تمثل القارة الإفريقية أرضا بكرا وذات موارد ضخمة ان كانت مائية او معدنية او اراضي او شعوب قادرة على العمل وتحمل الصعاب، ولهذه الاسباب وغيرها كانت القارة الإفريقية هدفا استعماريا لكل دول القارة الاوربية، وكما تبين الخارطة الاستعمارية لمعروفة حتى لطلبة المدارس في السودان، ان القارة الإفريقية توزعت مابين الاستعمار الانجليزي والفرنسي والايطالي والبرتغالي والاسباني وحتى بلجيكا لم تكن بعيدة وكان لها حظها من الارض الإفريقية . وكانت المعركة مع الاستعمار الاوربي واحدة من الاشياء التي اثبتت ان الإنسان الإفريقي مهما كان وضعه ، فانه لا يقبل الذل والاهانة ، وكانت صولات وجولات التحرر الإفريقي من الاستعمار الذي جثم على صدر القارة السمراء، واستغل كل مواردها لخدمة بلادهم التي تفتقر لكثير من الموارد ، وكانت حركات التحرر الإفريقي أبرزت عددا من الشخصيات التي قادت النضال من أجل طرد المستعمر وعودة القارة الإفريقية بكامل خيراتها الى أهلها الطيبيين الخلص ، شهدت القارة السمراء على مر العصور العديد من الزعماء الإفريقيين الذين ناضلوا ضد الاستعمار البريطاني والفرنسي وتفشيه شمالًا وجنوبًا، حتى حصلوا على استقلال بلادهم وعملوا جاهدين على إحداث نهضة حقيقية تنسي الشعوب استعمار نهش خيرات قارتهم السمراء، ومن هؤلاء الزعماء كوامي نكروما أول رئيس لدولة «ساحل الذهب» أو غانا بعد حصولها على الاستقلال. نكروما من مواليد عام 1909 وتلقى تعليمه الجامعي بجامعة لينكولن الأمريكية، وحينما عاد إلى بلاده انضم للتنظيمات الطلابية المنادية بالاستقلال، وسافر خلال ذلك إلى العديد من الدول الإفريقية والغربية ومنها بريطانيا، حتى عاد عام 1947 بقوة حشد سياسية هائلة أدخلته المعتقل لفترة طويلة. وفي عام 1959 أنشأ مع الرئيس الغيني أحمد سيكوتوري اتحاد غانا وغينيا، ليكونا نواة لوحدة إفريقية أكبر، لكن بعض قادة الدول الإفريقية الأخرى لم ترق لهم هذه الفكرة، وتم الاتفاق على إيجاد صيغة أخرى لهذه الوحدة، وهي إقامة منظمة الوحدة الإفريقية، التي تأسست في الخامس والعشرين من شهر مايو عام 1963 بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا . يوم 6 مارس 1957 أعلن استقلال ساحل الذهب تحت اسم غانا، واختار نكروما النمط الاشتراكي، وفي عام 1960 أقر دستور جمهورية غانا، وانتخب نكروما أول رئيس لها، ومنذ ذلك التاريخ أصبح نكروما أول رئيس لغانا عقب الاستقلال عن بريطانيا، وبدأ رحلته للإعمار والتنمية وقاد مشروعًا ضخمًا لإقامة «الوحدة الإفريقية»، ومن أجل ذلك وافق على ترشيح الرئيس المصري جمال عبد الناصر لعروس المستقبل، وبالفعل تزوج من سيدة مصرية تُدعى فتحية، نالت شعبية كبيرة في غانا حتى بعد الانقلاب على زوجها عام 1966،وتعتبر غانا أول دولة تستقل في غرب إفريقيا، وحين حصلت على استقلالها لم يكن هناك سوى مصر وإثيوبيا قد حصلا على استقلالهما، وكان نكروما من أبرز دعاة الوحدة الإفريقية وواحدًا من مؤسسي منظمة الوحدة الإفريقية قبل إسدال الستار عليها في يوليو 2002 ، وكان قائد حركة التحرر في غانا، وهي من البلاد القليلة