* لا يظهر الرئيس الأمريكي باراك أوباما على التلفزة طوال الأسابيع والأيام الفائتة إلا ليعلن على الأمة الأمريكية ومن ثمَّ على الملأ وفاة «أحد الرجال» من الذين تعتبرهم الولاياتالأمريكية «خطراً» على أمنها القومي!! والخطر الماحق عليهم في حقيقة الأمر هو إقتصادهم المنهار وإنفاقهم اللا محدود على قواتهم العسكرية وما علموا «أنَّ القوة لله جميعاً» .. والشخص الذي يُعلن عن الوفيات في «بلدنا» أيام زمان كان هو «الصايح» أو الكُبُدَّان في اللهجة النوبية وهو نوع من الإعلام البدائي إذ ينفر من القرية أو الحلة التي مات في?ا شخصان إثنان من ذوي الصوت الجهوري يسيران في إتجاهين متعاكسين على ظهر حمار أو كدَّاري ليقولا.. «الحيَّ الله الدايم الله.. فلان الفلاني راح في حق الله.. ألحقوا الصلاة.» وطبعاً الصلاة على الميت ويتسارع كل من سمع النداء إلى بيت العزاء رجالاً ونساءً ليقوموا بالواجب في تسليم تام بقضاء الله وقدره. ثمَّ حلَّت الإذاعة «أم درمان» نشرة الثامنة مساءً محل «الكُبُدَّان» وتلتها الهواتف الثابتة الكول بوكس والتلغرافات.. ثمَّ الهواتف النقالة والرسائل النصية وأخيراً الجرائد.. ثمَّ السيد أوباما الذي «طَلَعْ صايح»فبلَّغنا بإس?شَهاد أسامه بن لأدن.. وبعد ذلك «طَلَعْ صايح»وبلغنا بقتل مواطنه أنور العولقي غيلةً .. وأخيراً وليس آخر أعلن موت القذَّافي !! ومع كوني من المناوئين للقذافي وأفخر دوماً بأنني كتبت قبل عامٍ كامل من موته كلاماً لم يسبقني به أحدٌ من الصحفيين ونشرته على الشبكة العنكبوتية بعدما أشفقت «صحيفتي»التي أكتب فيها من نشره خوفاً من اللجان الثورية!! والمخابرات الليبية.. ومع ذلك لست سعيداً أبداً بموتته التي رأيناها!! ولا أدعي الحزن عليه.. ولم أترحم عليه كما إنني لم أدعُ عليه. * القذافي رِكِبْ ماسورة.. فقد إختبأ في عبَّارة مياه أنبوبية على الطريق الإسفلتي بعدما إستهدفت طائرات الناتو رتلاً من السيارات كان يستقل إحداها فترجَّل هو ومن معه»شهادة منصور ضو آمر كتيبة الحراسة الخاصة بالقذافي لقناة العربية» فلما حاصره الثوار.. إختبأ «كالجرذ» .. نفس المفردة التي كان يصف بها الثوار.. يا سبحان الله ملك الملوك الذي يأتي الملك من يشاء وينزعه عمَّن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء وإن كان ثمة شئ يُحسب للقذافي فهو إصراره على البقاء فوق التراب الليبي حيَّاً وميتاً... كما وعد أنصاره وتوعَّد خصوم? بذلك .. فقد كان بإمكانه الهرب إلى جوار آمن ريثما تنجلي الأمور.. لكنه لم يفعل.. وهناك عدة عوامل منعته من الهرب من ليبيا وفضَّل التنقل من شقه إلى شقه ومن دار إلى دار في مسقط رأسه»سرت»فأصبح كالحرامي الذي قَفَلْ نفسه في الحمام» وكانت الصحراء ومدن الجنوب الليبي أفضل في المناورة أو الخروج من الحدود الطويلة جداً.. لكن»سرت» البحر أمامها «والعدو»خلفها.. وطائرات النيتو فوقها .. وكان إعتقاله أو إغتياله مسألة وقت لا أكثر .. والسيد مصطفى عبد الجليل يتحمَّل قسطاً من مسئولية تصفيته جسدياً بعد إعتقاله حيّاً على يد الشاب ?لثائر أحمد الشيباني (20سنة) والذي استحق جائزة رئيس المجلس الوطني الإنتقالي وغَنِم المسدس الذهبي للعقيد الليبي.. لكن منظر إعتقاله وإقتياده وإغتياله بتلك الطريقة الهمجية تظل نقطة سوداء في مسيرة الثورة الليبية الظافرة.. والتحقيق مطلوب. والمحاسبة الداخلية في أوساط الثُوَّار ضرورة تنظيمية وفقهية وأخلاقية .. ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألَّا تعدلوا.. إعدلوا هو أقرب للتقوى.. ولا شماتة في الموت. * وأعود «للكُبُدْان» لأن العظة والعبرة لا تكون للحكام العرب المتسلطين على شعوبهم فحسب.. لكنها يجب أن تكون كذلك «للدول المتسلطة أيضاً خصوصاً أمريكا وإسرائيل.. لأن الله تبارك وتعالى لم يخلق هذا الكون «ليتخلى» عن إدارته لأمريكا.. بالغاً ما بلغت قوتها وجبروتها.. وكبرُ حجم إقتصادها لأننا نعلم «.. إنَّ القوة لله جميعاً..»وأن الأفراد المتسلطين والمتجبرين مصيرهم إلى زوال .. وكذلك الدول والأقوام فلا تمتنَّ علينا أمريكا بديمقراطيتها.. وبنظام إنتخاباتها ولا بمحدودية فترات رئاستها.. لأن الثوابت الأمريكية الطاغية ال?تجبرة المتنمِّرة لا تتغير بتغيُر الرؤساء فتصبح بذلك أطول عمراً في الظلم والطغيان من رئيس أو زعيم جثم على صدر شعبه لعقود من الزمان لأنه زائل لا محال بالموت أو الثورة أو الإنقلاب عليه.. لكن ما هو الحل عندما تكون الديكتاتورية والتسلط في الدولة ذاتها وأسلوب تفكيرها ووسائل عملها عند تنفيذ سياساتها التى تبحث فيها عن رفاه شعبها؟ «كما تزعم» والحقيقة هو رفاه لقلة قليلة من أغنيائها وكبريات شركاتها.. تلك هي المشكلة الحقيقية لا الحكام الديكتاتوريين ولا النظم الشمولية .. فالولاياتالمتحدةالأمريكية بإداراتها المتعاقبة ?الأمم المتحدة ومجلس أمنها بشكله وطريقته الحالية .. من أكبر مهددات الأمن والسلم الدوليين .. وقد باءت كل محاولات الإصلاح بالفشل الذريع.. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون» وعلى كل المعجبين بأمريكا والمفتونين بحكمها أن ينظروا في تاريخها القريب والبعيد فإذا وجدوا فيه أي مكان لقيم الحرية والديمقراطية والمساواة والعدالة فليأتوا به إن كانوا صادقين» * قال الكُبُدَّان أوباما وهو يعلن سحب جيوشه من العراق بنهاية العام الحالي «إن علاقة أمريكا مع العراق ستقوم على المصالح والإحترام».. المصالح نعم لكن الإحترام دي!! الله أعلم. وهذا هو المفروض