قال الشاعر الراحل محمود درويش- في قصيدته شاهد على زمن الطغاة: (سأختار شعبي- سأختار افراد شعبي سأختاركم واحداً واحداً من سلالة أمي ومن مذهبي سأختاركم كي تكونوا جديرين بي، وسأمنحكم حق ان تخدموني وأن ترفعوا صوري فوق جدرانكم، وأن تشكروني لأني رضيت بكم أمة لي). (1) المفكر الصادق المهدي ومعالم الفكر الجديد ٭ إن مساهمات المفكر الاسلامي (المعتدل) الصادق المهدي واجتهاداته التجديدية هى بالضرورة مسار فخر وإعزاز لكل سوداني يعتز بهويته الوطنية- فالامام الصادق على مسار حياته العامرة، لم تخذله نوائب الدهر وأسلحتها الكسولة حتى في أسوأ لحظات المعاناة الانسانية عن (الرصد والمتابعة) بالاطلاع على كل ماهو حادث وجديد في عالم اليوم، لذا ظلت مشاريعه الفكرية هى الملاذ الآمن والمعنى النير لكل صاحب حاجة في مجال (الفكر الحداثي)- وذاك ما جعل منه شخصية عالمية في مجال الدعوة والنهج المعتدل (وهذا ما جر عليه آراء الحساد) وكل ذلك في ظل وجود حوار الحضارات وخاصة في وجود الآحادية القطبية (الإمبريالية) والتي تمددت ما بعد غياب قطبية ندها التقليدي (الاشتراكية) صاحبة الدعوة الاولى لطرد (الدين من الدولة) باسم العلمانية والتي ما زال (البعض) من ( العاجزين فكرياً) وبايلوجياً يتمسكون بها ويعملون على نشرها و(إشاعتها) بين الناس- (كأهل الكهف) في زمن الالتفات والاهتمام بالجانب الروحي في الإنسان- وعدم الحديث عن الحياة دون استصحاب دين (أو شريعة) بقيم يحتاجها جسم الانسان كاحتياجه (للهواء والماء) وخاصة في زمن الحداثة وثورة الاتصالات والعولمة ونهوض شباب (الفيس بوك)- تبقى أية دعوة أو حديث عن إبعاد الجانب القيمي والروحي وافساح المجال للجانب المادي في الانسان- ماهو إلا دعوة الى حرب آحادية وعنصرية مؤجلة باسم الاديان، لذا لابد من الالتفات الى حوار الاديان في العالم وخاصة في دولتنا دولة السودان بعد رحيل ثلثه الجنوبي بكل ما يحمل من أديان ومعتقدات روحية وقيم مثيولوجية ( طالما أن كلو عندو رأى وكلو عندو دين) كما قال شاعر الشعب محجوب شريف. ٭ تلك هى خلاصة السياحة الفكرية التي شهدتها ساحة مسرح مركز الخاتم عدلان الرحبة والفسيحة بأهلها الرائعين، وبالرغم من (سخونة الحوار) وغلو الطرح من عند بعض الشباب وخاصة دعاة (الإثنية المسلحة) والمتحمسة اكثر من اللازم والمشحونة بهواء العداء (الكيزاني)، إلا ان سماحة الامام الصادق المهدي وسعة صدره المعهودة (والرحيمة) حالت دون ما سعى اليه بعض (العاجزين) من المتطرفين علمانياً من إفساد تلكم السياحة الفكرية في (معالم الفجر الجديد) والتي شهدها اكبر مركز للاستنارة في الخرطوم- وكعادته جعل هذا ممكناً وما استضافته للحبيب الامام الصادق المهدي إلا تأكيداً لما ظللنا نراهن عليه من دور ايجابي ظل يلعبه هذا (المركز)- فالشكر كل الشكر للقائمين عليه وندعوهم على المحافظة على هذا التميز في الطرح (معنى ومبنى)- بل كل الذي نرجوه التمسك بهذا الشكل وا لنمط الديمقراطي في تناول المواضيع حتى يتم إخراج كل الهواء (الساخن) من الصدور، من الذي كرسته سياسات التطرف والغلو بشكليها الثنائي (علمانية) ما زالت تعيش على أمجاد (ما قبل السقوط) في نهايات ووداع القرن السابق و(إسلاموية) كرست في عالم اليوم أسوأ (صورة) للتطرف باسم الاسلام السياسي. ودونكم تجربة الإنقاذ الجارية (9891-1102) والجمهورية لى متى لا ندري والله أعلم؟!! (2) إعتدال الصحوة هو البديل لغلو العلمانية وتطرف الإسلاموية ٭ إن الوقوف في محطة العلمانية (التقليدية) من التي تطرد الدين من الحياة جملة وتفصيلاً وخاصة بعد سقوط (حائط برلين)، لم تعد تجدي فتيلا، هذا اذا لم تكن هى التماهي التقليدي لمشروع الاسلام السياسي، والذي ظل يعكس أسوأ صورة لأوجه الارهاب في عالم اليوم، تبقى العلمانية الماركسية ( الفاروقية) من التي ما زال يتمسك بها شيوعيو ( العقد الستين) في السودان- ماهى إلا تعبير لمشروع البون الشاسع ما بين الحيرة الفكرية والدعوة الى سد (الفراغ) ما بين حاجة الانسان المادية وحاجته للقيم الروحية، وهذا ما نشاهده اليوم من التفات لاعرق التجارب الفكرية من أصحاب الديانة المسيحية خاصة في اوربا بعد رحيل المعسكر الاشتراكي في اوربا الشرقية، ولك ان تقيس ماهو دور الكنيسة وفعاليتها