القمة العربية تصدر بيانها الختامي.. والأمم المتحدة ترد سريعا "السودان"    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    كواسي أبياه يراهن على الشباب ويكسب الجولة..الجهاز الفني يجهز الدوليين لمباراة الأحد    ناقشا تأهيل الملاعب وبرامج التطوير والمساعدات الإنسانية ودعم المنتخبات…وفد السودان ببانكوك برئاسة جعفر يلتقي رئيس المؤسسة الدولية    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    إدارة مرور ولاية نهر النيل تنظم حركة سير المركبات بمحلية عطبرة    اللاعبين الأعلى دخلًا بالعالم.. من جاء في القائمة؟    جبريل : مرحباً بأموال الإستثمار الاجنبي في قطاع الصناعة بالسودان    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    شاهد بالفيديو.. الرجل السودني الذي ظهر في مقطع مع الراقصة آية أفرو وهو يتغزل فيها يشكو من سخرية الجمهور : (ما تعرضت له من هجوم لم يتعرض له أهل بغداد في زمن التتار)    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان أحمد محمد عوض يتغزل في الحسناء المصرية العاشقة للفن السوداني (زولتنا وحبيبتنا وبنحبها جداً) وساخرون: (انبراش قدام النور والجمهور)    الخارجية تنفي تصريحا بعدم منحها تأشيرة للمبعوث    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    رسميا.. كأس العرب في قطر    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعادة الفريق في ملعب الويكي ليكس
نشر في الصحافة يوم 13 - 10 - 2011

موقع الويكيليكس الالكتروني الشايع الصيت منذ فترة والذي شغل العالم وعبث بالعلاقات الدولية بما قام به من تسريبات لمعلومات ذات طبيعة استخبارية حاسة، وصوب سهامه في الفترة الأخيرة على تسريب معلومات عن السودان، ادعى أنه استقاها من أجهزة استخباراتية تعمل بالسفارة الأمريكية في الخرطوم من زمن القائم بالأعمال الامريكي البرتو فرنانديز. تناولت أغلب الصحف السودانية أخبار هذه التسريبات، وكانت الصحافة اليومية قد تلقت جلها. وكان أهمها على الاطلاق ما جاء من هذه التسريبات على لسان الفريق أول صلاح «قوش» الذي بحكم منصبه رئيسا? لجهاز الأمن والمخابرات الوطني قد التقى بكبار المسؤولين في الحزب الجمهوري وقيادات جهاز الC.I.A بحكم ادارته للتعاون الفني المتعلق بتبادل المعلومات الخاصة بالارهاب، ونسب إليه الويكيليكس أنه تعاون مع الC.I.A لفترة امتدت إلى تسع سنوات، ولم يثمر هذا التعاون حتى عن رفع اسم السودان من كشف الدول الداعمة للإرهاب، بالإضافة إلى أنهم أي الجهاز السوداني قدم لهم خدمات كان لها الفضل في إنقاذ حياة الكثير من الامريكان في الإقليم وفي منطقة الشرق الأوسط عبر هذا التعاون للدرجة التي اتهم فيها الفريق صلاح بالعمالة لامريكا وب?لكفر من قبل بعض الإسلاميين في المؤتمر الوطني، وان التركيز من جانب على تسريبات الويكيليكس التي جاءت تعنى بأمر الفريق صلاح، يتعين ألا تصرفنا عن التعرض إلى ما جاء من تسريبات أخرى عن الحكومة وجهاز الأمن والمخابرات الوطني، وعن الدكتور مصطفى عثمان والدكتور منصور خالد وغازي صلاح الدين ود. كرامة موسى وعن موسى هلال وأسامة داؤود الذين نحسبهم جميعاً من الشخصيات الوطنية التي يُشار إليها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً في بلادنا. واننا نعتقد أن تعرض الويكيليكس لهذه الشخصيات التي يُثار حول بعضها جدل ملحوظ في محيطها المهني?والاجتماعي عبر هذه الآلية الاستخبارية، وفي هذا الوقت بالذات، لم يكن بالتأكيد جاء عبثاً، وانما أتى في هذا الزمان بالذات لشيء في نفس يعقوب المخابراتي. ونحن من جانبنا في هذا الطرح نحاول بقدر الإمكان تفكيك مفردات طلاسم هذا الذي في نفس يعقوب الذي أطل على المسرح السياسي الدولي من خلال آلية مستحدثة من الجيل الجديد لأجهزة المخابرات الخارجية الهجومية تحت مسمى جذاب سيمفوني الوقع خطير الموقع يدعى الويكيليكس.
