ينظر المجتمع لبعض فئاته بنظرة دونية ولا يسامحها على بعض مما إرتكبت من اخطاء ابدا. من ضمن هذه الفئات هم المساجين الذين حكم عليهم بقضاء فترة، طالت ام قصرت، ما بين القضبان. ويخرجون من تلك القضبان ليجدوا انفسهم حبيسي قضبان اخرى حتى وإن لم تكن ترى بالعين المجردة، إدراك الشخص بانه كنت محبوسا وانه (دفع) ما عليه من عقاب وضريبة للمجتمع لا يقابله ذات الإحساس من المجموعات التي تشاركه ذات الفضاء. واجدني في كثير من الأحيان اتعاطف من المساجين، فليس كل من يقبع وراء القضبان هو مجرم سفاك للدماء. ولعلني ادرك ان الإنسان يجد احيانا نفسه في منتصف خيارات كلاهما على النفس عصيب، او يكون في مفترق طرق لا يدري ايهما يسير به صوب النور. ويختار الإنسان طريقا فقط ليكتشف انه إختار ذلك الذي يفضي به ضيق السجون. ولكن حتى اولئك الذين إرتكبوا الخطأ، وإن لم يكن بجهالة، فما بالنا لا نمنح الآخرين فرصاً تهيئ لهم الإندماج في الحياة بصورة طبيعية؟ واجدني افكر، إن وضع احدهم رجليه خارج اسوار السجن فقط ليحطها داخل اسوار الحياة، فما هي الفائدة إذن؟ وهل يجد اولئك المساجين فرصاً اخرى للعمل الجاد تعينهم على امور الحياة وتساعدهم على الإنخراط في المجتمع؟ ولا تعتبر مشكلة إيجاد الخارجين من السجن قاصرة على السودان او الدول العربية، بل كانت متواجدة حتى في الولاياتالمتحدة.فحينما تتقدم لعمل يكون من بنود الإستمارة اسئلة عن السجل الجريمي لطالب الوظيفة. لكن في خلال السنوات الأخيرة، قامت الحكومة الأمريكية بطرح عدة مغريات لاصحاب العمل حتى تساعد خريجي السجون على إيجاد عمل. من ضمن هذه المغريات، انه إذا قام صاحب العمل بتعيين سجين سابق ولم تمض على مدة الإفراج عنه العام الواحد، فالحكومة تتعهد بان تدفع للشركة 2400 دولار. وليس هذا فحسب، بل تقدم الحكومة ايضا تأميناً لضمان السجين السابق العامل يتراوح ما بين الخمسة إلى الخمسة والعشرين الف دولار، وتستمر مدة التأمين ستة أشهر يكون فيها صاحب العمل قد خبر العامل ذو صفحة السوابق (السابقة) ويقرر على إثرها إن كان إطمأن له وإن كان يرغب في ان يستمر في العمل بشركته ام لا. وليست الفوائد مقتصرة على صاحب العمل فقط، بل حتى السجين السابق يناله من (المغريات) جانب، فالدولة تتكفل بإعادة تأهيل وتدريب من يريد العودة إلى ميادين العمل التي تركها سابقا لأي سبب او آخر. ويجد العامل السجين الفرص متوافرة لديه حتى يقوم بتدريب نفسه في مجال العمل الذي يختاره، ويضمن صاحب العمل في ذات الوقت ان عامله، السجين السابق، صار مؤهلا لكي يبقى بشركته حتى يجعل الله امرا كان مفعولا. إن ربي يعطي الفرص لعبده مرات عديدة وفي كل مرة يتقبله، فما بال الإنسان لا يعطي اخيه الإنسان (فرقة) ويمنحه فرصاً أخر.