على بعد 150 كلم من الخرطوم وعلى الضفة الشرقية للنيل الابيض، يقع مشروع سكر النيل الابيض بطول 50 كلم شمالا وجنوبا وعرض 20 كلم شرقا وغربا، ويحده من الشرق مشروع الجزيرة والمناقل ومن الغرب طريق المرور السريع جبل الأولياء ربك، ومن جهة الجنوب مدينة الكوة، ومن الشمال مشروع المزارعين فى مساحة كلية تبلغ 165 الف فدان. ويرى المختصون في المجال الزراعى أن مشروع سكر النيل الابيض بلغت تكلفته المالية «رأس المال» من تسهيلات مصدرين وقروض ملياراً ومائة مليون دولار اميركى، وأن من مميزات هذا المشروع قربه من النيل الابيض الم?در الرئيسى لمياه الرى، بجانب طبيعة المنطقة المسطحة، الامر الذى يقلل من تكلفة اعداد نظام الرى، كما ان هناك ملاءمة الطقس بالمنطقة لزراعة القصب، حيث تبلغ درجة الحرارة السنوية فى متوسطها 28 درجة مئوية وادنى درجة 10 درجات، اضافة الى وجود عدد من المصارف الطبيعية في المنطقة التى يمكن استخدامها فى تصريف مياه الامطار والمياه الزائدة من الرى فى ظل وجود تربة طينية تناسب زراعة قصب السكر. وفى الزيارة التى نظمتها شركة سكر النيل الابيض لعدد من الاعلاميين الى موقع المشروع، وقفت «الصحافة» ميدانيا على آخر الترتيبات لافتتاح المشروع ليصبح واقعاً معاشاً بين الناس. واستمعنا الى المختصين والمهندسين المشرفين على العمل الذين اكدوا ان المشروع تأخر لاسباب تتعلق بالقرصنة التى اعترضت السفينة التى تنقل بعض المعدات الخاصة بالمشروع، وقد كان المزمع افتتاح المشروع في شهر نوفمبر المنصرم. واكدوا انه بعد الافراج عن المعدات التى وصلت الى موقع المصنع باشرت جهات الاختصاص أعمالها وشارفت على الانتهاء من الخط الاول للمص?ع الذى تبدأ انتاجيته بحوالى 150 الف طن من السكر، بعد ان أثبتت التجارب الاولية نجاح تشغيل المراجل البخارية الاربعة فى المصنع واضحت جاهزة للعمل فى اى وقت. وعلى الرغم من التساؤل الكبير الذى دار فى اذهان الكثيرين من الوفد الاعلامى بصعوبة اللحاق بالموعد المضروب لافتتاح الخط الاول خلال يناير المقبل، إلا أن المدير العام لشركة سكر النيل الابيض حسن ساتى قلل من تلك المخاوف، وقال إن ما تبقى من الاعمال هو عمليات تركيب فقط ليس الا، وقال لا تندهشوا فإن الذين يعملون فى المصنع يواصلون العمل الى الساعة الثانية عشرة ليلاً د?ن توقف، ولذا فإن كافة جهات الاختصاص على اهبة الاستعداد لانجاز العمل فى وقته المضروب، وقال إن هذا العمل لا يثنينا عن مواصلة الانجاز فى الخط الثاني من المصنع الذي يسير فيه العمل وفقا لما هو مقرر له ليكتمل افتتاحه ايضا فى مارس القادم، ليكتمل انتاج المصنع الى 450 الف طن، وتصبح المساهمة فى رفد الاستهلاك المحلى بحوالى 40% من الاستهلاك. وتوقع ساتى ان يسهم المصنع فى رفد السوق المحلي بشتى انواع المنتجات الاخرى، كما انه وفقا لتصميمه الذى جاء باحدث التقنيات العالمية وفق دخول شركات صينية وماليزية وكندية، ان يساهم فى ا?