ذكرت دراسة لصندوق النقد الدولي أنه ما لم تعالج الفجوة الناتجة عن فقدان السودان للعائدات النفطية التي سيمتد تأثيرها على مدى السنوات الخمس القادمة فإن ذلك سيؤدي إلى زعزعة بيئة الاقتصاد الكلي، وسيؤثر بشدة على الأحوال الاقتصادية في البلاد. وقدرت دراسة الصندوق التي نشرتها(إيلاف) الاقتصادية أمس، العجز المالي في الموازنة خلال الفترة من العام الحالي وحتى العام 2015 بنحو سبعة مليارات وثمانمائة مليون دولار. وعددت الدراسة التأثيرات السلبية الحادة التي سيعاني منها الاقتصاد السوداني جراء تلك الفجوة، بإنخفاض قدرة البلاد على الاستيراد، ونضوب احتياطات البلاد من النقد الأجنبي، وتراكم متأخرات الحكومة في سداد الديون، ونمو الأسواق الموازية للسلع والنقد الأجنبي، إضافة إلى تزايد الاعتماد المحتمل على الإفراط في التمويل بالإستدانة. وأشار التقرير إلى أن تضافر هذا التأثيرات مجتمعة سينتج عنها ارتفاع كبير في معدلات التضخم، وانخفاض في النشاط الاقتصادي. واقترحت الدراسة التي أعدها أحد خبراء صندوق النقد الدولي «إستراتيجية منضبطة» لمعالجة الفجوة المالية، تتضمن سياسة اقتصادية مختلطة ومترابطة تركز على ضبط وتعديل في الموازنة والميزان الخارجي، إضافة إلى إصلاح هيكلي، وضمان تدفقات خارجية. وحول الضبط المالي المطلوب دعت الدراسة إلى اتخاذ إجراءات لتعزيز الإيرادات عن طريق تحسين كفاءة الوكالات الحكومية الإيرادية، وتوسيع مظلة القاعدة الضريبية. ودعت إلى ضبط الصرف وفق أولويات، ووقف الصرف غير الضروري، وتطوير شبكة الضمان الاجتماعي لحماية الفقراء. وحول الإجراءات المطلوبة لضبط الميزان الخارجي نادت الدراسة بخفض الواردات، وزيادة الصادرات، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والحفاظ على الروابط التجارية مع جنوب السودان وتطويرها. واعتبرت الدراسة أن تحقيق الأهداف المرجوة لسد الفجوة تتطلب المزيد من المرونة في سعر صرف الجنيه مقابل العملات الصعبة، وتحسين مناخ الأعمال، وخلصت الدراسة إلى أن السودان سيعاني بصفة خاصة خلال العامين الأولين بعد التقسيم في قطاعي الموازنة وفي الميزان الخارجي، ولفتت إلى أن السودان مطالب بتنفيذ إجراءات اقتصادية حاسمة سد الفجوة التي سيواجهها، ولكنها أقرت بأن السودان لن يستطيع معالجة الخلل في أوضاعه الاقتصادية بدون مساعدة خارجية.