(1) (المشهد الثقافي، الحركة الإبداعية، المثاقفة وهموم الوطن، الواقع الأدبي اليوم.. الخ) هكذا اعتدنا أن نعيش خلف ستار مسميات وتعابير رنانة لا تحمل معنى في داخلها، تماما كالمسميات التجارية ذات الصبغة الدينية التي تحاول أن تدغدغ حواس الغلابة من الناس. (2) إذا حاولنا الاقتراب من بعض التعابير والمصطلحات الثقافية المتداولة تحت ظلال الأشجار، وخلف زجاج المكاتب التي تئن من أزيز المكيفات نجدها جوفاء ولا تدل على واقعها بمصداقية. (3) فلو أخذنا مثلا جملة (الواقع الأدبي اليوم) نجده تعبيرا فخما ومفخخا وزئبقيا، يقودك لمجمل الواقع الحياتي اليومي، ولنستبدلها بواقع الأديب السوداني اليوم، لأنه هو نفسه واقع الزول السوداني الملاحق بهاجس توفير أبسط أبجديات الحياة لنفسه ولأسرته. (4) واقع الزول المهمش المغبون الذي فقد حتى متعة القراءة الحرة، وعندما يجد مساحة فارغة في ذهنه المشتت ليكتب شيئا له قيمة يركض في الأزقة فرحا ليصطاد أحدهم يجده جالسا على حجر مغلف بكرتونة فارغة في ظل شجرة باهتة كي يجد له طريقا للنشر حتى لو في أكثر الصحف تواضعا عندنا. (5) وحالما ينشر له تناله حالة من التضخيم الأنا لا تتساوى مع هذا الواقع المتقزم، وحالما يجد له موطئ قدم في ما يسمى بالواقع الأدبي يجتر معاناته السابقة والآنية ويسقطها على الآخر الذي بدأ في تلمس طريقه الأدبي. (6) إنها جملة انهيارات، الأدب لدينا ليس ممارسة يومية وثقافة سلوكية وأديب اليوم لا تجده يقف مع الخاسر دائما كما ينسب إلى الشاعر الأسباني المعروف «لوركا» هذه المقولة، والخاسر دوما هو الأديب نفسه كوجه آخر للمواطن البسيط في مبارياته اليومية مع السلطة الفوقية التي تتحكم حتى في ذوقه العام. (7) ليس لدينا بالمعنى المباشر واقع أدبي، وما نراه ممارسات أدبية مترهلة لا تعبر عن احتياجات اجتماعية حقيقية في غالبيتها، الكل يريد أن يكتب ولا أحد يريد أن يقرأ أو حتى يتأمل. (8) نتوسل أحيانا الأدب بطرق لا أدبية، الواقع الأدبي اليوم مجازا هو واقع أدبي أخواني مقهور يمارس تحت ظلال الأشجار في حضور الجوع والظمأ، ومحصور في الأزقة وغير قادر للوصول حتى للقارئ المحلي. (9) لا أحد في تقديري يستطيع أن يسمي اليوم ما نحتاجه تماما للوصول إلى مشهدا ثقافيا حقيقيا كاملا؛ لأن من يريد أن يسمي ذلك عليه في البدء أن يسمي ما نحتاجه تماما للوصول إلى مشهدا حياتيا حقيقيا كاملا. (10) ما نحتاجه كي نجعل من الموت المجاني الذي نستقبله يوميا لا مجاني هو نفسه ما نحتاجه للوصول لمشهد حياتي كامل متكامل ومعافى أيضا. [email protected]