في كتاب عن النيل "أحد عجائب الدنيا الطبيعية" يرى نخبة من الباحثين ضرورة وضع سياسة مشتركة لمستقبل النهر قائلين ان دول المنبع لم تستشر في الاتفاقية التي أبرمتها مصر والسودان قبل أكثر من نصف قرن كما تعتبر هذه الدول اتفاقية سابقة في عام 1929 مجحفة لانها أبرمت في زمن الاحتلال. وتنص اتفاقية 1929 على حصول مصر على 48 مليار متر مكعب من المياه وحصول السودان على أربعة مليارات مع تقدير تبخر 32 مليار متر مكعب فيكون متوسط حجم مياه النهر عند أسوان في جنوب مصر 84 مليار متر مكعب. وفي عام 1959 أبرمت مصر والسودان اتفاقية تحصل مصر بموجبها على 55.5 مليار متر مكعب مقابل 18.5 مليار متر مكعب للسودان مع استبعاد 10 مليارات كفاقد من التبخر أمام السد العالي. ويقول بول هاويل الذي كان رئيسا لقسم الدراسات الافريقية بجامعة كيمبردج ان اتفاقية 1929 لم تراع مصالح دول شرق افريقيا التي اعتبرتها "مجحفة تم ابرامها منذ زمن طويل قبل أن تتطور امكاناتها وتتبلور احتياجاتها المستقبلية" اذ كانت تلك الدول واقعة تحت الاحتلال ولا ترى نفسها الآن ملتزمة بمعاهدات أبرمتها "القوى الاستعمارية السابقة". ويضيف في كتاب "نهر النيل. . مشاركة في مورد نادر" ان السودان لم يكن راغبا في أن تقيم مصر السد العالي الذي "أصبح رمزا للطموحات الوطنية في عهد «الرئيس الاسبق جمال» عبد الناصر" وان السودانيين كانوا "يلحون قبل حلول عام 1958 في تنفيذ مشروع وادي النيل" الذي يقول ان مصر عارضته وانه كان يتضمن خطة محكمة للتحكم في المياه في دول حوض النيل. ويسجل هاويل الذي توفي عام 1994 بعد أن ظل نحو 60 عاما مرتبطا بنهر النيل ودوله ان مصر والسودان حين أبرمتا اتفاقية 1959 لم تستشيرا بريطانيا ولا الدول الافريقية التي رأت أن دولتي المجرى قسمتا الموارد المائية للنيل وقدرها 84 مليار متر مكعب "دون أن يتركا شيئا" لدول شرق افريقيا أو دول أعالي النيل.