وصل الخرطوم أمس رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية اللواء مراد موافي في زيارة تستغرق يومين يسلم خلالها رسالة وصفت بالمهمة من رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية المشير محمد حسين طنطاوي إلى الرئيس عمر البشير. ويعتقد بعض المسؤولين فى الإستخبارات ان وصول موافي للخرطوم يحمل ابعادا تتعلق بالأمن القومي المصري وملفاته التي تقف في مقدمتها اجندة التعاون والتنسيق لمنع محاولات التسلل والتهريب التي يقوم بها أفارقة عبر الحدود خاصة بعد ضبط ثمانية صواريخ مضادة للطائرات بالقرب من الطريق المؤدي من الإسماعيلية لمدينة بورسعيد تردد أنها مهربة عبر الحدود وفقا لتقرير صادر في جريدة الأهرام المصرية فيما يعتقد بعض المحللين السياسيين بان جوهر الزيارة يتعلق بتطور الاوضاع الداخلية في السودان . وبالرغم من ان الزيارة وصفت بالعادية من قبل المسئولين المصريين الا ان التحليلات تعددت عن مغزى زيارة موافي إلى الخرطوم وتوقيتها وغايتها، خاصة أنها جاءت متزامنة مع زيارة الرئيس الايراني أحمدي نجاد الذي وصل الخرطوم امس . وبحسب محللين تحدثوا للصحافة يوم امس فإنه يمكن وضع زيارة مدير المخابرات المصرية في إطار أحد السيناريوهات التالية السيناريو الأول انها تأتي في اطار تعزيز التعاون الأمني واللوجستي بين القاهرةوالخرطوم لاسيما في مسألة وقف تسريبات الأسلحة والجماعات المصنفة بالإرهابية، واتفاق الطرفين على حماية الحدود المشتركة والسيناريو الثاني انها تحمل مؤشرا على تغير اولويات مصر تجاه السودان خاصة أن المسؤولين المصريين في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير أدركوا مدى فداحة إهمال النظام السابق لأفريقيا عامة والسودان باعتباره عمقاً استراتيجيا لمصر اما السيناريو الثالث فإن الزيارة تأتي في اطار وصفة علاجية لقضايا السودان الماثلة . غير ان صحيفة (الديلي تليغراف) البريطانية التي اتهمت بعض المجموعات العسكرية بسرقة عشرات الصواريخ المتطورة من ليبيا وتهريبها الى السودان ،وطبقا للصحيفة البريطانية فإن المسئولين الاستخباريين يعتقدون ان الصواريخ والاسلحة المتطورة التي استولت عليها تلك الجماعات هربت عبر الحدود باتجاه جنوب السودان في وقت سابق من الشهر الحالي الى مصر حيث ضبط منها ثمانية صواريخ مضادة للطائرات بالإضافة إلى 3 اجهزة لإطلاق الصواريخ بالقرب من الطريق المؤدي من الإسماعيلية لمدينة بور سعيد. ووفقا لتقرير صادر في جريدة الأهرام المصرية ،فقد قامت قوات الأمن المصرية بإكتشاف مخزن للأسلحة والذخيرة بالقرب من ذلك الطريق ،حيث وجدث قوات الأمن في مخزن الأسلحة ثمانية صواريخ مضادة للطائرات وثلاثة اجهزة لإطلاق الصواريخ .وتزامن ضبط هذه الصواريخ مع إحباط محاولة لتهريب الأسلحة من ليبيا لمصر وفقا لتحذيرات امنية في إسرائيل من ان المنظمات الإرهابية تحاول تهريب اسلحة من ليبيا لشبه جزيرة سيناء وهو ما يثير قلق القيادة العسكرية في مصر خوفا من ان تصل هذه الاسلحة المتطورة الى الجماعات الارهابية . وهذه التحذيرات تطابقت مع تحذيرات سابقة لرئيس البعثة الدولية المشتركة فى دارفور ابراهيم قمبارى عندما قال (للصحافة) فى حوار نشر الاسبوع الماضى ان بعثته رصدت دخول اسلحة وجماعات مسلحة الى دارفور وانها يمكن ان تشكل تهديدا للاستقرار فى الاقليم. ولكن بحسب مصدر