التي لم تلجأ للكفاح المسلح، وإنما من خلال التطور الدستوري من مستعمرة إلى حكم ذاتي إلى استقلال وقاد بلده للاستقلال من خلال حزب المؤتمر. وما زال يؤثر نكروما في الحياة السياسية الغانية حتى هذه اللحظة، فهناك أحزاب تتبع الفكر النكرومي، ومنها حزب التضامن الشعبي العظيم وأنشأ في 18 سبتمبر 1996 وجاءت نشأته كرد فعل على خسارة حزب الشعب لانتخابات 1992، وركز البرنامج الانتخابي للحزب على تحرير الاقتصاد من الهيمنة الأجنبية والتركيز على التنمية الصناعية، كما تأسس حزب مؤتمر الشعب الوطني عام 1992 وهو يزعم أنه الحزب النكرومي الحقيقي وأنه يمثل الامتداد الفكري والسياسي الذي أسسه نكروما، بالإضافة لحزب مؤتمر الوطني الديمقراطي. ترك نكروما بعد وفاته إرثًا نضاليًّا وكفاحيًّا هائلًا لا تزال تذكره به الشعوب الإفريقية بفخر واعتزاز، فهو من أبرز حكماء وقادة إفريقيا العظام والمخلصين لها، والمنادين بوحدتها، والمدافعين عن قضاياها بالحجج القوية والمواقف. ومن أبرز القادة الأفارقة الذين دخلوا قائمة التاريخ الإفريقي زعيم جنوب إفريقيا نلسون مانديلا واصبح اسمه مرتبطبا بالحرية والاستقلال ومناهضة العنصرية ، ولد نيلسون مانديلا في 18 يوليو عام 1918، في مفيسو، ترانسكاي، جنوب إفريقيا، وكان دائما يشارك بنشاط في الحركة المناهضة للفصل العنصري في العشرينات من عمره، وانضم نيلسون مانديلا الى المؤتمر الوطني الإفريقي في عام 1942، ولمدة 20 عاما، ادار الحملة السلمية غير العنيفة ضد حكومة جنوب إفريقيا وسياساتها العنصرية ، وفي عام 1993، تم منح نيلسون مانديلا ورئيس جنوب إفريقيا دي كليرك معا جائزة نوبل للسلام لجهودهما في تفكيك نظام الفصل العنصري في البلاد، وفي عام 1994 كان نيلسون مانديلا هو اول رئيس أسود لجنوب إفريقيا، وفي عام 2009، وفي اليوم الموافق لعيد ميلاد نيلسون مانديلا يوم «18 يوليو» اعلن انه «يوم مانديلا» لتعزيز السلام العالمي والاحتفال بتاريخ زعيم جنوب إفريقيا، ومات نيلسون مانديلا في منزله في جوهانسبرج يوم 5 ديسمبر 2013، عن عمر يناهز 95 عاما .. واليوم دخل الرئيس السوداني عمر البشير دائرة عظماء القارة الإفريقية بتكريمه من قبل منتدى الكرامة الإفريقية في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا وينظم المنتدى شراكة بين جامعة السلام المنتشرة في عدد من الدول الأفريقية وهي جامعة تابعة للأمم المتحدة ومنظمة العلوم الإسلامية والثقافية «الإيسيسكو» ومعهد السلام ودراسة الصراعات بجامعة أديس أبابا ومركز السلام وحقوق الإنسان السوداني . وانطلق المنتدى من مبادرة لعدد من الجامعات والمراكز الإفريقية ، تشمل جامعة الأممالمتحدة للسلام بأديس أبابا وجامعة أديس أبابا ، وجامعات ومراكز بدولتي تنزانيا والكاميرون ومعهد السلام بالسودان وعدد من الشخصيات العلمية والقيادية الإفريقية والتي تهدف لمناهضة الظلم والاستهداف الواقع على أفريقيا ومحاولة استعمارها واستنهاض كرامة وعزة القارة . واختار المنتدى الزعيم الإفريقي الراحل ، نكروما ، لاقامة نصب تذكاري له لدفاعه عن الكرامة الإفريقية. ويجييء تكريم