وقبل أن نبحر في التفاصيل المتعلقة بهذا الموقع الخطير في ما يبدو للآخرين، يتعين علينا أن نوضح للقارئ الكريم الكثير من الحقائق المتعلقة بهذا الموقع وهي:
1 ما هي حقيقة هذاالموقع؟
2 أهداف هذا الموقع؟
3 أهمية الوقت في تسريب المعلومات.
4 الغطاء أو الساتر الذي استخدم لإخفاء طبيعة الصلة بين الموقع والC.I.A
5 من هو البرتو فرنانديز القائم بالأعمال الامريكي في السودان؟
6 نظرة الكثير من النخب السودانية «للخواجات» الأجانب.
1/ الويكيليكس.. حقيقة هذا الموقع!!
ان المتابع للتطور المذهل في تقنيات الاتصالات والمواصلات والفضائيات واجهزة الاعلام بأنواعها المختلفة بالاضافة لعلوم الفضاء، من المؤكد أنه يجد أن هذا التطور لم يكن على مسافة بعيدة عن أذهان المعنيين بتطوير وتحديث أجهزة الأمن والمخابرات، وادراكهم لأهمية التطوير لمواكبة العصر، خاصة أن كل هذه الاجهزة بما فيها أجهزة الأمن تعمل في مجال المعلومات، ولكل أسلوبه ولكل آلياته ولكل رجالاته، فأضحى من الضرورة بمكان أن تنال أجهزة الأمن والمخابرات حظها من هذا التطور التقني خاصة في مجالات المخابرات الخارجية الهجومية التي تعمل?في مجالات التجسس والحرب النفسية وبث الشائعات والقدح والتشهير بالقيادات وكبار الشخصيات، وإثارة الفتن الداخلية وإحداث الوقيعة والبلبلة بين مكونات المجتمع، واحداث الاضطرابات الداخلية القبلية والطائفية، خاصة في دول العالم الثالث المأزوم والمنكوب أصلاً بالنزاعات والصراعات وتهتك النسيج الاجتماعي، وكل هذه المهام الخطيرة للمخابرات الخارجية كانت تُدار بآليات وأساليب ومفاهيم قديمة لم تعد صالحة ولم تف بأغراض متطلبات أجهزة والمخابرات الحديثة.
