دعا مهتمون منظمات المجتمع المدني لممارسة دورها الرقابي في الانتخابات بكل شفافية وحيادية ونزاهة، وأن تفعل امكانياتها لتوعية وتوجيه وتثقيف الناخبين قبيل وبعد عمليات الاقتراع، وثمنوا عالياً دورها في العملية الانتخابية المقبلة وتهيئة المناخ الملائم لإجرائها بعيداً عن استخدام العنف والعنف المضاد، ودعوها لتغليب المسئولية والمهنية في كتابتها لتقارير المراجعة بعيداً عن الانتماءات وعدم الحيادية، مشيرين الى الدور الفعال الذي يجب ان تطلع به منظمات المجتمع المدني في مراقبة وحماية العملية الانتخابية وذلك بمراقبة نظامها والقوانين التي تجري بها، وذلك في ندوة «دور منظمات المجتمع المدني في مراقبة الانتخابات» التي اقامها المركز العالمي للدراسات الإفريقية أمس. ابتدر «الندوة» مولانا محمد أحمد سالم الخبير في الانتخابات، والذي قال ان منظمات المجتمع المدني تلعب اليوم دوراً متميزاً ولديها ثقل وتأثير كبير بعد أن اصبحت آية العصر الراهن، وقال ان دور منظمات المجتمع المدني في الانتخابات المقبلة نص عليه في المادة «104» من قانون الانتخابات، واشار الى أن تاريخنا السياسي لم يكن فيه رقابة عدا انتخابات «1953م» التي كان الاشراف عليها من المجتمع الدولي لأنه لا يمكن وقتها عمل لجنة وطنية، وقال سالم «ان مظهر الرقابة مظهر سالب، ويوضح عدم ثقتنا في بعضنا البعض، واضاف «نأمل أن يأتي وقت لا نشهد فيه رقابة دولية لأنها مظهر غير ايجابي، وندعو للتخلص من الرقابة الدولية تدريجياً» وقال سالم اننا نحتاج لرقابة حتى تجري الانتخابات حسب قواعد اللعبة الديمقراطية، وأن نضمن قيمة الأجهزة القائمة عليها، كما ان الرقابة تطمئن الناس على نزاهة الانتخابات، وأشار الي أن تجربة مراقبة منظمات المجتمع المدني للانتخابات تجربة جديدة، وقال سالم ان قواعد الرقابة التي اصدرتها مفوضية الانتخابات مستوعبة النظم العالمية في المراقبة، وهي: الحيدة الكاملة، واحترام النظام والقانون والدستور. وقال ان الرقابة المحلية تمتاز بأن المراقب يعرف الواقع السوداني واللغة والتقاليد والاعراف، كما أنها قليلة التكلفة، ولكن ما يعيبها أن المنظمات قليلة الخبرة، تواجه بتحدي الحيدة، وهي مسألة نسبية وليس مطلوباً منها محايدة ومستقلة مائة بالمائة ولكن أن لا تعكسها في تقارير المراقبة ومشيرا الى ان هذا هو التحدي الذي يواجه المنظمات في الانتخابات، وقال سالم ان الرقابة نوعان رقابة ممتدة ورقابة اقتراع، وان الرقابة تقوم على مراقبة النظام الانتخابي، واطمئنان الناس على العملية والتصديق، مشيراً الى ان المطلوب من منظمات المجتمع المدني، الالتزام بالحد الأدنى من الضوابط العالمية، والإلمام الكامل بالجوانب الفنية للعملية الانتخابية، ويجب ابعاد مظاهر التحيز والميول، وعدم التدخل في العملية الانتخابية، وقال سالم ان المراقب لا يتدخل في العملية الانتخابية ولكنه يقدم تقاريره فقط، مشيراً الى ان الانتخابات اختبار كبير للمنظمات لإثبات قدراتها، وللحكومة ان تفتح