الغريب في الأمر أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي يُهلل لها البعض ويُكبّر صباح مساء لم يلتزم الرئيس السنيورة بمسارها الدستوري ولا بالقوانين المرعية الإجراء في لبنان، وذلك بالحصول على توقيع رئيس الجمهورية لاتفاقية المحكمة الدولية، ومن ثم إقرار مجلس النواب لاتفاق المحكمة ونيله الثقة والإجماع من كافة المكونات السياسية اللبنانية، بل تم تهريب اتفاقية المحكمة غير الدستورية إلى مجلس الأمن لتصدر ضمن الفصل السابع من الميثاق الأممي، ولتسلب كافة صلاحيات القضاء اللبناني، وتكشف زيف دعاوى «ثورة الأرز» عن الحري? والسيادة والاستقلال!! أما استشهاد الرئيس فؤاد السنيورة بموقف القاضي «كاسيزي» من اتهامات الإبادة الجماعية في دارفور، فقد كذبه التسييس الدولي للمحكمة، حيث قضت هيئة استئناف تابعة لمحكمة الجنايات بأن خلو لائحة الاتهام الموجهة للبشير من جريمة الإبادة الجماعية كان خطأً، ومن ثم أصدر قضاة المحكمة أمراً باعتقال البشير بتهمة الإبادة الجماعية رغم عدم توقيع السودان على نظام روما المؤسس للمحكمة، هذا بخلاف تجاوزت المحكمة الجنائية لمبدأ الحصانات الذي يعد أحد ثوابت القانون الدولي، خاصة في اتفاقية فينا التي تحمي رؤساء الدول مما يعوق أداء مهامهم? فضلاً عن تلبية طلب مدعي محكمة الجنايات الدولية القرصان «أوكامبو» باختطاف طائرة الرئيس عمر البشير!! هذا بالإضافة لمخالفة المحكمة للمادة «98» من نظام روما الذي يلزم المحكمة بالحصول على موافقة الدول المنضوية تحت مظلة نظام روما لتنفيذ أمر التوقيف والتعاون بمقتضاه.. ولا يتأتى لهذه الدول المنضوية التعاون إلا بحصولها على تنازل من حكومة السودان عن حصانة الرئيس البشير!! فأية عدالة يريد تطبيقها أمثال هؤلاء القراصنة الإرهابيين؟! وما كانت المحاكم الدولية بحاجة إلى شهادة براءة ونزاهة من البعض أو «تبويس لحى» واعتذار من قضاتها الأحياء منهم والأموات، لولا شهود الزور وفضائح موقع ويكيليكس والتسريبات المتتالية لمحاضر التحقيقات والإجراءات التي ستتخذها المحكمة عبر وسائل الإعلام.. فقد ثبت للعالم أجمع أن العدالة الدولية عوراء إن لم تكن عمياء إزاء ما يهدد الأمن والسلم الدوليين، فهي تغض الطرف عن جرائم الحرب الكبرى التي ارتكبتها الجيوش الغازية بدءاً من جرائم حلف شمال الأطلسي في أفغانستان وانتهاءً بالغزو الإنجلوسكسوني لبغداد، وما تمخض عنه من إباد? جماعية وتشريد للملايين من الشعب العراقي.. هذا بخلاف الفظائع والجرائم ضد الإنسانية الموثقة فضائياً في تقارير دولية كتقرير «غولدستون» عن جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.. فمن يجرؤ على محاكمة أبناء العم سام؟! لقد تعود العرب على أن تقوم قيامة ما يسمى بالمجتمع الدولي لاغتيال فرد كالرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولا بواكي على أطفال وشيوخ مجزرة قانا جنوبي لبنان، فمن حق إسرائيل الدفاع عن النفس مسنودة من قبل المجتمع الدولي الذي يقيم الدنيا ولا يقعدها على أسر الجندي الإسرائيلي «شاليط» بقطاع غزة.. أما أسر الصهاينة لأكثر من ثمانية آلاف عربي فهو أمر مبرر عند منظمات حقوق الإنسان يتطلب من العرب ضبط النفس وعدم المدافعة والمقاومة حتى لا يتهموا بالأصولية والإرهاب!! ووفقاً لمنهج الانهزام العربي القائل: «قوة لبنان في ضعفه» على اللبنانيين تسليم سلاح حزب الله للعدو الصهيوني، وأن ينشدوا الحماية الدولية عبر الاعتصام بدموع السنيورة!?