واصل حزب المؤتمر الشعبي في حملاته الإنتخابية بالتركيز على توجيه إنتقادات لحزب المؤتمر الوطني وخصوصا الإسلاميين في الحزب، وعقد في هذا الإطار ندوة جماهيرية ليلة اول أمس ب»ميدان المدارس» في حي «عد حسين» جنوبالخرطوم لمرشحي الدائرة 34 قومية والدائرتين (44- 46) الولائية. وجاءت الانتقادات هذه المرة للشعارات الإسلامية التي يرفعها الحزب وخلفيات قياداته السياسية وكيف جاءوا الى السلطة بعد انقلاب عام 1989م، وطرحت العديد من الأسئلة على شاكلة «من هم هؤلاء؟» التي ترد بشكل غير مباشر على السؤال القديم «من أين أتى هؤلاء» الذي طرحه الروائي الراحل الطيب صالح بعد وصول الرئيس عمر البشير وعدد من ضباط الجيش الى سدة الحكم في البلاد. وخاطب الندوة الأمين العام للحزب الدكتور حسن عبد الله الترابي، منتقدا بشدة الشعارات الاسلامية التي يطرحها قادة حزب المؤتمر الوطني، وقال انهم يزعمون أنهم انبياء والفساد ينخر عظامهم، ووصف هؤلاء بأنهم طغاة وجبارون وفراعنة مستبدون، داعيا الناخبين الى عدم «الاستكانة» للأوضاع الحالية والثورة عليها عبر صناديق الاقتراع. وقرأ الترابي عدداً من الآيات القرآنية التي تتحدث عن مصير الذين ظلموا الناس، وآيات التعدي على اموال اليتامى والمساكين، وقال إن الفساد في البلاد استشرى وصار الكشف عنه لا يحتاج لموظف المراجع العام، داعيا الى الطهارة والاستغفار عن الذنوب التي ارتكبها قادة الحكم في البلاد الذين وصف بعضهم بخونة المواثيق والدستور والعهود المبرمة مع الجنوب والشرق والغرب، وتساءل من هم هؤلاء؟ وأجاب هم الذين فتنتهم السلطة والمال وافترقوا عن حركة الاسلام واستبدوا على الناس و»فضحونا» في العالم. ورأى أن حزب المؤتمر الوطني ومعظم قادة البلاد الإسلامية يقدمون أنموذجا مشوها للإسلام، وقال إنهم يزعمون العمل بالقرآن الكريم لكنهم لا يعملون به، وإنما يستخدمونه مجرد شعارات، وأضاف: لن نلغي القرآن الكريم من أجل إرادة العسكر، وزاد: العسكر خطر على الدين. وتحدث الترابي ضمنيا عن الرئيس عمر البشير، وقال إنه لم يكُ الشخص الذي سيقود الحكم بعد انقلاب 1989م، وقال إن البشير كذلك لم يكُ يعلم بكافة تفاصيل وخطط الانقلاب وإنما جيئ به بعد إعتذار الشخص المكلف بالعملية، وأردف: لن يستطيع أن يقوم بإنقلاب مرة أخرى لأن الإنقلاب الأول لم يقم به هو. وفي سياق مختلف، حذر الأمين العام للمؤتمر الشعبي من إنفصال الجنوب في ظل حالة التوتر وسوء الثقة بين الشمال والجنوب بسبب سياسات حزب المؤتمر الوطني، ودعا الى إجراء حق تقرير المصير دون خصومات أو فتن. وانتقد إجراءات تسجيل الاحزاب السياسية وأذونات اصدار الصحف، وقال إنه لم يجد لها سندا شرعيا، كما وجه هجوما على حملات الاعتقال التي تقوم به الاجهزة الامنية، وسياسات البلاد الاقتصادية التي قال إنها جعلت البنوك والمصارف للأغنياء. وتحدث خلال الندوة مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية، عبد الله دينق نيال، مؤكدا أن برنامجه الانتخابي يقوم على علاقات تعاون مشتركة مع دول الجوار والاقليم والعالم الإسلامي والامم المتحدة، مؤكدا على تطبيق الحكم الراشد بتحقيق اللامركزية، وعدم التدخل في شئون الولايات وحصر مهام رئاسة الجمهورية في القضايا الإتحادية على شاكلة الدفاع والعلاقات الخارجية ودعم المشاريع العابرة للولايات وعدم التدخل في حرية التجارة والاقتصاد مع العمل على حماية الضعفاء والمحتاجين بآليات الزكاة ومشروعات التمويل للانتاج. وتعهد برد المظالم ومحاسبة منتهكي القانون، وتحقيق المطالب الموضوعية لأهل دارفور ومتضرري السدود ومناطق البترول ومتقاعدي البنوك ومتضرري احداث الزاويا وحرب العراق. من ناحيته، اعتبر مرشح الحزب لمنصب والي الخرطوم المهندس آدم الطاهر حمدون، العاصمة، بانها صارت ملاذا للهاربين من ويلات الحرب والجفاف والتصحر، وقال إن عدد سكان الخرطوم إزداد بنسبة 160% خلال العشرين سنة الماضية بسبب سياسات النظام الاقتصادية التي دمرت المشروعات الزراعية والصناعية في اقاليم البلاد المختلفة مما أفرز آلاف العطالة والمشردين وشاغلي المهن الهامشية، وحذر من «ثورة الجياع» التي رأى أنها ستهدم كل البنايات الشاهقة ومظاهر الفساد. وتعهد حمدون بدراسة مشكلات الولاية ووضع الخطط والحلول المناسبة، وأكد اهتمامه بسكان الاحياء الطرفية وساكني المناطق التي لم يتم تخطيطها، وقال انه في حال فاز بالمنصب سيعيد تخطيط هذه المناطق خاصة» جنوبالخرطوم، مايو، غبوش، سوبا»، وتعهد بتقديم سلفيات للمواطنين لبناء مساكن صالحة، ونادى بإزالة المصب الرئيس لمياه الصرف الصحي في حي الأزهري، وقال إنه يعرض سكان المنطقة الى هواء غير نقي وضار بالصحة. وذكر ان اولويات برنامجه الانتخابي هو العدالة بإعتبارها قيمة من قيم الدين، اضافة الى الحكم الرشيد والشورى والديموقراطية، وترقية المجتمع بتقديم التعليم المجاني واجلاس واسكان الطلاب وتقديم العلاج المجاني للمواطنين. كما انتقد حمدون تعامل الحكومة مع الازمة بدارفور، وقال إن الحكومة لديها القدرة على حل الازمة ولكنها ليست راغبة في الحل، داعيا قيادات المؤتمر الوطني للتنازل عن السلطة لآخرين يستطيعون حل الأزمة، وقال : يجب أن يذهب أصحاب الأجندة العسكرية. وكان مرشح الدائرة « 34» قومية العميد متقاعد محمد الأمين خليفة، قد ابتدر الندوة داعيا الى التغيير بإرادة الناخبين، من اجل اعادة البلاد الى سيرتها الأولى ومعالجة أعراض الأمراض التي تسبب فيها النظام الحالي.