كثير ما يدور الجدل والنقاش حول الأدب النسائي وهل هناك أدب نسائي وآخر رجالي ، وتثار الكثير من الاتهامات من قبل المرأة للرجل باعتبار حقها المهضوم والتقليل من شأن كتابات المرأة بوصفها كتابة نسائية رغم اختلافي مع وجهة النظر هذه لأن الكتابة هي الكتابة ويأتي الاختلاف في طرائق الطرح والتعبير وقوة التعبير وعمق الفكرة ، المهم اختلفنا أم ائتلفنا نظم منتدى الشعر أمسية استثنائية للاستماع لكتابات المرأة السودانية الشاعرة في ورشة بالتعاون مع المجلس القومي لرعاية الثقافة والفنون ورشة خصصها للشعر النسائي تمتد هذه الورشة ?أربعة جلسات تشتمل على قراءات شعرية لبعض الشاعرات السودانيات وتختتم بجلسة قراءت نقدية . قدم افتتاحية هذه الجلسات الناقد عز الدين ميرغني وقد خصصت الأمسية لشعر العامية واستهلت القراءات الشاعرة خالدة عبدالرحمن وقد تجلت في الاحتفاء بالعاصمة الوطنية امدرمان وقرأت عرس امدرمان قائلة : امدرمان انت الأمان وفيك الأمان عبر الزمن يا بقعة زي لون الخدار يا شامة في خد الوطن يا شمعة ضواية دروب ويا نغمة بددت الشجن ويا دمعة سالت في شلوخ العازة في عز المحن ... ومجدت أبطال امدر مان عبر تاريخها الطويل قائلة : في الليلة ديك كان العريس الأزهري سمح الفهم جاك فارد أجنحة الفرح طربان مجرتق بالعلم في أزرقه النيل الدفق خيراته زاخر بالنعم وفي أصفره الأرض الولود الجايبة فرسان العشم في أخدره الشتلات تزغرد تطرد الهم والألم يا أمنا أمدرمان سليلة العز ويا بت الخليل الرابضة في كرري العظيم شايل معاك الهم تقيل يا قبة لامعة يضوي لونك بشخاليب النخيل يا درة في بيت الخليفة وشوكة في قلب الدخيل يا طابية شامخة وقيمة راسخة ورنة في أوتار خليل فيك البطل عبداللطيف مقدام وقاهر مستحيل وفيك الأمير عبد الفضيل كان مدفعه الخل والزميل.... ولخالدة قصيدة للجلابية السودانية بتقول : هي الزي الغالب وأجمل فيها المعنى الكامل وأكمل تحكي حكاية شعب مؤصل وتبقى تراثنا الخالد وباقي وأبداً أبداً ما بتبدل لبسة أنيقة ساترة كبيرنا وساترة صغيرنا واسعة مريحة شايلة غفيرنا وحتى مديرنا خايلة ونايرة وقت يتبختر فيها وزيرنا وتلفت أنظار كل العالم ما دام قادل بيها سفيرنا .... استثناءا قرأت الشاعرة اشراقة الحلو بالفصيح قصيدة بعنوان الرحيل قائلة : انهم يغادرون منقو دينق ميري صديقتي المقربة جاءت تقول انها ذاهبة دموعها تقاطرت معربدة ورافضة لمبدأ الرحيل لكنها تقول مجبرة يقول جدها رحيلهم جاء ت به معاهدة كبارهم وقادة الشمال تفاوضوا طويلا وخرجوا بما أسماه جدها معاهدة صدمة الفراق أرجعتني لصورة قصية في الذاكرة ميري التقيتها في فناء المدرسة طفلة مشاغبة تجادل المعلمة في حصة الحساب تثير سخطها لكنها محببة دعوتها في فسحة الفطور للعب الحجلة هكذا عرفتها في بواكر الطفولة جارة مهذبة ..... في الفصل في سيرنا الحثيث آخر النهار في طريق العودة قلت سراً يا لها من معاهدة تباعد الجنوب عن شماله انها غير عادلة وجدان صباحي قرأت شعراً وجدانياً ووطنياً قائلة : يا وطن قدر المساحة يديني احساس بالعشم يديني زول مهموم بهمي دايرة ضلو وأغني فنه وأشتهيه وأكون كمان ايقاع مشيه يا وطن ... د. هيفاء عبد الستار قرأت بعض ما هو ممزوج بالأسطور السودانية ومن العاطفة أيضاً قائلة: يا سيدي الوجع في قلبي زايد وح ومن كتر الأنين حسي انبح مسلول الغرام لملم عروقي جرحها جسماً نام وعقلاً هام ودمعاً سح شلت الليل أساسق ليك أفتش لي عويناتك أظن القاها بينات النجوم الضاويا في الليل البعيد تتلالا زي لمعان