الإعيسر: قادة المليشيا المتمردة ومنتسبوها والدول التي دعمتها سينالون أشد العقاب    "قطعة أرض بمدينة دنقلا ومبلغ مالي".. تكريم النابغة إسراء أحمد حيدر الأولى في الشهادة السودانية    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    المرِّيخ يَخسر (سُوء تَغذية).. الهِلال يَخسر (تَواطؤاً)!!    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل فقه الأوطان يحل مشكلة الأديان ؟!
نشر في الصحافة يوم 18 - 11 - 2011

اطلعت اخيرا في جريدة الأهرام المصرية عدد الجمعة الموافق 28 اكتوبر 2011م، على مقال بعنوان فقه الأوطان يحل مشكلة الأديان، من تأليف د. مبروك عطية. ونظرا لما تضمنه المقال من أهمية قصوى رأيت انه من الافضل ان اشرك قراء صحيفة الصحافة الغراء للاطلاع عليه وقد أجرى أحمد عامر عبدالله الحوار مع د. عطية.
ما هو دافعك لتأليف هذا الكتاب؟
- السبب الرئيسي في تأليف هذا الكتاب هو انني وجدت الخطاب الديني في حاجة شديدة اليه حيث اصبح الحديث عن الاوطان اقرب الى السياسة منه الى الدين عند كثير من الناس، والحق ان الحديث عن الاوطان من طلب هذا الدين ومن جوانب خطابه فالله عز وجل اقسم بالبلد كما اقسم بالقرآن الكريم وحياة رسوله الامين صلى الله عليه وسلم. (ولعمرك انهم لفي سكرتهم يعمهون) كما اقسم بالفجر والشمس وضحاها وغير ذلك قال تعالى: (لا أقسم بهذا البلد) وقال عز وجل (وهذا البلد الامين) وان النبي صلى الله عليه وسلم ولد بمكة المكرمة وبها بعث ومنها هاجر وعل?ها ذرفت عيناه الدمع يوم هاجر.. اصيل الغفاري.. رضي الله عنه وسئل كيف تركت مكة؟! فقال: تركتها وقد ابيضت اباطحها الى آخر ما وصف من جمالها وازهارها ونباتاتها فبكى صلى الله عليه وسلم وقال امسك يا أصيل كفى دع القلوب تقرأ ومن حديث القرآن عن الاوطان ان الذين استكبروا من قوم فرعون قالا له: (لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا او لتعودن في ملتنا قال أو لو كنا كارهين)..
إذن ما هي مشروعية اجبار الانسان على الخروج من وطنه؟!
-المرء يكره ان يخرج من وطنه وفي السيرة النبوية العطرة ان خديجة رضي الله عنها حين صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ورقة بن نوفل بعد نزول الوحي عليه اول مرة في غار حراء قال له ورقة: ان هذا هو الناموس (الوحي) وانه سوف يكون النبي الخاتم، وان قومه سوف يعذبونه ويكذبونه ويخرجك فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم من تعقيب علي التعذيب او التكذيب، وانما غضب على الاخراج من وطنه فقال صلى الله عليه وسلم : كما روى البخاري في صحيه (او مخرجي هم) وذلك لما في الخروج من الوطن من معاناة نفسية حقيقية على من خرج منه مكره? لا سيما انه لم يخرج منه الا انه قال : (ربي الله)..
وكيف ينفذ تطبيق فقه الاوطان مصر خلال المرحلة المقبلة؟
اليوم نحن في اشد الحاجة الى فقه الاوطان حتى نصون وطننا العزيز مصر من كوارث محققة نتيجة غياب هذا الفقه، او تنازله من الناحية الانسانية البعيدة عن الموضوعية ونتيجة اختلاف الرؤى والآراء والتناحر وما يؤدي اليه المظاهرات السلمية من كوارث بالنسبة الى ما يدخل فيها الادعياء والطامعين ومن يسمون (البلطجية) والقاعدة الفقهية المعروفة تقول: (درء الاذى مقدم على جلب المنفعة) والناس في حاجة الى موعظة دائمة، ومن اجل ذلك شرعت خطبة الجمعة تتكرر كل اسبوع لتذكر الناس بشرع الله الذي غايته ان يسعد الناس في الدنيا والآخرة، ول? سعادة للناس في الدنيا مع اضطراب الاوطان وتمزقها، واشعال النار فيها، والقضاء على الاخضر واليابس، الامر الذي يهلك الاقتصاد والمال كما قال العلماء (عصب الحياة وقوامها) ومن قديم قالوا: اذا ذهب مال المرء فقد ذهب عقله..
