لم تكن اصدار مذكرة توقيف وزير الدفاع الفريق ركن عبد الرحيم محمد حسين من قبل مدعى محكمة الجنايات الدولية لويس مورينو اوكامبو «المنتهية ولايته فى يونيو 2012» بعد فترة تسع سنوات مثيرة للجدل قضاها مدعيا عاما لشؤون التحقيق فى المحكمة الجنائية الدولية بالمفاجأة ! وقد سبق ان تردد اسم حسين ضمن التسريبات التى شملت «51» شخصا شملت قيادات فى الحكومة السودانية وأخرى بالمعارضة، الا ان اوكامبو أصدر مذكرته الشهيرة بايقاف رئيس السودان عمر البشير فى يوليو 2010 بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور وجرائم ضد الانسانية ، وقالت ال?مم المتحدة فى حينها ان الحرب فى دارفور التى بدأت في العام 2003 أدت الى سقوط « 300» ألف قتيل وتهجير «2.7» مليون شخص ، فنشطت على أثر ذلك وكالات الاعلام المختلفة فتقسمت اصطفافها بين الفريقين ،الا ان الخرطوم كذبت الأرقام واعتبرته تهويلا وغير مبنى على احصائية صحيحة ، وقالت ان الرقم لا يتجاوز سقوط «10» آلاف قتيل ، ويرى مراقبون انه فى كل الأحوال ان هنالك حربا فرضت على أهل دارفور لم تسلم منها أسرة او بيتا وقد أضرت بهم فأصبحوا متفرقين مابين قتيل وجريح ومعاق ومشرد ونازح ومطرود وآخر لاجئ يعيش حالة من العمالة والارت?اق لدى دول العالم . أدلة استنتاجية فالعلاقة وطيدة مابين قرار قاضي المحكمة العليا بكينيا نيكولاس انمبيجا الأخير باصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير ،وقرارات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ، سيما مذكرته الأخيرة اعتقال وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب في دارفور خلال أغسطس 2003 حتى مارس 2004 ، وقرارات أخرى سابقة على ذات الشاكلة بحق هارون وكوشيب ، فقرار اوكامبو الأخير جاء بناء على طلبه الصادر فى الثانى من ديسمبر 2010 من الدائرة التمهيدية الاولى بالمحكمة اصدار أمر اعتقال?ضد وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب في اقليم دارفور خلال أغسطس 2003 حتى مارس 2004 ، مستندا على أدلة قال انها استنتاجية لمكتب المدعي العام ،مفادها ان حسين كان وزيرا للداخلية وممثلا خاصا للرئيس في دارفور ويمتلك كل صلاحيات ومسؤوليات رئيس الجمهورية وقد فوض بعض مسؤولياته الى السيد أحمد محمد هارون ، وزير الدولة للشؤون الداخلية ، الذي عين لرئاسة «مكتب دارفور الأمني» وقد أصدرت «الجنائية الدولية» فى السابع والعشرين من أبريل 2007 قرارا بتوقيف هارون وعلي عبد?الرحمن الملقب ب«كوشيب» أحد قادة «مليشيات الجنجويد» ، وحددت المذكرة الجرائم بهجمات على بلدات وقرى كدوم وبنديسي ومكجر وأروالا في محافطة وادي صالح والتجمعات حول مكجر في غرب دارفور، وقالت ان الحكومة قامت بمحاصرة القرى، وضربها بالقنابل عشوائيا عبر القوات الجوية وأعقبها جنود مشاة الجنجويد بقتل وباغتصاب ونهب لسكان القرى المذكورة أعلاه ، الا ان اوكامبو أضاف ان الجنرال حسين مازال يواصل ارتكاب أعمال مماثلة أخرى في جبال النوبة وجنوب النيل الازرق ،وقال انها تصنف كجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية ، وقد ترتقي الى جرائم?ابادة جماعية في حق شعب النوبة وشعوب جبال الانقسنا . كيد سياسي ولكن السؤال الذى يفرض نفسه لماذا جاءت مذكرة اوكامبو لتوقيف وزير الدفاع السودانى السودانى الفريق اول عبدالرحيم محمد حسين فى هذا التوقيت ؟ فى الوقت الذى تعيش فيه القوات السودانية نشوة الانتصارات فى النيل الأزرق بعد ان نجحت فى اخراج قوات مالك عقار «قوات الجيش الشعبى لدولة جنوب السودان» خارج الأراضى السودانية ،والتقدم فى كافة مسارح العمليات بجنوب كردفان بعد ان ظلت على مدار «الستة أشهر » الماضية فى موقف الدفاع؟ ،قال البروف الأمين دفع الله الأمين العام لديوان الحكم الاتحادى ل«الصحافة» ان المذكرة مقصود بها احباط?