(المرء مخبوء تحت لسانه) و(تكلم حتى أعرفك) و(المرء بأصغريه) و(السكوت من ذهب)، عبارات في مجملها تشير إلى دلالة تكاد واحدة قوامها أهمية انتقاء المفردات قبل إطلاقها ومغادرتها باحة اللسان لجهة أن الكلمة سهم مثل الطلقة إذا خرجت من فوهة البندقية يستحيل إرجاعها وكذا حال المفردة لأجل هذا ينبغي ويتوجب على الفرد زنة وتقييم أية مفردة قبل أن يطلق لها العنان لتلامس آذان الآخرين حتى لا يصبح في موقف لا يحسد عليه وجرجرة إلى دنيا الاعتذار وما فيه من انكسار وذلة لعزة النفس رغم أن الاعتذار فضيلة لا ينكر الرجوع إليه إلا مكابر . ما قادني لسوق المقدمة والتقدمة عاليه تكرار سماعنا واستماعنا لسؤال يقود الموجه إليه في كثير من الأحيان بل في أغلبها إلى الوقوف على مشارف الحرج والانزواء دون ذنب جناه سوى أنه قدم للكمساري فئة نقدية تكبر مقدار تعرفة المواصلات فيباغته الكمساري بسؤال مجوج لا معنى له بعد أن يشير للدافع إليه الفئة النقدية فحواه (فيها كم) يقصد لكم من الركاب تريد أن تسدد نيابة عنه مما يدخل صاحب النقود في حرج شديد داخل المركبة فيجد نفسه مضطرا للإيماء برأسه ورفع أصبعه السبابة ليوضح للكمساري المحرج أنه بصدد سداد قيمة التعرفة لنفسه دون أحد سواه بالمركبة، فبسؤال الكمساري هذا كأنما يوصل للراكب أنه لديه فئة نقدية كبيرة عليه ان يدفع لنفسه ولآخرين أو آخر على أسوأ الفروض عنده ناسيا أن الأصل في سداد تعرفة المواصلات أن يدفع أي راكب ما عليه وإن ارتأى أن يسدد لغيره فحرى به أن يوضح ذلك للكمساري بمجرد توجيه القيمة له الأمر الذي يجعل سؤال الكمساري (فيها كم) في غير محله البتة لأنه ببساطة شديدة إذا أراد شخص السداد عوضا عن آخر حتما سيوضح للكمساري العدد الذي يود السداد له فلا معنى ولا داعي لسؤال الكماسرة المحرج وإذا وجد المرء عذرا لقبيلة الكماسرة في إصرارهم على تكراره بصورة مقيتة وإشهاره أمام كل من يدفع لهم فئة نقدية أكبر من قيمة التعرفة في تأصل حسن النية وصفة الإيثار وتوسم الخير في الآخرين فعليهم أن يتذكروا أن الظروف قد تبدلت ولم يعد الحال ياهو نفس الحال فالكل يطلب أن يضعوا قاعدة أن من يريد السداد لآخر أنه سيبوح بذلك للكمساري حلقة في آذانهم فلا داعي للحرج يا هؤلاء . عفوا هذه المادة لا يحس بفحواها إلا المهمشين والكادحين في الأرض من زمرة مستخدمي المركبات العامة لا ممتطي السيارات الخاصة الفارهة .