تتداول الآن الأوساط الحزبية المختلفة والقانونية وبعض المراكز الثقافية والسياسية وبعض منظمات المجتمع المدني الدستور المرتقب للسودان للمرحلة القادمة. بعد انفصال الجنوب أصبح بالدستور المؤقت الساري بعض بنوده يجب تعديلها حيث كانت خاصة بالجنوب هذا الدستور المؤقت مرتبط باتفاقية نيفاشا. على الساحة السودانية توجهات، تعديل الدستور المؤقت الحالي لتكملة الفترة الحالية حتى عام 1914م أو بعد اجراء أي انتخابات برلمانية جديدة أو وضع دستور دائم للسودان الآن ويجاز عن طريق المجلس الوطني الحالي. المقترح الأول يجد تأييداً من معظم الاحزاب السياسية وخاصة المعارضة ومنظمات المجتمع المدني والأكاديمي، على اساس المرحلة الحالية، في اتفاقية نفاشا بها تسعة أشهر من انفصال الجنوب كمرحلة انتقالية، بالاضافة إلى تحفظهم أن يجيز المجلس الوطني الحالي الغالب عليه المؤتمر الوطني الدستور الدائم، لذلك ترى هذه المجموعة ان يعدل الدستور المؤقت الحالي عن طريق لجنة قومية دستورية وينفذ للمرحلة الحالية حتى الانتخابات الجديدة وانتخاب برلمان جديد تعد له مسودة دستور دائم للبلاد من لجنة قومية للدستور وتمثل كل الطيف السياسي والاجتماعي والديني والأكاديمي. دستور دائم للبلاد يأخذ في الاعتبار الفصل بين السلطات واعتماد النظام الديمقراطي والالتزام بالحريات الأساسية، وتطبيق العدالة الاجتماعية والتأكيد على مبدأ التعددية واحترام الأديان السماوية والالتزام بالمواثيق الدولية ...الخ. بعد اعداد مسودة الدستور تطرح للرأي العام لابداء الرأي والتداول فيها، تعد وثيقة الدستور الدائم لتطرح على استفتاء عام عليها لتجاز، المؤتمر الوطني يطرح مشروع الدستور الدائم فكون عدة لجان تشارك فيها بعض الأحزاب والمنظمات المدنية والدينية الاسلامية ويود أخذ موافقة هذه اللجان على أساس التوجه الحالي للمؤتمر كما أعلنه السيد الرئيس في القضارف اسلامية عربية وتوجه مذكرة الطرق الصوفية والدينية التي سلمت لرئيس المجلس الوطني عن دستور اسلامي مقترح وقد اعلن بعض المسؤولين في المؤتمر الوطني عن توجههم في اجازة مشروع دستور دائم عن طريق البرلمان الحالي. غير واضح حتى الآن هل الدستور المعدل أم الدائم سوف يجاز وينفذ في المرحلة الحالية؟؟؟!!! طرح الأزهر الشريف وثيقة هامة بها توجيهات لدستور دائم لمصر وجد قبولاً واسعاً من معظم الاحزاب والهيئات والمنظمات المصرية ورد في ديباجتها التي حددت المبادئ الحاكمة لفهم علاقة الاسلام بالدولة في المرحلة الدقيقة الراهنة، وذلك في اطار استراتيجية توافقية، ترسم شكل الدولة العصرية المنشودة ونظام الحكم فيها، وتدفع بالأمة في طريق الانطلاق نحو التقدم الحضاري، بما يحقق عملية التحول الديمقراطي ويضمن العدالة الاجتماعية ويكفل لمصر دخول عصر انتاج المعرفة والعلم وتوفير الرخاء والسلام مع الحفاظ على القيم الروحية والانسانية والتراث الثقافي، وذلك حماية للمبادئ الاسلامية التي استقرت في وعي الأمة وضمير العلماء والمفكرين من التعرض للاغفال والتشويه أو الغلو وسوء التفسير وصوناً لها من استغلال مختلف التيارات المنحرفة طائفية أو آيدلوجية تتنافى مع ثوابت أمتنا ومشتركاتها وتحيد عن نهج الاعتدال والوسطية، وتناقض جوهر الاسلام في الحرية والعدل والمساواة وتبعد عن سماحة الأديان السماوية كلها. ثم طرحت الوثيقة المحاور التالية: أولاً: دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة التي تعتمد على دستور ترتضيه الأمة، يفصل بين سلطات الدولة ومؤسساتها القانونية الحاكمة، ويحدد اطار الحكم ويضمن الحقوق والواجبات لكل أفرادها على قدم المساواة، بحيث تكون سلطة التشريع فيها لنواب الشعب، بما يتوافق مع المفهوم الاسلامي الصحيح حيث لم يعرف الاسلام لا في تشريعاته ولا حضارته ولاتاريخه ما كان يعرف في الثقافات الأخرى بالدولة الدينية الكهنوتية التي تسلطت على الناس وعانت منها البشرية في بعض مراحل التاريخ. يترك للناس ادارة مجتمعاتهم واختيار الآليات والمؤسسة المحققة لمصالحهم شريطة أن تكون المبادئ الكلية للشريعة الاسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع وبما يضمن لاتباع الديانات السماوية الأخرى الاحتكام إلى شرائعهم الدينية. ثانياً: اعتماد النظام الديمقراطي القائم على الانتخاب الحر المباشر الذي هو الصيغة العصرية لتحقيق مبادئ الشورى الاسلامية بما يضمنه من تعددية ومن تداول سلمي للسلطة ومن تحديد للاختصاصات ومراقبة الأداء ومحاسبة للمسؤولين أمام ممثلي الشعب. ثالثاً: الالتزام بمنظومة الحريات الأساسية في الفكر والرأي مع الاحترام الكامل لحقوق الانسان والمرأة والطفل والتأكيد على مبدأ التعددية واحترام الأديان السماوية واعتبار المواطنة مناط المسؤولية في المجتمع. البند الرابع والخامس حتى الحادي عشر خاص بعلاقات مصر العربية والاسلامية والعالمية والأزهر الشريف ووضعه المستقل والرائد والمتخصص في شؤون الاسلام وعلومه. أود أن أشيد بهذه الوثيقة الهامة الصادرة من الأزهر الشريف حيث تمثل توجها وسطيا ديمقراطيا تقدميا متسامحا وهادفا لرفع شأن المواطن المصري دينياً واجتماعياً واقتصادياً مع وضع مصر في موقعها القيادي في العالم العربي والاسلامي والافريقي وأيضاً الدولي. لقد وجدت رسالة الازهر قبولاً لدى أهم مرشحي الرئاسة المصرية مثل الدكتور البرادعي والدكتور عمرو موسى وآخرين. أملي كبير أن تأخذ الاحزاب السياسية والمنظمات المدنية ولجان الدستور العاملة الآن في هذا المجال بوثيقة الأزهر ليخرج منها دستور السودان المؤقت أو الدائم يحمل التوجهات التي طرحها حسب قول الوثيقة في اطار استراتيجية توافقية، ترسم شكل الدولة، العصرية المنشودة ونظام الحكم فيها وتدفع بالأمة في طريق الانطلاق نحو التقدم الحضاري، بما يحقق عملية التحول الديمقراطي ويضمن العدالة الاجتماعية والسلام وحقوق الأغلبية والأقليات والحقوق الدينية للجميع.