* قال الأستاذ على محمود وزير المالية والإقتصاد الوطني :- إنَّ الحديث عن إنهيار الإقتصاد .. كلام فاضي !!» لا فُضَّ فوه ونفعنا الله ببركته ورفعنا بعلمه وحسن تدبيره!! فقد أسدى لنا نُصحاً محضاً بأن نأكل الكسرة والعصيدة تمشِّي مع الظروف الإقتصادية الصعبة التي تمر بها بلادنا.. مع أن الكسرة أغلى بكثير من الرغيف قال الشاعر بيرم التونسي رائد الشعر الحلمنتيشي في رائعته «المجلس البلدي « قال :- قد أوقع القلب في الآلام والكمد هوى حبيب يُسمَّي المجلس البلدي إذا اشتريت الخبز فالنصف آكله والنصف أتركه للمجلس البلدي كأن أميَّ بلَّ الله تربتها أَوْصَت وقالت أخوُك المجلس البلدي يا بائع الفجل بالمليم واحدةً كم للعيال وكم للمجلس البلدي؟؟ وكان ذلك في الإسكندرية عقب إنتهاء الحرب العالمية الثانية وما خلَّفته من خرابٍ ودمارٍ وركودٍ إقتصادي.. تولَّى معالجته مشروع مارشال.. وما أشبه الليلة بالبارحة.. وقبل أن نهضم الكسرة والعصيدة التي إزدردناها بفرمان وزير المالية والإقتصاد الوطني.. وقبل أن نفهم «حالة الإنكار» التي دخل وأدخلنا فيها د. ربيع عبد العاطي المتحدث الرسمي باسم المؤتمر الوطني خلال مشاركته في برنامج «ما وراء الخبر» الذي شاركه فيه البروفسير الطيب زين العابدين أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم والمعارض الشرس للمؤتمرين الوطني والشعبي.. كم? هو معروف بأسبابه الموضوعية والمنطقية أو الشخصية والذاتية.. وقد بدت قناة الجزيرة ميَّالة «كالعهد بها» لتبني آراء البروف باتباع التكنيك الإعلامي المعروف في مثل هذه الحالة.. إذ بدأت بإتاحة الفرصة الأولى للبروف وختمت به اللقاء كذلك ليرسخ في ذهن المتلقي ما جاء في «القَفْلَة» والحقُ يُقال فقد تجلَّى البروف في ذلك اللقاء بإبداء الحياد الموضوعي ولم يتحامل على الحكومة عندما حمَّل المؤتمر الوطني والحركة الشعبية مسئولية تعطيل بعض بنود الإتفاقية» مثل المشورة الشعبية» مناصفة.. ولم يجنح إلى تحميل المؤتمر الوطني والحكوم? وزر الإبطاء وحدهما.. كما أنه عزا الضائقة الإقتصادية التي تمر بها البلاد إلى عدة أسباب داخلية وخارجية ومنها خروج 80% من عائدات النفط من ميزانبة الدولة بسبب الإنفصال و50% من العملة الصعبة من خزانة الدولة لمجابهة تداعيات الإنفصال.. والحرب المفروضة في جنوب كردفان والنيل الأزرق ولم ينس الأزمة الإقتصادية العالمية والتدخلات الأجنبية في الشأن السوداني وتجاوز عمداً إستفزازات د . ربيع عبد العاطي الذي حاول جرجرته إلى «الشكْلَة» عندما اتَّهمه بأنه ينطلق من أجندة شخصية.. وأتاحت له مقدمة البرنامج فرصة الرد على د. ربيع ?بعد الفاصل القصير» لكنه لم يُلقِ بالاً لحديث ربيع.. وإستأنف الحوار وكأن شيئاً لم يكن.. لكنه ردَّ على أفكار د. ربيع بأنه لا توجد حرب في النيل الأزرق مُستشهداً بمحادثة هاتفية له مع والي النيل الأزرق .. وقال هناك جيوب للتمرد وليست هناك حرب. فوافقه البروف رغم إعتراض المذيعة وقال فلنسمها «تمرد وليست حرباً « المهم إن هناك عمليات عسكرية لم تنتهِ خاصة وأن القائد الأعلى للقوات المسلحة المشير البشير كلَّف القوات المسلحة بحسم الصراع وجلب قادة التمرد للمحاكمة العادلة منذ أربعة أشهر وهذا ما لم يتحقق