صدرها للحرية والنقد، وللمعارضة ان تعمل بمسئولية، وللمنظمات ان تعمل بجد. من جهته قال السفير محمد عبد الدائم مدير ادارة المراقبة بمفوضية الانتخابات، إنهم يعكفون على البت في طلبات المراقبة التي قدمت من قبل المنظمات المحلية اولاً ومن ثم سينظرون للطلبات المقدمة من المنظمات الدولية، وقال ان ضوابط الرقابة المحلية تتمثل في ان تكون المنظمة نشطة في العمل المدني، وان تكون مسجلة في الجهة المخولة لها التسجيل، وان يكون مضى على تسجيلها «6» اشهر من «11 أبريل». وقال عبد الدائم ان تجربة مراقبة المنظمات جديدة وان المنظمات ليس لديها خبرة في مراقبة الانتخابات، لذا ركزنا على المنظمات التي لديها خبرة والتي نالت تدريباً، وكذلك من شروط قبول المنظمات ان المنظمة منتمية لجهة سياسية «تنظيم او حزب» أو أحد القائمين عليها يكون مرشحاً أو منافساً في الانتخابات، واضاف «نريد ان نتيح الفرصة لأكبر عدد من المنظمات لأنها تجربة أولى لها، وأشار الى أن هناك مدونة سلوك يجب الإلتزام بها من قبل المنظمات، وبها «16» بند تتحدث عن سلوك المراقب وهي الحيدة والأمانة واحترام القوانين التي تسير الانتخابات داخل صالة الاقتراع،والإمتناع عن حمل السلاح أو يبدي سلوكاً عدوانياً، والامتناع عن التحريض وقبول الهدايا والتدخل بأي شكل في نشاط المفوضية، وممارسة دوره سلمياً مع احترام موظفي المفوضية، الاحترام بدقة بالجهة التي أرسلته، وأن يلبس بطاقة المراقب ويحترم سرية الاقتراع، وعدم الاتصال بالناخبين بغرض التأثير، والامتناع عن محاولة تقديم ارشادات للموظفين، وان يتأكد من ان المعلومات التي نقلها رآها وعايشها، مشيراً الى أن هناك مراقبين لوكيل الحزب او وكيل المرشح المستقل، وهؤلاء مسموح لهم بتقديم وكيلين في المركز للمراقبة، وان هؤلاء لديهم درجة حرية وضوابط اكثر من المراقب المدني لأن مسئوليتهم حماية حزبه ومرشحه، وأنه يلفت النظر لتجاوزات ويصر على ذلك في اصلاح الخطأ، واذا لم يحدث اصلاح يملأ استمارة ويأخذ الأصل للشكوى ويترك نسخة من الاستمارة لضابط المركز، وان يكون المراقب ملماً بالقوانين، واضاف عبد الدائم «بأن هناك رقابة على قبول النتيجة، ورقابة على المنتصر كيف يتقبل النتيجة، وغير المنتصر كيف يتقبل الهزيمة». ومن ثم تحدث الاستاذ علي أبو زيد من شبكة المنظمات الوطنية، وقال ان المنظمات تمثل ضمير المجتمع لأنها تعمل ولا تسعى للوصول للحكم، ولكن مهمتها ان تنظم العلاقة بين المجتمع ومن يريد أن يحكم وفق قيم انسانية، وقال ان أجواء الحرية تشجع منظمات المجتمع المدني السودانية التي تلعب دوراً كبيراً وحيوياً في هذه المرحلة، وقال ان دورها يتعاظم اذا علمنا ان «65%» من الناخبين في هذه الانتخابات يشاركون لأول مرة، واضاف اننا نحتاج للمراقبة لتعقيد العملية الانتخابية في النظام الرئاسي وان هذا الجيل محتاج لعملية توعية ورقابة، كما ان هناك متغيرات كبيرة حيث تأثر هذا الجيل بالعنف في الجنوب والشمال ودارفور، وأن الناخب الآن شبه عسكري