بسيمات الكفوت تفوت آخر السراب الكان مدفق في الأرض ساقيها بي موية الوهم براق منمق زي كليماتك وأقيف أستنى ما ألقاك وأرجع بالعة ناري الزايدة كل ما تهب نسيماتك وقالت كان البلد بهتف عما قريب والهمبريب يفتح شبابيك الحبيب والخير يعم يا محمد أحمد وتستجم والحال يطيب محمد أحمد يا بلد تعبان يطقطق في مفاصل الجوع يداري دموعه من فقره يتمغى ويمد رجليه لا طالن أمانيه ولا لحقن لحاف صبره ينوم واقف ورا الشجرة جزور منشرة في الخاطر أكان تبقى الأرض قدره اتنهف ودمعه يسيل يستف كل مواعينه ولا طلعت شموس فجره ولسة البلد بهتف يا محمد أحمد قوم أقيف وحتحت هدومك من هواديم الرصيف الطير رجع بالحسرة بي نبل المواجع بالنزيف.... الشاعرة ايمان متوكل قرأت قائلة : انا بت الأصول زينة ومكارم طيبة بت عز الرجال عز وكرامة وهيبة أتحدى الخلق من الصغير لبشيبة ان زمَاني يوم أوقال علي فد عيبة من بلد الرسول يا أخونا أصلاً جينا سمونا الكنوز اسماً مسمى على نجوان النضيف شايفة الخلق في عينينا قدام الصفوف الفرحة عرضت لينا يوم قسموا الشرف أول بشر أدونا ويوم قسموا الكضب قصدوا قصداً عدييييل فطونا الدين والعلم هم يا أخونا رفعونا رفعونا السما ولليلة ما دلونا أبو عاقلة ادريس في ختام الأمسية قرأ بعض مقاطع للشاعر محمد محمد علي قائلاً : كما الأطفال قد ولدوا نبي الشعر قد ولد فلم يخلق له قمر ولا ملك له سجدا .... ثم علق قائلاً : الشاعر لا يكتب القصيدة ولكن القصيدة تكتبه ، والسودان حواؤه الولود تلد كل يوم عشرات من الشعراء وعشرات من الشواعر يبدعن ويكتبن ما لا يكتب ، الشعر تصنعه الدهشة وانا استمعت الى شعر رقيق شعر تكتبه المرأة السودانية بما عندها من جرأة وصدق وشفافية ، القراءة النقدية يعول عليها في غير هذه الجلسات الاحتفائية، الهتاف يفسد الفن ، التقريرية والمباشرة أحياناً في مرحلة من المراحل قد تكون مطلوبة لكن الفنانة تتجاوز الابداع وتتجاوز التقرير والهتاف الى مساحات أرحب من فضاءات الايحاء والرمز وهي تغني للانسان وللانسانية وللحب وال?رية والجمال ، المقام ليس مقام نقد وللنقد مقامه ولكل مقام مقال لكنني طربت غاية الطرب لما سمعت من شواعر مجيدات شاعرات يكتبن باحساسهن كتبهن القلم والقلم قادر على التجاوز وعلى الكثافة والاحتشاد . الشاعر عبدالله شابو عبر أيضاً عن سعادته عن القراءت الشعرية وعن شجاعة المرأة السودانية مضيفاً أنه أعجب بطريقة الالقاء والتعبير ، وأن ما قرأ شعراً جميلاً وقرأ قائلاً : انا أحبك جداً وأعرف انا التقينا بشط البداية وأنا افترقنا لكي نلتقي بهذا الزمان العجول وأن طريقاً يشد خطانا طريق طويل وهذا الرواء النبيل وهذا الحديث الأنيس الدمس كرجع الكمان البعيد يهدد مرجاً يلاقي القمر يزيد اكتئابي وقلبي يزيد اتساعاً لكل البشر وأغدو خفيفاً ألوفاً نظيفاً تساقط عني الصدى وأشرق فيَ الكلام الجميل علي أضاف هذه الأمسية حقيقة رائعة ، الشواعر أجدن في شعرهن ، وهذه الدهشة ليس جديدة على المرأة السودانية ، فقد كتبت من قبل العديد من الشاعرات السودانيات أمثال شغبة المرغومابية وغيرها استفذتني مقاطع الشاعرة ايمان وانا أنشد الدوبيت ، وخالدة ممتلئة بحبها للأمدرمان المدينة التي عرفت بامتزاج مجتمعها وكونت المركز الحقيقي للثقافة السودانية ونرى في شعرها أن هذا الحب تجسد في ذكر كثير من مقاطع القصائد الأمدرمانية ويحمد أن لها رؤية كونية في قصيدتها الأخيرة ، ودكتورة هيفاء لها تقمص كبير جداً في الأسطورة السودانية والفل?لور السوداني حاضر جداً في كتاباتها .