اللواء 43مشاة باروما يكرم المتفوقين بشهادة الاساس بالمحلية    الخطوة التالية    السيارات الكهربائية.. والتنافس القادم!    واشنطن توافق على سحب قواتها من النيجر    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    سوق الابيض يصدر اكثر من عشرين الف طنا من المحاصيل    الأكاديمية خطوة في الطريق الصحيح    شاهد بالصورة.. المذيعة السودانية الحسناء فاطمة كباشي تلفت أنظار المتابعين وتخطف الأضواء بإطلالة مثيرة ب"البنطلون" المحذق    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وزير الصحة: فرق التحصين استطاعت ايصال ادوية لدارفور تكفى لشهرين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك        غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مراجعات: إلى صاحب الرزنامة

كثيرة هي الكتابات التي أنت تتقززها فلا تقربها بحال .. لصنوف السخف! وكثيرة أيضا هي الكتابات التي تقرأها و أنت مضطجعاً ومنشغلاً بغيرها.. كأنك (تقزقز) بها، ثم سرعان ما تقذفها عنك دون حرج.
لكن قليلة هي الكتابات التي تملي عليك إعتناءً صارماً وإشتهاءً يسترفد العقل ويستوقده .. يسقيه إدراكاً، وأنت هنا لاتقوى على الأمر إلا و أنت المالك للزمام، تقدح وتكدح لجني الثمار ...هكذا!!
الراجح عندي أن ما يكتبه صديقنا الاستاذ/ كمال الجزولي - من الضرب الأخير هذا.
بالأمس القريب في كلمتك الشائقة ( ماتبقى من صورة السودان) في الرزنامة، وجدتني مدفوعاً بحذر يا صديقي بدايةً لقبول رفضك اللغوي الصائب لكلام أستاذنا الراحل/ عون الشريف عليه الرحمات، الذي فصل بين (الدغمسة والدهمسة) بمعنى ستر الأمر، ومعنى (الدهنسة ): المواربة في الكلام والتغطية.
لقد ذهبت في رفضك قائلا: (على حين يبدو المعنى في ما أرى بتواضع، شاملاً للألفاظ ثلاثتها).
هنا لا يبدو صعيباً أن نقف عند مرادات الدائرة، وقد سقتها في ظنك طيعة، كأنك تقبل الدائرة الواحدة لجمع المعاني والفروق ما بين المعنيين (ستر الأمر) + (تغطية الكلام)، وأنا لا أحسب أن قدرة أستاذنا تفوتها مثل الفطنة هذه!! قربى: (ستر= غطى).
وهذا ماوقفت أنت ياسيدي عليه موافقاً (المعنى الشامل) وكأنما جريرة أستاذنا شنعاء!!
هنا الذي أريد أن أراجعك فيه هو قولك: (كما عدّ (الدغمسة) فصيحة، بينما هي ليست كذلك، إنما الأقرب إليها مبنى ومعنى في (لسان العرب لإبن منظور) لفظ (الدّغمرة) بدلالة الخلط)، أريد أن أراجع معنى (الخلط) الذي ذهبت إليه، وأنا لا أراه مكيناً في الألفاظ جميعها (ثلاثتها)، إذ هي يطبق عليها معنى الستر. وأعترف أن ثمة وشيجة رفيعة بين (ستر) و (خلط) لكنها غير متينة في الدائرة الواحدة، وبالمستطاع أن نستجلي هذا في: دغمر اللون: خلطه، ودغمر الحديث كتمه و ستره ودغمسه ويتاح أن نتفسح إستجلاءا:
عندي أن أصل (دغمس): دغم + س
وأن أصل (دهمس ): دهم + س
و أن أصل (دهنس): دهن + س
ترى هنا أن ماهيّة اللون طاغيّة!
1- في أصل (دغم) معنى: غطى = ستر = طلى، ومن مثله يجئ معنى الدخول الذي رأيناه في أصل المادة.
2- وفي أصل (دهم) نرى معنى: غشيان الشئ في ظلام، ومن هذا يجئ معنى لون الدهمة، و الأدهم: الأسود، أنظر معنى غشيان الشئ = الدخول.
