شامخة ترنو الي السماء .. تثير اعجابك اينما تلفت ..انها مآذن المساجد وفي الماضي تزود المآذن بالقناديل مما يجعلها منارات تهدي المسافرين للمدينة أو البلدة لذا اصبح يطلق عليها اسم المنارات وهو مشتق من الاسم الفرنسي « مينارايت » ومع مرور الزمن باتت المئذنة قطاعاً قائما بذاته من فنون العمارة الاسلامية فقد وجهت لها عناية كبيرة في التصميم والتنفيذ وتفاوتت ارتفاعاتها الى عدة عشرات من الأمتار وزخرف بناؤها وزين بالنقوش الاسلامية البديعة وأعطيت أشكالا شتى ما بين مدورة، ومضلعة ومربعة، وقاعدتها تتناسب طرديا مع ارتفاعها، وبداخلها سلم حلزوني يصعد الى شرفتها حيث يقف المؤذن وينادي للصلوات. وللمئذنة رمزية تفوق ما عداها من الاشياء كالاشارة الى السماء العالية، والى أصبع الشهادة كرمز للواحد الأحد، والى العلو والى «المكان العالي للنداء الى الصلاة» ، لكن التاريخ يشير أيضًا أنها كانت في بدايات ظهورها ترمز الى «المكان المنتصر»، و»المكان الفاتح البديل»، و»المكان القوي»، و»المكان الأعلى» على كل الامكنة. وفي السودان بنيت اول مئذنة في دنقلا بعد دخول العرب السودان وتوقيع اتفاقية البقط ، اما اول مسجد بني في الخرطوم كان بعد دخول التركية حيث بني مسجد الخرطوم الكبير حيث يعتبر أعلى مبنى في الخرطوم عند انشائه وهو مبدأ أساسي في العمارة الاسلامية أن لا يعلو أي مبنى على مبنى المسجد، وضع حجر الأساس لمسجد الخرطوم في 17 سبتمبر 1900م وتم افتتاحه عند زيارة الخديوي عباس باشا حلمي للسودان في 4 ديسمبر 1901م ويمتاز مسجد الخرطوم الكبير بمئذنته المزخرفة بالعمارة الاسلامية .. ويعتبر مسجد فاروق مكملا للمسجد الكبير من الناحية المعمارية الاسلامية وتحس داخلهما وكأنك في مدينة الألف مئذنة او في الاستانة وتتعدد المآذن فنجد في مسجد من المسجد مئذنة واحدة او اثنتين او ثلاث ، كما في مسجد الطريقة البرهانية قرب السوق الشعبي الخرطوم ، واحيانا يلقي التعصب الرياضي بظلاله علي مسائل متفق عليها مثل ما حدث عندما بني نادي المريخ مسجده بالقرب من استاده بالعرضة بامدرمان وحين جاء موعد وضع رمز الهلال في اعلي المئذنة اعترض مشجعو المريخ علي وضع رمز غريمهم الهلال في عقر دارهم ، واكتفي النادي بوضع مجموعة نجوم بدلا عن الهلال رغم ان عددا كبيرا من المؤرخين لا يعتبرون الهلال رمزا اسلاميا في حد ذاته وانما ابتكرته الدولة العثمانية لتميز المساجد عن الكنائس . وبالرغم من تطور ادوات التنبيه واصوات الاذان المنطلقة من اجهزة الراديو والفضائيات مازالت لمآذن الخرطوم اصواتها التي تذكر الناس بمواقيت الصلوات.