إذن أضحت الحاجة ماسة لدى المعنيين بتطوير آليات ومفاهيم أجهزة الأمن والمخابرات في هذا العصر، الى التفكير في بناء أجهزة حديثة متطورة تواكب متطلبات العصر، وإلى اعداد جيل جديد من رجالات الأمن والمخابرات بمفاهيم وأساليب جديدة، فكان موقع الويكيليكس، وكان البرتو فرنانديز وعشرات أمثاله منتشرون في سفارات الولايات المتحدة وبعض المنظمات الدولية المنتشرة بالخارج، وكانت بعض الصحف وكانت بعض الفضائيات وكانت بعض وكالات الأنباء، ومهما دارت حول هذه الأجهزة والمواقع شكوك ومحاولات عبر سواتر وواجهات مختلفة من أجل ابعادها عن م?مى الحقائق والمرجعية، فإننا نقول بالصوت العالي المسموع إن موقع الويكيليكس صناعة امريكية من الجيل الجديد لأجهزة المخابرات الخارجية الهجومية 100%، وان البرتو فرنانديز القائم بالأعمال بالسفارة الامريكية بالخرطوم الذي قام بتغذية الموقع بالمعلومات المفبركة، توجد عشرات أمثاله في السفارات المختلفة في الشرق الأوسط وافريقيا، مهمتهم الاساسية بعد جمع المعلومات من المصادر في البلدان التي يعملون بها القيام بفبركتها وفق «رسبي» معين وبالطريقة التي تجعل المنتج النهائي لهذه (الفبركة) أو لهذه «الرسبي» يفي بأغراض المخابرات ا?خارجية الهجومية، وأهمها على الاطلاق التشهير وخلق البلبلة والوقيعة بين مكونات المجتمع وإثارة الفتن والنعرات القبلية والطائفية، وان المنفذ الوحيد للبث هو موقع الويكيليكس، على شرط ان يكون البث في الوقت المناسب هو أهم مبدأ من الأمن، بمعنى أن المبدأ يقول: توظف المعلومات ذات المصداقية في الوقت المناسب، وان هذا الشرط من الأهمية بمكان في علوم الأمن والمخابرات الوقت المناسب ثم الوقت المناسب بمعنى أدق اذا لم تصل المعلومات الصادقة إلى المسؤول المناسب في الدولة في الوقت المناسب لكي يقوم على الفور بتوظيفها، فإ?ها ستفقد فاعليتها تماماً. وتأكيداً على ما نقول أن كل التسريبات التي صوبها موقع الويكيليكس في اتجاه السودان جاءت في الوقت المناسب، الأمر الذي سنوضحه في هذا الطرح فيما بعد.
المعلومة وأهمية تأمين أسرار الدولة:
في علوم الأمن والمخابرات في العالم تعتبر المعلومة أخطر سلاح في العالم، ولا تقل خطورة عن السلاح الذري في الوقت الحاضر.
ان الدولة التي لا تستطيع حماية أسرارها عبر الاجراءات والتدابير الوقائية مهما كانت طبيعة هذه المعلومات وهذه الأسرار، هذه الدولة غير جديرة بالاحترام، ويصير حالها كحال الدولة التي لا تستطيع أن توفر الأمن والاستقرار لشعبها، وان أي جهاز للأمن الوقائي في أية دولة ناهيك عن الحديث عن الولايات المتحدة الامريكية أقوى دولة في العالم اليوم، لا يستطيع بأن يتخذ من الاجراءات والتدابير الوقائية ما يحول دون وصول الجواسيس والعملاء الأجانب وغير الأجانب إلى العبث بأسرار الدولة، فإنه بكل تأكيد جهاز فاشل فاقد لأهمية مقومات استم?اره في تحمل مسؤولياته الأمنية في أي بلد، مهما كانت درجة قوة هذه الدولة وضعفها في خريطة العالم.
وفي الأعراف والتقاليد والمفاهيم المتعارف عليها بين العاملين في هذا الحقل المهم، ان أكبر اساءة أو اهانة يمكن أن توجه لجهاز دولة ما من قبل دولة معادية، هي اختراق هذه الدولة المعادية لأجهزة الدولة المشار إليها ومؤسساتها الحيوية، عبر الجواسيس المنتشرين داخل السفارات أو عبر المنظمات أو الشركات أو عبر اللاجئين بمختلف فئاتهم وجنسياتهم.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل يعقل أن يصدق شخص عاقل من ذوي الدراية والادراك الأمني أو السياسي، أن موقع بحجم الويكيليكس الذي ينطلق من لندن يستطيع وله القدرة العلمية والتقنية أن يقوم باصطياد كل البرقيات المشفرة الكترونياً والمتابعة الكترونياً في المنبع إلى المصب. أي من سفارة الولايات المتحدة بالخرطوم إلى وزارة الخارجية الامريكية من واشنطون ويقوم بتسريبها؟ ونحن نعلم تماماً إذا مرت عربة مهما كان نوعها وحجمها في شارع الخرطوم مدني عابرة بمباني السفارة الامريكية بضاحية سوبا جنوب الخرطوم، هذه العربة وبكل من في دا?لها من أشخاص ومعدات وموبايلات تكون تحت سمع وبصر كاميرات المراقبة الخارجية للسفارة، وكيف سيكون عليه حال البرقيات المشفرة الكترونياً الصادرة بهذه الصورة العشوائية التي تمكن موقع الويكيليكس وخبرته من اصطيادها في الهواء وهي عابرة للقارات الثلاث؟ ولا نقصد أن أسرار دولة كولايات المتحدة مع دول كثيرة تعرض لها موقع الويكيليكس بهذا القدر من الهوان والاباحية، إلا اذا كان وراء الأمر سر!!