3- وفي أصل (دهن ) نجد معنى الطلاء: اللون، ومنه يجئ (المداهن) الذي يضمر أصلاً غير ما يظهر (أداة بوهية)، مايدهن به: أصباغ، وفي القرآن الكريم: ودّوا لو تدهن فيدهنون. و منه يجئ الغش والخداع والكذب. وهو باب طويل وعويص. دوغمي = الفرنسية = نام
أردت بهذا أن دائرة المعاني كلها متجانسة تماماً، وهذا مدخل تأثيل الفصاحة في (الدغمسة) عندي، وقد رأيتك ياسيدي ترفضه، منتخباً لفظ (الدغمرة) بجعله أصلاً لكلمتنا (س = ر) وهذا باهظ! ثم يغنينا معاً عن الإطالة; ما نجده في متن اللغة ذهاباً إلى أن: دُغمِس الأمر: سُتِر فهو مُدغمس، وقد فات هذا صاحب لسان العرب مع حرصه على التمام، وقد عوّلت انت عليه.
قلت: في اللغة لمعنى الستر نجد كمثلها: دخمس، دعمس، رهمس، نهمس ....إلخ. وأرجو أن يطمئن الصديق فأنا أعلم أن السيد الرئيس لم يراجع اللغة عند قولها ...هي فطرة العربية الوافرة في كلامنا طغت في لسانه. الآن ..دعنا من شوكة اللغة و إن شئت شياكتها!
أريد أن أعرج بك بعيداً، موافقاً لك أن من الخطل إعتبار الجنوب ( أيقونة التنوع اليتيمة التي بذهابها ينقشع التنوع عن البلاد)، ويقيناً أن التنوع ينطوي على معنى الإختلاف لا الخلاف ... وكثيراً ما دعا الإختلاف للإئتلاف! تجارب الأمم تقول هذا، هذا عين الصواب دعوة منك لتثاقف سلمى وسامي، و بعيداً عن ربقه الإستعلاء كما ذهبت، و أراها ماقتلت ذبابة! يفعلها الجهلاء (ويحلّ بغير جانيها العذاب)!
ثم أرى ان من مجانبة الصواب، ورمي القول على العواهن أن نحسب (المستعربة)! غالبيتهم من عنصر نوبي أصيل وقد هجروا أصلهم ...هكذا! والراجح عندي أن في هذا بعض صواب، لكنه لايرقى لكماله ويقينه ...وليس في هذا إبخاس لعنصرهم فهم أرباب حضارة راسخة واهل أرض وفضل، ونجد أثرهم في حياتنا يجمع وشيجاً بيننا أكثر مما يفرّق.
وليس يصحُّ في الأذهان شئٌ *** إذا احتاج النهار إلى دليل
قد نقل بوركهارت في رحلاته في بلاد النوبة ان رواة النوبة الحاليين يقولون: (أصلهم من بدو جزيرة العرب الذين غزو هذا القطر بعد انتشار الاسلام) ونراه قد مدحهم في ثراء في سائر اخلاقهم.
وجدت أن أقوى مايدفعني لهذا هو معجمنا العامي الزاخر بنسبة تفوق 10% مفردات نوبيّة سائرة في لساننا قوية في حياتنا ألجأتنا إليها الحاجة الماسة، وتتضاعف هذه النسبة في كثير من ألفاظ دائرة الزرع المادية العريضة.. (هي من عندهم)!!
هذا الوئام اللغوي هو نفسه وئام الأعراق تمّ دون إملاء ...في سلاسة ..دون دعوى! ويقيناً لم تمت في لساننا مفردات النوبيًة عنوة وترصداً ? عنصر المؤامرة ? لم تصدر لنا أوامر لتُهجر ألفاظ نوبية ..ونحن في حيرة لانعرف كيف جاءت ... لانعرف كيف ماتت، هذه عبقرية اللغات وحدها تعرف كيف تحيا و كيف تموت! ولله في خلقه شئون!!
نعم يقيناً ( من حق الآخر أن يكون آخراً) هذا المنطق الصادق منك هو مدخل حديثي .. فأنت تريده لنفسك الآن لكنك تحجره عني أيضاً!! اراك تريد أن تعزلني عن كينونتي الأصل أو (محضّ تصوري)!!. تلطفاً، وأنا مأمون عليه مثلما أنت مأمون على بنات فريقك! هل تريدني ان اكون كما تريد انت لي؟ لكنني ? وحقك عندي ? لا لا لن اكون.
قضيتك ياسيدي سياسة خاصة ..ادخلتك إليها رؤياك الفكرية!! ولكنك تلفنا جمعياً بغلالة الكراهية .. وفينا من (الجلابة) من تتوافق رؤياه معك!! أنت بهذا تعمم ..ثم توصد الباب!
