«الخط الجميل يزيد الحق وضوحا»، عبارة قديمة جرى بها لسان الشارع العربي العام للحث على العلم والتعلم واجادة الكتابة ، ومن المفارقات في نفس ذات الشارع تشيع عبارة كل خطاط جهول وما بين تفادي القدح والارتماء في أحضان المدح يكمن الابداع فكلما كان الفرد مجيدا للغة بارعا في خطها متقنا لقواعدها زاد بهاء ورونق ما ينطق أو يكتب ووجد الطريق ممهدا لمعانقة أفئدة الناس والتعلق بقلوبهم وآذانهم والعكس صحيح تماما اذا ما كان الخط جميلا مفارقا للقواعد مقارفا للأخطاء فعوضا عن اسهامه في تقريب الشقة بين المعنى والرسم يصبح باعثا للهروب والفرار لاسيما من قبل ذوي الفطرة السليمة والسليقة القويمة . ولعل تسخير التقنيات الحديثة في الكتابة خففت الوطء عن عبارة كل خطاط جهول فربما قادت التقنية الى تحويلها وتحويرها وراء كل لوحة مفاتيح جهول من فرط الأخطاء اللغوية والاملائية التي تنوء بها لافتات المحلات التجارية ولوحات الاعلانات وملصقاتها فلا يحس المرء أن ثمة من يقف وراء المفردات والكلمات قبل تعليقها واخراجها للعامة في العلن املائيا ولغويا لدرجة أنه يصعب أو يندر أن يجد الفرد منا لوحة أو لافتة خالية من العيوب اللغوية تتحمل شهادة براءة من الأخطاء الاملائية ولعل أكثر الأخطاء تقع في دائرة الهمزات الموصول منها والمقطوع فتعمل يد الكاتب فيها خلطا وبعثرة فالمقطوع منها موصول والموصول مقطوع لا محالة وكذا الحال للألف المقصورة والياء في آخر الكلمة فالمقصور منقوص والمنقوص مقصور فعلى تجدها علي ويصبح علي بقدرة قادر على فلا فرق فيها بين علي وعلى وآفة أخرى تتأذى منها التاء المربوطة والهاء في نهاية الكلمة فلا فارق بينهما في اعتقاد ومخيلة القائمين على أمر كتابة اللوحات واللافتات وملصقات الاعلانات وكذلك الحال من بعضه في الخلط المشين بين الذال والزاي الذي يقع فيه كثيرون فكثير ما تقابلك مفردة تحزير والمقصود بالطبع تحذير ولا أدري كيف انطلت عبارة «وقوف متكرر» التي تفرض كتابتها سلطات المرور على خلفيات المركبات العامة بقصد لفت الانتباه لتوقف المركبات المكرر ففي رأيي المتواضع جدا أن الأكثر صحة لغويا توقف عوضا عن وقوف لجهة أن الأولى يقصد بها الكف عن الحركة والثانية الوقوف استنادا على الرجلين أو الساقين وأن مفردة متكرر اسم فاعل وعندها يكون التوقف مكررا لنفسه واذا ما صارت مكررا أصبحت اسم مفعول وغدا أمر تكراره بيد آخر «سائق المركبة ». وما يؤسف ويبعث على الأسى أن لافتات أماكن يناط بها التقويم والتصحيح على مستوى المدارس والكليات الجامعية لم تنجُ من مغبة الوقوع في براثن الأخطاء اللغوية والاملائية ليطل سؤال بالحاح على من تقع مسؤولية المحافظة على جماليات اللغة العربية التي تنضح بيانا وتفوح تبيانا وابتعادا عن الغموض وحتى نجنب أنفسنا الأخطاء المشينة هذه اقترح على السلطات المحلية والولائية أن تكّون لجنة لاجازة كتابة لافتات المحال التجارية والعامة لضمان سلامتها من الأذى اللغوي بحيث يقع على تلكم اللجنة مسؤولية تصحيح كتابة الكلمات والمفردات حفاظا على المظهر العام للمدينة وصونا وحماية لذوي الأحاسيس المرهفة من كل شائبة لغوية املائية شريطة ألا تهتبل المحلية أو الولاية فرصة تكوين اللجنة لزيادة موارد دخلها بفرض رسوم تصحيح اللافتات .