معنى ذلك ان كتاب فقه الاوطان مرتبط بالواقع الفعلي الذي نعيشه حاليا بالفعل هو كذلك، فقد خصصت الفصل الاول من الكتاب عن الاوطان بين الحب ومقتضاه، وبينت في هذا الفصل ان حب الاوطان ليس قصيدة من شعر ولا رواية من نثر ولا اعلان افواه وانما هو عمل على ازهاره ودرء الفتنة عنه والنهوض به الى اعلى المستوى في شتى المجالات اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وأهم تلك المجالات الناحية الاقتصادية لأن الله عز وجل يقول في سورة التوبة: (كيف وان يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم الا ولا ذمة).. ويقول في سورة الكهف: ( انهم ان يظهروا عليكم ?رجموكم او يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا اذاً ابدا) اي ان اعداءنا اعداء الوطن وان غلبونا اقتصاديا فلن يرحمونا اما نحن اذا غلبناهم فسوف نرحمهم، وقد روى البخاري في صحيحه قول النبي صلى الله عليه وسلم من يزرع زرعا او يغرس غرسا فيأكل منه انسان او حيوان او طير كان له به صدقة والتعبير ب «الانسان» بالتنكير يدل على العموم والشمول اي مسلم او غير مسلم.
ما هو مفهوم الوطن كما جاء في فقه الاوطان؟!:
ذكرت في الكتاب : (الاماكن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم) ومنها الاماكن والبلاد واهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بها وبأهلها ومعاهدتهم على سلامتها وسلامة المدينة المنورة وذكرت المساجد التي بناها صلى الله عليه وسلم في طريقة تبوك وهي (17) سبعة عشر مسجدا وبين ان النبي صلى الله وعليه وسلم كان يغير اسماء الناس التي تتنافى مع العقيدة مثل (عبد الحجر) وسماه عبدالله او الذوق العام مثل (عاصية) سماها «رافدة» الا ان الاوطان تركها على المعهود من اسمائها لشدة حاجة الناس الى السفر فيما بينها وما ذلك بمستغرب وقد كان ?لى الله عليه وسلم خلقه القرآن والقرآن يقول: (ولقد نصركم الله ببدر وانتم اذلة).. وبدر: اسم رجل كافر حفر البئر فسميت باسمه ولم يغير اسمه ربنا تعالى في كتابه الكريم وبعض الناس في زماننا يفرح برفع اسم من على شارع ووضع اسم جديد مثل اسماء الصحابة والتابعين وتلك ليست قضية ورفع الاسماء عن الاماكن واحلال غيرها محلها لا يسبب مصلحة ولا يوقع بأسا اذ من المقاصد الشرعية العظيمة والقواعد الفقهية المفيدة ان بلدا واسعا لا يفيد اسمه وانما يفيد حالته الكئيبة وفقره وذل ساكنيه يدخل فيه الماء وان كان منه محروما يعلم الاولاد ?على منهج علمي وتربوي شديدين حتى وان كان اسم المدرسة لا يرضيه او لا يتفق وثقافته..
