان الدولة تحارب؟
- هذا رأي يقول به البعض، وهو يريد أن يقول إن الخوف يكون على المجتمع الإسلامي ككل، وفتوى الأزهر تقول لا يقتل المرتد.
* ما رأيك محمد؟
- ما يسمى بالردة المسلحة لا تشترط فيها ردة، حتى هؤلاء البغاة إن كانوا مسلمين وخرجوا على الدولة المسلمة وحملوا السلاح لا يشترط أن يكونوا مرتدين حتى يقاتلوا، والقرآن يقول: «وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي»، فأحكام البغاة لا يشترط فيها الردة، وسيدنا أبو بكر قاتل فئات من المرتدين، قاتل أناساً ادعوا النبوة، قاتل مسيلمة وجماعته، وهناك مجموعة أخرى رفضت أن تعطي الزكاة، هل كانت كل هذه الحروب سياسية؟، لو كانت كذلك لما احتاج عمر أن يجادل سيدنا أبا بكر في هذه المسألة لأنها من البديهة بمكان، أناس حملوا السلاح ضد السلطان المسلم.
بابكر:
-ولو كانوا كفروا لما أبدى سيدنا عمر رأياً.
محمد:
-رفضوا أن يعطوا الزكاة، لذلك كانت عند سيدنا عمر شبهة فقال كيف تقاتل قوماً يشهدون ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فغلب على ظنه أن هؤلاء مسلمين، سيدنا أبوبكر قال سأقاتل، ألم يقل «إلا بحقها»؟.
بابكر:
-سيدنا أبوبكر لم يقل إنهم ارتدوا عن الدين، وحرب الردة هذه ظهرت كمصطلح مؤخراً، وسيدنا أبوبكر لم يستخدم مصطلح الردة.
محمد:
-العرب الذين ارتدوا إذا قالوا مرتدين فهذا القول يشمل كل هذه المجموعات المرتدة من العرب، من مانعي الزكاة، ومسيلمة، والنقاش الذي ورد بين سيدنا عمر وسيدنا أبي بكر كان في رافضي إعطاء الزكاة متأولين قوله تعالى «خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم»، وظنوا أن هذه في النبي (ص) خاصة، فقال «والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة»، ومن قال أن الزكاة شأن سياسي وليس دينيا؟.
بابكر:
-لم أقل ذلك.
محمد:
- قلت إنها تعبير عن الخروج على سلطان المسلمين.
بابكر:
- في وجهها الآخر على الدول لأن هذا المورد الذي تقوم عليه.
محمد:
- بالنسبة للإسلام لا تستطيع أن تقسم شعائر الإسلام إلى شأن ديني وشأن دنيوي، ستجد الشأن الديني مع الدنيوي، هذه تقسيمات حادثة كلها.
* محمد، لديك الآن علماء متبحرون قالوا حديثاً بعدم وجود حد للردة.. مثلا فتوى الأزهر الآنفة؟
- ما الذي كان عليه الأمر قبل أن تصدر هذه الفتاوى؟.. وقلت إننا نتكلم عن ظروف استثنائية وأجد لهؤلاء العذر.
بابكر:
-العوا قال كلامه هذا قبل 2004، وكذلك الشيخ محمد الغزالي، ود.الترابي قال حديثه منذ السبعينيات، فهذا ليس أمراً مستحدثاً.
محمد:
-بعض العلماء جزاهم الله خيراً يريدون أن يخرجوا المسلمين من أزمات تمثل برأيهم عائقاً في التواصل مع الغرب، وهؤلاء المشايخ والمفكرون ينظرون إلى الطرف الآخر ماذا يقول عن الإسلام، وهم مجتهدون في هذا ويريدون أن يدفعوا عن الإسلام هذا الاتهام الإعلامي.
* لكنك الآن جردت اجتهادهم من الأصالة وجعلته ملحقاً بضغوط العصر؟
- لا أشك أن ضغوط العصر تركت آثارها عليهم، والإنسان ابن بيئته، وحتى في عصور المسلمين الأولى كانوا يتأثرون.
* لكن هذا الرأي ليس مقرراً في الشريعة على وجه القبول، والقرآن سكت عنه، وعندما نظروا إلى المسألة في أوصولها وجدوا أن هذا الرأي ليس صحيحاً؟
- هذا اجتهادهم وليس بالضرورة أن يلزمني أو يلزم أحداً من الناس، ولا أجرمهم بهذا الاجتهاد، لكن أقول إن هذا الاجتهاد مُعترض عليه، وإن إقامة هذه الحدود مرتبطة باستطاعة الدولة والمصلحة العليا للأمة، وإذا وجد الناس أنفسهم في ظرف لا يمكنهم من إقامة الحد فليكن، وحتى الحدود التي وردت في القرآن مثل حد السرقة يحاولون أن يتحدثوا فيها.
بابكر:
- تقصد فقه الضرورات، وأنا أتحدث من ناحية أصيلة في القرآن والسنة، وتحدثت في البداية عن موضوع السياسة، وإذا نظرت في التاريخ الإسلامي تجد أغلب هذه القضايا أتت في هذا الإطار.
