يبدو ان شهر مايو اصبح يمثل لاهالي ابيي شهرا للكوارث ففي مايو 2008 شهدت المنطقة احداثا دامية شردت الاهالي من المنطقة وتسببت في ازمة حادة بين الشريكين سحبت معها وقتها الحركة الشعبية برئاسة سلفاكير ميارديت جميع وزرائها من حكومة الوحدة الوطنية واحتدمت معها الازمة واسفرت عن اتفاق على خارطة الطريق الذي ظل متعثرا في بعض بنوده الي ان شهدت المنطقة احداثا اخرى في شهر مايو الماضي، وسيطرت معها القوات المسلحة على ابيي وظلت فيها حتى تاريخ اليوم . ودخل الطرفان الشمال والجنوب في مفاوضات بأديس ابابا اسفرت عن خارطة طريق اخرى معها اعيد تشكيل ادارية ابيي واعطيت المنطقة خصوصية ازدواجية الانتماء لدولتي الشمال والجنوب معا ووقع الطرفان في الثامن من سبتمر الماضي باديس على وثيقة اتفاق حددت الحادي عشر من ذات الشهر موعدا لبدء انسحاب القوات المسلحة من ابيي دون ان تضع اية شروط لذلك الانسحاب، على ان يكتمل الانسحاب النهائي من المنطقة بنهاية شهر سبتمر نفسه ووضعت الوثيقه التي وقع عليها من جانب الحكومة رئيس اللجنة الاشرافية المشتركة وقتها عمر سليمان ومن جانب دولة ال?نوب وزير مجلس الوزراء دينق الور ونصت الوثيقة على تواريخ محددة لعودة النازحين للمنطقة بعد انسحاب القوات المسلحة الي جانب تحديد مسارات الرعاة الا ان بنود الاتفاق الذي مضى عليه شهر لم ينفذ اي منها، حتى ان اللجنة الاشرافية المشتركه كان يفترض ان تعقد اول اجتماع لها في ابيي ولم ينعقد . لجنوب من جانبه بادر باتهام الحكومة السودانية بالتماطل حتى ان الاخير اعلن عن موقف رسمي رفض معه عقد اي اجتماع للجنة الاشرافية المشتركة مالم تنسحب القوات المسلحة من ابيي وفق الاتفاق الاخير، واصدر رئيس اللجنة الاشرافية من جانب الجنوب لوكا بيونق بيانا قال فيه إن الخرطوم ليست لديها نية للوفاء بالمهلة المتفق عليها لسحب القوات من منطقة أبيي،واتهمها بإعاقة عودة النازحين للمنطقة، وقال انه من الواضح ان حكومة السودان عاقدة العزم على مواصلة احتلالها لابيي وضمان عدم عودة السكان الحقيقيين لأبيي إليها، لكن وزارة الخارجية?نفت بشدة اتهامات بيونق وقال الناطق الرسمي باسمها العبيد مروح في تصريح لصحيفة «الرأي العام «، إن الجانب السوداني حريصٌ على استكمال التفاوض بشأن أبيي والوصول لحل مرضٍ للطرفين، وأضاف: ليس صحيحاً أن الحكومة لديها الرغبة في بقاء القوات المسلحة في أبيي، واوضح «، إن على بيونق أن يَتذكّر أن الموعد المحدد لانسحاب قوات الجيش الشعبي من جنوب كردفان العام 2008م، ولكنها بقيت فيها لثلاث سنوات بعد ذلك» ، واعتبر حديثه عن الانسحاب بالمزايدة. وحَثّ مروح بيونق على زيارة بعثة (يونميس) أولاً ومن ثم توجيه تصريحاته. ومن جانبها اك?ت القوات المسلحة التزامها بتنفيذ اتفاق الانسحاب من ابيي ولكن بشرط اكتمال انتشار القوات الاثيوبية، وقال الناطق الرسمي الصوارمي خالد سعد ل»الصحافة « ان القوات الاثيوبية التي وصلت ابيي حتى الان اقل من نصف العدد المتفق عليه لحماية ابيي، واضاف « لذا حتى لايحدث انفلات اداري فسنبقى في ابيي الي ان تكمل القوات الاثيوبية الانفتاح على الارض، لكن رئيس اللجنة الاشرافية من جانب الجنوب لوكا بيونق رفض مبرارات الحكومة واعتبرها مجرد مراوغة، واكد ان الاتفاقية الاخيرة حول ابيي لم تشر لا من قريب ولا من بعيد الى رهن انسحاب ال?