يعد مشروع الباقير التعاونى من المشاريع المهمة فى منطقة شرق النيل، وتأتى أهمية المشروع فى كبر مساحته وخصوبة ارضه وفى عددية المساهمين فيه، إضافة الى كثرة المشكلات والعقبات التى واجهت تقدم المشروع، أهمها وأبغضها خلافات الساسة حول لجان المشروع التى كان آخرها تكوين لجنة للمشروع بالتعيين، بعد أن فشلت كل الجهات الادارية التعاونية والسياسية فى آخر جمعية عمومية للمشروع فى اختيار لجنة بطريقة ديمقراطية، المهم جاءت لجنة المشروع بالتعيين، وطبيعى أن يرفضها أغلب المساهمين فى المشروع. وباشرت اللجنة مهامها واستطاعت أن تكسب كل المساهمين المعارضين لها عند بدايات التكوين، كسبتهم بالعمل الذى شعر المساهم به، وأصبحت اللجنة محل تقدير واحترام، وهذا بالطبع بيان بأن رفض اللجنة ليس بسبب الاشخاص الذين تم تعيينهم، بل بسبب التدخل السياسى الذى عمل على احتواء المشروع بصورة خلقت الكثير من المشكلات بين المزارعين أنفسهم، واستطاعت اللجنة إعادة ثقة المساهمين فى نجاح المشروع. وبدأت فى خطوات تأسيس للمشروع بصورة توثيقية لم تكن موجودة من قبل، وللحقيقة فإنني تشرفت بمقابلة رئيس اللجنة فى عدة جلسات تناولت الحديث عن المشروع، وعلمت أن لجنته بذلت جهداً مقدراً فى تأسيس مكتب المشروع الذى ظل خالياً من دون ملفات لاثبات أحقية الارض للمساهم أو نزعها منه أو بيعها لأى سبب من الاسباب، وتمكنت اللجنة من تزويد المكتب بجهاز حاسوب رصدت فيه كل البيانات الخاصة بالمشروع، اسماء المساهمين، وبيان ملكيتهم للارض، وعقودات البيع والشراء وبيانها بصورة ممتازة تمكن الناظر اليها من معرفة كل المستندات والقرارات المتعلقة بها، وهذا بالطبع عمل يحسب للجنة لأنه يمثل مرتكزا ومحورا اساسيا فى ادارة المشروع، وتمت زراعة كل أراضى المشروع بصورة مرضية، كذلك تحاول اللجنة جاهدة الخروج بالمشروع من نطاق الزراعة التقليدية الى زراعة استثمارية تفيد المساهم بصورة أفضل، ومن ثم بدأت الاتصالات بالعديد من الجهات العلمية فى المجال الزراعى بغرض النهوض بإنسان الريف ودعمه بإقامة مشروعات تساعده في محاربة الفقر والجوع، مشاريع تعمل على زيادة دخل المساهم وجعل المشروع جاذباً لكل الجهات صاحبة رأس المال للاستثمار، مما يجعله جزءاً رئيسياً فى تنمية الاقتصاد القومى، ودفع ذلك لجنة المشروع للاتصال بالمجلس القومى للبحوث قسم النباتات الطبية والعطرية «البروفسيور حسن السبكى» وعبره تم الاتصال بمجموعة أبحاث وتطوير المورينقا والجيتروفا، فى محاولة منها لإنشاء مشاريع زراعية مجدية من النواحى الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتقوم الفكرة بتخصيص ثلاثة افدنة لكل أسرة فقيره تؤسس بمحاصيل تكفيها عيشة كريمة، اضافة لزيادة دخلها وزراعة شجرة المورينقا التى تتمتع بقيمة غذائية عالية، وزراعة شجرة الجيتروفا لانتاج الوقود الحيوى، علماً بأن عائد هاتين الشجرتين خلال عامين ونصف يغطى تكلفة تأسيس الثلاثة أفدنة وما تحتاج اليه من مياه ومصاريف زراعية اخرى، وقد قامت لجنة المشروع ومجموعة شركة المورنيقا والجيتروفا بطرح المشروع، ووضعت كل الدراسات