تشكو النساء في مختلف المجتمعات العربية من عدم وجود علاقة صداقة راسخة بين الزوج وزوجته، وعندما يكبران في السن ويتزوج الأولاد ويصبحان وحيدين، تبدو حياتهما أكثر حدة واقرب ما تكون الى الانتقام لا شعوريا من قِبل الزوجة على وجه الخصوص، خاصة أن ملامح الكبر والشيخوخة تبدو اكثر وضوحا على الزوج بسبب فارق السن، فالزوج الذي كان في يوم من الايام شابا قويا ومسيطرا عليها من كل النواحي إلى حد أنها كانت تشعر معه بالسخط، قد أصبح ضعيفا، فتستقوي عليه وتبدأ في إذاقته بعضا من العذاب، الذي ذاقته على يديه في يوم من الأيام. وبعض ا?نسوة لا يخفين انهن صبرن فقط حتى يؤدين رسالتهن نحو الأبناء والبنات. الواقع العربي الماثل يؤكد أيضا أن الزوج العربي لا يهتم بتدليل زوجته ومنحها بعض الاهتمام والعناية، والحياة الزوجية بالنسبة لغالبية الرجال العرب تنحصر في العلاقة الحميمية بينهم وبين الاولاد، والتفكير في احتياجاتهم ومستقبلهم، من دون أن يكلف الواحد منهم نفسه عناء التفكير في احتياجات تلك الزوجة التي تتحمل الكثير دون أن يكون لها حق المطالبة والتدليل. فالرجل العربي لا يهتم بدراسة نفسية زوجته واحتياجاتها والاسلوب الامثل للتعامل معها، كما لا يدرك على سبيل المثال أنه يصعب على المرأة التعبير عن مشاعرها الغاضبة او?المحبطة تجاهه، وتتحرج من مطالبته بالاهتمام بها والتعبير عن حبه لها. ونتيجة لتلك الترسبات وبمرور السنوات تتجمد مشاعر الزوجة تجاه الزوج، وعندما يصلان الى مرحلة الشيخوخة، التي يزداد فيها احتياج الرجل لمن يرعاه، وتكون هي في حالة صحية تمكنها من رعاية بيتها ونفسها، تبدأ في اهمال متطلباته، او املاء رغباتها عليه. وقد يصل الأمر بها، في بعض الاحيان، الى طلب الخلع، وذلك ما تمكن المجتمع السوداني من مواجهته، فلم تتلق المحاكم السودانية اية قضايا خلع. غير ان فاطمة الحسن «55» عاما التي تصغر زوجها ببضع وعشرين عاما تقول: «تزوجته بعد قصة حب جميلة، وفي البداية كان يشعرني باهتمامه بالأمور الصغيرة التي تسعد اية امرأة، لكن شيئا فشيئا بدأ يهمل كل شيء احبه وبات سريع الغضب، حتى شعرت انني محاصرة دائماً ومخنوقة معه. وكنت اخشى غضبه واتحاشاه بشتى الطرق، وبعدها سيطر الروتين على حياتنا حتى كبر الابناء وتزوجوا، والآن اقضي وقتي بين ابنائي واصدقائي. وأحرص على عدم إهماله وأقوم بواجبي تجاهه، لأنني اخشى الله فيه، لكنني لا أهتم بما يغضبه أو يفرحه، كما لم اعد اهتم بأن يكون معي ?و مع غيري.. لقد بخل عليَّ بالمشاعر الرقيقة في شبابي، فماذا ينتظر مني الآن؟ الكاتبة حُسن شاه صاحبة فيلم «أريد حلاً»، تعلق على القضية بقولها: «الرجل الشرقي يعتقد ان «ذبح القطة» لزوجته من الليلة الاولى هو الحل الافضل لحياة سعيدة، وهو خاطئ في هذا الاعتقاد، وإن كان مازال يسيطر على الكثيرين حتى الآن للاسف. فالمرأة كتلة من المشاعر، ويستطيع الرجل ان يكسبها اذا منحها الدفء والحب والمشاعر الجميلة من دون مبالغة او تقصير، فالرجل يتخيل أن المرأة بعد الزواج تتحول الى أم آلية لا تهتم إلا بالابناء والمنزل، وهو مخطئ لأنه اذا منحها ما تحتاج اليه من مشاعر، فسوف تغدق عليه هي الاخرى بكل ما يتمناه». وتضيف الكاتبة حُسن شاه راوية تجربتها زوجةً: «لا استطيع حتى الآن نسيان جميل زوجي رغم رحيله عن الدنيا، ودائما ما اقول انه لولا وجوده بجانبي ما كنت حققت الذي أنا فيه الآن. فقد منحني الثقة، وقدر ظروف عملي، وشجعني على الابداع في عملي، ولهذا ظللنا في حالة حب مستمرة حتى آخر لحظة في حياته». الدكتور ممتاز عبد الوهاب، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة ومؤلف كتاب «الطريق الى حياة زوجية سعيدة»، يرى ان الرجل الشرقي به عيوب كما في المرأة عيوب، لكن المشكلة هي أن الرجل يتعامل مع المرأة وكأنها شيء مضمون لن تتركه وترحل، ولهذا فهو لا يهتم بإبداء مشاعر الحب والاهتمام لها بدعوى «هي حتروح فين؟»، وهو شعور يدعمه الاحساس بالامتلاك، لأن معظم شعوبنا العربية مازالت تنظر الى الطلاق وكأنه كارثة او فضيحة، ولهذا فالرجل لا يعبأ بتدليل زوجته بعد الزواج على اساس انه مهما حدث فإنه من المستبعد ان تطلب الطلاق لأنها مكبلة ب?لقيود الاجتماعية والأبناء وغيرها من الأمور. وليس هذا فقط، بل أن معظم الازواج يعتقدون ان اظهار الحب للزوجة فيه تقليل من كرامتهم، أو أنه يعطي الزوجة الإحساس بالتفوق عليه. حنان محمود قالت إن على الرجال ألا يلوموا إلا أنفسهم.. وأن من زرع حصد. والمجتمع لا ينسى قصة العجوز التي فاجأت الجميع بطلبها الخلع من زوجها في عام 2004م، وكانت في السبعين من عمرها، وعندما سألها القاضي عن السبب بعد كل هذا العمر أجابت قائلة إن زوجها لم يقل لها طيلة زواجهما الذي امتد إلى أربعين عاماً، كلمة حلوة ولو مرة واحدة.