نظم منتدى السرد والنقد بالمستشارية الثقافية الايرانية أمسية حول النص الفارسي والسوداني شاركت خلالها الكاتبة سارة الجاك بورقة بعنوان :- السرد الفارسي : مشكلة نص أم حاجز لغة وقدم الكاتب محمد حسن المجمر بعض الرؤى حول النص الفارسي مقارنة بنصوص سودانية ... أشارت سارة في ورقتها بدءاً الى قلة النصوص المترجمة من النص الفارسي وطرحت بعض التساؤلات قائلة : فلنبدأ من حيث السؤال عن عدم توفر نصوص سردية فارسية ، أيعزى ذلك الى مشكلة في بناء النص أم حاجز اللغة هو ما جعل منا جاهلين بما يحمل ذلك النص ؟ ولعلنا اذ نحاول هنا الإجابة على هذا السؤال لا تدعي بالضرورة إحاطتنا بكامل الأسرار وتغطية الجوانب المعتمة من نموذج الكتابة الفارسية ذلك كوننا لم نغثر على ما يكفي من النصوص التي تمكن من إنشاء مقولة نقدية دقيقة صارمة لذا فإن جهدنا هذا لا يعدو كونه ملاحظات أولية يمكن أن تطور فيما بعد وسأحاول هنا أن أجاوب على سؤالي التصديري من خلال ثلاثة نصوص وفي الظن أنها لا تعدو كافية و?كنها على الأقل تمكننا من انتاج فرضية نقدية ربما نستطيع إثباتها اذا توفرت لنا العديد من الكتابات ورغم قلة عددها الا أنها على الأقل تمايزت فيما بينها بصورة ملحوظة كونها اعتمدت مختلف تقنيات السرد وهذا ما يجعلنا ندعي ثراء الحكي الفارسي وتفاعله مع حركة السرد العالمي خصوصاً وأن التقنيات المستخدمة في النصوص موضع دراستنا هذه تعد من الحداثة بمكان بما احتوت عليه من علامات تقربها من تجربة النص السردي المفتوح والذي يحتمل بداخله كامل العلامات والجمالية ، فالنصوص التي اعتمدنا عليها احتملت الصورة السينمائية بكامل حركتها ?اللغة الشعرية الكثيفة علاوة على الحوار الدرامي . حيث اننا ومن خلال قراءتنا لنص نزوة عرضية لكاتبه حنون مجيد لمحنا أن الكاتب كان مهتماً بكتابة نص قصير كثيف من حيث لغته ومحمولاته المعرفية بما يشابه تلكم اللغة والدلالات الموجودة في قصيدة النثر الحالية مع اهتمامه بإبراز المكان محل النص بصورة دقيقة يمكن لها أن تفتح آفاقاً لقراءة النص غير تلك الأفاق المحتملة من المتلقي وهذا أيضاً لم يقعد بالكاتب من انشاء عقدة للنص وتوفير حالة من السرد المشوق . أما النص الآخر ( البياض الناصع ) فقد إبتدر الكاتب طريقته في السرد بإس?خدام تقنية المونولوج الداخلي كمفتاح للنص يمكن الراوي فيما بعد من سرد تداعياته وخلجاته دون الوقوع في فخ تجربة الراوي العليم , ولعلها تحسب لصالح ذكاء الكاتب بحيث يمكنه القول في النص ما أراد دون وجود أي قيد منهجي يحده ويجعل منه عاجزا من إطلاق مقولاته الفلسفية والتي وضعت داخل النص في قوالب أقرب للشعرية منها إلى الحكاية مع إستخدام مقاطع محوارية أمكنت من إتقان لعبة السرد ببراعة , ثم جئنا على النومزج الثالث وهو نص ( مرآة ) والذي إفتتحه الكاتب هكذا: .