روسيا ترفض لتدخلات الأجنبية في السودان ومخططات تمزيقه    البرهان يودع سفيري السودان لمصر واثيوبيا "الفريق أول ركن مهندس عماد الدين عدوي والسفير الزين إبراهين حسين"    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. الناشط صلاح سندالة يسخر من المطربة المصرية "جواهر" بعد ترديدها الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله) خلال حفل بالقاهرة    طباخ لجنة التسيير جاب ضقلها بكركب!    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    وزير الصحة: الجيش الأبيض يخدم بشجاعة في كل ولايات السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    تجارة المعاداة للسامية    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    الانتفاضات الطلابية مجدداً    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    استجابة للسودان مجلس الأمن يعقد اجتماعا خاصا يوم الاثنين لمناقشة العدوان الإماراتي    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    السودان..البرهان يصدر قراراً    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وفودنا في معارض الكتب والمهرجانات الأدبية والمؤتمرات(تمامة عدد)
الروائي أبراهيم اسحق
نشر في الصحافة يوم 15 - 11 - 2011

الروائي ابراهيم اسحق , رئيس سابق لاتحاد الكتاب السودانيين ، باحث في التراث الشعبي ، أسهم منذ ستينيات القرن الماضي في الحركة الثقافية صدرت له العديد من الروايات والقصص : أخبار البنت مياكايا ، حدث في القرية ، مهرجان المدرسة القديمة ، وبال في كليمندو وناس من كافا وغيرها .. جلسنا معه لنحاوره حول بعض هموم الساحة الثقافية :-
كيف توفق ما بين التراث المحلي والحداثة في كتاباتك السردية؟
قد يكون ذلك التوفيق محققاً من خلال الفكير في التراث المحلي بعيون كاتب السرد في البيئة المتأخرة حضارياً، يبحث عن المُثل والفضائل الإيجابية في مجتمعه ليعلي من شأنها، مسائل مثل النخوة والشجاعة والإنصاف تبدو راكزة في الطبع الإنساني، ومقدرة في كل المجتمعات .. لكن كاتب السرد المؤسَسَ علي بيئة حضارية متخلفة يستخدم في تقديمه لمُثل وفضائل مجتمعه، وآخر ما أبتدعه الحداثيون من فنون الحكي اللائق بالعصر .. وهنا يكمن ذلك التوفيق.
تأثير البيئة على كتاباتك، بمعنى هل تحاول أن تنسخ البيئة أم تستلهم منها نموذجاً؟
نسخ البيئة في العمل الفني لايعطينا جمالاً.. تخيّل أن يركز أحد المصورين كاميرا سينمائية ويسجل كل مايجري أمامه في سوق ريفي، وهنا لانطلع بفيلم لايصلح إلا لإستخدام جماعة المخابرات وجامعي المعلومات لأجل وضع خطط للتطوير العمراني.. الفيلم السردي واللوحة والقصة كلها تستلهم الحياة الفوضوية اليومية، للإستخراج تتابع جديد لمكونات الحياة تُرشح للمُطَلع على العمل الفني فرصة لفهم الحياة الإنسانية فهماً جديدأً، وتحمل المعروض من الحياة لما يوضع فيه من ترتيب وتنسيق يُبعد الرتابة والفوضى، إن خلق الأنموذج هو ان يبدع الفنان ص?رة متخيلة مُستلهمة من الحياة العامة لكنها تغدو أكثر تشويقاً وأقرب للفهم مما في الحياة اليومية.
ماهي قاعدتك الأساسية في الكتابة السردية، والمعطيات التي تقوم عليها من حيث الكل والمحتوى؟
أظنني أطلعتُ على كثير من روائع الكتابات القصصية في وقت مُبكر، وقد أقتنعت بعدئذ بأن القصة التي أكتبها يجدر بها ألا تحبط القارئ بإضاعه وقته في بيان المظاهر العادية للحياة، وفي وقتٍ ما إشتكى أحد قرائي من عمل مثل رواية ( أعمال الليل والبلدة) بأنها تغرق في الوصف الذي لاطائل من ورائه، ولم أستطع أن أدافع عن ذلك العمل لأنني أميل نحو الإعتراف بأن الكُتاب مهما إحترزوا لابد لهم من هنات، ولكن بدون ذلك الوصف الدقيق في ( أعمال الليل والبلدة) لايمكن للقارئ أن يستوعب المحتوى، وهكذا.. ربما حاولت في الأعمال التالية لتلك الر?اية أن أجعل الشكل الروائي أخف وطأة على القارئ، دون أن يمس ذلك بالبيان المطلوب في المحتوى، هذه هي القاعدة الأساسية في نظري .. الشكل في القصة أو الرواية يؤدي دوراً، والمحتوى المستهدف هي الجائزة لمعاناة القارئ، ويجب ألا يستعجل أحدهما على حساب الآخر.
