ربما طغى الجانب الإنسانى والمشاعر المتباينة على السياسى والواقعى فى اللحظات التى وطأت فيها قدما رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت مطار الخرطوم ظهيرة يوم امس، وهو يعود الى الخرطوم بعد غيابه عنها لاشهر عديدة كرئيس لدولة اجنبية بعد ان كان يتقلد منصب الرجل الثانى فيها. فعند طلته من باب طائرة الخطوط الجوية الكينية لفحته ذات درجات الحرارة العالية التى اعتاد عليها، وطوف بعينيه فى ارجاء المطار الذى سافر منه لمرات عديدة. ولكن الغريب هو ان سلفاكير الذى كان يستقبل بواسطة نائب رئيس الجمهورية وقتها على عثمان مح?د طه عندما يعود من احدى زياراته الخارجية طبقا للبروتوكولات ، فانه وجد رئيس الجمهورية عمر البشير فى استقباله بعد ان صار سلفا رئيسا لدولة اجنبية. بل ان فرقة موسيقى الشرف التابعة للحرس الجمهورى عزفت السلام الجمهورى لدولة جنوب السودان لأول مرة فى تأريخها. كالعادة كان سلفا يعتمر قبعته الامريكية الشهيرة مع بدلة سوداء كاملة، فيما فضل البشير ان يرتدى جلابية ناصعة البياض مع عمامة بشال مطرز بخيوط فضية وحذاء مصنوع من جلد النمر. كان استقبال البشير لسلفا بشوشا وبترحاب شديد لايعبر عن حالة العداء التى تميز البلدين فى الوقت الراهن. واصطحب البشير معه وزراء ومسئولين ذوى مستوى رفيع ، فهنالك الوزير برئاسة الجمهورية الفريق بكرى حسن صالح ، ومدير جهاز الامن والمخابرات الوطنى الفريق محمد عطا ووزير المالية الاتحادى على محمود ووزير الدولة بالشئون الانسانية مطرف صديق ، والوزير ?مجلس الوزراء احمد كرمنو ، وغيرهم من المسئولين ، فيما اصطحب سلفا معه عدداً كبيراً من الوزراء الذين انضموا لوفد المقدمة من الوزراء الذين وصلوا امس بقيادة وزير مجلس الوزراء دينق ألور ووزير الخارجية نيال دينق ، ووزير الامن القومى وياى دينق ووزير التجارة والاستثمار قرنق دينق ، ووزير البترول ستيفن ديو ووزير التعليم العالى ضيو اطوك. الطريف انه وطبقا للبروتوكول المتعارف عليه ان تقوم ادارة المراسم بالدولة المستضيفة بالتعريف بوزرائها ومسئوليها برئيس الدولة الضيفة ، والعكس صحيح ، فقام مدير المراسم بتعريف وتقديم الوزراء والمسئولين لسلفاكير الذى كان يضحك ويتبادل الضحكات والقفشات مع الوزراء الذين يعرفهم جيدا داخل مقر مجلس الوزراء، وكذا الامر حدث مع الرئيس البشير عندما بدأ مدير المراسم بدولة جنوب السودان بتعريفه وتقديمه للوزراء الجنوبيين الذين يعرفهم جيدا ، بل ان بعضهم كان يمثل له خميرة عكننة داخل اجتماعات مجلس الوزراء مثل دينق ألور عندما كا? وزيرا لمجلس الوزراء و للخارجية قبيل الانفصال. بعد اكتمال عملية الاستقبال ببروتوكولاتها توجه الرئيسان بصحبة الوزراء والمسئولين الى داخل صالة كبار الزوار ، ومكثوا لنحو 20 دقيقة ثم خرج الرئيسان من القاعة ، وودع البشير سلفا قائلا له «نتلاقى بعدين فى قاعة الصداقة «. وركب سلفا سيارة رئاسية ثم توجه نحو فندق برج الفاتح الذى حجزت فيه الحكومة لحكومة دولة الجنوب جناحا كاملا لاقامة الوفد الحكومى الجنوبي، تتبعه نحو 9 سيارات رئاسية. وبدا سلفا مبسوطا وهو يأتى الخرطوم كرئيس لدولة اجنبية ، وهو يجد كل هذه الحفاوة بحسب مصدر مرافق للرئيس سلفا الذى كشف عن ان رئيس دولة ?لجنوب فوجئ بهذه الحفاوة التى قوبل بها من قبل رئيس الجمهورية. وقال المصدر الذى طلب منى الا اذكر اسمه صراحة بسبب حساسية منصبه الذى يتقلده « الرئيس سلفا قال لنا انه مبسوط فى الخرطوم بعد ان غاب عنها لفترة طويلة .. كما انه يكن حنينا خاصا لشارع النيل حيث مر عديد المرات بهذا الطريق ويقول انه يجد راحة نفسية عندما يكون فى هذا الطريق». وجرت العادة ان يقطن سلفاكير قبيل الانفصال فى منزله بالخرطوم بالقرب من مقر مبنى جهاز الأمن ، ويستقبل ضيوفه هنالك ، ولكنه فى هذه المرة تغيرت الاوضاع وصار رئيسا لدولة اجنبية يساير البر?توكلات ويحل في أماكن إقامة الرؤساء الأجانب.