ودعنا نختم هذه الفقرة بما يفيد الناس والوطن في السودان بأن نقول لموقع الويكيليكس ونقول لقيادات C.I.A في الأمن الخارجي، نحن أهل السودان «نفسنا نصدقكم»!! ونقول لسعادة العقيد الدبلوماسي ذي الاصول اليهودية الشرقية وهو لزج الملمس مطاط الكلام رطب الدم البرتو فرنانديز «العب غيرها». ونحن في السودان لدينا عقول بوزن الماس نفكر بها، ولنا ذكاء بوزن التبر، ولنا ماض تعامل معكم في كل المجالات، ولكم ماضٍ تعامل معنا في كل المجالات، خاصة في مجال التعاون الأمني، وتعرفون درجة ذكاء أجهزتنا الأمنية، وتعرفون مقدرات و?فاءات ضباطنا المهنية ومدى اخلاصهم لوطنهم. وبالرغم من كل هذه المعرفة لديكم في لحظات غياب الوعي عملتم عبر «موطن الخيانة» بطريقة غير مباشرة على حل جهاز أمن الدولة من أجل الغاء وتغييب ذاكرة الشعب السوداني وحرمانه من المتابعة لتطورات الأحداث التي بدأت، وعبر هذا الغياب الأمني تمكنتم من تمرير مخططاتكم وتآمركم على السودان بالصورة التي نشاهدها اليوم.
النخب السودانية والثرثرة مع الدبلوماسيين:
أصبح من المعروف لدى قطاعات كثيرة في المجتمع السوداني، أن هنالك بعض النخب أو ما يُعرف باصداء السفارات.. نجدهم يشكلون حضوراً في كل دعوات ومناسبات السفارات والمنظمات، ونجد بعضاً من هؤلاء النخب في الحفلات كالأرانب المصابة في جهازها يتحركون بلا توقف من دبلوماسي إلى دبلوماسي ومن دبلوماسية إلى دبلوماسية، وهاك يا ثرثرة في الحديث وبدون ضوابط ولا روابط، ومع ما يتناولون من شراب لا يفرقون بين الذي يقال والذي لا يقال، ويحسبون تماماً بأن هؤلاء الدبلوماسيين أغلبهم من رجالات المخابرات الخارجية في بلادهم، ويعملون في السفار?ت تحت الغطاء الدبلوماسي من أجل الاستفادة بالحصانات الممنوحة لهم وفق اتفاقية ڤينا. والذي يهمنا في هذا الطرح وهذه الاشارات الأمنية، هم كبار المسؤولين في الدولة الذين يوجدون في هذه المجالس والمناسبات بحكم مواقعهم في الدولة، وان الذي جاء في تسريبات في موقع الويكيليكس عن الشخصيات السودانية نقلاً عن برقيات صادرة من السفارة الامريكية بالخرطوم، بعد أن قام البرتو بفبركتها ونسبها لهذه الشخصيات التي من المؤكد قد التقى بها في هذه المناسبات، وان هذه اللقاءات في اعتقادنا هي الحقيقة الوحيدة في هذه التسريبات، وان تقنية ال?علومات كانت عبارة عن اضافات مفبركة من قبل البرتو المتخصص في صناعة الفبركة الممزوجة بقدر من الخبث الاستخباري، لكي تأتى أكلها في التشهير والوقيعة والفتنة، وهي المهام الرئيسية لجهاز المخابرات الخارجية الهجومية العاملة في السفارات بالخارج.
