٭ عندما ارتفعت أسعار البترول عالمياً زادت معظم الدول أسعار المحروقات فأثارت ما أثارت من قلاقل وإضطرابات لكن حجة تلك الحكومات كانت قويه لأن زيادة أسعار المحروقات جاءت تبعاً لزيادة أسعار البترول حينها.. غير إن حكومتنا الرشيده لم تُقدم على زيادة الأسعار إستناداً على إن «زيتنا في دقيقنا» ومعلوم إن الزيت لو ما كفَّي البيت حرم على الجيران.. كما تقول المقوله الشعبية الشائعة.. وأمتلأت شوارع الخرطوم عن آخرها بالسيارات من مختلف الموديلات والمقاسات صغيرها وكبيرها وتراوحت أعمارها بين الجديدة والقديمة والقديمة لنج «إستعم?ل بلاد بره» لتشفط جميعها البنزين المتوفر في محطات الوقود والتي فاق عددها «الهم على القلب» وتفنن أصحابها في تزيينها وإضافة بعض الخدمات فيها جلباً للزبائن.. والشاحنات تحمل يومياً أرتالاً من السيارات التي تتغذى على البنزين وكأن البترول أصبح ثروة غير ناضبة ولكن افتقارنا للتخطيط الإستراتيجي جعل كل وزارة تعمل بمعزل عن الوزارات الأخري فوزارة التجارة تفتح إستيراد العربات بأيسر الشروط.. وسلطات المرور ترخِّص لها.. ووزارة الطرق تمهد لها الطرق والميناء يكتظ بالبضائع ومنها السيارات.. فوزارة المالية تعفي جمارك سيارات ال?قل.. فتمتلئ الساحات بالشاحنات.. وتخلو الميناء من الشُحنات .. وتلهث المصارف في تحصيل أموالها التي موَّلت بها شراء العربات.. ويدخل التجار السجون والحراسات بسبب الأعسار.. ويدور الزمان ويتبدل الحال ويجئ الإنفصال ويخرج البترول من الموازنة.. فيضطرب الإقتصاد ويسود الغلاءُ البلاد ويقترب موعد إجازة الموازنة فلا يجد أهل الاقتصاد «الذي هو علم البدائل».. بديلاً عن زياده سعر البنزين. فيثور البرلمان ويرفض زيادة سعر البنزين لتغطية العجز .. ويجيز الموازنة في مرحلة «السمات العامه» ولم يلق بالاً للدفوعات التي قال بها وزير ا?مالية لتبرير زيادة أسعار البنزين «المدعوم» بأكثر من أربعمائة مليون جنيه. وبالنظر في الفرق بين السعرين المحلي والعالمي.. وإن الحكومه تدفع ما يصل إلى أربعة مليارات جنيه دعماً للمحروقات. ٭ وعند هذه «النقطة» لا بد من وقفة دعم المحروقات بما يقارب أربعة مليارات جنيه.. لمن تذهب؟ ونحن متفقون مع السيد وزير المالية.. فالزيادة المقترحة على البنزين هي في واقع الأمر «رفع الدعم عنه» والبنزين لا يُعد من مدخلات الإنتاج فالشاحنات والقاطرات والبواخر والبصات والآليات وطلمبات الري والمخابر الآلية تعمل بالجازولين «الديزل» ومحطات التوليد الحراري تعمل بالفيرنس ولن تطرأ زيادة على هذه المواد.. لكن من يقنع الديك؟.. فأي زيادة على سعر البنزين سينعكس على أسعار جميع المواد الغذائية والخدمات بلا أدنى تردد فكل صاحب سل?ة أو خدمة سيتعلل بزيادة البنزين حتى لو كان يستخدم «الكارو» في تحركاته أو الساقية في ري مزروعاته.. وأعضاء البرلمان بين المطرقة والسندان الحكومة من جهة والمواطن من جهة .. وصحيح ما قاله رئيس البرلمان بأن استمرار الدعم يهدد اقتصاد البلاد.. ورفع الدعم يهدد استقرار البلاد وما بين السياسة والاقتصاد تترنح الموازنة.. «هذه مرحلة السمات العامة.. لكن شيطان التفاصيل في المراحل المقبلة سيدخل في اللحم الحي» هذه مقوله الأستاذ أحمد إبراهيم الطاهر رئيس البرلمان الذي دعا إلى التوصل «لرأي صائب» وإيجاد بدائل للتوصل لحلول مرضية?!! يعني من هنا شويه.. ومن هنا شويه .. وبالتالي فالزيادة حتمية ويمكن لغضبة النواب المضرية أن تخفف من غلوا ئها. ٭ إن سياسة التقشف تبدأ بخفض الإنفاق الحكومي وكان العشم في تشكيل حكومة رشيقة القوام أما وإنها جاءت «فَرْشاء وتخينه» فلا بد من خفض مخصصات الدستوريين إلى النصف وأكثر.. وإعادة النظر في الهيئات والمؤسسات ومجالس الإدارات والتي هي على قفا من يشيل وإلغاء بعضها ودمج بعضها في بعض وخفض مخصصات من يتولون إدارتها وإمتيازاتهم .. ثمَّ الضرب بيد لا تلين على مَواطِن الفساد.. وملاحقة المفسدين واسترداد المال العام.. والإعلان عن إلغاء كل الإحتفالات والمهرجانات والحد من الرحلات الخارجية ومنع العلاج بالخارج على حساب الدولة والمو?طن لشاغلي المناصب الدستورية وكبار المسئولين «الروح واحدة».. وما يقع على المواطن يقع على المسئول .. والمسئولون أولى بتقديم القدوة والإقدام على التضحية .. ساءني جداً وأنا أشاهد على اليوتيوب صورة مواطن يخاطب مسئولاً رفيعاً ويختم كلامه بالقول «أنا خريج هندسة منذ سبع سنوات وما لاقي شغل وماشي بي كُراعِي وولدك إنت طالب بنفس الكلية قبول خاص وراكب عربية تمنها ميتين مليون جنيه!!» فماذا لو ضرب المسئول المثل الأعلى أي مسئول وأشتغل بأقل مرتب وأستغنى عن كل الإمتيازات التي يكفلها له القانون .. فإذا كانت النهضة الزراعية ببرنامجها الذي يرعاه السيد النائب الأول لا أثر لها على معيشة المواطن كما يقول الأستاذ فتحي شيلا من داخل البرلمان.. وهو ليس من المعارضة!! فماذا ستقول المع?رضة!!؟ رجاءً لا تستسهلوا الحلول .. ويكون المواطن حيطتكم القصيرة.. أبدوا بالكبار وتعالوا نازلين.. مافي إنهيار إقتصادي .. لكن في أزمة .. وسوء تخطيط .. وسوء إدارة.. واتهام بالفساد «وإتنين لو قالوا ليك راسك مافي ألمسو» عشان ما يجوكم تكوركوا.. وهذا هو المفروض