الذي لا شك فيه أن سياسات العالم الثالث تقع تحت السيطرة الكاملة للنفوذ الاميركي يوجهها حيث يشاء، واضعاً بالطبع جميع الاعتبارات للمصالح الاميركية. والمتتبع للسياسة الاميركية في عهد بوش واوباما يرى أن هذين العقدين شهدا تطوراً سلبياً في السياسات الاميركية، واخذت ادارة بوش تمارس نوعاً من البلطجة السياسية الذي أفقدها احترام العالم كله، ولا ننسى ولن ينسى العالم أيضاً الأكاذيب والاراجيف التي روجها جورج بوش ضد النظام العراقي في ذلك الوقت، وأحدث شبه قناعة بأن العراق يمتلك أسلحة نووية وأسلحة بايولوجية، ولم يفت هذا الادعاء على كافة الناس الذين لهم ذرة من العقل او المعرفة، ولكنه اي جورج بوش، كان صاحب حاجة، وقيل في المثل صاحب الحاجة أرعن، فأرسل أساطيله وأسلحته ا?مدمرة وحطم بها بلدا واعدا كالعراق، وقد استطاع جورج بوش ان يهيئ الرأي العام العربي لمجزرته، وكانت فضيحة كبرى أن يؤيده حكام العرب في ذلك الوقت ويسكتون على المجازر البشرية التي حدثت في العراق، كما أنهم كانوا يرون كيف أن جورج بوش حطم كل البنيات الاساسية في العراق، وقام جنوده من كل الفئات بنهب وسرقة بترول العراق لمصلحة اميركا، وتحضرني بهذه المناسبة كيف أن نظام مبارك قد سمح بمرور الطائرات العسكرية الاميركية عبر الأجواء المصرية، وسمح أيضاً بعبور «198» بارجة حربية أميركية لقناة السويس في الفترة ما بين 1002 الى 500?م، وقامت الداخلية المصرية بتدريب «052» عنصراً من الشرطة العراقية لقمعه ومنعه لمقاومة الاحتلال الاميركي، وذلك يمثل جزءاً يسيراً من التهاون العربي في حق الأمة العربية وميلهم الواضح الى ادارة بوش. ذكرت هذا لأذكر الجميع بأن جورج بوش قد أصابه الغرور والصلف والبطر والاستهانة بحكام العرب في ذلك الوقت، وقد بلغ به هذا الصلف أن يبشرنا بأمرين مهمين وهما موضوع الشرق الاوسط الجديد وقيام أنظمة عربية تواكب التطور، والذين لا يعلمون يعتقدون أن جورج بوش اما صالح واما فالح، وهو لا هذا ولا ذاك، لأن السياسات الأميركية في معظم الأحيان لا يحددها الرئيس الموجود في البيت الابيض، بل تحددها عدة جهات تشترك جميعاً في تكييف السياسة الاميركية التي تمكن أميركا من السيطرة على العالم، وهذه الجهات هي: C. I. A)) المخابرات الاميركية، مراكز النفوذ في البيت الابيض والخارجية الاميركية، وكذلك لجان الضغط في الكونجرس، وجورج بوش حينما ذكر ذلك كان على قناعة تامة بأن هذه هي السياسة الاميركية المتفق عليها من الجميع، وهذا هو باراك اوباما يشهد تحقيق ما قاله جورج بوش في عهده، وكأنما لا يعلم شيئاً عنه من ذي قبل، وها هو يؤيد كل التغيرات التي حدثت في العالم العربي ويباركها، وهذا يعني أن الجمهوريين والديمقراطيين لا يختلفان في أمر من الأمور التي تهدف إلى تمكين أميركا، وهنا تبرز الحقيقة بأنهما وجهان لعملة واحدة. ونحن نأخذ على السيد باراك أوباما تنكره لما أعلنه عند بداية فوزه، وأخذ يتصرف كما تصرف جورج بوش ولكنه بهدوء. ونحن ننبه السيد أوباما إلى أن اميركا لديها كل الفرص بأن تقود العالم الآن ان وازنت بين مصالح الامم والشعوب، لأن الشعوب التي تمثل أكثر من 081 دولة لا بد أن يأتي اليوم الذي تنتصر فيه إرادتها، وأميركا ما عادت «أميركا زمان»، ففي هذا العام شهدت شوارع بعض مدنها المظاهرات التي تشكو من الغلاء وعدم يسر وسهولة المعيشة، ولكنني اؤكد لكم أن هذه الجماهير الأميركية ستذهب إلى أبعد من ذلك، وستشهد اميركا رفض النظام الرأسمالي الذي سوقت له ما يربو عن المائة وخمسين عاماً، الذي يعتبر جزءاً أساسياً من سياساتها، وأخشى ما أخشاه أن ?تطور هذه المظاهرات الشعبية في اميركا للمطالبة على الاقل بسياسات اقتصادية وسطية لا تركن إلى ترك السوق على «حل شعره»، وقد قالها بعض المتظاهرين. كما أذكر السيد أوباما بأن الموقف الاقتصادي الاميركي قد تدهور كثيراً إبان الأزمة الاقتصادية الحالية، وذلك بسبب السياسات الاميركية الخرقاء التي كانت تخصص في يوم من الأيام حوالى الاربعين مليار دولار سنوياً تقسم على افراد وجماعات ومن وراء ظهور حكوماتهم خدمة للرغبة الاميركية التي تريد أن تعرف كل شيء. وهي بهذا التصرف كانت ومازالت تتلقى كثيراً من المعلومات المضللة غير الصحي?