التسريبات وأهمية الوقت المناسب:
ان المراقب لأحوال السودان بعد أن ضرب عبر اتفاقية نيفاشا للسلام بزلزال أصاب السودان في مقتل بانفصال الجنوب، والكل يعلم ان للزلازل توابع ربما تكون أخطر بكثير من الزلزال الرئيسي وفق معايير السيد «رختر» المرجعية العلمية لقياس درجات تأثير الزلازل في العالم، يجد أنه بالفعل كان لزلزال الجنوب توابعه، فبخلاف خسارة الإقليم كانت أبيي، وكان جنوب كردفان، وكان جنوب النيل الأزرق، وكانت دارفور، وكانت عائدات البترول، وكانت التفلتات الامنية في الجنوب، وكانت القوات الاثيوبية في أبيي، وبالاضافة إلى خروج كل هذه المناطق في دائر? الانتاج، إلى جانب فقدان عائدات البترول وارتفاع أعباء الدين الخارجي، فإن الاعباء الامنية أضحت في هذا المناطق تشكل استنزافاً حقيقياً لموارد الدولة الشحيحة. وباختصار شديد ان الاوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية الماثلة اليوم في حالة سيولة لا تبشر بالخير، فقد ادخلت السودان في عزلة من الجيران، وانشغلت دول كثيرة بأوضاعها الداخلية بالرغم من الوعود، ورفع المجتمع الاوروبي يده عن مساعدة السودان اقتصادياً، ورفع الشارع السوداني الرايات الحمراء للنظام بسبب تردي الاحوال المعيشية وتدني الخدمات، ونحن نقول ان التفلتات ال?منية مقدور عليها بتحريك الأجهزة الأمنية. ولكن التفلتات الاقتصادية التي تؤدي إلى خروج الشعب للشارع ركعت نظماً حاكمة أقوى منا بكثير، وهنالك نظم في الاقليم في طريقها للتركيع، وان العاقل من اتعظ بما حدث لغيره.
إن الحلول الإجرائية والادارية للاقتصاد المطروحة من قبل كبار موظفي الخدمة المدنية في وزارة المالية والاقتصاد، غير كافية وغير مجدية وغير فعالة، لأن الحالة الاقتصادية نتيجة لممارسات عشوائية غير مدركة أن الاقتصاد هو المحرك الفاعل للمتغيرات السياسية في العالم، وفي ما يبدو لنا ان الخلل وعدم التوازن والاتزان في الصرف ادخل الاقتصاد السوداني إلى غرفة الانعاش، ولن يخرج منها متعافياً إلا على أيدي رجال لديهم الجرأة في اتخاذ القرارات السياسية الصائبة، ورجال لهم العلم والابداع الاقتصادي، لأن السودان يعد من أغنى الدول في?الموارد الغذائية والموارد الاستراتيجية، وهذه الموارد المعطلة تحت باطن الآن هي التي تسببت في الاطماع الخارجية، وتسببت في الشقاء الأمني الذي تعيشه البلاد إذن ما هي الحلول؟
1 في الجانب السياسي ان الديمقراطية هي الحل ومهما قيل ويقال عن عيوب الديمقراطية التي يمكن اصلاحها بمزيد من الممارسة، فإنها بالتأكيد هي أفضل من الشمولية بالنسبة للشعب السوداني بظروفه الحالية. وان الشعب السوداني عرف بعشقه للحرية ويكره الاستبداد. وله تجارب مع الحكم التركي والبريطاني والأنظمة الشمولية التي حكمت البلاد بعد الاستقلال.