وأنا يا سيدي ? حمداً لله ? جلابّي قحّ، وأفاخر بهذا، مادام أصل الأسم لجلبهم التجارة ولا يضيرني مايفعله الضالون منا وهم قلة لا يعوًل عليها ? ولذا لا أرى لإطلاق إبخاسهم جدوى تعود بالنفع لك بمثلما تؤجج الأضغان. هم يا سيدي جماعة قدمت للوطن فضلاً عميماً، ومانقل عنهم في كتابات عندي هي غارقة في الغرض ولأ نعتد بكاتبيها! لكن هذا لايعفيك بحال.
ما زال اهلنا في دارفور يحتفظون للفظ (الجلابي) بمعناه الاصل، فكل تاجر عندهم (جلابي) دون النظر لإنتمائه العرقي. ان السياسة عليها اللعنات هي التي دنست طهر اللفظ وقد شرفه النبي صلى الله عليه وسلم.
ان جعل (المستعربة) تياراً سلطوياً كما ذهبت معمماً، فجعلتهم كلهم (جلابة)، هذا فادح ايضا وجارح .. وغير دقيق.
سأحدثك يوماً آخر عن توقيري التام للجلابة نموذجاً وطنيا صادقاً في مجتمع أم روابة وهو عندي مثال لكل (جلابة= تجار) السودان، لقد عرف العرب قديماً بالتجارة، وقد وصفهم المؤرخ استرابوا اليوناني: )ان كل عربي تاجر)، عندي أن مثل هذا التوصيف هو مادفعك لجعل: (المستعربة = التجار= الجلابة) .. كيف أجد لك يا صديقي عذراً هنا!!
هل يراد لنا أن نترك حبلنا على الغارب، ونذهب حسبما يريد الاخرون لنا، إرثنا للريح نهباً وهباءً منثورا!.. نعم ارثنا.. هكذا!
وأن نتجلبب إنتماءً اعمى لانعرفه يقيناً فينا .. ان نخلع جلباب الجلابة (العرب) ..هكذا!
لقد إنبنت هذه الدعاوى على أقاويل إن شئت صدقاً يروجها قصداً كائدون، ويقيناً يفعل بعضها منّا ساذجون، وهم في كل زمان ومكان لا يؤبه لهم ولا يبنى على أقاويلهم ولا أفاعيلهم المنطق الحصيف.
أنت بفطنتك التامة تريد أن يعمّ العيب ويصمّ سائر الجلابة ? وانا منهم ? هكذا!! هل يتاح ان نعتقد أنك تدمل جروحنا الغائرات .. وأنت تدميها!!
سمعت أصدقاء كثر أرباب حكمة تجئ الكلمة في لسانهم نابيّة لاحول لها ولا طول تذكرني بعصور الإنحطاط!!
تريدني أن أتوارى خجلاً.. بينما أنا امتلئ فخاراً.. وقد كتبت هذا قبلا في القذاذات.
دعني من هذا ايضا .. أريد أن ندلف معاً في أناة وصبر للأمر الذي دفعني عنيفاً للكتابة، وهو ماورد مجمله في الرزنامة الفقرة (4) مايخص نتائج بحوث (علم الوراثة) وقد صنفتها أنت ( صافعة للمستعربة)!
خلاصة الأمر:
في مايو المنصرم ( إستضاف مركز طيبة مؤتمراً صحفياً عرض من خلاله باحثون من معهد الأمراض المستوطنة والأكاديمية السودانية للعلوم نتائج دراسة (فريدة) أجروها بعنوان (مدى إتساق التنوع الوراثي الوطني مع جغرافيا وتاريخ السودان) ...أجريت الدراسة على مجموعات وهجرات بشرية من وإلى السودان بإستخدام العلامات الوراثية عن طريق تحليل الحمض النووي على مستوى (الكروموسوم) الذكري والميتوكوندريا كدراسة التركيبة الوراثية لتلك المجموعات وعلاقتها ببعضها البعض من واقع أصولها الجينية وهجراتها).
خلاصة الدراسة:
1- ان البشرية تنتسب إلى أم أفريقية.
2- ثمة قربى جينية بين قبائل كثيرة، مايدل على أصلها الواحد.
3- الهوسا والفلاتة قبائل آسيوية أوروبية.