البشير وفق إفادات السفير حمزه عمر مسؤول ملف الاتحاد الأفريقي السابق، ان تكريم المشير عمر البشير رئيس الجمهورية بأديس أبابا بانه تكريم للقادة الأفارقة الذين تحدوا الجنائية في شخص البشير. وأشار السفير حمزة عمر في تصريح «لسونا» الى أن الرئيس البشير تحدى ما يسمى بالمحكمة الجنائية بحضوره لكافة القمم الأفريقية التي استضافتها الدول الأفريقية الأطراف في ميثاق روما ، والتي كان آخرها قمة الاتحاد الأفريقي التي انعقدت بكيغالي وبعدها زار المغرب عقب حضوره للقمة العربية بموريتانيا. وأضاف ان السودان له مواقف مشهودة في حشد الموقف الإفريقي المناويء لمحكمة الجنايات الدولية بالاضافة الى تبنيه على الدوام لمشاريع القرارات الإفريقية المناهضة للمحكمة والتي كان أولها القرار الذي صدر عن قمة الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا في يناير 2015م والذي تلاه قرار آخر في قمة جوهانسبيرج التي انعقدت في يوليو 2015م ، وهو يدعم ويعزز قرار قمة أديس أبابا والذي أنشا آلية متابعة لتنفيذ القرار الأول، مردفا بالقول أيضا تبني السودان مشروع قرار صدر عن قمة الاتحاد الإفريقي فى أديس أبابا في 2016م لمتابعة قرارها الأول والثاني والذى قرر فيه إنشاء لجنة وزارية للاتصال بمجلس الأمن الدولي سمي وزراء خارجية الدول المشاركة في تلك اللجنة، كما حدد مهام ولاية اللجنة الوزارية وسقفها في التعامل مع محكمة الجنايات الدولية الذي يصل إلى اقتراح انسحاب جماعي للدول الأفريقية الأطراف في ميثاق روما في حال عدم الاستجابة لقرارات الاتحاد الإفريقي. وقال السفير حمزة ان الامر لم يغب أيضا في قمة الاتحاد الأفريقي الأخيرة في رواندا والتي كلفت اللجنة الوزارية بإعداد استراتيجية إفريقية شاملة للتعامل مع المحكمة بما فيها ميعاد وكيفية الانسحاب الجماعي للدول الأفريقية الأطراف من ميثاق روما. واوضح ان الزيارات الثنائية للبشير لبعض الدول الأفريقية الأطراف في ميثاق روما في المناسبات المختلفة كان لها دور كبير في تقديم الموقف الإفريقي المناهض للمحكمة وسط الدول الأطراف في ميثاق روما، التي وصفها الرئيس الزيمبابوي بمحكمة المستعمر ومحكمة الرجل الأبيض، ووصفها الرئيس الكيني بأنها محكمة خلقت خصيصا للافارقة، وتبعه في ذلك الرئيس يوري موسيفيني . وقد يكون الفرق بين البشير وقادة إفريقيا العظماء ان البشير استطاع ان يناهض محكمة دولية تقف وراءها قوى الاستعمار الغربي والذي يمثل دول الاستعمار القديم ،بالاضافة الى الولاياتالمتحدةالامريكية ، التي تقود العالم لتحقيق ذات الاهداف الاستعمارية القديمة، ولكن بوجه جديد تمثل في المحكمة الجنائية التي تستهدف القارة الإفريقية وقادتها ، دون تقدير لحق الشعوب الإفريقية في قيادتها نهضتها ، والبشير لم يواجه مستعمرا واحدا يحتل ارضا ولكن واجه كل الاستعمار الغربي الذي يتكتل خلف المحكمة الجنائية، والتي تمثل واجهة الاستعمار الجديد ، وهذا هو الفرق بين البشير وبقية القادة الأفارقة العظماء مثل مانديلا ونكروما ، ولهذا الفرق البشير يستحق التكريم ودخول دائرة عظماء القارة الإفريقية .