الحلقة االثانية ( 2 – 3 ) ثروت قاسم [email protected] مبادرة السيد الأمام ذكرنا في الحلقة الأولي ان السيد الامام قد اطلق مبادرة شعبية خيرة , وفي وقتها , لابتكار حلول خلاقة لنقل الحالة المأزومة الحالية في مياه النيل , من معادلة صدام صفرية متوقعة , اذا استمرت الاحوال في جمودها الحالي , الي معادلة تأخي وتكامل ووئام كسبية , اذا صدقت النوايا , وعمل الجميع بمبدأ لا ضرر ولا ضرار ! وزعمنا أن كل الدلائل الظاهرة والباطنة تشير الي فشل هذه المبادرة الشعبية , وفي مهدها , (لأسباب موضوعية , وخارجة عن أرادة السيد الأمام ) ! وبالتالي فشل حكومات دول حوض النيل في الوصول الي المعادلة الكسبية التي يسعي اليها السيد الامام , والتي يرضي بها الجميع . وزعمنا أننا لا نرمي القول علي عواهنه , ونحن نقرر في تشاؤم فشل هذه المبادرة , وانما نتوكأ علي عشرة آيات , أوجزنا ثلاثة منها في الحلقة الأولي , ونستمر في هذه الحلقة الثانية في أستعراض بقية الأيات : رابعاً : منذ عهد الفرعون الاله خوفو ، ثاني ملوك الاسرة الرابعة في مصر القديمة ( 2566 قبل الميلاد ) , مروراً بفراعنة الدولة الوسطي واشهرهم منتوحوتب الثاني , مروراً بحكام الدولة الحديثة واشهرهم فرعون موسي ( رمسيس الثاني ) , وحتي نصل الي عهد محمد علي باشا الكبير , وبدء التركية السابقة في حكم السودان عام 1821م , كانت القاعدة الثابتة المسلم بها هي ان كل ايراد النيل الطبيعي ملكاً خالصاً لمصر ! لا تنازع مصر في مياه النيل اي دولة من دول الحوض ، حتي دولة السودان . ثم بعد احتلال بريطانيا لمصر والسودان ودول شرق افريقيا , ورغبة بريطانيا في ضمان استمرار زراعة القطن طويل التيلة في مصر . لتصديره الي , وتصنيعه في بريطانيا , قامت بريطانيا , المستعمرة لمصر بعقد اتفاقيات في السنوات 1894 ، 1901 ، 1902 و1906 مع فرنسا ، بلجيكا ، المانيا ، ايطاليا واثيوبيا لضمان عدم انشاء اي سدود علي روافد النيل في دول المنابع والمجري , بما يؤثر علي الايراد الطبيعي لنهر النيل . هذه الاتفاقيات ضمنت لمصر كل اكرر كل الايراد الطبيعي لنهر النيل ! ممنوع ممنوع لاي دولة من دول المنابع والمجري المساس بالايراد الطبيعي لنهر النيل . في كتابه ( حرب النهر ) شبه تشرسل النيل , بانه نخلة ضخمة , عروقها تمتد من الهضبة الحبشية الي الهضاب الاستوائية , ورأسها المثمر ( التاج ) في دلتا مصر . اذا قطعت العروق ماتت النخلة واندثر التاج ؟ ثم في عام 1929م تم اغتيال السير لي استاك حاكم عام السودان الانجليزي / المصري في القاهرة ! وكعقاب لمصر فرضت بريطانيا , ولاول مرة في التاريخ , منذ عهد الفرعون الاله خوفو , علي مصر تخصيص 4 مليار متر مكعب من مياه نهر النيل ( المملوكة حصريأ لمصر ) , للسودان لبناء خزان سنار , واقامة مشروع الجزيرة , لزراعة القطن طويل التيلة , كمنافس ل ولكسر أحتكار القطن المصري ! ولضمان هذه الحصة غير المسبوقة في تاريخ نهر النيل , تم ابرام اتفاقية بين حكومة مصر وحكومة بريطانيا في عام 1929م , تم بموجبها تخصيص4 مليار متر مكعب للسودان من مياه النيل (لري مشروع الجزيرة ) . واعطت اتفاقية 1929 ( المصرية – البريطانية) 48 مليار متر مكعب لمصر ؟ واعتبرت باقي ايراد النيل عند اسوان ( 32 مليار ) كفاقد وهدر يذهب الي البحر الابيض المتوسط ! لان مصر لم تكن في موقف يمكنها من الاستفادة حتي من كامل حصتها في الاتفاقية ( 48 مليار) , دعك من الهدر ( 32 مليار) الذي يصب في البحر . رغبة مصر في بناء السد العالي , وأغتصاب أراضي سودانية لتكون جزءأ من بحيرة ناصر , حمل حكومة مصر الناصرية الحنجورية للضغط علي حكومة الخرطوم العبودية ( من العبودية وعبود ) , للتوقيع , في عام 1959 , علي أتفاقية جديدة , رفضت بنودها الظالمة حكومة الخرطوم الديمقراطية السابقة لحكومة عبود . اتفاقية 1959م بين حكومة مصر وحكومة السودان بنت علي اتفاقية 1929م , بان قسمت ال 32 مليار ( الغير منصوص علي تقسيمها في اتفاقية 1929 , والمفترض ضياعها هدرأ في اًلبحر ) بين مصر والسودان , بعد خصم 10 مليار بخر في بحيرة ناصر ! اصبح نصيب السودان 18.5 مليار , ونصيب مصر 55.5 مليار , زائدا 10 مليار بخر في بحيرة ناصر , تم خصمها بالتساوي بين الدولتين , مع ان السودان لا يستفيد من بحيرة ناصر . كان ناصر مضطرأ لرشوة عبود ب 14.5 مليار أضافية , ليضمن بناءْ السد العالي , وأغتصاب اراضي سودانية لتكوين بحيرة ناصر ؟ خامساً : اتفاقية 1959م ذكرت لاول مرة في التاريخ مطالب دول المنابع بان نصت علي : ( نظراً الي ان البلاد التي تقع علي النيل غير الجمهوريتين المتعاقدتين تطالب بنصيب في مياه النيل ، فقد اتفقت الجمهوريتان علي ان يبحثا سوياً مطالب هذه البلاد , ويتفقا علي رأي موحد بشانها , واذا اسفر البحث عن امكان قبول اي كمية من ايراد النهر تخصص لبلد منها او لاخر , فان هذا القدر محسوباً عند اسوان , يخصم مناصفة بينهما ) . اتفاقية 1959م اعطت حق الفيتو لدولة المصب ( مصر ) ودولة المجري ( السودان ) بخصوص اعطاء دول المنابع , اي حصة من ايراد نهر النيل ! ولم تفصل الاتفاقية , عن قصد , هل هذا التخصيص لدول المنابع من الايراد الحالي لنهر النيل (84 مليار عند اسوان ) , او من المياه الجديدة والزائدة علي الايراد الحالي لنهر النيل مثلاً : من حصاد تجفيف المستنقعات في حوض نهر النيل . سادسأ : اتفاقية 1959م الزمت مصر والسودان بقبول مبدأ تخصيص حصص لدول المنابع ! ولكن الفرعون يفسر ويفترض تخصيص تلك الحصص , من المياه الجديدة والزائدة علي الايراد الحالي لمياه نهر النيل : 84 مليار متر مكعب محسوبة عند اسوان . نصيب مصر الحالي ( 55.5 مليار ) سوف يزيد , ولكنه قطعأ لن ينقص مستقبلأ ؟ المياه الجديدة الزائدة التي يمكن حصادها ( يوم القيامة العصر ؟ ) تبلغ حوالي 25 مليار متر مكعب في السنة : منها 5 مليار من تجفيف المستنقعات في يوغندا , و20 مليار متر مكعب من تجفيف مستنقعات السدود في دولة جنوب السودان الجديدة ! ولكن لا مصلحة حالية أو مستقبلية ليوغندا لتجفيف مستنقعاتها لزيادة ايراد النيل لمصلحة مصر . وقد صرح الرئيس سلفاكير , رئيس دولة جنوب السودان الجديدة , بان تجفيف مستنقعات السدود ليس من اولويات حكومته في الوقت الحاضر ؟ ثم ليس هناك اي امكانية لمشاريع حصادية في اثيوبيا , علي النيل الازرق , او نهر عطبرة , او السوباط لزيادة تدفقها وايرادها السنوي , لعدم وجود مستنقعات في اثيوبيا ؟ ثم لا مصلحة لاثيوبيا بزيادة ايراد النيل لمصلحة مصر . اذن المشاريع الحصادية الجديدة لزيادة ايراد النيل المائي , والتي يمكن تقسيم العائد الاضافي منها , علي دول المنبع , مشاريع ورقية , ما انزل الله بها من سلطان ؟ ولن تري النور حتي يقضي الله امراً كان مفعولاً ؟ وذلك لسبب جد بسيط وهو : ان يوغندا ودولة جنوب السودان ليس لهما مصلحة مباشرة من تجفيف مستنقعاتهما لمصلحة مصر ؟ ولهما اولويات اخر ! ونفس المبدأ ينطبق علي اثيوبيا ؟ اذ لا مصلحة لها لزيادة ايراد النيل لمصلحة مصر ؟ ثم ان دول المنابع تتكلم عن أعادة تقسيم الايراد الحالي لنهر النيل , وليس المياه الجديدة الزائدة عن الايراد الحالي ؟ حوار طرشان ؟ وحتي اذا افترضنا ان مشاريع زيادة تدفق مياه النيل قد نجحت وتم توفير 25 مليار متر مكعب سنوياً للنيل الابيض ! فان هذه الكمية الاضافية سوف تنقل المستنقعات من يوغندا ودولة جنوب السودان الي منطقة النيل الابيض من ملكال الي الخرطوم , في دولة شمال السودان . ذلك ان مجري النيل الابيض لن يستطيع تحمل هذه الكميات الاضافية , خصوصاً وانحدار النيل الابيض من ملكال الي الخرطوم , يحاكي انحدار التربيزة في صالونك ! هل لاحظت الفيضان الذي يسببه فيضان النيل الازرق في مجري النيل الابيض من جبل اولياء وحتي الجبلين ؟ هل تقبل دولة شمال السودان ان يكون النيل الابيض في حالة فيضان طيلة السنة , وكذلك النيل الرئيسي من الخرطوم الي حلفا ؟ وما يسببه ذلك من هدامات , وجرف للجزر في النيل , بما يهدد حياة الناس علي النيل الابيض , والنيل الرئيسي . هذه نقمة ولعنة اتمني ان يلزم المفاوض السوداني الجابرة ليتصور هذا السيناريو المخيف , وأن كان من المستبعد حدوثه في هذا القرن ؟ سابعأ : قال ملس زيناوي , رئيس الوزراء الأثيوبي : تضاعفت اعداد بلادنا من السكان , وصرنا نعاني من مجاعات ؟ والتطور التكنولوجي يمكننا من الاستفادة من مياه النيل ! ونريد ان نبحث ذلك مع دولة المجري ( السودان ) , ودولة المصب (مصر ) , ولكنهما لا يريدان التجاوب معنا ؟ لذلك فسوف يأتي يوم نحقق مصالحنا , دون اتفاق معهما ؟ وجاء ذلك اليوم في عنتبي يوم الجمعة 14 مايو 2010م ؟ وسوف يمضي رئيس الوزراء الاثيوبي قدمأ في استغلال مياه النيل الازرق ونهر السوباط وعطبرة , دون مشاورة مصر والسودان , خصوصاً والاتفاقية التي تم توقيعها في عنتبي 14 مايو 2010م تخول له ذلك , وتلغي اتفاقية 1959 المعيبة . الجوه جوه والبره بره ؟ وسوف يقع المفاوض المصري في حيص بيص , بعد ان يكتشف ان الفرعون عملة , لا يمكن صرفها خارج حدود جمهورية مصر العربية . ثامنأ : في الماضي كانت دول المنابع قليلة السكان , وتعتمد علي الزراعة المطرية . حاليأ قلت الأمطار نسبيأ , وزاد ت أعداد السكان في دول المنابع زيادات فلكية , مما يضطر القوم لادخال الزراعة المروية , أضافة للزراعة المطرية , لتأمين الامن الغذائي لهذه الدول , بدلأ من أعتمادها علي الأغاثات الاجنبية ؟ الزراعة المروية تسحب الماء من نهر النيل وروافده , وبالتالي تؤثر سلبأ في حصة مصر الربانية ؟ أتفاقية يوم الجمعة 14 مايو 2010 , لم تحدد حصصأ ! بل ذكرت في جملة واحدة مبهمة وفضفاضة (عن قصد ) ضرورة تأمين الامن المائي , لكل دولة من دول حوض النيل . ولكن مصر أعترضت علي هذه الجملة الوديعة المسالمة ؟ وأصرت مصر علي أن يحتوي الاتفاق علي بند ينص صراحة علي تأمين حقوق مصر المكتسبة , حسب الأتفاقيات الدولية السابقة ؟ وينص كذلك علي تأمين حق الفيتو لمصر في أي مشاريع مستقبلية , ربما تخطط اي دولة من دول منابع النيل في أقامتها علي روافد نهر النيل ؟ رفضت دول منابع النيل القبول بشروط مصر المجحفة . وفتحت باب التوقيع علي الاتفاقية , بدون تضمين البند المعيب المقترح من مصر ؟ وقعت خمس دول علي الاتفاقية . وتحتاج الاتفاقية لتوقيع ستة دول لتصير سارية المفعول , وملزمة لدول حوض نهر النيل . أغرت مصر بروندي والكنغو الديمقراطية بعدم التوقيع علي الاتفاقية , حتي لا تحصل الاتفاقية علي النصاب القانوني المطلوب ( توقيع 6 دول نيلية ) ! من الان وحتي 14 مايو 2011, اذا وقعت بروندي أو الكنغو الديمقراطية علي الاتفاقية , فسوف تصبح الأتفاقية نافذة المفعول . ولن يكون أمام مصر ( والسودان ) وقتها , الأ التوقيع أو البحث عن حلول أخري ؟ مع قلة بل انعدام الخيارات المتاحة ؟ الدول النيلية الخمسة التي وقعت علي الاتفاقية هي : يوغندة , كينيا , تنزانيا , رواندا , واثيوبيا . يتبع الحلقة الثالثة