بينما تنخفض درجات الحرارة في الخرطوم فإن وتيرة الحياة والعمل ترتفع. لقد حل بنا موسم الحج وعيد الأضحى المبارك: إنه وقت التأملات و التضحيات. قبل بداية عطلة العيد، كنت مشغولاً بزيارتنا الوزارية الخامسة للسودان منذ أن تقلدت مهام وظيفتي هنا قبل ستة عشر شهراً. لقد قضى السيد/ أوبراين ثلاثة أيام حافلة مهتماً بالجانب الإنساني والقضايا العالقة بين الشمال والجنوب بالإضافة إلى دور القطاع الخاص كقاطرة محتملة للنمو.إن زيارة خمسة من الوزراء البريطانيين للسودان في فترة وجيزة تشير إلى قوة إلتزام المملكة المتحدة نحو السود?ن و أهمية وعمق العلاقات بين البلدين. لقد جعلتني هذه الروابط مشغولا- بسرور- خلال الأسابيع القليلة الماضية. إن عمق و إتساع العلاقات بين المملكة المتحدة والسودان لم يتوقف يوماً عن إدهاشي. في السبت الماضي وبحضور 4000 شخص، حضرت حفلاً موسيقياً رائعاً بالمسرح القومي حيث قدمت الفرقة الانجليزية للغناء الشعبي (سام ليي وجيلي بويز) عرضها بمصاحبة ثلاثة من نجوم الموسيقى في السودان (د.الفاتح حسين،عمر إحساس ود.منال). لقد كانت ليله فريدة من التآلف الموسيقي والتناغم الثقافي.أنا فخور بأن المجلس الثقافي البريطاني كان قادراً على مساعدة وزير الثقافة في إعادة إحيا? هذا المهرجان الموسيقي العالمي العتيق. لاحقاً في نفس الأسبوع تلقيت زيارة من قبل أكاديمية الكلية الملكية متضمنة إثنين من الأطباء السودانيين المميزين المقيمين في المملكة المتحدة.جزء من مهمتهم توقيع مذكره تفاهم مع وزاره الصحة لتطوير التعاون في إدارة قطاع الصحة العامة وطب الطوارئ وصحة الأسرة. لم أمض جل وقتي في الموسيقى والتعاون الطبي . لقد قضيت مع المبعوثين الخاصين لعدد من الدول يومين في غرب دارفور حيث يعود بعض الاستقرار بحذر ولكن مازال الناس يعانون من النزوح كنتيجة لإنعدام الأمن والقتال. سافرت كذلك مع السيد أوبراين هذا الأسبوع إلى ولاية النيل الأبيض لمشاهدة مصانع السكر المدهشة في كنانة و مصنع سكر النيل الأبيض الجديد. إطلعنا أيضاً على الصعاب التي يواجهها آلاف الجنوبيين الذين يغادرون إلى جنوب السودان عن طريق كوستي. لقد أوضح السيد أوبراين حاجة الحكومتين (السودان وجنوب السودان) للعمل سوياً لتخف?ف معاناة هؤلاء الناس. في الخرطوم، وسط التحديات الاقتصادية والتشكيل الوزاري المعلق، ظللت أقوم بزيارة الوزراء وكبار مسئولي المؤتمر الوطني والبنك المركزي: واحد أو إثنان منهم يحملون الجنسية البريطانية وجميعهم تقريباً درسوا بالجامعات البريطانية. إن العلاقات التعليمية بين المملكة المتحدة والسودان البريطانية غنية للغاية. في وزارة التربية ناقشت التقدم الذي أحرز في تنفيذ البرنامج التجريبي لتدريب 900 مدرس لغة انجليزية بالخرطوم بالتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني . وزير الشئون الأفريقية السيد/ هنري بيلينغهام قام بتدشين هذا التعاون مع وز?ر الدولة/ سعاد عبد الرازق عندما زار الخرطوم في يوليو الماضي. لقد كان أول وزير من كافة دول العالم يزور الخرطوم بعد الإنفصال. بالنظر بقوة إلى الروابط والعلاقات الثنائية بيننا، فلقد كنت قلقاً بسبب أن مدونتي الأخيرة قد تصدرت عناوين الصحف وقادت إلى إحتجاجات من عدة جهات. كما ذكرت سابقاً، فإنه ليس في نيتي أو نية حكومتي أن نثير خلافاً على الملأ. إن عمق وقوة علاقاتنا يجب أن تعني أننا نحترم حق بعضنا البعض في تبني وجهات النظر والتعبير عنها. نتفق في كثير من القضايا كما نختلف في بعضها ويبدو لي هذا الأمر طبيعياً جداً. لقد عرفنا بعضنا البعض منذ وقت طويل وبصورة جيدة بحيث لا يجب علينا أن نندهش أو نمتعض إذا لم تتطابق وجهات نظرنا حول أمر من ال?مور. *السفير البريطاني في الخرطوم