وات المسلحة باكتمال انتشار القوات الاثيوبية، وذكر ان القوة الاثيوبية التي وصلت حتى الآن للمنطقة تقارب الاثنين الف واكد انها تفوق العدد الموجود في ابيي من القوات المسلحة والذي يقدر ب600 جندي واضاف « الواضح ان الجيش لايريد الانسحاب من ابيي ويستند على حجج تعكس الجهل « وتساءل ماذا يريدون ان يحموا والمنطقة خالية تماما من السكان؟ « واكد لوكا انه على المجتمع الدولي ومجلس الامن ان يتحركا بحسم ويتخذا موقفا حول انسحاب القوات المسلحة من ابيي واضاف «على اعضاء مجلس الامن الوقوف مع الاعضاء الذين تبنوا فرض عقوبات واضحة ?ابقا للتهور الذي تم بالمنطقة « وذكر بيونق ان هناك خيارات امام الجنوب واهالي منطقة ابيي تجاه تماطل وتعنت الحكومة السودانية في انفاذ اتفاق انسحاب القوات المسلحة واشار الي ان مواطني المنطقة لديهم الحق في العودة لمناطقهم تحت حماية جيش الجنوب والقوات الاثيوبية لتكون بذات حجم القوات المسلحة الموجودة واضاف «بالطبع سيكون لذلك انعكاساته « واعتبر لوكا الاصرار على ابقاء الجيش السوداني بالمنطقة سيعكس انعكاسات لداخل الجنوب وليس ابيي فقط واوضح «نحن لانريد ان يدفع المواطن البسيط من الجانبين الثمن جراء التشنج وعدم اللام?قولية،» واكد ان استمرار القوات المسلحة يعكر العلاقات بين البلدين المنفصلين. اما المحلل السياسي والاكاديمي برفسور الطيب زين يرى ان حجة الحكومة بربط انسحاب الجيش باكتمال انتشار القوات الاثيوبية حجة ضعيفة طالما ان الامن مستقر بالمنطقة واديس ملتزمة بنشر العدد المتفق عليه من القوات ولكنه رجع وقال ان الحكومة ربما تتخوف من اتخاذ ابيي كمعبر لتقديم مساعدات من الجنوب للاطراف المتحاربة بجنوب كردفان او منطقة تسلل من الشمال للجنوب او العكس ليمثل وجود الجيش بمثابة مراقبة، واوضح لكن هذا لايمنع من ان تبحث الحكومة عن وسائل مراقبة اخرى وتلتزم بإنفاذ اتفاق الانسحاب، واكد ان استمرار الوضع كما هو علي? خاصة بعد اكتمال انتشار القوات الاثيوبية سيخلق ازمة كبيرة لاسيما وان الجنوب سيعتبر ذلك نوعا من السيطرة والاحتلال وفرض الامر الواقع، وقال زين العابدين ان ابيي تعد من المناطق المتفجرة التي يمكن ان تقود الدولتين لحرب جديدة ستكون اسوأ من حرب التمرد التي اسفرت عن اتفاق نيفاشا باعتبار ان هناك اسلحة ثقيلة دخلت وطائرات وغيرها، الي جانب العلاقات الدولية وانها ستكون حربا بين دولتين واضاف «لذا ليس من مصلحة الطرفين ان يلعبا بولتيكا لان اللعب في ابيي خطر « واردف «ابيي كلها عشرة آلاف كيلو متر وذات المساحة تعطى لمستثمر ?ارعي فليس هناك مايستاهل كل هذه المشاكل لاسيما وان اية مشكلة فيها تسئ معها العلاقة بين الدولتين، ويتضرر معها الرعاة والكل واعتبر ان الحل الوحيد الموجود التزام الحكومة بتنفيذ ما اتفق عليه؛ لان اي نقض للاتفاقيات او اللجوء للتكتيكات الوقتية وقصيرة النظر سيقود لاشتباكات، واكد ان الطرفين يمكن ان يلجآ للمحاكم الدولية لحسم قضية من يحق له التصويت في استفتاء ابيي، باعتبارها المشكلة الاكبر التي تقف عائقا امام ايجاد حل نهائي للمنطقة . ويرى المراقبون ان استمرار مشكلة ابيي مع النظر لخصوصية ابناء ابيي في الخارج وبما لديهم من صوت مسموع لدى المجتمع الدولي لاسيما امريكا، يجد ان ابيي يمكن ان تكون سلاحا ذا حدين في وجه حكومة السودان، وان تجلب للاخيرة مزيدا من العقوبات لاسيما وان هناك تحركات محمومة بدأها ابناء المنطقة لحث مجلس الامن على عقد جلسة خاصة حول ابيي، والنظر في تماطل الحكومة في الانسحاب عن المنطقة وفقا للاتفاق، الى جانب اتخاذ عقوبات محددة ضد السودان .