أيام وربما سويعات وتنصرم أيام شهر رمضان المعدودة بعد ان شكلت وأسهمت بقدر كبير على سلوكيات ومعاملات وتعاملات المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها فتنسموا فيها عبق الرحمة واستظلوا في خيام المغفرة التي توسطت أيامه وشدوا خيول العشم لبلوغ مراتب العتق من النار ففي شهر الصوم نفضت الأمة الإسلامية الغبار عن قيم ومعاني كثيرة أوشك يطمرها الإهمال ويغشاها النسيان فأعادها رمضان إلى حيز الوجود تمشي بين الناس عيانا بيانا فانتشرت معالم التراحم وتوزعت معاني التعاطف وطغت على أيام رمضان خصال التكاتف إحياء لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي كان مثالا للكرم والجود فقد كان لا يرد سائلاً وهو يجد ما يعطيه فقد سأله رجل حُلة كان يلبسها فدخل بيته فخلعها ثم خرج بها في يده وأعطاها إياه وسأله رجل فأعطاه غنماً بين جبلين فلم يكن الرجل مصدقاً فأسرع بها وهو ينظر خلفه خشية أن يرجع النبي الكريم في قوله ثم ذهب إلى قومه فقال لهم:( يا قوم أسلموا فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفقر!) وحسب المرء في الاستدلال على كرمه صلى الله عليه وسلم حديث بن عباس الذي رواه البخاري عن ابن عباس حين سئل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (كان رسول الله أجود الناس وكان أجود ما يكون في شهر رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن فكان صلى الله عليه وسل أجود من الريح المُرسلة) ولعل المقام لا يتسع لتناول نماذج كثيرة تدل على الصلة الوثيقة بين رمضان والكرم والجود فليس الإفطار على قارعة الطريق والإصرار على مشاركة الأهالي الإفطار إلا مثال بسيط إحياء لسنة لإفطار الصائمين طمعا في الأجر مع عظمة دوره وفائدته المرجوة . غير تسابق الأجهزة الإعلامية بمختلف ضروبها وتباين وسائطها في التنقيب والبحث عن أصحاب الحاجة الماسة للمساعدة ومد يد العون في شهر رمضان يمثل انموذجا يفترض التوقف عنده مليا لتعضيده وضمان استمرار البرامج الخاصة برمي بذور الفرح في قلوب وأفئدة ران عليها الفقر وأعماها العوز وليس النماذج التي طفق في عرضها برنامج مع الود التقدير إلا خير مثال يجسد الدور العظيم الذي يمكن أن تلعبه الأجهزة الإعلامية في إزالة الفقر وتخفيف وطأته إن توفرت لها المعينات المادية والمعنوية ولصحيفة الصحافة دور رائد في هذا المجال إذ ظلت تفرد صفحة أسبوعية تعاقب على الإشراف عليها ثلة من زملاء المهنة ردحا من الزمان ورغم تغيبها إلا أن الصحافة ما زالت تعطي أولوية لعرض حاجات واحتياجات الفقراء والمساكين ولم يقف مد الحس الإعلامي بحاجتهم عند أعتاب صحيفة الصحافة فكثير من الصحف تخصص صفحات كاملة ومتكاملة لمناقشة وعرض قضاياهم كما تواصل الإحساس بهم إلى أجهزة الإعلام المسموع والمرئي فمن منا لا يذكر الجهود الطيبة التي ما زالت عالقة بسيرتها العطرة رغم انتقال مهندسها طيب الذكر محجوب عبد الحفيظ في برنامجه ذائع الصيت الصلات الطيبة الذي خلفه فيه بعد رحيله إلى الدار الآخرة الإنسان دكتور فيصل محمد مكي مؤسس معهد سكينة لذوي الاحتياجات الخاصة الذي لم تسعفه الحياة فعاجله الموت فغادر الفانية وأكف الضراعة لا تكف عن الارتفاع بالدعاء له وها هي رانيا هارون في برنامج مع الود والتقدير بقناة الشروق تجوب الفيافي وتتصيد الحالات في أصقاع البلاد وربوعها فلا تفتر لها عزيمة ولا تلين لها قناة في بلوغها مهما بعدت فلا يكون بالمقدور إلا الدعاء لها ولبرنامجها بالاستمرار وتقبل الله من الجميع كل بذرة خير وأية جهد لإدخال السرور على قلوب تملكها اليأس وسيطر عليها القنوط إلا من روح الله فالله نسأل أن يمتد فيض العطاء الإعلامي في إغاثة الملهوف ونجدة المكروب عبر تسليط الضوء وإجادة المكتوب .