تاج حوالى 100 مليون لتر من الايثانول، ورفد الشبكة القومية للكهرباء بحوالى 50 ميقاواط، مع العلم بأن المقرر انتاجه من الكهرباء يفوق المائة ميقاوط باربعة ميقاواط، مؤكدا ان كافة الاجراءات الفنية والاجتماعية قد تم اتخاذها منذ بداية المشروع. وأبان أن المصنع يعتبر الأول من نوعه في السودان والشرق الأوسط وأفريقيا من حيث الإنتاجية، مشيراً لاستخدام أحدث التقنيات في هذا المجال التي تركز على الكفاءة الإنتاجية والطاقة عبر وحدة إنتاج متكاملة تعمل فيها عدة شركات عالمية تستخدم 160 ألف عامل أجنبي. وأضاف ساتي أن المصنع يستهدف إنتاج 500 ألف طن من السكر الأبيض عالي الجودة للاستهلاك المحلي والتصدير، علاوة على إنتاجه 105 ميقاواط من الكهرباء 50% منها لاستخدامات المصنع والباقي لخارجه، بجانب إنتاج 100 مليون لتر مكعب من الإيثانول والوقود الحيوي، بالإضافة ل100 ألف طن من العلف الأخضر على مدار السنة. وكشف ساتي أن التكلفة الكلية للمشروع 1.100.000.000 دولار أمريكي، وأن مساحته الكلية المزروعة 125 ألف فدان، منها 85 ألف فدان تزرع قصباً و15 ألف فدان بور و25 ألف فدان محاصيل نقدية، بجانب زراعة 5 آلاف فدان غابات. ولفت ساتي إلى أن احتياجات المصنع سنويا من القصب 3.440.000 طن. وأشار ساتي إلى أن اتفاق إدارة المصنع مع المواطنين المتأثرين بإنشاء المصنع يقضي بمنح صاحب كل حيازة منزوعة قطعة أرض زراعية مروية نسبتها 20% من مساحته المنزوعة، على أن تتولى وزارة المالية الاتحادية تأسيس نظام ري للمساحة الجديدة. واشار الى ان استراتيجية الشركة تطمح فى الدخول الى حلبة صراع فى السوق العالمى من اوسع ابوابه، وذلك عبر المنتجات الموجهة للسوق العالمى كالايثانول. وقال: لكن فى الوقت الراهن تأخذ الشركة فى الاعتبار الحاجة الملحة لسلعة السكر فى السوق المحلى. ولتأمين ذلك وضعت الشركة خطة انتاج تصاعدية حيث تعمل بثلث الطاقة الانتاجية فى الموسم الاول، وبثلثى الطاقة فى الموسم الثانى، وبالطاقة الانتاجية القصوى فى الموسم الثالث. وأكد أن الشركة ملتزمة بتأمين الغذاء والطاقة وذلك باعتماد نظم ووسائل صديقة للبيئة، بالإضافة الى الالتزام بأخ? المبادرة فى كل ما يتعلق بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتنمية المقدرات وتطوير الاداء المهنى، وتوفير فرص العمل، وزيادة ارباح المساهمين «شركة سكر كنانة، الهيئة العربية للاستثمار والانماء الزراعى، المعاشات، حكومة السودان، التأمين الاجتماعى، بنك امدرمان الوطنى، بنك الخرطوم، بنك السودان، شركة السكر والصناعات بمصر، بنك الاستثمار القومى بمصر، مصرف التنمية الصناعية، مصرف المزارع، شيكان للتأمين وولاية النيل الأبيض». واعتمد المشروع نظام رى حديث يساعد على تحقيق اهداف الشركة، من ضمنه استخدام قنوات الري المقفولة، حيث يتم استبدال القنوات الترابية باخرى مقفولة مصنوعة من البلاستيك، هذا بعد إجراء عدد من الاختبارات لنظم الرى الحديثة وجد ان نظام قنوات الرى المقفولة هو النظام المناسب لمحصول قصب السكر، لأنه لا يحتاج الى طاقة اضافية لضخ المياه، حيث يعتمد على الانحدار الطبيعى للارض، كما انه يقلل الفاقد من المياه وقلة التبخر اثناء علمية الرى مقارنة مع الرى بالرش او الرى المحورى، حيث يصل الفاقد احيانا الى حوالى 40% خاصة في فصل الصيف،?بجانب ان النظام يوفر اراضي اضافية كانت تستخدم فى بناء القنوات التقليدية تصل الى حوالى 500 فدان فى المشروع، اضافة الى حوالى 500 فدان اخرى فى بداية الحقل تكون متأثرة بالغرق.