هل يمكن أن نعتبر روايتي ( فضيحة آل نورين) و(أخبار البنت مياكايا) محاولتين لخلق عالم طوباوي؟
نعم إذا كنا نريد القول بأن الماضي المثقوب بالنواقص يستدعي منّا طوباوية تبدو فيها حياة الجماعة أكثر إشراقاً.. النُقاد مثل أحمد عبدالمكرم وأحمد صادق تكلموا في أن خيبة أهل عثمان في المآلات التي تذهب إليها الدكة بسلسلة الفضائح البادئة من جريرة أولاد نورين وسواهم، دفعت بشخصيات عديدة في الرواية لتطهير الدكة من أوزارها وإقامة قواعد جديدة للسلوك الحميد، والناقد احمد عبدالمكرم ممن يقرأون هذا الدور (لآل كباشي) قراءة رفيعة كما لاحظت في مقاله بمجلة (أوراق) العدد(64) وأما (مياكايا) فقد تفاءلت فيما يخص السكون المطلوب لل?نازعات العرقية والثقافية لدى مكونات الذاتية السودانية منذ القرن الرابع عشر الميلادي، وكثير من النُقاد الذين كتبوا عن هذه اللرواية قدّروا فيها هذا (التفاؤل)، لكن مسار الأحداث للأسف .. مزق ذلك (التفاؤل)، في يوليو2011.
ماهي خلفيات رؤيتك في تقصير حجم الرواية؟
الجانب التفصيلي في منطقي لهذه الرؤية قدمته في مقال بمجالة( الخرطوم) العدد 29 في ابريل 2007، وقد لا تنعدم في رؤيتي تلك إشتهائية شخصية، فالزمن المتوفر كفراغ لرجل أو إمرأة في القرن التاسع عشر كان يمكّنه من قراءة آلاف الصفحات في روايات (ديكتر ، بلزاك، ودستوفسكي) ولكن الإنسان في عصرنا هذا لايسمح له وقت فراغه إلا بساعتين ربما.. وهما اللائي طالع فيهما الناقد محجوب كبلو(الراي العام 14/9/2011) رواية خلف الله سليمان ( في تأويل مقام الورد) .. وعلى كلٍ فأنا أعتقد بأن التركيز في الرواية القصيرة يجعلها أكثر إنصافا للشكل?والمحتوى معاً، لهذا فروايات مثل ( الدب) لفولكر، (اللؤلؤة) لشتاينبك و(مصير إنسان)لشولوخوف، (العجوز والبحر) لهمنغواي، هي أجمل ماكتب هؤلاء الأفذاذ في الإبداع السردي.
أنت دائماً ماتتحسر على عدم وجود السرد السوداني في المحافل العربية والإفريقية والعالمية؟
نعم.. فالعربية محاربة من جانبين، أصحابها الأثرياء والمتقدمين حضارياً، ومن الجانب الآخر العالم المتحضر الذي لايرغب في أن تنافس العربية وحضارتها الإسلامية لغاتهم وحضارتهم، ونحن شاء الله لنا أن نقع في التخوم، اليمن ومورتانيا والسودان وجزر القُمُر وجيبوتي ومن طبقاتهم، آدابنا لاتجد مجالاً للعرض في المحافل العربية المشرقية أو المغربية، لا في المعارض ولافي المجلات المتخصصة للعرض الإبداعي، وحكوماتنا لم تقم بدورها في مساعدة آدابنا بالنشر والإعلان وجذب المترجمين للنماذج الجيدة، لهذا فوفودنا في معارض الكتب والمهرجا?ات الأدبية والمؤتمرات، في المشرق والمغرب العربيان هم (تمامة عدد)، حتى لايحتج أحد على إهمال أهل التخوم في هذه المحافل، والمطلوب من وفودنا ان يلجوا بالإبداع الرفيع الطالع من الجزيرة العربيةوأطرافها وشمال أفريقيا، لكن المشاركين في تلك المحافل يعتذرون للوفود السودانية بأنهم لم يجدوا لهم إنتاجا حتى يقرأونه!! واما إفريقيا فهي تكتب بالإنجليزية والفرنسية والأسبانية، وبالتالي فآدابهم هي روافد لآداب تلك اللغات الأوروبية.. ونحن بالنسبة لهم كالصين واليابان، لايعرفون عنا إلا مايترجم لنا إلي اللغات الأوروبية.