القوات المسلحة وتوقف تقدمها وهى تعيش فرحة الانتصارات ،مؤكدا ان المذكرة جاءت فى وقت غريب جدا ، وتساءل لماذا لم يتم اصدار هذه المذكرة منذ العام 2004 ، ولماذا انتظر اوكامبو كل هذه المدة ؟ يعتقد البروف انها كيد سياسى وأجندة سياسية قبل ن تكون لها علاقة بالجنائية جاءت لايقاف تلك الانتصارات وللتقليل من بسط هيبة الدولة وتقدمها سياسيا وعسكريا وأمنيا ومجتمعيا واقتصاديا ،قائلا ان اوكامبو فى اواخر عمر دورته ولم يكن لديه حل وقد سقط فى كافة محاولاته السابقة فى السودان فكان لابد له الا ارضاء أسياده ،واعتبرها البروف «فرف?ة مذبوح» وقد جاءت فى الوقت الخطأ الذى أحرزت فيه الدوحة تقدما ملموسا ، وما يؤكد تلك الدلالات والمعانى ، قال عنها اوكامبو نفسه لتشجيع المزيد من التركيز العام على سياسة حكومة السودان ، ومن جانبها اكدت الحكومة السودانية ان مذكرة التوقيف التي تقدم به المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في حق السيد وزير الدفاع ، موجهة سياسيا ضد وثيقة الدوحة لسلام دارفور وان مضمون مذكرة المدعي العام والتوقيت الذي اختاره يخدمان بالدرجة الاساسية اجندة الجماعات الرافضة لوثيقة الدوحة والساعية لوضع العراقيل امام مسار تنفيذها. فرقعة اعلامية ووصف محمد مركزو كوكو رئيس لجنة الأمن والدفاع بالمجلس الوطنى المذكرة «بالفرقعة الاعلامية» حالها حال توقيف الرئيس وهارون وكوشيب من قبل أراد بها اوكامبو ان يختم بها فترة عمله ارضاء لسادته الذين لا يريدون للسودان خيرا ،وقال ل«الصحافة» انها «احدى محاولات أعداء السودان لانقاذ ماتبقى من حركات التمرد » جراء الانتصارات الأخيرة التى حققتها القوات المسلحة والتى قصمت ظهر مالك عقار«الحركة الشعبية» فى النيل الأزرق ولم تتبق منها الا جيوب فى مناطق محددة محصورة بقرب حدود دولة الجنوب ،وهزيمة نكراء لقوات الحلو فى جنوب كردفا? فى تلودى لأكثر من مرة وتحرير طروجى والتقدم نحو الأبيض وجاو وكاودا ،بجانب احراز التقدم الملموس فى تنفيذ اتفاقية الدوحة ،فيما قالت وزارة الخارجية في بيان اصدره الناطق الرسمي السفير العبيد مروح ان مكتب المدعي العام اختار التوقيت بعناية ليتزامن مع الانتصارات العسكرية التي تحققها القوات المسلحة السودانية على جماعات التمرد في جميع مسارح العمليات ، وخاصة في النيل الازرق وجنوب كردفان ،مضيفا ان التوقيت قصد منه التأثير على تلك الانتصارات ورفع الروح المعنوية المنهارة للمتمردين ،وقال ان الحكومة لم تفاجأ فقد سبق ان ?رب منسوبون لمكتب المدعي العام خبر الطلب اعلاميا في غمرة انشطتهم المحمومة مع جماعات التمرد الدارفورية . تهور سياسي الا ان الأستاذ نبيل أديب الخبير القانونى الضليع يرى ان مسائل الجنائية متحركة وليست ثابتة ولها خطوات وتحقيقات وقد يمكن ان تجد أدلة وشهودا جددا تؤدى لاتهامات أخرى ،وقال ل«الصحافة» ان الحكومة السودانية فى يدها الحل ويجب ان تتعامل مع قضية الجنائية بالمسائل القانونية واعطاء فرصة للمحاكمة الداخلية بالمحاكم السودانية ،مشيرا لخطوة الحكومة الليبية فى محاكمة سيف الاسلام القذافى بانها اجادة استخدام الطرق القانونية والدبلوماسية معا ، وانتقد أديب الحكومة السودانية فى محاولتها «غير الموفقة» لاعلانها مدعى عام لدارفور دون?ان تقدم القضايا مكان النزاع والادعاء للمحكمة واصفا القضاء السودانى بالقادر والمؤهل للفصل فى هذه القضايا ،وواصل أديب انتقاداته اللاذعة للحكومة فى تعاملها مع قرار المحكمة الكينية باللجوء مباشرة لقطع العلاقات الدبلوماسية وغيرها من الأساليب التى وصفها ب«التهور السياسى»، قائلا ان الحكومة السودانية لا تجيد الدفاع عن نفسها جيدا ، واصفا القانون الجنائى الدولى ب«الخليط» ما بين السياسة والقانون ولا ينفصلان عن بعضهما البعض ،مشيدا بتعامل الحكومة الكينية عبر الدبلوماسية الهادئة من خلال اجادة استخدام التعامل مع الوسائط?الدبلوماسية رغم ان القرار نفسه يواصل اجراءاته الروتينية .