وهل تطرقت الى العلاقة بين الوطن والمواطن في الكتاب؟
لقد طوفت في كتب الفقه المعتمدة كي استخرج منها الاحكام الشرعية الخاصة بالاوطان وهذا من العمل النادر الذي جعلني ابحث عن الاحكام التي يكون فيها الوطن هو العمدة لا المواطن وعلى سبيل المثال زكاة الزرع والثمار تكون العشر اذا سقيت الارض بماء السماء المطر او بالراحة وتكون نصف العشر اذا كانت الارض تسقى بالتكلفة، وهنا اتوقف قليلا عند قول الله تعالى: (والذين هم للزكاة فاعلون) لأقول علينا ان نفعل من اجل ان تكون زكاة زروعنا العشرة بان نوفر الماء وان نسقي اراضينا بالراحة، وكيف نوفر الماء الا بدراسات عملية جادة وعمل د?وب ، لا ان ننصرف عن هذا وذاك في كلام تعطيل الزرع والصنع، وحركة الحياة بصفة عامة ومن تلك الاحكام احكام اللقطة، والبيوع والمزارعة وغيرها وقد زادت بالتفصيل عن ثمانين حكما شرعيا، منه ان لكل بلد مواقيته ومطالبه، فنحن نصلي مثلا الظهر في وقت ويصلي فيه اخوة لنا بعدنا او قبلنا، والوطن هو العمدة في ذلك، حيث عن زوال الشمس عندنا على غير زوالها عند غيرنا، ومن الاحكام الشرعية المتعلقة بالاوطان، ان رجلا لو بنى في الطريق العام كان لكل واحد ان يخاصمه ليستوي في ذلك المسلم وغير المسلم، قال السرخسي في المبسوط (23/192)ل?ن له من المنفعة مثل الذي للمسلم، فتصور كيف يكون الوطن ملكا للجميع بالبحث والتحقيق لا باطلاق عبارة يظنها من لا علم عنده من باب المجاملة ويزعم ان الوطن وطنه دون سواه..!!
وهل تضمن الكتاب ذكر الاوطان في القرآن الكريم؟!:
بالفعل قد خصص فصلا كاملا عن الاوطان في القرآن الكريم وذكرت فيه ان الله تعالى ما كلف نفسا الا وسعها، وليس في وسع الانسان ان يخرج من وطنه، ذلك فوق طاقته ، ولذا قال سبحانه في سورة النساء (ولو أنا كتبنا عليهم ان اقتلوا انفسكم او اخرجوا من دياركم ما فعلوه الا قليل منهم).. فانظر كيف جعل الله الاخراج من الاوطان صنو قتل النفس، بل ان قتل النفس أهون من الخروج من الوطن، وبينت ان الله عز وجل نسب الوطن الى من يسكنه، فقال سبحانه وتعالى في سورة النمل (حتى اذا اتوا على وادي النمل) ونحن اقرب من الوديان، وادي النيل ?لغالي، ووادي النطرون، فهلا عرفنا (وادي النمل) قال المفسرون نسب سبحانه وتعالى الوادي الى النمل لما سكنه النمل، فما المستغرب ان ينتسب الى اي مواطن وطنه ما دام يعيش فيه، ولم يعتبر بعضنا بعضا غرباء، او دخلاء او غير شركاء في الوطن، ما دام هذا البعض قد ولد على ارضه، وعليها عاش، ثم ان الله تعالى جعل لكل جار في الوطن حقا (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا وبذي القربى والجار الجنب)، والجوار حق اي حق والمواطن فيه عمدة وليس معناه قرب الدار او تقاربها، وانما مقتضاه الحماية والرعاية والحرص علي? حرص المرء على داره وماله وعرضه، وباجماع فقهاء الامة: (مال الذمي «غير المسلم» كمال المسلم، وعرضه كعرضه) وقد جاء ذكر الاوطان في القرآن الكريم في تضامنية وفي اسماء الحجر جاء ذكر الاوطان فيما يتعلق بها من شجرة الزيتون في سيناء ومن البقر والمنازل والبحار والنهار وغير ذلك.
