قرر مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري أمس، تعليق مشاركة الحكومة السورية في الجامعة وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها إلى حين الوفاء بتعهداتها الكاملة بموجب الخطة العربية لحل الأزمة، ودعا إلى سحب السفراء العرب من دمشق، وهدد بعقوبات سياسية واقتصادية والاعتراف بالمجلس الوطني المعارض ممثلا للشعب السوري، واتخذ القرار بموافقة 18 دولة واعتراض لبنان واليمن، وامتناع العراق. رد مندوب سوريا في جامعة الدول العربية يوسف أحمد، على القرار العربي بأنه جاء غريبا ،إذ رأى خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده في مقر سفارة بلاده في القاهرة أنه "ليس جديدا بل كان مبيتا منذ فترة"،وقال إنه لا يساوي الحبر الذي كتب به، محذرا من وصفهم ب"العملاء" بأن "سوريا ستحاسب الجميع"، وهدد بأن "ما يصيب سوريا من شر سيطال الجميع ولن ينجو منه أحد". وما ورد على لسان المندوب السوري بشأن السودان كان أكثر غرابة ويصل إلى حد الصلف والصفاقة،حيث قال السفير يوسف إن ما يثير دهشة حكومته هو موقف دول لم يسهما خذلت سوريا، ولم يجد السفير حائطا أقصر من السودان ليتسلقه ويصب جام غضبه ويتهكم عليه،وقال إنه يستغرب صمت السودان وموافقته على قرار الجامعة العربية بحق بلاده،ويضيف بلهجة تميل إلى السخرية أن الرئيس بشار الأسد ساند السودان خلال القمة العربية التي عقدت في الدوحة أكثر من الرئيس السوداني نفسه،وانه كمندوب بالجامعة العربية وقف مع السودان خلال اجتماعات المندوبين أكثر?من وقوف السودان مع قضاياهم ،واستطرد السفير في سخرية وتحقير للسودان أن الدول الغربية صمتت عن الرئيس السوداني بشأن المحكمة الجنائية الدولية خلال الفترة الأخيرة بعد انفصال الجنوب، لأنه حقق لها ما تريد..،هل توجد صفاقة أكثر من ذلك؟!. المندوب السوري في الجامعة العربية يعتقد أن بلاده وقفت مع السودان في قضاياه لكن السودان خذلها ولم يرد لها الجميل، وأخفى موقفه خلف الصمت بعدم رفضه القرار العربي،ولا أدري هل تستطيع دولة أن تقف مع القيادة السورية التي تسحل شعبها وتتمسك بالحكم ولو على جماجمه،وهل رد الجميل يكون بمساندة المذابح والمسالخ التي ينصبها النظام السوري في المدن والنجوع.؟وإذا كانت هناك من ايجابية في حديث السفير السوري فإنه سيدفع الحكومة السودانية إلى اتخاذ موقف أكثر وضوحا تجاه الأزمة السورية والخروج من المنطقة الرمادية. فالحكومة السورية لم تلتزم بشيء مما وافقت عليه في مبادرة الجامعة العربية ، بل أن وتيرة العنف استمرت ويسقط العشرات كل يوم برصاصات الجيش والشبيحة، ويبدو أن النظام السوري أصبح يراهن على احتمالات تفجير المنطقة كلها إذا ما أرغم على السقوط، وهو ما عبر عنه الرئيس بشار الأسد في حديثه إلى صحيفة "تلغراف" البريطانية أخيرا، حين تحدث صراحة عن أن المنطقة ستواجه "زلزالا" إذا ما حدث ذلك، وكانت رسالته الضمنية هي أنه إذا كان النظام الحالي سيئا فإن بدائله والنتائج المترتبة على سقوطه ستكون أسوأ وأخطر. كأنه يريد أن يقول للجميع ?ن من مصلحتهم أن يبقى النظام كما هو حتى إذا كان الشعب السوري هو الذي سيدفع ثمن استقرار المنطقة، وبالتالي فإنه خيّرهم بين أمرين إما التضحية بالشعب السوري وإما الزلزال الذي حذر منه. الجامعة العربية بموقفها من النظام السوري وضعت نفسها في طريق لا رجعة عنه، وهي بذلك أمام امتحان، فقد كان ما يؤخذ عليها أنها غير مؤهلة للتعامل مع هذا النوع من الأزمات خصوصا في غياب فاعلية الدول العربية الأساسية، ثم إنها محدودة بصلاحياتها وبتراثها الطويل كإطار موظف حصرياً في خدمة الأنظمة والحكومات، والتستر على أمراضها على حساب مصالح شعوبها.