من ضمن «7158» توصية جاءت في ختام فعاليات المؤتمر التنشيطي للحزب الحاكم بولاية البحر الاحمر في دورة انعقاده الثالثة، وردت توصيتان اعتبرهما مراقبون متناقضتين، وذلك لأن الأولى طالب من خلالها المشاركون في المؤتمر بمنح وسام الإنجاز لوالي الولاية محمد طاهر إيلا، وفي ذات الوقت أوصى المؤتمر بحل قضية المعاشيين التي ظلت تراوح مكانها دون حل منذ خمسة اعوام لم يتلق خلالها ما يربو على ثلاثة آلاف معاشي حقوقهم. وبحسب مراقبين ببورتسودان فإن التناقض يأتي من واقع ان الوالي الذي طالب اعضاء المؤتمر الوطني بمنحه وسام الانجاز، هو الذي يقف على رأس حكومة لعبت دوراً كبيراً في تفاقم أزمة حقوق المعاشيين، ويشيرون الى ان المطالبة بتكريمه تحمل بين طياتها استفزازاً واضحاً للمعاشيين الذين ظلوا قابضين على جمر الصبر منذ عام 2006م الذي شهد بداية الازمة التي تتمثل في عدم وفاء حكومة الولاية بتعهداتها الشهرية تجاه صندوق الضمان الاجتماعي، لتصل جملة حقوق المعاشيين الى 92 مليار جنيه، وهو الرقم الاعلي بين مديونيات المعاشيين في السودان الب?لغة 540 مليار جنيه. وتوجيه اصابع الاتهام لحكومة الولاية وتحميلها مسؤولية الأزمة يأتي من واقع خصمها نسبة 8% من مرتبات العاملين في القطاع العام بالولاية البالغ عددهم «18.600» عامل شهريا، وكان مناط بها تسليم هذا المبلغ بعد خصمه الى صندوق الضمان الاجتماعي، على أن تدفع شهرياً النسبة المقررة عليها التي تبلغ 18%، ولكن حكومة الولاية وبحسب المعاشيين لم تفِ منذ عام 2006م بتعهداتها تجاه صندوق الضمان الاجتماعي، وتساءل معاشي، فضل حجب اسمه، قائلاً: «حتي اذا افترضنا ان حكومة الولاية عجزت عن دفع نسبتها البالغة 18% فأين ذهبت الاموال التي كا?ت تخصمها من العمال شهرياً التي تعادل 8% من المرتبات، فهذه النسبة اذا قامت بتسليمها لصندوق الضمان الاجتماعي لتمكن من دفع ولو جزء من حقوقنا التي ليس من المنطق ان ننتظرها لسنوات، وهو امر يدعو للتعجب والدهشة، فمن أين نأكل ونواجه منصرفات الحياة الباهظة في ظل الارتفاع المتواصل للاسعار، وفي تقديري أن حكومة الولاية خانت الامانة ولم تراع ظروفنا، وبعد كل هذه المعاناة التي نرزح تحت وطأتها يطالب البعض بمنح الوالي وسام الانجاز». ويشير الأمين العام لمنظمة رعاية المعاشيين بالولاية علي ميرغني محمد أحمد، الى ان عدم تسديد حكومة الولاية الاموال المقررة عليها التي تخصمها من العاملين شهرياً، جعل صندوق الضمان الاجتماعي يقرر عدم التعامل مع ولاية البحر الاحمر، وهو الأمر الذي أضرًّ كثيراً بقضية المعاشيين، ويقول إن الصندوق ظل يرفض التعامل مع المعاشي الذي يحضر من الولاية لبحث كيفية صرف حقوقه، وكل ذلك بسبب تراكم المديونية التي اقتربت من ال 92 مليار جنيه «بالقديم»، كاشفا عن تعهد حكومة الولاية ممثلة في الوالي قبل عامين بدفع مليارين ونصف المليار ج?