يلاحظ إهتمامك غرب السودان لمعظم كتاباتك السردية؟
حينما بدأ آل كباشي بسرد حكاياهم للعالم في العام 1969 كانت قريتهم شبه معزولة عن العالم، لهذا .. ما بين 1969 و1973 جاءت أربع روايات كلها محصورة الأحداث في الدِكة، لكن الزمن بعد العام 1975 وحتى الألفية الثالثة من حاضرنا إنداحت الأحداث بآل كباشي فوصلوا إلي بورتسودان، وخرجوا إلي العالم ووصلت أجيالهم إلي أحفاد الرواة في بعض من الأعمال الأولى.. وهكذا كثرت النصوص التي دارت في كردفان،والنيل الأبيض، وفي امدرمان وحتى في شندي، وكلما توسع الوعي الكوني لآل كباشي بعِدوا عن الإنحصار في غرب السودان وصاروا عالميين.
إذا تم تحويل أعمالك الروائية إلي أفلام سينمائية، هل يمكن ان تكتسب بعداً آخر؟
أتوقع ذلك.. فالرؤية الإبداعية لصانع السيناريو والمخرج للعمل السينمائي محررة تماماً في رؤيتي.. وتكفيني الإشارة إلي أن الفكرة الإبتدائية هي لي، أنا متفاءل بالمخرج سعيد حامد الذي أبدى هو ومعاونوه منذ رمضان 1432ه إهتماماً مقدّراً بالتعرف على أعمالي، وإخراج فيلم مدته تتراوح مابين 30 و40 دقيقة عن قصة قصيرة ملائمة، هو تقليد أسس له كبار المخرجين المصريين وتناولوا فيه عينات جيدة لنجيب محفوظويوسف إدريس وإحسان عبدالقدوس وغيرهم، ولا أرى مانعا فيما يخصنا.
بعض نصوصك السردية تطرقت للقضايا الوطنية، مثال لذلك قصة (المستر ماكنيل)؟
أنا رأيت نقداً جيداً للتواجدات الوطنية في رواية( مهرجان المدرسة القديمة) وقد سرني جداً أن عشاء( المستر ماكنيل) قد لقيت تجاوباً وطنياً،وأفرحني جد حينما علمت بأن آل قرناص الحلفاويون هم أصحاب الواقعة الحقيقية التي طلعت منها قصة( مستر ماكنيل) ولم أكن أدرك ذلك أوان كتابتها .. هنالك في وقائع التاريخ السوداني الكثير جداً من من المحطات الوطنية التي تستحق من كُتاب السرد السوداني العناية، وإلتقاط مثل هذه الوقائع وتكثيفها سردياً هو عمل معهود في روايات كُتاب أعلام مثل فيدور، دستوفسكي، وليوتولستوي وترومان كابوت.
هل توجد ملامح من سيرتك الذاتية في بعض نصوصك السردية؟
قطعاً صحيح.. ولكن إثبات ذلك يحتاج لنُقاد بمقدورهم غربلة النصوص التي كُتبت وسيرتي الذاتية ، وبالطبع فانا لن أعين أحداً على كشف أوراقي، وإذا ما تكشفت تلك الأوراق فليس لدي ما اخجل منه، فقد قلت بأنني أُعجبت بالطريقة التي يحور بها عباقرة مثل ليوتولستويوهمنجواي تجاربهم الذاتية حتى تكون إبداعاً خيالياًبذلك الرُقي والمصداقية.