ة، الامر الذي ينعكس سلباً. كلمة أخيرة أوجهها إلى الرئيس أوباما وأقول له بأنك فزت في الانتخابات الأخيرة على أسوأ رئيس عرفته أميركا وعرفه العالم، والجميع كانوا يتوقعون منك أن تنتهج سياسات تسعى إلى مصلحة الشعوب بقدرما تسعى الى المصالح الاميركية، وقد كان حديثك في أيامك الاوائل حديثاً مشجعاً، واستطاع أن يلفت نظر الجميع إلى أن رئيساً مختلفاً عن سابقيه قد قدم إلى البيت الابيض، ولكني أشير الى مثل بسيط من عدة أمثلة ستأتي في حديث آخر، وهو التزامك بالضغط على إسرائيل للدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين بدون تعقيدات، ولكنك فشلت في ما التزمت به. ونص?حة خالصة أقدمها لك لوجه الله تعالى، وهي التعامل مع الثورات الجديدة التي حدثت في العالم العربي بحيدة ونزاهة، لأننا نرى الآن ظلماً واضحاً واقعاً على البعض بمباركة أميركية غير علنية. إلى قادة العمل الوطني في الشمال والجنوب: مازلنا نشهد هذه التجاذبات بين قادة حكومة الجنوب والشمال، ونحن نرى أن موضوع الكرمك وجنوب النيل الأزرق موضوع محسوم ومحلول، ولكننا نناشد الإخوة في قيادة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية أن يستجيبوا لنداء العقل لأن هذه المعارك المعلنة والمعارك المرتقبة لن تؤدي إلى أي خير في الشمال او الجنوب، ومازال الكثيرون يعتقدون أن الخير كل الخير في وحدة الشمال والجنوب التي يجب أن تتم بتعاقد أكبر من المؤتمر الوطني او الحركة الشعبية، وأعني بذلك أن كل التنظيمات السياسية التي لا تحمل سلاحاً مطلوب منها الآن أن تفكر في هذه الوحدة ?روية، وعلينا ألا نستجيب لنداءات المتطرفين والمأجورين. لقد مضى على الانفصال المشؤوم حوالى «4» أشهر، وليس هناك من سوداني واحد مرتاح لهذا الوضع والكل يرجو الوحدة. وأرجو أن أنبه الإخوة في الحركة الشعبية إلى عدم إتاحة أية فرصة للمقاتلين في دارفور لينطلقوا من أرض الجنوب حتى لا يزجوا بالجنوب في هذا الصراع، ويمكنهم البقاء في أرض دارفور ويفعلوا ما يشاءون، لأن وجودهم في الجنوب الآن وكما أسلفت قد يسبب حرجاً لحكومة الجنوب التي يئست من الحرب، وحققت السلم مع إخوانها في الشمال. من أين لكن هذا؟! يتحدث المجتمع العاصمي عن أبراج تم تشييدها في ضاحية الخرطوم، وجميعها بأسماء من أفراد هذه السلطة، حتى أنهم أرسلوا رسولاً منهم لإحضار «الأسانسيرات» مما دفع وكلاء الشركات للثورة ضد العميل الذي تبرع بالذهاب الى الشركة المصنعة، الأمر الذي اثار حفيظة وكلاء هذه الشركات، هذا بالإضافة إلى الكم الهائل من المنازل والأبراج والعمارات التي بنيت في كافوري، ويتساءل الجميع عن كيفية بناء هذه المنازل الكثيرة التي تخص فئة محددة من الناس، ونحن لا نريد أن نشهر بأحد ولكننا نرجو ألا يكون جزء من أفراد هذا النظام منغمسين في هذا. والأخ المشير عمر البشير عليه مهمة مراجعة كل هذا، وتحويل هذه المساكن والأبراج والعمارات التي أسست الى الصالح العام، إن أردنا أن نقابل السودان بعد أيام بحكومة جديدة خالية من هذه الأشياء. كلمة لا بد منها: مرَّ علينا عيد الأضحى المبارك بكثير من الخير والبركات، ويكفينا أننا شاهدنا كل مراسم الحج عن طريق التلفاز. واستطاعت الحكومة الى حد ما ضبط اسعار الخراف، الأمر الذي مكننا جميعاً من الايفاء بهذه الشعيرة. وكان شعب السودان مبتهجاً إلى أبعد الحدود، ولم يشعر الفقراء الذين لم يستطعوا شراء الاضاحي بالحزن، إذ تقاسم الجميع كل ما ذبحوه، الأمر الذي أدخل السرور في نفوس الجميع. أخذت وفود الحجاج تصل في انتظام شديد، وجميعهم بخير وصحة وعافية، فالتهنئة لهم جميعاً، ونقول طوبى لكم يا أولى الألباب. والله الموفق.