وقفت أمام مرآتها .. تطلعت إلى نفسها , فهالها أن تجد زجاجها لا يعكس إلا صورة وطأتها الايام وشوهت معالمها بجملة فلسفية مفتاحية جعل الكاتب خن متلقية لا يبحث عن شيْ أكثر من جملة النص الفلسفية هذه وبهذا إستطاع الإنفلات من سؤال الأسلوب. نلخص من جملة ما سردنا إلى فرضية عبد الله القصيمي القائلة ( إنه لولا رجال أصحاء جاءوا يبشرون بالحياة ويصنعونها ويمارسوها , جاءوا يدعون إلى مجد الأرض ويشيدوا بمجد الشهوة والغريزة بسلوكهم ومنطقهم , لما إستطاعت الإنسانية أن تعبر الصحراء الرهيبة الفاصلة بين البداوة والحضارة . ( من كتاب أيها العقل من رآك _لعبد الله القصيمي ) عطفا على هذه المقولة فإننا نلخص إلى إجابة ضمنية هي أن الحضارة التي بناها الفرس على مر العصور لا ينبغي أن تكون نتاج الصدفة المحضة بل هي وبكل تأكيد نتاج جهود بشرية جبارة لبشر وبما أننا ندعي أن الكاتب هو أغلب حالاته نبي في قومه فإن هذا يدل على أن هذه الحضارة لا بد حوت منقولاتها من أسطورة وتاريخ وغيرها والتي هي في الأصل نماذج سردية لا غير وعلى ذلك يمكننا القول بأن ما توفرنا عليه من نماذج للسرد الفارسي تؤكد على براعة هذه الكتابة وأن الأصل في عدم إطلاعنا عليها هو ضعف حركة الترجمة والتي نتمنى ألا تكون عائقا يقف أ?ام آداب العالم من الإنتشار . عقب على الورقة الأستاذ محمد حسن رابح المجمر قائلاً:- فى حالة التعاطى النقدى مع نصوص تأتى من ترجمات لثقافة أخرى ، لايكون الشكل مهما بقدرما يكون المضون هو أصل البحث ، نبحث فى هذا السياق عن الميزات الاساسية التى طبعت هذا المضمون وأعطته إمتداداته الثقافية التى يمكن تفسيرها فى سياقها العام باقل ادعاء بالعمل فى داخل الثقافة الأخرى . القصة الفارسية (البياض الناص ) للقاص على مؤذنى ، تميزت بخصوصيتها البيئية الى إحتفلت (بالمناخ والبيئة ) فى جبال الأناضول أكثر من إحتفائها برمزية (صراع الشخوص ) فى وجه الطبيعة . ووفرت هذه القصة عددا من المشتركات على المستوى المفاهيمى بإستغلال تقنية الفلاش باك فى (تشيئة الخوف وتجسيده ) مجاريا (نمط الكتابة المقامية ) فى الأدب الفارسى فى أن كانت القصة مليئة باللغة الشعرية الكثيفة ، وكانت صوفيته الظاهرة أبرز هذه المشتركات بينه وبين تلك اللغة الى تمت الترجمة اليها ، بالرغم من أن الترجمة قد أضاعت بضعفها جوانبا مهمة من (دلالات المفردات الشعرية فى داخل اللغة الفارسية ) الأم . ورقة الاستاذة سارة الجاك مهمة وجاءت موضوعية فى أن (فتحت الباب ) أمام الكتاب الشباب للبحث فى داخل هذه الثقافة الثرية بعمقها الحضارى الكبير فى (وسط آسيا ) بإسلاميتها وأوربيتها وكونيتها الظاهرة ، وذلك ما للمثاقفة من أهمية ، وما للحراك الثقافى من قيمة إنسانية وإجتماعية ، ونأمل ان يتم تبادل الترجمات مابين الثقافتين العربية والفارسية على حد سواء وفق رؤى وأهداف فنية وثقافية لا التباس فيها ، يضيف لهذه العلاقات المتطورة بين هذه الشعوب ويمتن من صلاتها على مستوى الوعى والمعرفة . وقد شهدت الجلسة قراءات من الأدب الفارسي والسوداني ورؤى حولها .