هل يقوم كاتب السرد بدور الناقد لأعماله؟
لو مدح عمله تهبّل.. ولو شرح رؤيته لاعماله وكانه ناقد يتساكن مع المبدع في ذات واحدة ، فهو يغش، فالنص كما يقولون له إعتباريته الخاصه بعيداً عن المبدع وعن القارئ معاً، وإحتمالات المعاني فيه قد تكون لامتناهية، والدور النقدي للسارد له لحظتان، فبعض الكُتاب يبتر من نصه أجزاء لأنها تُفقد النص قدرته الجمالية أو المعنوية، وبعض الكُتاب يراجع أعماله فيدمج القصص القصيرة في الروايات مثلاً، وهذه هي أقصى ما أعلم عن دور نقدي يلعبه مبدع السرد في أعمال نفسه.
يقال أن الرواية أصبحت ديوان العرب،بينما تراجع الشعر إلي المركز الثاني؟
الشعر يأخذ بهاءه في المنابر، والمنابر أصبحت قليلة جداً في حياتنا المعاصرة، وقراءة الشعر الموزون والمقفى كان يعطي للقارئ قدره لابأس بها في المحافظة على الجرس الموسيقي المحتفى به في الأوزان، الشعر الحديث صارت موسيقاه المعنوية تعوّض قليلاً أو كثيراً عن عن الجرس اللفظي، ولهذا رأينا شعراء من هذا الزمان يلحقون أقراصاً مدمجة تحتوي على إلقائهم بصحبه دواوينهم الشعرية، والرواية لها القدرة ان تصحب القارئ الصامت في القطار والطائرة وغرفة النوم وركن الحديقة وموقع العمل المعزول، وعوضاً عن الموسيقي اللفظية أالمعنوية فالرو?ية تمنح لقارئها جواً واقعياًلإنسان يستطيع القارئ أن يعرف عنه نواقصه ومحاسنه، في مواقف قد تشبه ما يمر به بعض القراء أو تختلف.. وبهذا فقد صارت معالجة معاجة القضايا الإنسانية والإجتماعية، على تنوعها، موفورة للرواية أكثر مما للشعر.
يقال أن أغلب الأعمال الروائية الجديدة، عجولة وسطحية؟
لم يعُد الذين يكتبون الرواية كلهم أوجلهم معنيون بقراءة النصوص الرائعة للرواية العالمية، أو التخطيط الجيد للمعاني والأشكال التي يجب أن يراعيها السارد في خطته لروايته، أغلبهم الآن يكتبون لأنهم مُحبطون ولا عمل لهم ويريدون تحدي المجتمع المنافق بكشف المستور الذي يُخفى وراءه، هذه روايات سطحية وتُكتب في عجلة، وقد تثير، لكنها لا تبقى في الوجدان.
هل الرواية السودانية كشفت عن حجم المسكوت عنه في المجتمع السوداني؟
لحدٍ ما نعم .. أبكر أدم إسماعيل وعبدالعزيز بركة ساكن وبعض من أمثالهم سعوا إلي هذا الهدف، لكن الذي لا أفهمه هو .. هل كشف المسكوت عنه يؤسس لإبداع جيد؟ قضايا المجتمع هي عملية توازن نعطي فيه للمسكوت عنه عشرة في المائة من إهتمامنا، ونهتم في باقي الوقت بالمعايش والراحة وإقتناص الحكمة التي نُدير بها شئوننا الحياتية في معمعة الرغائب المتعارضة،
الذين أعطوا للمسكوت عنه حجماً أكبر مما يستحقه لم يكسبوا تقديراً أدبياً عالمياً مثل سواهم، وأستطيع أن أسمي.. ديفد هيربرت، لورنس ضريل،هنري ميلر، ألبرتو مورافيا، فرانسوا ساجان، فلادمير نابكوف، وسواهم.
هل وجدت القارئ الذي تبحث عنه؟
نعم.. هم أقلية ولكنهم يكفونني للإشباع الوجداني الذي يجعلني راضياً عن الكدح في الكتابة، القارئ الذكي يستمع للناقد الذكي، وقد يعيد القراءة فيكتشف لنفسه، ويتوسع الإهتمام.