أما عن الجانب الاقتصادي، فإن الشراكة الاقتصادية الدولية هي الحل والمخرج الوحيد، لأن الأوضاع الداخلية الاقتصادية والسياسية تجعل من المستحيل علينا أن ننهض بثرواتنا التي تحت الأرض، وليست لدينا رؤوس الأموال ولا الخبرات. إذن الحل في الانفتاح السياسي والانفتاح الاقتصادي على العالم، إذ لا تستقيم الأحوال الاقتصادية في أي بلد في ظل نظام شمولي منغلق سياسياً. وقد حاول غورباتشوف أن يتحول في الاقتصاد من النظام الاشتراكي إلى النظام الرأسمالي «اقتصاديات السوق»، ولكنه أخطأ عندما أراد أن يحرك هذاالتحول بآليات اشتراكية وبع?ليات اشتراكية، فاختل توازن الاقتصاد السوفيتي، الأمر الذي اضاع الاتحاد السوفيتي واضاع مستقبل غورباتشوف السياسي.
وفي ظل حالة الجفاف السياسي والتردي الاقتصادي والتدهور الأمني في بعض المناطق الطرفية المهمة والحساسة، وفي ظل العزلة السياسية المضروبة على البلاد في الخيرات وغير الخيرات، وفي ظل تعثر ولادة التغير الوزاري المرتقب الذي نأمل أن يأتي بالكفاءات الوطنية بعيداً عن التوازنات الطائفية والقبلية، وبعيداً عن الانحياز لفئة على حساب الفئات الأخرى، في ظل هذه الظروف التي تعلمها امريكا تماماً عبر أعوانها، جاءت تسريبات الويكيليكس، والقائمون على أمرها يعلمون أن السودان يمر بلحظات يتشكل فيها من جديد. وجاءت هذه التسريبات لكي تسه? عمليات التصنيف والفرز المؤثرة على حركة وطبيعة هذا المخلوق الجديد في السودان، خاصة أن أغلب الشخصيات التي تعرضت لها هذه التسريبات في الويكيليكس مثيرة للجدل، بدءاً بمصطفى عثمان ومروراً بموسى هلال والفريق صلاح قوش وانتهاءً بالدكتور منصور خالد.
الفريق أول صلاح قوش في ملعب الويكيليكس
في قراءة أمنية:
المستر البرتو فرنانديز القائم بأعمال السفارة الامريكية بالخرطوم في إحدى برقياته المفبركة والمشفرة الكترونياً التي قام بتسريبها موقع الويكيليكس التابع لجهاز المخابرات الخارجية الامريكية، نسب لسعادة الفريق حديثاً جاء فيه: أن الجهاز السوداني قدم خدمات جليلة للأمريكان في اطار تعاونهم الرسمي في مكافحة الارهاب، واستمر هذا العطاء زهاء التسع سنوات ولم يثمر بالنسبة إلى السودان بأي شيء حتى رفع اسم السودان عن كشف الارهاب لم يحدث.
أولاً: وهنا نود أن نشير إلى أن قرار التعاون مع امريكا في مكافحة الإرهاب لم يكن قرار جهاز الأمن، وإنما هو قرار مجلس الأمن القومي، وعلى الجهاز أن يقوم بتنفيذ هذا القرار وفق التوجهات الصادرة في القرار.
ثانياً: إن قرار التعاون مع امريكا محكوم بمبدأ معروف لدى اجهزة الأمن والمخابرات في العالم، وهو:
Give and take - never give and wait.
وإذا انتظر سعادة الفريق المقابل الامريكي سنة أو سنتين أو ثلاثاً لأنه عميل أمريكي كما يدعي البرتو، كيف ينتظر مجلس الأمن القومي المشرف على أداء الجهاز وعلى محاسبة رئيس الجهاز طيلة هذه الفترة؟! وما ثمرة هذا التعاون؟ وأين رعاية المصالح المشتركة من هذا التعاون!!! ولماذا الاستمرارية في التعاون؟
ثالثاً: ليس من حق أي طرف في تعاون فني أمني يتعلق بتبادل المعلومات، أن يطلب معلومات ليس في مصلحة الطرف الثاني تسلمها له، بمعنى أنه ليس من حق أي طرف أن يطلب معلومات وتسلم له هكذا كأمر واقع بدون مناقشات.