وكيف يمكن استثمار فقه الاوطان في الدعوة والخطاب الديني؟
يمكن استثمار هذا الموضوع في الدعوة والخطاب الديني من اكثر من طريق ومن ذلك في خطب الجمعة والندوات والمحاضرات، والبرامج الدينية والثقافية لتوعية الناس لأن سلامة الوطن من العلل والآفات والضياع سلامة للدين من حيث امرنا الله ان نقيمه وقال تعالى: (ان اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه).. واننا لا نستطيع ان نقيم الدين في وطن غير مطمئن على ارض معطوبة، ومن ثم اطلق على الصلاة في ميادين القتال: صلاة الخوف لأننا على خطر المواجهة مع الاعداء وهم يودون كما قال الله عز وجل (ان يميلوا عليكم ميلة واحدة) ثم قال الله عز وجل بع? صلاة الخوف في سورة النساء (103) (فاذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) ( فصلاة المقاتل تختلف عن صلاة المقيم المطمئن) والقتال في الاسلام استثناء والاصل السلام والاطمئنان كما ان الاصل الاقامة في الاوطان... والسفر عارض تقتصر فيه الصلاة ويدخل فيها بأن يفطر الصائم في رمضان، والناس في حاجة الى خطب جمعة ودعوة تسعدهم لأن غاية هذا الدين اسعاد الناس، قال تعالى في سورة طه : (طه ما انزلنا عليك القرآن لتشقى) وما دام الله تعالى لم ينزل كتابه ليشقى به عباده فقد انزله لاسعادهم.?
هل تقصد ان رجال الدعوة غير مرتبطين بالواقع في خطبهم؟:
اود ان يسمع الناس في خطب الجمعة علما ينتفعون به ، ولن يكون ذلك الا اذا كان الموضوع يتصل بحياتهم وليس مثل موضوع الاوطان موضوع اشد اتصالا بحياتهم اذ فيه مستقرهم ومستودعهم، وعماد حياتهم وفي صونهم اياه صون لأموالهم وانفسهم واعراضهم، وللاوطان حرمتها في هذا الدين بدءا من البيت الصغير الذي اوجب الاسلام على زائره الا يدخله دون استئذان وسلام بل إن قال له رب البيت:
ارجع رجع وهو ازكى له (وان قيل لكم ارجعوا فأرجعوا هو ازكى لكم) وانتهاء بالوطن الكبير الذي وعد النبي صلى الله عليه وسلم.
من حرس فيه ثغرا ليلة واحدة كان من اهل الجنة ، وهذا من الاحاديث النادرة الصحيحة التي رواها ابن عبدالبر: حيث جاءت جنازة رجل ليصلي عليها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يشهد له احد بخير فقال عليه الصلاة والسلام أما رآه احدكم على خير ابدا؟! فسكت الناس ونطق رجل فقال: أنا يا رسول الله رأيته، فقد حرس معنا ليلة كذا ثغر كذا، فصلى عليه ودعا له، وقال إن اصحابك يشهدون إنك من اهل النار وأنا اشهد انك من اهل الجنة..
وأبشر الذين حرسوا منازلهم وأحياءهم ابان الثورة بأنهم كانوا في سبيل الله، واقول لهم:اننا ما زلنا وما دمنا احياء في رباط ، ويجب ان نكون كذلك من باب الدين الذي دعانا الى فقه الاوطان، ومواجهة المارقين الخارجين عن النظام الشرعي الذي اساسه الامن والامان والسلام، وليس الخوف والرعب وتهريب الاوطان، فالله امرنا باستعمار الارض اي تعميرها.. ودعانا بعد قضاء الصلاة الى الانتشار في الارض والابتغاء من فضله، فقال يبحانه وتعالى : (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله)..
إذن ما نصيحتك المبنية على فقه الاوطان لقادة الرأي في المجتمع؟
على خطيب الجمعة والداعية والاستاذ والاعلامي، وكل من له منبر يتحدث من خلاله ان يبين للناس انه لا انتشار في الارض وهي نار ودمار ولا ابتغاء من فضل الله والمصالح معطلة والطرق مقطوعة وذكرهم ان الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا يهتفون وهم يعملون، لا وهم يسدون الطرق (اللهم لولا انت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا) فإن هتفت وأنت في عملك فقد راعيت حرمة وطنك ووصل صوتك وأنت منتج، وإن هتفت وقد عطلت عملك فما تسعى إليه من مكاسب اقل بكثير جدا من خسارة التعطيل للعمل والطرقات التي هي من فقه الاوطان، ح?ث جاء فيها: (حق الطريق ان تغض البصر، وتكف الأذى، وتأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر وترد السلام علي من عرفت ومن لم تعرف)... واماطة الاذى عن الطريق صدقة، فكيف تكون مأمورا برفع الاذى عن الطريق وتكون انت الاذى فيه..؟!