امني رفيع سابق تحدث «للصحافة» فان الامر لايمثل مصدر قلق لمصر وحدها وانما لاسرائيل التي تتخوف هي الاخرى من ان تقع هذه الاسلحة في ايدي الجماعات الاسلامية في المنطقة لاسيما حزب الله وحركة حماس . واضاف المصدر الذى فضل حجب اسمه قائلا ان زيارة مدير المخابرات المصرية «قطع شك ماجات لمناقشة الموية او مقاطعة اللحوم او مشكلة جنوب كردفان او النيل الازرق» مؤكدا انها لاتخرج من نطاق تهريب السلاح الليبي الذي تمت سرقته من ليبيا مشيرا الى ان هذه القضية تشغل الاجهزة المخابراتية في مصر والسودان وحتى اسرائيل مشيرا الى ان انهيار النظام في ليبيا من شأنه فتح الباب امام تسرب اسلحة متطورة في اتجاهات عدة واستبعد المصدر الامني ان يكون ملف مياه النيل احد اجندة الزيارة مؤكدا ان الملف من اختصاص وزارة الموارد وليس جهاز المخابرات الا ان المصدر لم يؤكد او ينفي ماذا كانت زيارة موافي لها علاقة بزيارة نجاد للسودان قبل ان يصفها بانها تعبر عن «قصر نظر الدبلوماسية السودانية « معتبرا الزيارة «ماعندها معنى» محذرا من ان السودان سيدفع ثمنها واكد المصدر ان ايران هي المستفيد الاكبر من هذه الزيارة . فيما استبعد استاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم دكتور حسن الحاج علي وجود علاقة بين زيارة موافي وزيارة الرئيس الايراني مشيرا الى ان زيارة الاول مرتبطة بالتطورات الداخلية اكثر من ارتباطها بالاحداث الاقليمية وحسب تقدير علي فإن زيارة رئيس مخابرات مصر مابعد الثورة لابد من النظر لها بمنظور سياسي لان التقليد المصري درج على ادارة الملف السوداني عبر جهاز المخابرات منذ عهد الرئيس انورالسادات ومرورا بعهد الرئيس حسني مبارك وقال علي ان ان صح التكهن بان الزيارة تدور في فلك القضايا الداخلية فالارجح ان الرسالة التي ستصل للبشير تحوي معالجة لازمتي النيل الازرق وجنوب كردفان والعلاقة بين الجنوب والشمال واللذين يمثلان تاثيرا على الامن القومي المصري. واعتبر استاذ العلوم الاستراتيجية بجامعة الزعيم الازهري الامين العباس ان الزيارة تأتي في ظل النظام المصري الجديد الذي يسعى الى عمل تنسيق بين الدولتين لاسيما مع تطورات الاوضاع الاقليمية وربيع الثورات العربية وانفصال الجنوب ومحاولة تثبيت اقدامها في المحيط الافريقي ورأى العباس ان الزيارة اما ان تؤدي الى تصعيد العلاقات بين الدولتين او ايجاد حلول تجاه القضايا الافريقية ولم يستبعد ان تدخل الخرطوم كوسيط بين القاهرة وطهران التي تسعى كل منهما لقيادة العالم الاسلامي. واللواء موافي الذي يزور الخرطوم لاول مرة يبلغ من العمر 61 عاما خريج الدفعة 57 كلية حربية شغل العديد من المناصب العسكرية حيث عين رئيسا لأركان الجيش الثاني الميداني ثم قائدا للمنطقة الغربية العسكرية فنائبا لمدير المخابرات الحربية فمديرا لها ثم محافظا لمحافظة شمال سيناء، ثم مديرا للمخابرات العامة المصرية إثر اختيار الرئيس المصري السابق حسني مبارك المدير السابق للجهاز اللواء عمر سليمان نائبا له وعقب تعيينه مديرا لجهاز المخابرات نجح موافي في تقريب وجهتى النظر بين فتح وحماس، وتمكن في النهاية من إنهاء الانقسام الفلسطيني ونجح خلال أقل من 80 يوما تلت ثورة 25 يناير في لم الشمل الفلسطينى ودفع الفرقاء بشكل نهائى إلى توقيع اتفاق المصالحة وتعتبر هذه الزيارة ثاني زيارة له لبلد عربي بعد سوريا .