4- ثمة صلة قربى جينية بين البجا والطوارق ? البجا والدينكا- الدينكا والمسيرية ? الأقباط والنوير ? النوير والعركيين ? الحلفاويين والمساليت والفور ?االفور والنوبيين والبرقو- الجعليين والهوسا- الجعليين والدينكا والشلك والنوير ? سكان وسط وشمال السودان و الأثيوبيين.
5- خلاصة الخلاصة: التأكيد (على إنتفاء النقاء العرقي تماماً في السودان).
ثم بعدها رأيتك يا صديقي تذهب مسترفداً صلاح أحمد إبراهيم عليه الرحمات (كذاب الذي يقول في السودان أنني الصريح، أنني النقي العرق، أنني المحضّ...أجل كذاب) و أنت ياصديقي بهذا تريد ( صفع المستعربة)!!
وقد فاتنا جميعاً أن صدق القول هو: كذاب الذي يقول في (الدنيا) أنني الصريح ..أنني النقي العرق ...أنني المحضّ ...هكذا! دون مواربة.
هنا أريد أن أشركك تأمل ما أسفرته دراسة أخرى تقول: أن الحمض الجيني في منطقة الجزيرة العربية أكدت الدراسات أن هناك علاقة بينه وبين 40% من سودانيّ اليوم، ولكن 90% تغلب عليهم الملامح الإفريقية. أيضاً كشفت دراسات اخرى أجريت للسودانيين بالخليج أثبتت أن 70% منهم ذوي علاقة بمجموعة (الجي) التي ينتمي لها العرب، ولكن هناك خلاف حول أصلها. ويذهب دارس آخر: أن أصل العرب العاربة من شرق إفريقيا مؤكداً وجود تشابه جيني كبير مع سكان الجزيرة العربية، وهذا ماتكشف تفاصيله دراسة (ما إذا كان الجين من نوع جي أصله الجزيرة العربية أ? شرق إفريقيا).
يتاح لنا ان نستنتج ان (فارق الجي) مابين الدراستين نتج عن (فارق العينات) وهذا يطيح بجزء مقدر من المصداقية العلمية.
عندي لقد أصاب بروفسيور منتصر الطيب كبد الحقيقة لما قال عن لفظ الهوية الرائج الآن أنه ( سياسي وجديد في السودان)، ثم أشار للتنوع الأثني الوافر في طبقات ود ضيف الله، ثم ألمح للمنحى اللغوي الذي يتدّ مذهبه.
لقد كنت آمل ان تتم الاستعانة بدراسة مماثلة لعرب الجزيرة والخليج (الأقحاح) لنرى ماذا فعلت بهم الهجرات غير العربية... هل مازالوا (أقحاحا)! ثم هل تيقنت الدراسة ان ما بنت عليه (الحامض النووي) هو خالص العروبة حتى تقاس عليه درجة النقاء!! نرى ان الدراسة في غاياتها انبنت على وهم معياري لا نعرف اصله.
ياسيدي ماتحصلته الدراسة تحصيل حاصل، إذ لاخلاف نعرفه أصلاً قام حول إنتفاء النقاء العرقي فهذا معلوم ليس في السودان بأثنيته الواضحة، ولا في الوطن العربي بجزيرته بل في كافة العالم!! ليس هذا كشفاً جديداً ندهش به الناس الآن، إذ الناس يعلمونه لأزمان و صرحت به دراسات طائلة سابقة.
وللحذر فإن هذه الدراسات لا تبت الصلة .. تجعل الأمر في ناحية ضيقة ممكناً!
بدا لي من الأفضل أن أسأل: هل من (حسن حظ) العرب الذين جاءوا للسودان قديماً انهم مازجوا أجناساً سحناتهم الإفريقية أكسبت أولئك العرب هذا اللون الطيب؟ أم أن الذين جاءوا إلى السودان هم العرب السود الأقحاح؟ وهذا باب عريض فصّله وفضّله الجاحظ في كتابه.
أم هل يتاح أن نقول أن هذا تم بالهجرة ? هجرة الأبيض للأسود ? بمثلما نقول: تم هذا في غير المكان، بدخول الناس أفواجاً للدين و أرضه ? دخول الأبيض للأبيض؟
هذا مع يقيني التام أن لون العرب الأصل ليس البياض المحض، وقد ذكرت قبلاً هذا، بل ذكره كثر غيري، ولو شاءت الأقدار أن يكون أكثر الذين دخلوا بداية الإسلام والجزيرة العربية (أفواجاً) هم من السود، أما كان جلد عرب الجزيرة الآن كمثل لوننا الطيب!!
