لاحظ الكثيرون ان هنالك ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار عدد من السلع الغذائية ظهر فجأة بعد العيد، وهو ارتفاع مشبوه، حيث لم يكن هنالك ارتفاع قبل العيد في هذه السلع تحديداً رغم ارتفاع سعر الصرف. وبالتالي السؤال هو من المسؤول عن كبح جماح الغلاء الفاحش؟ هل هو الوالي؟ أم مجلس الوزراء؟ إن الغلاء شبح أسود يتهدد الامن والاستقرار عوضاً عن التهديدات التي تشكلها انفجارات الأوضاع في مناطق الهامش في جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق، وما تخطط له أصابع الصهيونية العالمية لإشعال الأوضاع في شرق السودان، نعم الأمور تتجه بوتيرة تصاعدية نحو فقدان السيطرة، فالحكومة عجزت عن كبح جماح أسعار الضروريات في رمضان مثل السكر والخضروات واللحوم، وهي اليوم أعجز عن اتخاذ اية تدابير تقي الشعب السوداني مخاطر الغلاء وجشع التجار، كما أن لبعض اطراف الحكومة أيادي خفية في السوق ظلت ترسخ للانتهازية والاحتكار تحت بصر وسمع وحماية السلطات، وبالتالي لم يعد الآخرون يخشون من تدابير حكومية قد تفرمل تصاعد الاسعار، ولذلك أصبح كافة من هبَّ ودبَّ يضع أسعاراً «من رأسه» ويفرضها على المواطن الغلبان بصورة تكرِّس للانتهازية والفوضى اللامعقولة. وإذا أضفنا الى كل هذه الفوضى المحمية نوايا وزير المالية علي محمود المبيتة والمعلنة برفع الدعم عن الضروريات وخاصة الوقود، فإن الشعب السوداني تنتظره أيام كالحات لا تدانيها إلا أيام البلاء والمجاعة التي ضربت الشعب الصومالي في الشهرين الماضيين، وجعلت عيون العالم كلها تتجه نحو القرن الإفريقي في موقف إنساني لإغاثة شعب مغلوب عصفت به الحروب الأهلية وفساد الحاكمين وسوء التخطيط والتدبير وعدم الأمانة في أداء الأعمال الرسمية تجاه الرعية، نعم هنالك مخاطر عريضة تتهدد سوداننا الحبيب أعلاها الحرب الأهلية والتدخل الأجنبي وأدناها المجاعة المصطنعة بفعل جشع الجشعين وتهاون المتهاونين وفساد المفسدين وغياب السلطة الكامل عن تأمين قوت المواطن للدرجة التي يصبح فيها طلب الفول وهو الأكلة الشعبية اليومية لغالبية الشعب يرتفع سعره من جنيهين قبل العيد إلى أربعة جنيهات بعد العيد دون أدنى سبب، فيما يتحدث رجال في السلطة عن نية الحكومة توطين مليون مواطن مصري في الاراضي السودانية بهدف زراعة الفول المصري والقمح !!! اي بمعنى أن الحكومة غائبة تماماً عن ايجاد حلول جوهرية وتعمل فقط بسياسة توسيع الفتق. أين التشكيلة الجديدة؟ ما يزال الناس يرقبون إعلان قيادة الحكومة التشكيلة الوزارية الجديدة التي أعلن عنها في رمضان، ومن الواضح أن العملية متعثرة وفيها قولان، وبحسب المصادر فإن طائفة من الحزب الحاكم ترى أنه لا ضرورة لإشراك القوى السياسية في الحكم، وتزعم هذه الطائفة أنها جاءت عبر الانتخابات إياها، وبالتالي فإنه لا حاجة للقوى السياسية، فالشرعية الانتخابية تكفل لهم الاستمرار في الحكم دون إشراك أحد، أما الطائفة الأضعف فهي تريد اصلاح الاوضاع المضطربة وايقاف تدهور الاوضاع نحو اللاأمن واللااستقرار، وترى أن الفرصة مواتية للتخلص من تبعات انفصال الجنوب وإصلاح الأخطاء الجسيمة المرتكبة في الفترة الماضية، ومن الواضح أن اللجان التي كلفت بوضع تصور للتشكيلة الجديدة تجد نفسها في وضع حرج بحيث تعجز عن العمل حتى لا تصنف بأنها تميل الى هؤلاء أو تجد نفسها مع أولئك ..اما المراقبون فإنهم يضربون أخماساً في أسداس ثم يراهنون على أن المسألة برمتها تحصيل حاصل وانه لا جديد. الوضع في الدمازين: يتساءل البعض عن إمكانية إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي في جنوب النيل الأزرق، وضمان عودة سكان الدمازين إلى منازلهم للعيش وسط مخاوف من عودة اجواء الحرب مرة اخرى الى المدينة، فالحركة الشعبية مازلت تهدد بتوسيع الأزمة، فيما تخيم القوانين الاستثنائية على مجمل الأوضاع، وفي ذات الوقت مطلوب من القيادة العسكرية المعينة من المركز الاحتفاظ بالاستعداد العسكري مائة بالمائة، والعمل على توطين السكان الفارين في آن واحد، وتوفير الضروريات وكافة الاحتياجات، إن الوضع صعب ومربك، ويتطلب سرعة إجراء التسوية السلمية للأزمة المعلن عنها من الطرفين.