٭ للشاعر المرحوم محمد عثمان محمد صالح «كجراي».. وكجراي سوداني إريتري والعكس صحيح، وقد تولى منصباً مهماً في وزارة التعليم الإريتري عقب استقلالها مباشرة قبل أن يعود نهائياً لبلاده السودان حيث قضى نحبه بعد صراع مع المرض لم يطل، تغمده الله بواسع رحمته.. وكجراي .. اسمٌ لمعتوه «مجنون» كان يطوف بشوارع بورتسودان رث الهيئة والثياب، فاتخذ محمد عثمان محمد صالح من اسمه اسماً حركياً كان يوقع به على كتاباته شعراً ونثراً ضمن نضال «الرفاق» ضد الاستعمار والحكم العسكري بعد ذلك، وله من «الإخوانيات» أشعار ليست للنشر .. فق? قال وهو يرثي لحالة كسلا التي تردت إلى أسوأ حال بعدما تغني باسمها شعراء كُثُر، ولكن كجراي رأى غير ذلك، وهو يخاطب أحد أصدقائه الذي سأله عن كسلا: لو شفت «الضريسا» الليلة في درب الهجيج بتقولوا بس يوغندا حليلك إنتي يا كسلا البقت في رجعة التاريخ مِتِل «باسندا» ٭ «الضريسا» أحد أحياء كسلا .. و «باسندا» إحدى قرى جنوبالقضارف. ٭ ولا أدري ماذا كان هو قائل لو مدَّ الله في عمره فشهد الاحتفالات المهيبة بافتتاح الطريق القاري الذي يربط السودان وإريتريا بطول 35 كلم .. بعدما أُعلن وفاة الخطّ الحديدي بين السودان وإريتريا يوم 20/6/1966م الذي كان يخدم الركاب والبضائع بين كسلا السودانية وتسني الإريترية بطول 50 كلم تبدأ من محطة ملاوية وتمر بسندة أبو قمل السودانية وتنتهي بمحطة تسني، وكان قطار المشترك الطالع بالرقم «40» والنازل بالرقم «39» وفي آخر رحلة لهذا «المشترك» كان سائق القطار هو عوض الحسن «والعطشجي م.السوق» عبد الله رمضان .. وكمساري ?لتذاكر حسن عثمان محمد فضل وكمساري الفرملة عبد الله قنتي.. ومفتش الدريسة الشيخ عبد الله.. وقد أنهوا آخر رحلة «وقفلوا» الخط والمحطة إلى غير رجعة.. ومن أسف فإن القضبان والفلنكات والمسامير والبلنجات قد سُرقت من الجانب السوداني بينما احتفظ الجانب الإريتري بالخط كما هو.. وقد طالت الاتهامات العديد من العاملين بالسكة حديد بعطبرة في ذلك الوقت، وما لبثت القضية أن طواها النسيان، وهذه مناسبة لنعيد للأذهان الشعار الرفيع «لا بديل للسكة الحديد إلا السكة الحديد».. فهل يجد خط كسلا تسني متسعاً في خطة المهندس مكاوي محمد عوض ?لشاملة لإعادة تأهيل السكة الحديد؟ ليصبح الخير خيرين، إلى جانب الطريق الأسفلتي نرجو ذلك. ٭ وعودة إلي كسلا الوريفة الشاربة من الطيبة ديمة .. والتي أشرقت بها «شمس وجد» الشاعر توفيق صالح جبريل فاعتبرها بالحق «جنة الإشراق» مثلما هام بها من بعده إسحاق الحلنقي مما دعا التاج مكي ليسأل العنبة الرامية فوق بيتنا.. وسأل زيدان إبراهيم فراش القاش.. وتحسَّر على إبراهيم تاني قعدته يا حليلا بتملا بيتنا زهور وزينة يا حبايب الريد قطارو أخِّروهو شويه لينا.. لكن حتى .. السواقي بكت معايا وشاركت في وداع قطارو.. كسلا ملهمة المطربين والشعراء عادت لها الحياة وتشرَّفت بأول قمة مصغره لثلاثة رؤساء وهم الرئيس البشير و?مير قطر الشيخ حمد والرئيس الإريتري أسياس أفورقي لتدشين عدد من المشاريع التنموية والخدمية أولها الطريق القاري.. ومحطة الكهرباء .. والإسكان الشعبي.. ومستشفى الشرطة.. وأمانة حكومة الولاية.. وقد تبدَّي التعاون الأخوي الذي تبذله قطر بلا منٍّ ولا أذى في أسمى صُوَرِه وقطر تقدم نموذجاً يحتذى في التعاون وعمل الخير والاستثمار الدنيوي والأخروي.. فأياديها البيضاء لم تتوقف عن شرقنا وغربنا، ولم تتأخر عن دعمنا في المحافل الدولية، وقد كانت رحلة الرئيس البشير للدوحة أول مسمار في نعش الجنائية الدولية، ولم تقم لها قائمة بعد ?لك حين قال المرجفون إن البشير زار إريتريا لأنها دولة جارة ولا تحتاج طائرته لعبور أجواء دولية عندما استقبلت أسمرا البشير بالأزاهير والأهازيج. ٭ الكلمة التي اخترتها عنواناً لهذا المقال جاءت على لسان أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمام جماهير الشرق، إذ لم يمتنَّ عليهم بما قدمته قطر فقال «نحن على يقين إن الطريق القاري الذي اُفتتح مهَّدت له القلوب قبل أن تمهِّد له في الدروب»، ولم يتطرق سموُّه لما في «الجيوب»، وأتمنى أن يعي القائمون على أمر الاستثمار في بلادنا تلك الإشارة الذكية فيمهِّدوا «للديار القطرية» التي تستثمر في «حلة الوابورات» الطريق ويبعدوا عن العراقيل التي وضعوها في طريقها في فترات متفاوتة حتى خلَّف ذلك مرارة في حلق السفير القطري?بالخرطوم الذي ما فتئ يُشجع بلاده على الاستثمار في السودان ويمتدح لهم السودانيين فخذلته البيروقراطية عدة مرات !! أتمنى أن يكون ما ذكرت جزءاً من الماضي.. أرجو ذلك.. وكعادته جاء أفورقي بسيطاً يرتدي الجينز وينتعل الصندل ويكبر الله مع الجماهير.. أما الرئيس البشير بزي الشرق «الخايل فوقو» فقد تجلَّى في كلمته، وكشف المستور عن مساعدة بلادنا لثورة ليبيا ومدهم بالسلاح والذخائر إلى جانب المعونات الإنسانية والطبية.. رداً لزيارات القذافي الشريرة الكثيرة لبلادنا.. «قال راعي السلام في فضاء سين صاد قال» إنه راعي الفتن ومثي? الإحن الذي أخزاه الله وقصم جبروته وأذلَّ كبرياءه.. فذاق وبال أمره وكانت عاقبة أمره خُسراً.. وإن افتقر في نهايته البائسة للعدالة فهو الآن بين يدي الله وليس لنا من الأمر شيء إمَّا يعذبه وإمَّا أن يتوب عليه. ٭ صديقي المصري الساخر الأستاذ عمر هدهود أرسل لي رسالة نصيه تقول: «البشير بكسلا: القوات التي دخلت طرابلس جزء من تسليحها وإمكانياتها سودانية مية المية. قولوا للبشير.. بعد القذافي أولى تشوف المتعافي». ولا أدري إن كان قول هدهود هو ضرورة أملاها السجع.. أم إنه يعني ما يقول، وناقل الكفر ليس بكافر. وهذا هو المفروض.