العملية والميدانية الخاصة بتنفيذ المشروع رهن التطبيق، علماً بأن الفكرة تم تطبيقها على ارض الواقع بمنطقة السامراب بمحلية بحرى، وكانت كل النتائج ايجابية وممتازة، وحظيت بزيارة كل المهتمين بالزراعة على كافة المستويات الادارية والعلمية والفنية، وتم اختيار بنك الخرطوم لتمويل المشروع عبر توفير كل الاحتياجات اللازمة للمشروع من تكاليف رأس المال والمصاريف التشغيلية للزراعة. علماً بأن مثل هذه المشاريع تستهدف أهل الريف «القرويين»، لأن طبيعة المشروع زراعية، ويدخل ضمن اطار التمويل الجماعى او العائلى، وإن شاء الله سوف تشمل الدراسة عشر أسر من منطقة الباقير، وتم اختيارهم ورفع اسمائهم لادارة المشروع التابع لمجموعة المورينقا والجيتروفا، وهذا يأتى من ضمن استراتيجية لجنة المشروع فى محاولة للتعاقد من شركاء فاعلين يعملون على تغطية الاحتياجات غير المالية للفئات المستهدفة، وذلك لضمان تنفيذ المشروع على ارض الواقع بواسطة بنك الخرطوم وشركة مجموعة المورينقا والجيتروفا الشريك الاساسى للمشروع، وحتى نتبين دور كل شريك يجب أن نوضح أن بنك الخرطوم دوره توفير التمويل المناسب والمتابعة الميدانية ورصد ومتابعة كل المشكلات والمعوقات، وتقييم المشروع عند كل قرية. أما الشريك الثانى مجموعة شركة المورينقا والجيتروفا فعليها اختيار وتجهيز المستهدفين فى كل قرية، وتنظيم المستهدفين فى شكل جماعات تعاونية وعائلية، كذلك شراء الاحتياجات اللازمة لانطلاقة المشروع، اضافة للمتابعة الفنية وملازمة المستفيدين أثناء استغلال المشروع، وتقديم النصح والمشورة، ثم تدبير تسويق الانتاج، واستلام نصيب البنك من المحاصيل وبيعها، من خلال ذلك يحقق المشروع أهدافاً كثيرة، منها ازالة الجوع والفقر وتنمية الريف مما يجعله أكثر جاذبية للعمل، واتاحة الفرص للخريجين للعمل، علاوة على انتاج بذرة الجيتروفا والمورينقا بغرض تغطية احتياجات البلاد من الوقود الحيوى، والمساهمة فى امتصاص ثانى اكسيد الكربون، مما يساعد في محاربة الاحتباس الحرارى، وكذلك الاستفادة من شجرة المورينقا فى مجال الدواء والسماد وغذاء الانسان. والمشروع يقوم على منح ثلاثة أفدنة لكل اسرة، فتزرع الاسرة فدانين بعدة انواع من المحاصيل ثم تزرع الفدان الاخير بعلف المورنيقا وواحد من المحاصيل الرئيسية لغذاء الاسرة، ثم تزرع شجرتى المورينقا والجيتروفا على طول حدود الثلاثة أفدنة، كذلك توفر ادارة المشروع بقرتين لكل أسرة وستة مناحل لانتاج العسل من زهور المورنيقا. ويجب ان نشير الى أن تكلفة المزرعة الاجمالية بمساحة ثلاثة أفدنة قدرت بثلاثين الف جنيه، تمول من بنك الخرطوم فى شكل منحة غير مستردة، وهذا يعتبر عنصرا مهما لضمان نجاح المشروع بتوفير الطمأنينة للمساهم، علما بأن المساهمين كانت لهم تجارب سالبة بالنسبة لسلفيات البنوك. وجهود اللجنة معتبرة ومتميزة فى محاولة التغيير ونقل المزارع من الزراعة التقليدية الى الزراعة الحديثة، بغرض تحسين وضعه المادى بإدخال محاصيل نقدية ذات قيمة عالية، وتنويع أدوات الانتاج ومصادره بصورة تمكنه من العيش الكريم.. ونسأل الله لهم التوفيق.