رابعاً: هنالك قاعدة الطرف الثالث التي تقتضي أن المعلومات التي تتبادل بين طرفين لا يحق لأي أحد من الطرفين تمريرها لطرف ثالث معادٍ أو ربما يستخدمها ضد مصلحة دولة شقيقة أو صديقة.
هذا في شأن الحجة الأولى، أما عن الحجة الثانية وهي دمغ الفريق صلاح قوش بالعمالة لأمريكا في هذا الشأن نقول:
إن العمالة خشم بيوت.. ومتى أي شخص يمكن أن يصبح عميلاً.. لمجرد أنه التقى ببعض الشخصيات الامريكية بحكم منصبه، وان مسألة العمالة لها اجراءات معقدة ولها متطلبات معينة في الشخص الذي يصلح للعمالة:
أولاً: نقاط الضعف في الشخصية، وهي الولع بالسلطة والمال والجنس، وبالنسبة لسعادة الفريق فلديه من السلطة ما يكفي، ولديه من المال تحت تصرفه ما يذهل، وبالنسبة للجنس فهو متزوج ويحق له شرعاً أن يتزوج بثلاث أخريات، إذن مساحات الاغراء للعمالة غير متوفرة في سعادة الفريق.
ثانياً: إن الفريق صلاح قوش تعاون مع أمريكا وهو برتبة فريق، فهل يا ترى مَنْ مِنْ الضباط الصغار من الامريكان الذين يباشرون التعاون مع رصفائهم في الجهاز السوداني، قد قام بتجنيد سعادة الفريق؟ الامريكان أمامهم فرصة واحدة لكي يؤكدوا عملية تجنيد الفريق، أما عن طريق الرئيس أوباما نفسه شخصياً، أو يكلف جوبايدن نائبه وفي كلتا الحالتين هنالك استحالة.
ثالثاً: إن العميل في التعريف العلمي لأجهزة الأمن شخص منحط خائن لوطنه ولا يحق له أن يقابل أي مسؤول رفيع المستوى في البلد الذي تم تجنيده له. وان ملف التجنيد بكل ما فيه من موبقات وأموال يعرض على أي مسؤول يود العميل مقابلته لأي سبب من الأسباب. وفي النهاية لم ولن تتم هذه المقابلات.
رابعاً: إن تاريخ العظماء حدثنا بأن نابليون بونابرت في إحدى حروبه المتعددة في العالم كسب معركة فاصلة في إحدى الحروب، وكان الفضل في هذا الكسب يرجع إلى المعلومات المهمة استقاها من أحد العملاء. وأقام حفلة لتكريم قادة هذه المعركة، وكان ضمن الحاضرين هذا العميل. وقام نابليون شخصياً بمصافحة كل هؤلاء القادة ولم يصافح هذا العميل، لماذا؟ لأن العميل في نظره منحط وخائن لوطنه. والخائن لوطنه ممكن أن يقوم بأي عمل غير أخلاقي ضد بلاده نظير المال، ولكنه ضاق الأمرين من خيانات وانتشار العملاء في ذلك الزمان ووصفهم ب «المومسات»?في مستنقع الدعارة السياسية.
والنقطة الأخيرة التي نسبها البرتو إلى الفريق قوش بأنه يعد في نظر بعض أعضاء المؤتمر الوطني كافراً، لكونه قام بتسليم بعض الإسلاميين الذين استجاروا بالسودان، وتسليم ملفاتهم إلى الولايات المتحدة في ظل التعاون ضد الإرهاب.