توظيف الأسطورة الكونية والمحلية في كتاباتك؟
لقد قرات للدكتورة آسيا محمد وداعة الله واحمد ضحية بعض إكتشافات أسعدتني في هذا الجانب، إستخدام الكُتّاب المسلمين للأسطورة الكونية محدود جداً، لكن إستخدامنا للأسطورة البطولية قد تُشعر القارئ بأن البطولة ليست إلا مزيدا من الجهد والصبر، وهذه حالة يحتاجها المجتمع بإستمرار، ولا إستغناء عنها لحفظ كرامتهم.
هل الماضي ضرورة لفهم الحاضر، في الكتابات الروائية؟
الماضي ذاكرة ضرورية للإعتبار ولفهم الحاضر إستعدادا لقرارات مؤثرة في المستقبل، لذلك لا تعدم قصة قصيرة او رواية بُعداً ماضوياً، وكما قال: عمر بن الخطاب( فهم الإسلام يستدعي معرفة ما بأحوال الجاهلية) الروايات السودانية المزكورة في التاريخ مثل ( أحوال المحارب القديم) لحسن البكري، و(مهر الصياح) لأمير تاج السرهي مفاتيح لفهم عالمنا السوداني ، ونحتاج لكثير منها.
لماذ أخترت الكتابة السردية كطريقة تعبير تخصك؟
أظنني وعيت مُذ كنت في المرحلة المتوسطة بالفاشر بأنني بمثابة سفير لأهلي، ولما كنت لا أنظم الشعر، ولحدٍِ ما اتقن الحكي بشهادة أصدقائي مثل حامد علي محمد نور، فقد أكثرت من المطالعة في السرديات، وقد أكتشفت منذ المرحلة الثانوية بان الحياة التي يعيشها أهلنا تستحق مثل غيرها أن تدون في السرد، فهي حياة إنسانية ثرية وكريمة، والذي نحتاج له حتى نُحقق ذلك.. هو مجرد التتلمذ بقوة على فنيات الإبداع السردي.
في رائيك .. ما الفرق بين التاريخ الرواية؟
التاريخ هو وقائع جاءتنا منها نتفاً من الأخباريات، الكثير منها منحازة وغير صادقة، لكن أشرّ ما في التاريخ هو إغفاله لدور الناس العاديين في الحياة لتلك العصور.. السلطان علي دينار جمع أتباعه بضعه ألاف وأتجه بهم إلي دارفور وأخضع كل منافسيه وبسط نفوذه على أرض أسلافه من سلاطين الفور ثم تحالف مع تركيا وواجه الإنجليز حتى قُتل ، فأين أغمار الناس الذين صحبوا السلطان كل هذه السنين؟ أن دور الرواية هي أن تمنحنا
حيوات أولئك الأغمار من الناس، في رواية مثل( وبال في كلمندو) يستطيع القارئ أن يعرف الكثير عن جابر ود المقدوم وعن الزاكي ولد بخيت، وبطولات أسلافهم وسط جماهيرهم، التاريخ قد يخدم الرواية، ولكن الرواية إنما تعّوض عن التاريخ أو تسد منه الثغرات.
في بداياتك كيف كنت تفكر.. في الشهرة أم النجاح أم إيصال الرسالة فحسب؟
لا أظنني كنت مهتماً بالنجومية في أية مرحلة من حياتي ..بل أنا ( أتكسف)إذا ما واجهتني لحظة إهتمام بشخصي، لكن النجاح أمر مرغوب جداً، هو تحقيق لهدف، وإنجاز، وإشباع للذات المتطلعة للنفع العام، وكما قلت في الإجابة على السؤال الثامن عشر .. فأن تُسفر عن أهلك هو أن تؤكد أهليتهم كبشر مؤهلين للإنسانية، وأظن أن ايصال الرسالة هو مرحلة فوق ذلك، حينما تستطيع التعبير عن مواطنيك ، واخوتك في الدين والحضارة .. فتعطي لكل هذه الدوائر شعوراً بالإستحقاق ، ذلك مطمح مطلوب ومشتهى مهما تصعب النوالات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.