حتى الآن!! * وحالة الإنكار هذه التي تعتري بعض المسئولين هي التي حدت بدكتور ربيع أن يقول «بالفم المليان».. لا توجد أزمة إقتصادية في بلادنا!! وقد كان في إمكانه أن يقر بوجود الأزمة ويفند أسبابها ويَعِدْ بتجاوزها.. ولكن!! بينما كان رئيس الدبلوماسية السودانية يقول من نيويورك في معرض مطالبته بإعفاء ديون السودان الخارجية «لا يمكن للعالم أن يتفرّج على السودان حتى إقتصاده» يرد عليه الأستاذ وزير المالية والإقتصاد الوطني بالقول «الحديث عن إنهيار الإقتصاد كلام فاضي»!! فيسهم بهذا القول في هدم الحيثيات التي إستند عليها الأستاذ علي?كرتي لإعفاء ديون السودان وفك الإقتصاد الوطني من أسرها!!.. تقول دراسة لصندوق النقد الدولي :- «إنِّه ما لم تُعالج الفجوة الناتجة عن فقدان السودان للعائدات النفطية التي سيمتد تأثيرها على مدى السنوات الخمس القادمة فإنَّ ذلك سيؤدي إلى زعزعة بيئة الإقتصاد الكلي وسيؤثر بشدَّة على الأحوال الإقتصادية في البلاد وأن العجز المالي في الموازنة خلال الفترة من العام 2011م وحتى العام 2015م سيبلغ «نحو سبعة مليارات وثمانمائة مليون دولار» وسيؤدي بالتالي إلى إنخفاض القُدرة على الإستيراد.. ونضوب إحتياطات النقد الأجنبي.. وتراكم ?تأخرات الحكومة في سداد الديون الخارجية.. ونمو الأسواق الموازية للسلع والنقد الأجنبي.. والإفراط في التمويل بالإستدانة.. وإرتفاع معدلات التضخم.. وإنخفاض النشاط الإقتصادي «ولم يتركنا» خبراء صندوق النقد الدولي» هكذا بعد هذا التشخيص المخيف لكنهم إقترحوا الحلول في وصفة علاجية.. تقول «الروشتة» «معالجة الفجوة المالية تتطلب «إستراتيجية منضبطة» بإتباع سياسة إقتصادية مختلطة ومترابطة تركز على ضبط وتعديل في الموازنة العامة والميزان الخارجي والإصلاح الهيكلي .. وضمان تدفقات خارجية.. وإتخاذ إجراءات لتعزيز الإيرادات بتحسي? كفاءة الوكالات الحكومية الإيرادية وتوسيع مظلة القاعدة الضريبية «ووقف الصرف غير الضروري».. وتطوير شبكة الضمان الإجتماعي حمايةً للفقراء. وخفض الواردات.. وزيادة الصادرات.. وجذب المزيد من الإستثمارات».. والحفاظ على الروابط التجارية مع جنوب السودان وتطويرها».. والمزيد من المرونة في تحديد سعر صرف الجنيه السوداني مقابل العملات الصعبة.. وتحسين مناخ الأعمال. * وقد نتذكر هتافنا القديم «لن يحكمنا البنك الدولي».. وهذا يَجْمُل أن يقوله الهتيفة من قبائل اليسار التي إرتمت جميعها في أحضان الإمبريالية العالمية !!وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ذراعاها.. ولكن لا يجدر بوزير ماليتنا أن يتجاهل هذه الدراسة الموضوعية فالحكمة ضالة المؤمن.. هب أن هذا التشخيص وهذه الروشتة «كلام فاضي» فما هو الكلام المليان؟؟ وهذا ما ستجيب عليه التعديلات الوزارية المتوقعة. ووزير المالية والإقتصاد أدرى بماله وإقتصاده. * نوى رجل الحج فأودع «عنزاته الأربع» لجاره ولما رجع سأل عن أغنامه فقال له الرجل «والله غنمك ديل.. واحدة نطَّت.. والثانية إستنطت ..والثالثة مسكها أب نطيط.. والرابعة.. الرابعة.. الرابعة» فقال له صاحب الغنم «ما لها.. طارت؟» فعاجله بالقول «الله يفتح عليك.. آي طارت.. سيد المال أدرى بي ماله.. إنت عارفها بتطير» وهذا هو المفروض