وحقيقة أن القدح هنا ليس المعني به هنا الفريق صلاح قوش مباشرة، وانما المعني به نظام الانقاذ الذي يرفع رايات الاسلام، وفي نفس الوقت يأتي بتصرفات ضد الإسلاميين، بما يعني عدم احترام التزام الانقاذ بقيم ومبادئ الاسلام، بالاضافة إلى ان البرتو يريد أن يشهِّر بالنظام لكي تحدث الوقيعة والفتنة بينه وبين الاسلاميين في العالم، ويكشف حقيقة النظام للعالم الاسلامي، وبالتأكيد هذا هو الدور الذي يقوم به الويكيليكس اليوم الذي تعتبر الآلية الحديثة التي تحثه تعرف بالمخابرات الخارجية الامريكية، والذي يقوم بتغذيته بالمعلومات ?لمفبركة التي تخدم اهداف المخابرات الامريكية في التشهير والفتن والوقيعة واثارة النعرات القبلية. وقد حاولت أمريكا إخفاء صلتها بهذه الآلية بتعرضها إلى العلاقات الامريكية الاسرائيلية. والتجاوزات التي حدثت في القوات الامريكية في العراق، والمطالبة بمحاكمة جوليان اسانج قائد الموقع في الولايات المتحدة. وهذه ادعاءات لا تنطلي على أحد. وأمريكا فعلت ما فعلته الإنقاذ في البداية عندما استولت على الحكم أرسلت شيخ الترابي إلى سجن كوبر من أجل التمويه، وأرسلت العميد عمر حسن للقصر الرئاسي بالخرطوم. وفي كوبر عندما جاء وقت ?لصلاة وأخذ الترابي موقعه لكي يؤم المصلين في السجن وكان أغلبهم من قيادات الأحزاب التقليدية، انبرى له السيد محمد ابراهيم نقد وقال له: عليك الله يا شيخ الترابي خلي امامة الصلاة لزول تاني قوم أمرق بره السجن شوف أولادك بعملوا شنو علشان ما يجوطوا لينا البلد ساكت، فخرج الترابي واحتل موقعه، والذي كان يتخوف منه «نقد» بأن يحدث قد حدث بالفعل، فمن المسؤول؟ وما العمل؟!
وفي نهاية هذا الطرح لكي نؤكد صدقية ما نقول، في آخر برقية للمستر البرتو فرنانديز القائم بالأعمال الامريكية قام بتسريبها موقع الويكيليكس، كانت عن حديث للدكتور منصور خالد، وكانت أول الآية كفر بين وكذب فاضح.. قال في البرقية إن الدكتور منصور خالد تحدث معه عبر الهاتف أكرر عبر الهاتف تخيلوا شخص بمقام الدكتور منصور شغل كل المناصب الدستورية المعروفة أهمها منصب وزير للخارجية وتعامل مع كل أجهزة الأمن والمخابرات في العالم بحكم مناصبه التي تولاها ويعلم تماماً إلى أي اجهزة تتبع آليات الاتصالات?القديمة والحديثة، وما هي الشخصيات التي تدير هذه الأجهزة، وكان لديه إبان وزارة الخارجية منشورات لسفارات السودان في الخارج يحث فيها العاملين والدبلوماسيين على عدم استعمال التليفونات بين السفارات، وبالرغم من كل هذه المعرفة يدعي فرنانديز أن الدكتور هاتفه تلفونياً وفي أي مواضيع كان الحديث كان عن رجال حول الرئيس وعن المؤتمر الوطني وعن الفريق صلاح قوش والنظام التشادي، وعن ريك مشار وعن سلفا كير وعن الحركة الشعبية. وخلاصة القول إن البرتو قال وهو بالخارج ما لم يستطع قوله وهو في داخل السودان عبر ?وقع الويكيليكس بعد فبركته وإخراجه بالصورة التي تفي بغرض أجهزة المخابرات والعقل ألا نتجاوب مع هذه الأقاويل، لأنه من المؤكد أن هنالك مجموعات من رجالات المخابرات الخارجية الامريكية تقوم برصد ردود الأفعال ومحاولة الاستفادة منها.
والله من وراء القصد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.