وهنا اقول ان يوسف عليه السلام ، ما قال لأهله: (ادخلوا مصر ان شاء الله آمين) إلا بعد ان زرعها وحفظها الله به من الجوع والهلاك، فلا امان لمصر ولا غيرها الا بتحسين اوضاعها، وتوفير الغذاء لساكنيها ومن يفد عليهم من البلاد الاخرى فلا يظن ظان انها آمنة بنص قرآني دون عمل، فهذا من المعاني الغائبة والمفسرون يذكرون ان القرية التي كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان هي مكة، قال تعالى: (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كا?وا يصنعون)، وهذا منهج الله وتأمل نسبة الكفر اليها مع ان الكافر اهلها، وقل في نفسك لا احب ان اكون في وطن كافر، والوطن يكون كافرا بكفر مواطنيه، وقد قال النبي صلى الله وسلم (لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض)..! لم يقل تعبدون الاصنام وانما قال يضرب بعضكم رقاب بعض والدمار اعظم حرمة عند الله من حرمة الاوطان.. وحرمتها من حرمة الاوطان، حمى الله مصر وأهلها وجعلها بلدا آمنا مطمئنا بأن يثبت القلوب على حبها عملا لا قولا واجتهادا لا نوما وتواكلا انه رب العباد والبلاد وولي ذلك والقادر عليه..
والله من وراء القصد
خارج النص:
ايها السادة في سوداننا العزيز دعوت في مرات عديدة وعلى صفحات صحيفة الصحافة الغراء علينا ان نعمل من اجل تحقيق الاستقرار والامن في بلادنا العزيزة وعلينا ان ننسى جراحاتنا في سبيل استقرار السودان لذا نرى ان نطبق فكرة العدالة الانتقائية التي طبقها الرئيس نيلسون مانديلا، ولكن البعض منا وبكل اسف يسعون الى تحقيق مصالحهم الشخصية على حساب السودان، ويطالب البعض بمحاكمة الإنقاذيين وأقول لهم ان الشعب السوداني البطل يؤمن بحكمة (عفا الله عما سلف) ولم يحاول ان يقدم للمحاكمة أولئك الذين سلموا البلاد للإنقاذيين في ?لعام 1989م.
وكما ذكرت أيها السادة أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد تفكيك السودان وتحويله الى كونتونات صغيرة تحارب بعضها بعضا والاقتراح المقدم منها بتقسيم كردفان بين احمد هارون والحلو يؤكد صدق ما ذهبنا اليه، لذا يجب علينا ان ندين هذا الاقتراح بشدة وأن نحذف من قاموسنا اسم الحركة الشعبية، فالذين يعملون من اجل أن يكون لهم حزب يحمل اسم الحركة الشعبية في شمال البلاد نقول لهم اذا كنتم فعلا تريدون وحدة السودان كونوا حزبا باسم الوحدة وسلموا كافة اسلحتكم للحكومة المركزية. واخيرا نقول اسم السودان له مكانة عريقة وعظيمة ?ي قلوب السودانيين جميعا ونحن لا نحبذ اطلاق الجمهورية الثانية، وبكل اسف بعض النخب السودانية فشلوا فشلا ذريعا وخصصوا وقتهم لمهاجمة الانقاذيين بدلا من ان يعملوا من اجل وحدة السودان ويرفضوا مصطلح الجمهورية الثانية..
وأخيرا نرجوا لبلادنا من الله سبحانه وتعالى الاستقرار والرفاهية إنه نعم المولى ونعم النصير.
* ماجستير ودكتوراة في فلسفة التربية من جامعة كيندي ويسترن الأمريكية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.