ومعظم الناخبين يأتون من خلفيات عسكرية كما كل الاحزاب حملت السلاح وتعايشت معه، وقال ابو زيد ان هناك عملاً كبيراً قامت به المنظمات لتوعية بالعملية الانتخابية، وأنها وصلت لمرحلة مطمئنة جدا وقامت الآن مجموعة من الشبكات والشراكات للانتخابات، وقال ان التخوف على الانتخابات يأتي من ان هناك تنافساً من خلفيات عديدة وهناك خلفيات غبن سياسية كبيرة، كما أن الحزب الحاكم نفسه داخل في تنافس في العملية الانتخابية وبالتالي يثار الحديث حول حيادية الأجهزة القائمة على العملية الإنتخابية، كما ان هناك مواقف متأرجحة في الشراكة بين الشريكين وهناك تأرجح في التوافق والمواقف، وقال ان الانتخابات القادمة فيها وعي يمكن ان يتلافي عمليات العنف او ما يعرض العملية الانتخابية للتهديد، وان هناك تدخلاً خارجياً في العملية الانتخابية، مشيرا الى ان موقف العالم الخارجي من قبول او رفض النتيجة مهم جدا لأنه سيحدد مسار الانتخابات، وقال ان المنظمات قامت بنشر ثقافة السلام بصورة واسعة في المرحلة الماضية ولديها دور في الرقابة الانتخابية، واضاف «ان المنظمات تنبه لأي نوع من التجاوزات، وأن لديها تجارب تستطيع من خلالها ان تتجاوز مشاكل العملية الانتخابية القادمة. من جهتها قالت الاستاذه سناء حسن محمود الخبير بمفوضية الانتخابات، ان الاقتراع سيبدأ في الحادي عشر من ابريل القادم من الساعة السادسة صباحاً وحتى الساعة الثامنة مساءاً، واشارت الى ضرورة الانتباه الى ان كثيرين يحملون اشعارات التسجيل قد لا يجدون اسماءهم في الكشوفات النهائية، وقالت ان في الشمال سيكون هناك ثلاثة صناديق للاقتراع وفي الجنوب خمسة صناديق اقتراع، واشارت الى ان دور المراقب ان يلاحظ عمليات الاقتراع داخل المركز من كافة الاجراءات، وقالت ان شهادة اللجان الشعبية معتمدة من قبل المفوضية للتصويت، وان ذوي الاحتياجات الخاصة سيصوت لهم المرافق ويمكن ان اراد ضابط المركز، مشيرة الى ان المراقب سيراقب كذلك عمليات الفرز والعد والنتيجة. وقال الدكتور ربيع عبد العاطي، ان المراقبة اصبحت جزءاً اساسياً من عناصر الثقة ودورها اساسي، وأنها جزء من عمليات ضمان تطبيق النظام، واضاف ان عملية النزاهة والشفافية والحيادية عملية نسبية سيظهر ذلك من خلال المراقبة الدولية بعد انتهاء العملية الانتخابية، وقال ان المراقبة ستضيق شقة الخلاف بين المتنافسين، وقال ان الانتخابات نشاط يتصل بالجمهور لذلك على منظمات المجتمع المدني ان تقوم بالتوعية والتنوير، واشار الى ان اهداف مراقبة المجتمع المدني للانتخابات تتمثل في: المساعدة في تهيئة الاجواء، المساعدة في عمليات تدفق الناخبين، التأكد من صحة الاجراءات، الفصل بين مهمة المراقب والاهداف السياسية، المراقبة ذات صفة فنية، مساعدة الجهات المختصة، غرس الثقة، وإتباع كل ما من شأنه تحقيق النزاهة والشفافية. وقال عبد العاطي ان وسائل المراقبة تتمثل في جمع المعلومات ورصد الأخطاء والتنوير والاحاطة ورصد التفلتات ومراقبة صناديق الاقتراع.