الحزبية وهذا ما يعني أن العلمانية لم تعد تعني فصل الدين عن الدولة أو طرد (الدين من الحياة) ولا بإدعاء خطرفات من سبق لهم (إدعاء النبوة) ان الاسلام كمنهج حياة (ومشروع الصحوة) ماهو إلا نوع للسلفية الدينية (يا سبحن الله) (طيب أنصار السنة يكونوا شنو)؟!! ومن قال إن الإسلام والدعوة اليه بالاعتدال هو دعوة بإبعاد ومحاربة لاصحاب الديانات والمعتقدات الاخرى؟! فهذا ما يكذبه الواقع بدليل أن ما سمعناه من (المتنبي) لم نسمعه حتى من أستاذنا (نبيل اديب) والذي كان حضوراً أنيقاً وتمثيلاً للتسامح الديني في السودان!! وهذا ما يؤكد عليه مشروع الاعتدال الصحوي من الذي يجمع ما بين الاصل ومتطلبات العصر- يبقى مشروع الدعوة الى (الاستنارة) هى الواجهة المقبولة لمشروع الحداثة دونما طرد للدين من واقع الحياة وهنا يحق لنا فرز الدور الايجابي الذي يقوم به مركز الراحل الخاتم عدلان من نشر للاستنارة والوعي. اليسار الحقاني والوعد الحق في وجه اليسار الجزافة ٭ عرفتهم وعرفت فيهم (الاعتدال منذ عقد الثمانينيات من القرن الماضي حينما كان اليسار السوداني ( يهز ويرز) فوجدت فيهم النقاء الانساني وعلى رأسهم (وراق- علي العوض- طارق عوض واحمد ود الفكي وصلاح الزين) فهم بالحق والحقيقة حجة طابقة سمعتها أماني الوصول الى أداء شعيرة (الحج) وزيارة قبر الرسول عليه افضل الصلاة وأتم التسليم وبما ان الاسماء تورث الصفات فقد عرفت لماذا تميز اسم الحاج؟! وهذه الاسماء من الاعلام لم تكن (السياسة) إلا أحد مداخلها لعمار الحياة وسط أهلها ودعوة للحق (الصادق) الى خلاص الوطن مما فعل به معول (الكيزان) الحقود فشكراً على تقبل هذا التداعي الذاتي، ولكن من لا يشكر الناس لا يشكر الله، وانا سعيد أيما سعادة ان ادركت أن فكر الوسطية واطروحة السودان العريض عبر نموذج ادبياتها (معالم الفجر الجديد) قد اضحت برنامجاً عند الجميع يتمثل فيه الكل احترام نفسه بالرأى والرأى الآخر، ونستقرأ عبره كيفية توجه الرأى العام، وهذا ما يساعد على تشكيل ملامح الشخصية السودانية عبر هذا الكم الهائل من الاذلال والاحباط في كل المجالات السياسية والاجتماعية، فإن تحدث أهل الاقتصاد على لسان الخبير (كبج) فذاك هو النقد الموضوعي، والحلول البديلة لما سمى بسياسة الجباية ومرابي تحرير السوق ومدرسة عبد الرحيم حمدي (الاقصائية) للآخر باسم التحرير وما سمى (بالمثلث الجهوي) ودونكم ما تم من اعادة صياغة تخطيطية للشخصية السودانية تحت مسمى ما عرف بالاستراتيجية الربع قرنية، لذا فالسعادة أيضاً تغمرني بأن هناك من هم بالضرورة اجدر على قراءة الواقع بتشريح وفضح لاساليب الكيزان وعلى رأسهم الامام الصادق المهدي حامل لواء الامة الى النهضة التنموية والوصول الى مصافي الرقي عبر برنامجه برنامج السودان العريض حيث لا جائع فيه ولا مريض إنشاء الله. هامش: ٭ التحية لإمام الصحوة ورائد الأمة- والتحية له وهو يزرع الطمأنينة في النفوس في (جمعة الثقة بالنفس) 32/9/1102 بمسجد الإمام عبد الرحمن بودنوباوي. ٭ وحقا يا الامام أن قيادة وقواعد الامة (لا يبلعون حراساتهم) لماذا؟! لأن من يقدم على (بلع الحراسة) ماهو إلا فاقد العقل (المربط بالقيد)!! ٭ والى هنا والسلام الى من (راهنتم وأجمعتم وتمنيتم) أن يقع حزب الامة القومي في فخ (الانقاذ الاخير) وما يسمى بجمهوريتنا الجديدة ما بعد انفصال الجنوب ليحلو لكم الوقت وتخلو لكم (الساحة) ولتنالوا ما أملتم فيه وعولتم عليه، من مناصفة للحكم مع (الانقاذ) منذ عودتكم بعد اتفاقية القاهرة لكن لا يمكن لحراس مشاريع الحق أن يحيدوا قيد أنملة عن برنامج حزبهم (السودان للسودانيين لا مصر ولا بريطانيين)- وكل من يأمل ان يؤتي الوطن عبر (حزب الامة القومي) فليلامس حلمة أذنه بلسانه إن كان ذلك في استطاعته وما الصبح عنا ببعيد ولكن لكل أجل كتاب. ٭ برحيل العندليب الاسمر زيدان ابراهيم يكون السمع الاصيل قد طوى آخر مقدراته على التذوق، هذا اذا انتحينا جانباً للقول المأثور يقول- قد تعشق الاذن قبل العين أحياناً. رحم الله ( ابراهيم محمد زيدان) (ود بت ام الحسن) والتعازي الى كل الاحرار في السودان القديم من رهيد البردي وصلاً الى عباسية ام در في عاصمتنا الوطنية ومؤسسها الثائر الإمام محمد أحمد المهدي عليه السلام.