الكثير من الزوجات يرين أن الزوج العربي لا يهتم بتدليل زوجته ومنحها بعض الاهتمام والعناية لأن الحياة الزوجية بالنسبة للبعض تنحصر في العلاقة الحميمية بينهما والأولاد والتفكير في احتياجاتهم ومستقبلهم من دون أن يكلف نفسه عناء التفكير في احتياجات تلك الزوجة التي تتحمل الكثير من دون أن يكون لها حق المطالبة والتدليل. فالرجل الشرقي لا يهتم بدراسة نفسية المرأة واحتياجاتها والأسلوب الأمثل للتعامل معها، ولذلك قامت الدنيا ولم تقعد عندما «عرض» المسلسل التركي «مهند ونور» في المحطات والقنوات العربية فالجميع يحتاج إلى الرومانسية المفقودة، إن أكثرية الرجال الشرقيين لا يعبأون بتدليل زوجاتهم بعد الزواج وذلك لأنهم يتعاملون معهن وكأنهن شيء مضمون لن يتركنهم ويرحلن، وذلك لأن معظم شعوبنا العربية مازالت تنظر إلى الطلاق وكأنه كارثة أو فضيحة، بل أن معظم الأزواج يعتقدون أن إظهار الحب للزوجة فيه تقليل من كرامتهم أو أنه يعطيها الإحساس بالتفوق ولذلك نجد زوجات كثيرات تخطين سن الخمسين يقمن بالانتقام من الزوج وذلك من خلال اهمالهن وعدم رعايتهن في «الكبر» ويسندن أمر الرعاية إلى الأبناء. ولكن هذا ما هو إلا احترام في نظرة البقية الباقية. تتباين الآراء ويبقى السؤال قائماً وهو هل يجب على الزوج أن يُدلِّل زوجته في صغرها حتى تقوم برعايته عندما يكبر؟ وهل الزواج يقبل الحب؟وإلى متى ستظل الرومانسية غائبة مغيًّبة في مجتمعاتنا العربية؟ جفاف عاطفي { تقول نوال «ربة منزل» للأسف الشديد الرومانسية غائبة في مجتمعاتنا العربية بصورة كبيرة جداً نشعر بها في العام الأول ولكن بعد ذلك تصبح الحياة روتينية جافة تخلو من الحنان والعطف وتصبح مجرد أداء واجب وسنة الحياة. { وتخالفها الرأي جارتها «نهال حسن» موظفة وتؤكد بأن الرجل لا يجب أن يتحمل مسؤولية الجفاف العاطفي إن صح التعبير لوحده، فالمرأة شريكة معه فمعظم النساء السودانيات أو العربيات على وجه العموم غير مُشجِّعات فهن يهملن الرجل بعد إنجاب الأطفال ويصبح الطفل هو محور الحديث والحياة معاً. { أما «علي محمود» خريج فهو يرى بأن البيئة لها أثر كبير في هذا الجمود الذي يحدث بين الزوجين بعد العام الأول من الزواج. فيعتقد أحدهما أو كلا هما بأن الزواج مقبرة للحب. فالزواج ليس مقبرة ولكن الإنسان ابن بيئته. ويقول علي نحن السودانيون لم نتعود على سماع القول الجميل «كلام الحب» بين آبنائنا وأمهاتنا إلا ما ندر. فكلاهما آثر الاحتفاء به إلا في خلوتهما، فاللأسف الشديد نجد الكثيرين يعتقدون بأن القول الجميل لا يكون إلا في اللحظات الحميمية بين الأزواج. { وعلى العكس تماماً ترى لميس بأن معظم الجيل الحالي من الشباب أصبح يجيد فن الرومانسية من قول وفعل مكتسباً لها من القنوات الفضائية والمسلسلات التركية. { ويسخط «حسن خليل» موظف من الزواج بسودانية، ويقول إن اهتمامها بأسرتها ومعارفها والمحيطين بها أكثر من اهتمامها بالزوج. فهي تريد أن تُرضي المحيطين بها على حساب زوجها المسكين، ولذلك فإننا نجد أن الرجل السوداني في ظل هذا الاهمال من أين له أن يُخرج كلمة جميلة من فيه وإلا سيصبح منافق. ولذلك لا يجب أن يضعوا اللوم على الزوج وعليهم أن يبحثوا عن المسببات. { وأخيراً تقول «سميرة عوض» موظفة إن الزواج عموماً يقلل من الحب ولهفته التي كانت ما قبل الخطوبة بين الأزواج وذلك لا يكون عن قصد ولكن متطلبات