* اضرب لنا مثلاً؟
- ذكرت مثالاً في السودان، والمدخل لهذا المثال هو القاعدة الفقهية الخطيرة جداً وهي (إنكار ما علم من الدين بالضرورة)، فهذه ظلت سيفاً مصلتاً على رقبة كل من يحاول أن يفكر وينظر في الدين بغير ما تشتهى بعض التيارات والمذاهب، وهذه القاعدة متأخرة ولم تكن موجودة في صدر الإسلام وتقول إن من ينكر المعلوم من الدين بالضرورة مرتد ويقتل، وإذا نظرت في كل كتابات الفقهاء لا تجد لهذا المعلوم بالضرورة قائمة محددة، ولم يذكرها القرآن، ومن ضمن ما يدخلونه فيها ما قيل عن أن محمود محمد طه خرج كافراً وهو الطعن في الكتاب والسنة، من وجهة نظر محددة، وفي السنة والكتاب وقعت خلافات كبيرة بين المذاهب والتيارات الفكرية الإسلامية في قضايا كبيرة، مثل قضية خلق القرآن وقضية رؤية الله، وقضية القضاء والقدر، وكل تيار كان يستند إلى القرآن، والمختلف عندما يرى أن هذا لا يسير في هواه يقول إن هذا منكر للقرآن والسنة، وطيلة التاريخ الإسلامي وكلما يصير على رأس الدولة شخص موالٍ لفكرة أو تيار معين يضطهد الآخرين ويستخدم هذه القاعدة.
محمد:
- هل الإسلام له حدود؟ أم هو مسألة متروكة هكذا هلامية ليس لها حدود أو أركان؟. كل دين لا بد أن تكون أركان، هذه الأركان هي أركان الإسلام وحدوده، ومن خرج عنها هو خارج حدود الإسلام.
بابكر:
- ليس هذا المقصود من الإنكار.
محمد:
- هل للإسلام حدود أم لا؟.
بابكر:
- له حدود.
محمد:
- أيمكن أن يكفر المرء بالخروج عنها؟.
بابكر:
- نعم.
محمد:
- إذن هذه الحدود هي المعلوم من الدين بالضرورة.
بابكر:
- هذا تعريفك أنت.
محمد:
- قل لي مثالاً لمعلوم من الدين بالضرورة عند الفقهاء ليس معلوماً من الدين بالضرورة.
بابكر:
- الشيخ السيد سابق في فقه السنة يقول أن يرمي والعياذ بالله المصحف في القاذورات إنكار لما علم من الدين بالضرورة، ويقول ان من ينادي بتطبيق القوانين الوضعية ينكر ما علم من الدين بالضرورة، هذه منطقة رمادية وهي مدخل ويمكن أن يأتي غيره ويدخل غيرها.
محمد:
- هل تتوقع مسلماً يأخذ المصحف ويرمي به في القاذورات والعياذ بالله، ويكون عاقلاً؟، هذا فعل لا يحتمل تأويل غير أنه مكذب لهذا القرآن.
بابكر:
- أنت قلت لي أذكر لي مثالاً ففعلت.
محمد:
- طلبت مثالاً قرر الفقهاء أنه من المعلوم من الدين بالضرورة وهو عندك ليس كذلك.
بابكر:
- الفقهاء القدامى لم تكن قضية القوانين المطروحة هذه مطروحة في وقتهم وأتى سيد سابق ووضع هذا وهو اجتهاده، ويمكن أن يأتي شخص آخر ويضع إضافة لهذه القائمة من المعلوم من الدين بالضرورة بحيث تصبح كبيرة ويدخل في هذا الإطار في وقت من الأوقات المختلف في الاتجاه الفكري.
محمد:
- هذا الكلام يمكن أن يحدث لو كان هذا الدين ليست له حدود أو أركان أو مرجعية، وأن يأتي كل من يريد ويزيد أو ينقص في هذا الدين كما يشتهى.
بابكر:
- هاشمي أغاجاري في إيران قال إن المسلمين يجب ألا يكونوا مثل القرود ويتابعوا آيات الله في كل ما يفعلون ويقولون، فقالوا إنه انكر ما عرف من الدين بالضرورة وحاكموه بالردة، هذا مفكر إسلامي إصلاحي لأنه رفض هذا، والموضوع قابل لأن يزيد ويشمل التوجه السياسي.
محمد:
- إثبات الردة قضية من الخطورة بمكان، لأن ما يترتب عليها أمر خطير، وقضية القوانين لم تكن مطروحة قديماً لم تكن شغلهم لأن الشريعة كانت قائمة وحاكمة.
* دعونا نحصل على خلاصات، البعض يرفض الاجتهاد الرافض لحد الردة بدعوى أن هذا نتاج لضغط العصر، وأنهم يرون الاجتهادات الغربية ويقولون إنها موجودة في الإسلام؟
بابكر:
- هذا فيه استصغار للإسلام، وموضوع حرية الاعتقاد من صميم الدين، وليست له علاقة بصلتنا مع الغرب أو الشرق، وهو موضوع مركزي في الفكر الإسلامي، موضوع حرية الاعتقاد، والقرآن أباح لكل إنسان أن يؤمن أو يكفر، ولم يحدد له عقوبة في الدنيا، والسنة المتواترة المؤكدة أيضاً لم تقل بقتل المرتد، وهذا هو جوهر الموضوع.
محمد:
- الله تعالى لم يبح للمسلم أن يرتد عن الدين ولا يقبل منه ذلك وهو متوعد بالعقوبة.
بابكر:
- الله قال «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر».
محمد:
- هذه ليست إباحة للمسلم.
بابكر:
- للإنسان، لم أقل المسلم.
محمد:
- هذه الآية تتكلم عن الناس عموماً، وأنا أتكلم الآن عن المسلم وعن حد الردة، أن المسلم لا يجوز له أن يترك الدين.
* ولو كانت ردة فكرية؟
- حتى لو كانت ردة فكرية، لأن ما يترتب على هذه الردة من أحكام وانتماء للأمة أمور عظيمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.