أريد أن أهمس لك ..أجد يقيناً بداخلي أنني عربي بسحنتي السوداء هذه وبتجاعيدي، ثم بلغتي (عامّية السودان) وتعلمها ضاربة في الرصانة بل موغلة أيضاً في الحوشية ..أراها (جينات اللغة) طافرة وظافرة هنا .. من الغبن إغفالها او غمطها وقد جاءت طيعة مختارة!! لم نكتسبها..ألم تهتز طرباً لاشعار باديتنا و أنت الشاعر الاريب!!
ألم تستوقفك الجزالة التي لا تؤاتي غير الفصحاء فطرة!
ثم نستحضر قول نبينا الكريم العربي القح: بعثت للأحمر والأسود ? فجعل السواد لون العرب كافة. قال ابن الأثير: أي العجم والعرب لأن الغالب على ألوان العجم الحمرة والبياض وعلى ألوان العرب الأدمة والسمرة وقد كان آل عبد المطلب سوداً دُلماً... ثم:
وعيرتموهم بالسواد ولم يزل*** من العرب الاقحاح اسود داعج
أنا أجد هنا منطق عروبتي بسوادي ولغتي .. فاندفع في حماس لتمسكي بها منطلقاً، قال النبي الكريم: أنا أفصح العرب بيد أني من قريش .. وهنا تتدّ الفصاحة عروبته مفاخراً، وأنت تعلم ما يتدّ منطقي من كلام النبي الذي ترَّقى بالعروبة مراقي الفكر واللغة. ثم ما أجده في موروثنا السوداني من تقاليد وعادات ونخوة ضاربة الجذور .. يجعلني هذا أصدقك القول أنني أجد نبض عروبتي يفوق اكثر عرب اليوم الذين يعتدّ بلونهم لا لسانهم.
اسمع همسك في (سرك): بالغت!! لكنها مشاعري الخاصة والخالصة ..قلتها لوجه الحقيقة لا للتباهي! إذ ليس في عرب (اليوم) مايغري بالانتساب اليهم.. (أنا حقاً أدعيهم بسوادي وهزالي)!!
دعني أتذكر بفخار شاعرنا الفحل/ صلاح احمد إبراهيم، وقد وجدتك تستشهد بشعره (فكر معي ملوال قبل ان تنتابنا قطيعة رعناء) واحسبه قد استجلى الامر ببصيرة نافذة: ( الدين + الاصل + سعاية الغريب+ جناية الغبي + وشاية الواشي) الراجح ان منطق التعقل هو مادفع صلاح لهذا، وهنا نستحضر مواقفه الأخيرة، وذروة سنامها صيحته الصادقة الغاضبة مجلجلة (نحن عرب العرب) يوم اعنتوه في فجاجة وجفاف.. هي تذكرني بقولة أديبنا الفذّ الطيب صالح: (الما بقبل بعروبتي علَو ماقبل)!!
أليس من الظلم إغماض العين عن مثل هذه المواقف، وأنت لو تمعنت كلامهما لعلمت قدر قوة التمسك بالعروبة .. وأجد في كلامهما شراسة الحق هذا مع يقين علمهما أننا معشر العرب(الاقحاح) جميعنا نتمرغ في وحل الهجناء، إذ لانقاء لعرق في الدنيا قاطبة!
لعلك تذكر طرفة القائل الذي ظن نفسه حبة ذرة فخاف على نفسه أن يلتقطه الديك فجعل يهرب كلما رأى ديكاً فلمّا كلموه أنه إنسان وليس حبّة ذرة ..قال لهم: ولكن من يقنع الديك بهذا!!!
بعد هذا أسوق لك ان للوراثة أثراً فينا مثلما للبيئة .. مناخنا وشمسنا الواقدة.. (لم يكن اذا بلا سبب ان يزداد لون جلد الآدميين بياضاً كلما اتجهنا شمالاً) صدقني ان الذين لايرضون عروبتنا من العرب معشر جهلاء يلفهم غباء مستحكم .. وبالمقدور أن نرد الصاع صاعين بمثلما فعل صلاح عليه الرحمات في عقر دارهم! لكم كان شجاعا صادقا، وهو لا يملك من سماتهم (عروبتهم)!! الا اللسان الطويل! انا هنا لا ابخسهم اشياءهم.