الحياة وضغوطها والأطفال ومستلزماتهم تجعل هذا الحب يصاب بالفتر فيصبح محور الحديث هو الأبناء والحياة وكيفية التخطيط لبناء مستقبل لهم. لوم متبادل وفي سياق متصل تقول الخبيرة النفسية بمستشفى بعشر الأستاذة سمية عبد الرحمن المهدي: إذا سلمنا بمقولة أن الإنسان يسلك كيفما يفكر، واتخذنا منها مدخلاً لهذا الحديث، نجد أن أفراد المجتمع يستمدون جزئية مقدرة من أفكارهم التي توجِّه سلوكهم من الثقافة التي تسود فيه. ولنبدأ بالرجل الزوج فهو يلتزم بكثير من تفاصيل الثقافة في تعامله مع زوجته حتى إذا نال الشهادات العلمية، ولعل دافعه إلى ذلك الامتيازات التي تحققها له الثقافة المجتمعية وما تميزه به من مظاهر ذلك التعامل الجاف مع الزوجة الذي يخلو من أي تعبير عن التقدير أو اللطف العاطفي، رغم أن الزوجة تعشم في أن يُشبع لها زوجها رغبتها في إظهار مشاعره نحوها على نحو مقدَّر ومعتدل وهذا مهم لأنه يجعل المرأة تُدرك مكانتها عند زوجها. لكن الأزواج يتجاهلون هذا الأمر المهم. وتواصل قائلة إذا نظرنا إلى الزوجات من ناحية أجيال فإننا نجد أن الزوجات من جيل الجدات والأمهات لا يشكل لهن الأمر هاجساً لأنهن أخذن على الاستسلام لواقعهن بخيره وشره. أما الزوجات اللائي ينتسبن إلى الجيل الحديث وبحكم التعليم والثقافة وإدراكهن لحقوقهن المعنوية، فالأمر لديهن يختلف فهن يتوقعن من أزواجهن توقعات كثيرة من حيث الحب والرومانسية، ويلاحظ ذلك في مجالس الزوجات المثقفات وهن يعبرن عن همومهن والتي من بينها البخل العاطفي الذي تعاني منه الزوجات حيث تتحدث كل واحدة عن بخل زوجها المعنوي. ومن ناحية أخرى نجد أن معشر الرجال يوصون الرجل المقبل على الزواج «أديها العين الحمرا» وأيضاً نجد أن الرجال الأزواج في مجالسهم يتحدثون عن أن الزوجات لا يتجملن إلا في المناسبات، ولعل السبب أن الزوجة إذا تزيَّنت قد لا تجد من زوجها استجابة معنوية تشجعها على الاستمرار. وأخيراً تؤكد أستاذة سمية بأنه يجب على الأزواج أن يعيدوا قراءة هذه الجزئية من الثقافة التي تدفع الزوج إلى عدم مراعاة حاجة زوجته إلى الاشباع العاطفي والتي تنعكس سلبياً على العلاقة الزوجية وتضعف الانسجام كما أن لها تداعيات أخرى وأيضاً يجب على المرأة أن تتجرَّع الصبر وتحاول اقناع زوجها بأن تعليقاته الإيجابية على «النيولوك» إن لم تدعم علاقتهم الزوجية فهي لن تكون خصماً على العلاقة. أفكار منقولة { إلى جانب ذلك تؤكد الاختصاصية الاجتماعية الأستاذة علياء محمد عوض الكريم بأن طبيعة العلاقة بين الزوجين وخصوصاً علاقة المرأة بالرجل تخضع لعملية التطبيع الاجتماعي والذي من خلاله تكتسب المرأة كيفية التعامل مع الرجل. فالمرأة منذ طفولتها يتم تغذية أفكارها بمكانة المرأة في المجتمع وأنها عندما تصبح زوجة ما هي الكيفية التي يجب أن تعامل بها زوجها وتقول «أستاذة عالية» نحن الآن أمام جيلين جيل أفكاره إلى حد ما أصبحت غير مقبولة لأن الأجيال السابقة كانت للرجل ولكن الآن مع شكل الانفتاح وكثرة وسائل الاتصالات أصبح من الممكن للمرأة أن تبادر وتحاول العمل على نماء وتطور العلاقة بينهما. ولكن أعود وأقول في ظل ظروف الحياة وضغوطها وزحمتها، اللوم يقع على الاثنين الرجل والمرأة في وجود هذا الجفاف العاطفي. فيجب على الاثنين أن يعملا من أجل التغيير حتى لا تصبح الحياة أداء واجب ويصبح بعد ذلك الواجب ثقيلاً جداً.