يه شهرياً، غير انها لم تفِ بهذا التعهد. ويضيف: «وصلنا لطريق مسدود مع حكومة الولاية، ولم نجد أمامنا خياراً غير رفع الأمر لوزير العدل، وقمنا بتحريك اجراءات قانونية والتقاضي بكل تأكيد، ووزير العدل اعطى القضية اهتماماً وخاطب الجهات ذات الصلة قبل الشروع في خطوات التقاضي، ومن جانبنا قمنا بمخاطبة وزارة الرعاية الاجتماعية وقدمنا لها شرحا وافيا لقضيتنا التي علمنا أن النائب الاول للرئيس أدرجها ضمن اجندة اهتماته ووجه بحلها، ولكن حتى الآن ليس هناك جديد في الأمر، ولن يكون هناك امامنا خيار غير مواصلة مشوار التقاضي ضد حك?مة الولاية وصندوق الضمان الاجتماعي إذا لم تحل القضية. وكانت منظمة رعاية المعاشيين قد اوكلت المهام القانونية المتعلقة بالتقاضي الي المحامي والناشط هاشم كنة الذي اشار الى ان القضية ذات ابعاد انسانية واجتماعية قبل ان تكون مالية، وذلك لأنها تتعلق بشريحة اعطت الوطن الكثير وباتت في حاجة ماسة لمقابلة عطائها بالوفاء، ويضيف: «بعد ان تم تكليفي بملف القضية وبعد ان وصل المعاشيون لقناعة ضرورة تحريك اجراءات قانونية، قمنا بمخاطبة وزير العدل وقدمنا طلباً للانذار القانوني لمقاضاة حكومة ولاية البحر الأحمر والصندوق القومي للضمان الاجتماعي، وبعد أن أنجزنا هذه المهمة تم اعطاء الج?تين مهلة خاصة بالانذار حتى نهاية عطلة عيد الاضحى المبارك، فاذا لم تكن هناك استجابة من الجهتين سنجد انفسنا مجبرين للمضي قدما في مقاضاة الطرفين، رغم اننا نتمني ألا نصل الى هذه المرحلة، وأن تقوم الجهات المختصة بحل القضية، وذلك مراعاة للجوانب الانسانية والسياسية والامنية التي تحيط بهذا الملف. وناشد كنة منظمات المجتمع المدني ومختلف الجهات والاجهزة، ضرورة العمل على المساعدة في حل هذه القضية، وقال إن الاموال التي كانت تقوم حكومة الولاية باستقطاعها تعتبر بمثابة الامانة التي يجب عدم التصرف فيها او توجيهها نحو مصاد? اخرى، وقال ان الحكومة المركزية مطالبة بايلاء هذا المف الاهتمام الكامل حتي لا تتحول القضية الى أزمة حقيقية. ورجح مصدر توجيه اموال المعاشيين من قبل حكومة الولاية نحو مشروعات البنيات التحتية التي انتظمت البحر الاحمر، وقال ان حكومة الولاية وصلت ديونها الى 694 مليار جنيه لجهات مختلفة أبرزها الشركات التي نفذت مشاريع التنمية وغيرها، وقال إن البنوك ترفض تقديم قروض لحكومة الولاية، وذلك لأنها هي الاخرى لديها ديون على الحكومة لم تف بها بعد أن تطاول أمدها، ويقول مراقب إن حكومة الولاية تتهرب من دفع مستحقات المعاشيين، وذلك لأنها تعاني ضعفاً في السيولة رغم أن ايراداتها السنوية لا تقل عن 72 مليار جنيه توجهها نحو الفصل الاول، و?شار إلى انها تعمدت تأخير المرتبات في الشهور الاخيرة وذلك لتمارس ضغوطاً على المركز، وذلك حتى لا يخصم من مال دعم الولاية الشهري الذي يتراوح ما بين ثمانية الى اثني عشر مليار جنيه شهريا، وقال إن حكومة الولاية أمام خيار واحد وهو الموافقة على الخصم الشهري من الدعم الاتحادي. وكشف عن صعوبات بالغة ستواجه الولاية خلال المرحلة المقبلة، لجهة الديون التي أثقلت بها كاهلها، عطفاً على الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وطالب مراقبون والي الولاية بإيقاف مشاريع البنيات التحتية المظهرية، والاهتمام بحقوق المعاشيين والموظف?ن، وذلك لأن الإنسان يجب أن يأتي على رأس الأولويات وليس طرق الأسفلت والانترلوك.