دولة إفريقية تصدر "أحدث عملة في العالم"    والي الخرطوم يدشن استئناف البنك الزراعي    الناطق الرسمي بإسم القوات المسلحة السودانية: نحن في الشدة بأس يتجلى!    السودان: بريطانيا شريكةٌ في المسؤولية عن الفظائع التي ترتكبها المليشيا الإرهابية وراعيتها    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    البطولة المختلطة للفئات السنية إعادة الحياة للملاعب الخضراء..الاتحاد أقدم على خطوة جريئة لإعادة النشاط للمواهب الواعدة    شاهد بالفيديو.. "معتوه" سوداني يتسبب في انقلاب ركشة (توك توك) في الشارع العام بطريقة غريبة    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تقدم فواصل من الرقص المثير مع الفنان عثمان بشة خلال حفل بالقاهرة    شاهد بالفيديو.. وسط رقصات الحاضرين وسخرية وغضب المتابعين.. نجم السوشيال ميديا رشدي الجلابي يغني داخل "كافيه" بالقاهرة وفتيات سودانيات يشعلن السجائر أثناء الحفل    شاهد بالصورة.. الفنانة مروة الدولية تعود لخطف الأضواء على السوشيال ميديا بلقطة رومانسية جديدة مع عريسها الضابط الشاب    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    موظفة في "أمازون" تعثر على قطة في أحد الطرود    "غريم حميدتي".. هل يؤثر انحياز زعيم المحاميد للجيش على مسار حرب السودان؟    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    معمل (استاك) يبدأ عمله بولاية الخرطوم بمستشفيات ام درمان    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    انتدابات الهلال لون رمادي    المريخ يواصل تدريباته وتجدد إصابة كردمان    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    القلق سيد الموقف..قطر تكشف موقفها تجاه السودان    السودان..مساعد البرهان في غرف العمليات    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمعتان وضيئتان في تاريخ الوطن (1899/11/24) استشهاد الخليفة عبد الله و(1924/11/24) استشهاد الضابط عبد الفضيل الماظ ورفاقه
من دراسات الجمعية السودانية لإعادة قراءة التاريخ:
نشر في الصحافة يوم 19 - 11 - 2011


«ترضون «بالدُونِ» والعلياء تقتسمُ:
لا تدين يوماً لراضِي «النفسِ بالدُونِ
والمجد «ينأى» فلا تدنو مراكبه
من «الجبان» ولا تنقاد بالهَوْنِ»
(الشاعر عبد الله عمر البنا)
ذكرى المولد النبوي الشريف 1921
حسن نجيلة - الملامح - ص104
(1)
الجمعة 24 نوفمبر 1899: استشهاد الخليفة عبد الله وأمراء الأنصار في (أم دبيكرات)
٭ من نتائج معركة كرري في 2 سبتمبر 1898 - الاندحار المعنوي - الذي ظل يلازم الوطن ويجرح تفكيره ويدمي وجدانه، فالثورة المهدية في جوهر حركتها كانت تعبيراً عارماً عن حضور سيادي، ظل (يدمدم) في حركة المجتمع، باشارات مباشرة وغير مباشرة، إلا أن تفجرت ثورة شعبية ترفض في رباء وشمم وقوة الوجود الأجنبي، ولتنازله في مواجهات عسكرية عنيفة وتهزمه وتسترد قيمة الوطن من بين براثن (الأتراك)، وكان طبيعياً وقد هددت الثورة السودانية مصالح النظام الدولي آنذاك، أن تتداعى (ذئابه) بما يملكون من قوة عسكرية ودبلوماسية والجيش لضرب هذه ا?قوة المعنوية الفائقة قبل أن يستفحل أمرها في دول الجوار وكان (مؤسفاً)، أن تتبع الضربة العسكرية القاسية، (باعلام منظم) يدمر تشويهاً (صورة ثورة المهدي) وأتباعه، فكتبت المذكرات وسجلت الوقائع، بغير صدق ودون أمانة، فقد وجهت آلية الاعلام لتشويه صورة المهدي وخليفته وقواده ووقع كثير ممن كتبوا تاريخ السودان في فخ (الصورة الغربية).
