هاتفني أمس من مكةالمكرمة حجاج سودانيون وهم يتحدثون بحسرة عن الغش الذي تعرضوا له في ما يختص بعملية النقل والترحيل والسكن، وقال أحمد محمد الحسن وإسماعيل موسي الزاكي اللذين يتبعان لفوج قطاع الخرطوم، أنهما وآخرون تم ترحيلهم من الخرطوم إلى جدة بالطيران ورميهم في جدة ليتلمسوا طريقهم الي المدينةالمنورة عبر قطع تذكرة طيران داخلية بتكلفة خمسمائة ريال سعودي، ويقول الحاجان اللذان ندعو لهما بحجٍ مبرور وعودا حميدا ونطلب منهما إلا ينسياني من الدعاء في المواضع المباركة ..قالا ان البعثة أخذت من كل حاج سوداني مبلغ ثمانية?آلاف وخمسمائة جنيه سوداني شاملة قيمة تذكرة الطائرة من الخرطوم إلى المدينةالمنورة وليس جدة وبالتالي تصبح عملية تقصير الرحلة ورمي الحجاج في جدة هي الغش والتدليس وهو ما يحرمه الإسلام في أيام الحج المعدودات وفي غير أيام الحج . لقد كتبنا عبر هذه الزاوية الي من نظن انه أمين علي الحجيج السوداني وعلي أموال المسلمين أن الإتجار في مناسك الحج واعتباره موسماً للتكسب عبر تصعيب الأمور علي المسلمين والاستثمار في أموالهم والتطفيف والغش جرائم لا يجب السكوت عليها خصوصاً المسؤول الذي يزعم انه يرفع راية الإسلام ويريد تحكيم الشريعة ، ان السكوت علي الأفعال غير الحميدة التي تتكرر كل عام من بعثة الحج السودانية يعني التواطؤ مع مرتكبي هذه الاعمال والتواطؤ يعني العلم المسبق بهذه الأعمال، الأمر الذي يدخل السلطة تحت مظلة خيانة أمانة التكليف والتلاعب بال?ناسك . ليس عملاً طبيعياً أن يشكو الحجيج السوداني كل عام من إهمال بعثة الحج والجهات المختصة لهم بعدم السهر علي ترحيلهم من والي السودان رغم ان هذه الجهات قبضت مقدماً ثمن الخدمات المفترض تقديمها وهي عينها المبالغ التي صعبوا بها علي المسلمين أداء فريضة الحج ، نعم مبلغ ثمانية ملايين ونصف «بالقديم» ليس مبلغاً هيناً وحينما يشكو أحمد محمد الحسن وإسماعيل الزاكي للصحافة فالي من يشكو آلاف الحجاج من ضيوف الرحمن وهم يعالجون ويغالبون الشعور القبيح بأنهم تعرضوا للغش والاحتيال في أيام حرمها الله وفي مواضع هي بيت الله الحرام وقبر?رسوله الكريم «صلى الله عليه وسلم» ، ليس الغش في تذاكر الطيران فحسب، بل بلغ الغش مبلغاً لا يحتمل حينما يصل الي سكن الحجاج ويتم حشر كل سبعة عشر حاجاً في سكن واحد ضيق به حمام واحد ، نعم حمام واحد لكل سبعة عشر، وحمامين لكل أربعة وثلاثين حاجاً ولكم ان تتصوروا حجاج بيت الله وهم يقفون طوابير في مكان السكن ليدخلوا الحمام ، إن ارخص سكن يحظي به المرء يحتوي المسكن فيه علي حمامين لأسرة صغيرة فلماذا بخلت البعثة السودانية علي ضيوف الرحمن بالسكن اللائق ؟ ألم يكفي البعثة أنها أخذت من كل واحد من هؤلاء ثمانية آلاف ونصف ؟ إن?الخلق يذهبون إلى الأراضي المقدسة كل عام ليتخففوا من ذنوبهم ويعودوا أنقياء كما ولدتهم أمهاتهم فهل ثمة تجارة رابحة في عودة كثير من الخلق - من بينهم سودانيون أو ربما أكثرهم - وهم يحملون أوزاراً مع أوزارهم ؟ ان الاتجار في الدين بلغ مبلغاً لا يطاق فهل يشعر الحاكم بكل هذه الفوضى أم انه في وادٍ آخر ؟ . إن ما ننشده وينشده كثير من الناس هو خروج الحكومة ونفض يدها من أي أعمال تتصل بالعبادات وخير لها أن تنفض يدها قبل أن تغل قسراً فللكعبة رب يحميها وإذا لم تماثل عملية غش الحجاج الحرب التي كان ينوي شنها أبرهة علي الكعبة والتضييق علي الناس وحرمانهم من زيارة مكة فماذا نسميها ؟ إن التجارة أنواع وهي مربحة وانتم جربتموها فلماذا يريد البعض الإتجار السنوي في الحج عبر خداع المسلمين ؟