إن كفّي (يأكلني )الآن ... أريد أن أصفع!!
دعنا نستجلي جلال اللغة نغرف من حوضها: المُقرف: الذي أمه كريمة و أبوه ليس كذلك، والهجين: الذي أبوه كريم وأمه ليس كذلك، قال شاعر:
كم يجودُ مقرفٌ نال العلا *** وكريم بخله قد وضعه
تبدو المفارقة هنا اخلاقية:
1- المقرف وقد نال رفعه الجود = هو وضيع الأصل، لأن أباه ليس كريماً.
2- الكريم = وضيع لبخله لا لأصله الكريم..هكذا.
3- ولو تأملت هذا بذوقك التام، لعلمت أن الهجين في رتبة الحمد برتبة الرجال (الأب)، لكنه إنحطّ رتبة لبخله عند الشاعر. وفي كلامنا الذي يوافق اللغة، ولم أجده في سائر العاميات، قولنا: ود قِرِف للذي أبيه غير عربي الاصل، هو: المقرف! ربما يبدو هذا سخفاً..!
اقول لك وانت العارف: ان مثل هذا الغنى اللغوي الزاخر في كلامنا هو أقوى ما يتدّ ما رأيت، و قد كنت لزمن اقدم مفردات من كلامنا نادرة في لسان العاميات العربية وهي فصيحة الاصل، وقد رأيتها تدعم صراع الهوية الرائج، مسلكاً رأيته اصدق من الاعراق!! نحن وحدنا نقولها .. فلساننا معجم النوادر!! كيف بالله تمّ هذا! قال أبوعلي: إذا قلت: طاب الخشنكان فهذا من كلام العرب لأنك باعرابك اياه قد ادخلته كلام العرب ? الخصائص: 1/357
رأيت هذا (منطق جينات اللغة) الذي يتيح بيسر دخول (مفردة) غريبة لدائرة لغة العرب الحصينة الفصيحة، ألا توافقني أن من الظلم أن نغلق الباب أمام (فرد) إنسان يحمل جينات الدم!! مع إعترافي أن مثل (الخشنكان) دخل بالتعريب أبواب اللغة، وهذا عندي يقابل (المستعربة) في الاعراق! هكذا: ( كلمة معَّربة = رجل مستعرب).
كنت آمل من ارباب الدراسة تفاصيل أوفى وأدق فالأمر يطلب الحذر.
كنت آمل في معرفة رأي الدراسة وقد قالت ان الهوسا والفلاتة من القبائل الآسيوية والأوروبية، وهذا معلوم أشارت إليه دراسات سابقة ? عرب، يهود، وقد قرأت أنهم يؤكدون أصلهم العربي. واذا كانت الدراسة قد وصلت الى ان الجعليين بعضهم يحمل جينات الهوسا و الفلانيين، أليس من المناسب أن نذكر هنا ماوصلنا إليه قبلاً، من انهم جميعاً يحملون جينات آسيوية وأوروبية!! هذا يعود أيضا بمثلهم لأصلهم العربي. ان اعتزاز الفولانيين والهوسا باصلهم العربي قديم، وهم مامونون على انسابهم.
صحيح ان المسافة الوراثية البعيدة تطلب أجيالاً متلاحقة ..ونحن لانعلم مبتدأها! ثم أنقل إليك (تحفظي)..كيف تم إختيار ( العينات) وأنت تعلم ما اعتور معشر القبائل من التمازج، وقد (اكتسبوا) اسم القبيلة بل دمها.
انا لااريد ان أغلو موافقاً الدراسة في مجمل ماتحصلته من علاقات الجينات عند بقية القبائل .. فانا لااستطيع حقيقة خوض هذا .. لكنني اكتفيت بقبيلة واحدة رأيت ان تكون مدخلاً لحديثي وربما تكون هذه القبيلة في حساب (السياسة) مصدراً للمغاضبة! لكنها في حسبان الجينات غير ذلك!! ربما يبدو هذا مزعجا!!
ربما يبدو كلامي مشحوناً بالعواطف التي تجافي العلمية ..وحسبي هذا عسى ان يخوض غمار الدراسة ارباب العلمية البحتة .. مع تقديري ومودتي لك أيها الأخ الصديق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.