٭ يورد (نعوم شقير) والرجل استخباراتي في كتابه (جغرافية وتاريخ السودان)، طبعة بيروت، 1967 ص1284.. كان الخليفة قد أتى من ساحة العرضة إلى منزله ومعه أخصاؤه وابنه وضرب (النحاس) و(الامباية) بقصد جمع الناس لمقاومة الجيش داخل (السور) فلم يتجمع عليه إلا القليل فأخذ نساؤه ونساء المهدي (أركن إلى الفرار جنوباً) (وهو تعبير غير دقيق لوصف الحالة) ومعه بضعة آلاف من (الجهادية) العرب البقارة)...» ويورد أيضاً في صفحة 1308 «فأرسلت (اليوزباشي محمود أفندي حسين) بكتيبتين من (فرسان العرب المتاحبة) (ليكشف لنا خبره) ويعين مكانه.. ?عاد فأخبر أن الخليفة يعسكر في مدخل (أم دبيكرات).. وقد تبين لنا أن احتلالنا لمدخل (جديد) أوقع الخليفة في مركز حرج جداً لأنه لم يعد بسببنا قادراً على السير شمالاً ولا يستطيع أن يتركنا وراءه ويرجع جنوباً بجموع من النساء والأولاد في حفر وعر لا ماء فيه.. ولما كانت الساعة 3 من الصباح أخبرنا (الكشاف) ان (الدراويش) على ثلاث أميال منا.. وكان الكولونيل (ماهون) قد اكتشف معسكرهم بنفسه وعين موقعه ووقف (بالسواري) و(المكسيم) اطلاق النار دفعة واحدة وكان كل ما انقشع الظلام واضاء نور النهار زادت حركة (الدراويش) وضوحاً حتى ر?يناهم يهاجموننا زمراً وهم يصيحون بالتهليل والتكبير غير مبالين بالموت.. ولكن نيراننا كلها كانت تصب عليهم بلا انقطاع» وأخبرنا (يونس الدكيم) الذي وجد مختبئاً بين القتلى أن الخليفة لما عجز عن الوصول للجيش أراد أن يدور حوله ولما لم يفلح نزل عن جواده وأمرهم أن ينزلوا من جيادهم ثم افترش (فروته) وجلس عليها على (عادة الفرسان العرب في السودان)، جلس الخليفة علي ود حلو عن يمينه وأحمد فضيل عن يساره، وجلس باقي الأمراء حوله في حلقة وجعلوا حرسهم الخاص صفاً واحداً أمامهم على بعد (45) ياردة.. ومكثوا ينتظرون الموت بحنان ثابت?ويعترف (شقير) أنه بالرغم من رأيه في استبداد الخليفة لا يسع الانسان إلا (الاعجاب بالشجاعة وثبات الجأش الذي لاقى بهما ميته.. ويشير (شقير) في سبات شجاعة أهل السودان إلى عادة (عقد الطرف).
٭ ويسجل (عصمت زلفو) في كتابه (كرري تحليل عسكري - 1973) - الواقعة في صفحة 566 كما يلي:
كان الطريق إلى الشمال مقفولاً أمامه (الخليفة) بواسطة (ونجت) وكان الشرق (محرقاً) عليه بالبوارج في النيل الأبيض أما انسحابه للجنوب فقد كان (مستحيلاً) بعد احتلال (العدو) لمصدر المياه الوحيد في المنطقة. فاتخذ الخليفة قراراً بأن يقف وقفته النهائية في (أم دبيكرات) فجمع الخليفة كل العسكر ووقف ينهم خطيباً (... كنتم، معي طوال المصارعة العنيفة بيني وبين العدو وقد خسرنا أكثر من نصف جيش. وقد قررت مقابلة العدو والاستشهاد) هنا وأنا أحلكم من (بيعتي) - ومن أراد الخروج الآن قبل هجوم العدو فليفعل.. أنا (عافي وراضي) عن الجمي?!» ثم توسط (الحلقة) وأمضى الليل جالساً يتقبل البيعة (البيعة الجديدة) على دوى (النقارة) و(النحاس).. وكان دويهما يصل إلى آذان (ونجت) وهو يتأهب للهجوم من (آبار جديد)».
