* لست مضطراً لنقل «الونسة الدُقاقة» التي دارت بيني وبين الأستاذ غازي سليمان ولا أقول المحامي «فالمحامون على قفا من يشيل» وبينهم جهابذة وفطاحل وعلماء علم وفقه وقانون ودستور ومعاملات، لكن «غازي شِق» بلغة أهل كردفان وتعني «غير» عند السعوديين كأن يقولون «جده غير» ، قال غازي وهو يحكي عن تجربته في معارضة الحكَّام أو السعي لنيل السلطة «مانَدَرْ تلقي عسكري سوداني حرامي ولَّا كَّذاب.. الحرامية نحنا المدنيين ديل والكذابين نحنا المدنيين ديل.. لكن أبناء الكلية الحربية السودانية.. يكاد ينعدم فيهم الكذابين والحرامية.. أوفياء لزملائهم ملتزمون بالضبط والربط والتسلسل القيادي وزُهَّاد.. شوف الفريق عبود ومجلسه العسكري الأعلى خرجوا من الدنيا كما دخلوها.. والنميري ومجلس قيادة مايو وقد عارضتهم حتى زال حكمهم لن تجد من بينهم من أثرى على حساب الشعب من مات منهم ومن ينتظر .. ومجلس قيادة ثورة الإنقاذ والمشير البشير لن تجد فيهم أصحاب العمارات والحسابات والشركات».. وهذه شهادة من خصم عنيد يعرف شرف الخصومة.. ويعترف بلا أدنى حرج. * وعندما أصدر الرئيس البشير قراره بتعيين اللواء الركن الهادي بشرى حسن الشاذلي «سليل الأنصار بالجغرافية والتاريخ» والياً مكلفاً لولاية النيل الأزرق هتفت في دواخلي «ينصر دينك يا عمر» فالقائد يعرف رجاله ويدري كيف يستفيد من قدراتهم.. وقد أسعدني اختيار المدفعجي الأديب رب السيف والقلم.. والسوداني الأصيل مأمون الجوار طاهر اليد واللسان والذي لم يهتك أسرار رفاقه في القيادة الشرعية «الذراع العسكري للتجمع الوطني الديمقراطي المعارض» عندما قرر العودة للبلاد والإِنتظام في سلك الإنقاذ بعد أن طاف بأرجاء البلاد متفقداً الأحوال قبل أن يقبل التكليف مُصِّراً على عدم البوح بأسرار القيادة الشرعية التي يُشكِّل فيها حجر الزاوية ولم يبصق على تاريخه كما فعل قبله وبعده كثيرون وعمل بإخلاص في أي موقع تولَّاه في وزارة الطرق والجسور وولاية النيل الأزرق.. أو الولاية الشمالية ولم يعجبه خمج الملكية ومناورات السياسيين من الذين لا يعرفون الحديث ولا لبس القميص والهادي طبجي جبَّار «يصحح سقوط نيرانه» أولاً بأول كي لا تضيع قذائفه هدراً.. ويضبط «النشنكاه» ويراجع «الشخشنه» ويتأكد من صلاحية المركبات والآليات ويضمن التعيينات لقواته «ويتمم معاهم» صباح ومساء ويدفع حق الميز.. ويدوِّن ملاحظاته مثلما «يدوِّن» بالمدفعية أهدافه. * ولاية النيل الأزرق ليست جديدة على الجنرال الذي خبرها حاكماً ومعارضاً.. ومالك عقار «ما شاف ولا سمع» بالعسكرية التي يتقنها الهادي بشرى.. ولا يعرف أمور السياسة ودهاليز المعارضة وتطبيقات الأمن كما يعرفها الهادي.. وعقار لا بواكي له في الجيش الشعبي ولا الجيش الأحمر.. لأنه نَسِيهم عندما تربع على كرسي الوزارة ثمَّ الولاية وهو في نظرهم وصولي نفعي أَثرى على حساب نضالهم ودمائهم وحوَّل كل شئ لمصالحه وطموحاته الشخصية وهم اليوم عليه من الشامتين فلا تأخذنك به رأفةً.. وبالمقابل فان حلمك وصبرك على العائدين من صفوف التمرد لابد أن يكون كبيراً.. وقد قال السيد النائب الأول بأن في صف الحج الوطني متسع لكل آئب وتائب. وأرجو أن لا يأسرك حبك للزهد والتقشف في إظهار هيبة الدولة وبأس القوات المسلحة بلا إفراط ولا تفريط « فليجدوا فيكم غلظة» وأنت الرقيق الشفيف فَألْبس لكل حالةٍ لُبُوسها.. وأنا لست في مقام الناصح لكم لكن الكثير من الناس لا يعرفون أن اللواء الركن الهادي بشرى والي ولاية النيل الأزرق السابق كان يستخدم المواصلات السفرية العامة عندما يسافر من الدمازين إلي الخرطوم ويعود بها .. وكانت عربة الوالي تذهب به لموقف البصات عند سفره وتقابله عند عودته.. فقد كان يتحرَّج من استخدام العربة الحكومية في رحلاته تلك مع انها عمل رسمي في الغالب لكنه يستنكف أن يدخل العاصمة «بعربية وبيرق» فيهدر الوقود ويستهلك السيارة في أمر يمكن أن يؤديه بالمواصلات.. ما شاف جيوش الولاة والوزراء الولائيين والمعتمدين وهي تجوب العاصمة التي يمتلكون فيها المنازل والمكاتب والسيَّارات بل ويقيمون في العاصمة أكثر من إقامتهم في أماكن عملهم!! * يا جنرال قد والله حُمَّلت حملاً تنوء به العُصبة أولي القوة ولولا تجردك ونكران ذاتك لكانت أماسي أم درمان .. وليالي الشيخ الصافي جعفر ومكتبتك العامرة أولي بك.. ولكانت المناسبات الاجتماعية فرحاً وترحاً أهدأ كلفةً وأقلَّ مشقة لكن لا راحة لمؤمن حتى يلقي الله.. أَوَ تذكر ياجنرال كتاباتك الشيَّقة في سلسلة «هل أتاك حديث الجنود»؟.. وها هو قد أتاك. * احتدم الخلاف بيننا ونحن في اللجنة القومية العليا لطريق التحدي الجيلي شنديعطبره هيا واللواء الهادي وزيراً للطرق والجسور ونحن نجتمع في مكتب وزير رئاسة الجمهورية الفريق بكري حسن صالح.. في دورته الأولى.. «وإتماسكنا الحِزَزْ» وقد أثار غضبه مقال لي نشرته في ألوان الغرَّاء.. ولكن سرعان ما عاد معدنه النفيس إلي نقائه فلم نجد منه إلا كل تعاون وتسهيل لمهامنا والتي هي مهامه بالأصالة .. ونحن بالوكالة فكان نعم الأخ الوفي والمسؤول الذي تتوفر فيه كل المقدرات الإدارية والقيادية والإنسانية. * ولئن نثر الرئيس كنانته وعجم أعوادها وأستلَّ منها أمرَّها عوداً وأَصْلبها مَكسِراً فرمي به التمرد في النيل الأزرق فكان الهادي بشرى وإن عاد للنيل الأزرق الكرة بعد الكرة فانه أحقَّ بالولاية وأهلها الأخيار.. يا بشرى هذا جنرال يقرأ الراتب ويحفظ المولد.. ربنا يعينك. وهذا هو المفروض