٭ جلس (الخليفة) على صهوة جواده وجواره الخليفة علي ود حلو ويعقوب أبو زينب والصديق بن المهدي وشقيقه هارون (ص568) شاهد (الخليفة) النيران التي أبادت الصفوف في الساحة وعندما بدأ تقدم (العدو) (أمر كل امرائه) بالترجل عن جيادهم وافترش (فروته) وجلس عليها واتجه (للقبلة): جلس الخليفة علي ود حلو عن يمينه ونادى أحمد فضيل الذي كان مشغولاً باعادة (تجميع رجاله) وأجلسه عن يساره وجلس خلفه بقية من كانوا في رئاسته وعندما وجهت نيران (الرشاشات) من (أعلى التل) وقف (أب جُلبة) أمام (الخليفة) محاولاً ستره (بجلبابه) من (الرصاص المتط?ير) - فأصيب وسقط أمام الخليفة فأخذ الخليفة رأسه ووسده في (حجره) فحاول (أحمد فضيل) ابعاده من الخليفة فمنعه الخليفة قائلاً (في تأنيب: شالني 13 سنة ما أشيله في يوم استشهاده)!!!
٭ أصيب (الخليفة) في ذراعه الأيسر فستر الجرح وغطاه (بيده) وعندما بدأ (جنود الكتيبة التاسعة) التقدم نحوهم لم يطق (الخليفة علي ود حلو) فبدأ (فاستل سيفه).. في مواجهة (جنود الكتيبة) (وهو يظلع) فصاح به الخليفة (آمراً بالجلوس) - وكانت تلك (آخر كلمات) نطق بها الخليفة فقد أصيب بثلاث رصاصات في صدره اخترقت احداهم (قلبه). وفي (الساعة 40:5) في يوم الجمعة 24 نوفمبر 1899. ومع الخفقات الأخيرة لأنفاس الخليفة المتلاشية (تلاش) نهائياً ورسمياً آخر (مظهر من مظاهر السودان المستقل)..
وبعد: الانحناء.. تقديراً واعزازاً لرواد السيادة.. الوطنية كان استشهاد الخليفة وقياداته (هيراكيري) سوداني.. يرفض (الحقارة).
في يوم الخميس 2011/11/24 تكون الذكرى 112 لاستشهاد الخليفة عبد الله.
(2)
ملحمة (مستشفى النهر) واستشهاد (عبد الفضيل الماظ) الجمعة 28 نوفمبر 1924
٭ وان (تاريخ الرقعة) يموج بالكبرياء في مواجهة العسف وبعد مرور أربعة أيام وخمسة وعشرين عاماً وفي ذات جمعة وضيئة أخرى (28 نوفمبر 1924) نسج القدر احدى ملاحم الوطن المتلاحقة: (راجع حسن نجيلة ملامح من المجتمع السوداني - الجزء الأول - في ص197-208).
٭ انفجر (مرجل الثورة) التي كانت تغلي في نفوس أهل السودان.. بعد انهاء دفن (مأمور أم درمان المصري عبد الخالق حسن) في يوم (19 يونيو 1924)، فبعد أن (أنبه) صديقه المصري (القاضي توفيق وهبي) هتف (الشيخ عمر دفع الله) التاجر بأم درمان، وفي صوت هادر: (يسقط الانجليز).. (تحيا مصر)، وكانت بداية داوية لثورة حقيقية.
٭ تصدى رجال (جمعية اللواء الأبيض) لتنظيم مظاهرات دقيقة التنظيم، في مواجهة الظلم البريطاني: في كل صف خمسة من القادة فإذا قبض عليهم حل بعدهم (الصف الثاني) وهو من خمسة أنصار وشهدت العاصمة المثلثة الكثير من المظاهرات الوطنية (منظمة) أو (عفوية).
«وكان أروع مظاهرة شهدتها العاصمة تلك التي خرج فيها (طلاب المدرسة الحربية) في الخرطوم بملابسهم الرسمية يحملون (السلاح) مزودين (بالذخيرة) وذلك في صبيحة يوم السبت (9 أغسطس 1924) حيث طافوا بأهم شوارع العاصمة وكان الشعب يحييهم.. والنساء يزغردن وقد قصدوا منزل (علي عبد اللطيف) الذي كان معتقلاً هو وقادة الجمعية (اللواء الأبيض) في (سجن كوبر)، فأدوا (لدار البطل السجين) (التحية العسكرية) وخرجت لهم (روضة) وتلقتهم بالزغاريد، ومنها اتجهوا إلى (سراي الحاكم العام) ثم إلى الخرطوم بحري حتى بلغوا (سجن كوبر)، وهناك أمام السجن?وقفوا وأدوا التحية العسكرية (لسجناء الحركة الوطنية) (خلف القضبان)»... وكان طلبة الحربية أثناء مظاهراتهم ينشدون الأغاني الوطنية التي انتشرت في تلك الأيام على الأخص، فجاء في قصيدة (بأم ضفاير قودي الرسن) لعبيد عبد النور (راجع تفاصيل المحاكمة في الملامح ص199 - 200).
٭ في أعقاب تلك المظاهرات وما أعقبها من محاكمات طلبة المدرسة الحربية وبسبب تداعيات مقتل (السير لي ستاك) في القاهرة وانذار (انجلترا) للحكومة المصرية بخروج الجيش المصري من السودان في ظرف 24 ساعة، (لعلع الرصاص) في الجانب (الشرقي من الخرطوم وكانت (ثلة) من الضباط والجنود السودانيين تحاول أن تعبر (كبري النيل الأبيض) في طريقها للخرطوم بحري لتلتقي بالجيش المصري الذي كان يتأهب للمغادرة النهائية.
٭ تكونت هذه القوة العسكرية والتي أرادت أن تعبر عن مؤازرتها للجيش المصري من حوالي (100) جندي بقيادة عدد من الضباط هم (عبد الفضيل الماظ)، (حسن فضل المولى)، (ثابت عبد الرحيم)، (علي البنا)، (سليمان محمد)، كانت القوة مزودة بالسلاح والجبخانة. وعند (الكوبري) كانت هناك قوة عسكرية بريطانية تسد عليهم الطريق.. بينما كان (الكوبري) نفسه 0مفتوحاً)، ولم تتردد القوة البريطانية في اطلاق الرصاص في الهواء ارهاباً.. ولم يتردد رجال القوة السودانية في (التحصن) من (بالجداول) على جانبي الطريق و(ليصوبوا) نيرانهم الحامية نحو جنود ا?قوة البريطانية، فأرادوا عدداً منهم في الحال. دارت (الملحمة) بين الفريقين من نحو الخامسة من (مساء الخميس 27 نوفمبر 1924) حتى ضحى (الجمعة 28 نوفمبر 1924).
٭ نفدت الذخيرة من الجنود السودانيين قرب منتصف الليل فأخذوا في التسلل والاختفاء، وقد استشهد داخل مباني المستشفى العسكري (مستشفى النهر) الضابط (عبد الفضيل الماظ) بعد أن احتمى به.. وأخذ يُعلي الانجليز وابلاً من (رصاص المكسيم) ولما لم يتمكنوامن الإقتراب منه أمرت (الطابية الإنجليزية) بأن تلقى على المستشفى (القنابل الثقيلة) من بُعد فهدمت جانباً من (المستشفى) على رأس (البطل): وجدت جثته فيما بعد (تحت الانقاض) وهو (ممسك بالمكسيم) بكلتا يديه، وكأنه مازال يواصل (المعركة).
٭ من ناحية أخرى.. تسلل (سيد فرح) مختفياً في (زي بحارة عمال الوابورات) ليتصل بالجيش المصري ويسافر معه.. ويختفي (دهراً) بين قرى (مصر) إلى حين اتفاقية 1936 التي أعلنت عفواً عاماً. (اعتقل بقية الضباط) وقدموا (لمحاكمة عسكرية)، لم يعرف أحد ما دار فيها وحكم فيها على كل من الضباط حسين فضل المولى، ثابت عبد الرحيم، سليمان محمد، وعلي البنا (بالاعدام رمياً بالرصاص) ونفذ فيهم الحكم في اعدامهم في يوم 5 ديسمبر 1924، فيما ذكر (اليوزباشي قسم السيد خلف الله) وكان من بين الضباط المعتقلين وجئ به ليشهد الحكم.. ترهيباً.. وكان (?كان الاعدام) هو (الفضاء بين ثكنات الجيش ووابور المياه). شهد الاعدام كذلك:
- (هادلستون باشا) جاء فيما بعد حاكماً عاماً للسودان وهم في أزيائهم الرسمية.
- بعض (الضباط السودانيين) كل منهم يمثل (بلوك)
- رابط - ليس بعيداً - عن (الدروة) عشرون جندياً سودانياً من (فرقة السواري) التي كانت ترابط في (شمبات) منذ اندلاع الثورة وهي مدججة بالسلاح.
٭ في حوالي (الساعة السابعة صباحاً) جئ بالضباط الأربعة تحرسهم ثلة من الجنود البريطانيين شاهري السلاح (بالسونكي) وقد قيدت أيدي الضباط بالسلاسل أما أرجلهم وكانت طليقة وقد ارتدى كل منهم (حلته العسكرية)، كانوا يسيرون في خطى ثابتة ورؤسهم شامخة وتقدم (صول انجليزي) اسمه «جلبرت» من الضابط (حسن فضل المولى) أولاً وقاده إلى أول (خشبة) ونزع عنه (قبعته) ثم جعل ظهره موالياً (للخشبة) ثم (مدد) له (يديه) خلف (الخشبة) ودلاهما إلى (أسفل) وربطهما عمودياً على (الخشبة) وأخرج (قطعة قماش) كانت في جيبه و(عصب) بها (عيني الضابط حسن ف?ل المولى) ولف عليهما بخيط (رفيع) ضماناً لتثبيت قطعة القماش على العينين.. كان حسن فضل المولى ثابتاً شامخ الرأس لم يتزحزح عن وقفته قيد أنملة ولم يختلج جسمه.. أبداً.. كان زملاؤه الأبطال - في ذات موقفه.. فقد تقدموا في خطواتهم العسكرية الثابتة.. نحو (الأخشاب التي أعدموا مشدودين إليها.. قال (الصول جلبرت) قد تقدم نحو كل منهم ليضع (قطعة قماش سوداء) مستديرة على (منطقة القلب) في جسم كل منهم تحت جيب السترة من الشمال حين أوشك الرصاص أن ينطلق.. فوجئ الحضور (بالصول جلبرت) مهرولاً ويفك وثاق (الضابط علي البنا).. وينحيه بع?داً.. كان الحكم فيما علمنا بعدها.. قد عدل (ليكون تأبيداً بدل الاعدام).
٭ أطلقت مجموعات الرصاص على بقية (الضباط) وحين وجدهم (الطبيب الانجليزي أحياء.. أعيد الضرب مرة أخرى.. وتنتقل أرواح ثلاثة منهم إلى بارئها.. أما البطل (ثابت عبد الرحيم) فما زالت فيه (روح تنبض) وتولاها (ضابط انجليزي) برصاصات مباشرة من مسدسه.. وضعت (جثث الأبطال) في (لوري كبير) وليمضي بهم بعيداً في محل غير معروف.. حيث أعدت حفرة كبيرة لدفنهم.
٭ حرم على (أهل الشهداء).. البكاء أو اقامة العزاء.. ولكن الغضب كان قد وصل مداه (مدنياً وعسكرياً)، فقد تمردت (13جي اورطة في «واو»).. كما حاول (الضابط محمد سر الختم جبريل) شقيق (توفيق صالح جبريل) أن يحرض الجيش على الثورة في (الأبيض) فقبض عليه وحكم بالسجن.
٭ في يوم الثلاثاء 28 نوفمبر 2011 تكون الذكرى 87 للشهداء من العسكريين في معركة مستشفى النهر أحد أهم مواجهات ثورة 1924.
(3)
هذا (وطن عزيز) - بلا حدود ولا مدى -
وتاريخه - يزدهر بأكاليل النهر: اعتداداً وكبرياء،
(وطن) في الفؤاد ترعاه العناية
(وطن) عزيز.. وعزيز وعزيز يشمخ (قامة).. ويتعالى (كرامة).
.. الأعزاء
- (السموأل خلف الله).. هل يجد تاريخنا.. مدخلاً إلى (ليالي الانس والطرب)..
- كتاب المسرح والرواية والشعر والتشكيليين (شعاع الوطن).. (ينادي) في (حرقة).. على نفس تراجيديا الصراع.. ودراما (الهيراكيري) السوداني.. وبهذه المناسبة أين اتحادات الكتاب بشتى أنواعها ودرجاتها..
- ادارة البحوث العسكرية.. هل تفرجون عن وقائع المحاكمات العسكرية لهؤلاء الأبطال..
- دار الوثائق القومية.. هل تصدرون ملفاً.. توثيقياً.. لأحداث (مجرد الوقائع) - كما رصدت!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.