رغم القواسم المشتركة التي تجمع بينهما الا ان ذلك لم يحل دون تباعد خطوط تلاقيهما، فلا الولاية التي ينحدران منها، ولا الحزب الذي ينتميان اليه ،ولا المناصب الدستورية التي يجلسان عليها،نجحت في تقريب شقة خلافاتهما ،واسهمت في ازالة الترسبات التي خلفتها احداث ماقبل انتخابات ابريل الماضية . والحديث عن الخلاف بين وزير المالية الاتحادي علي محمود ووالي جنوب دارفور عبد الحميد موسى كاشا بعد ان كان يتداول امره وسط النخب الدارفورية تحول الي قضية تهم الرأي العام بالولاية ،ولم يعد شخصيا بين قياديين في الحزب الحاكم تنافسا علي منصب الوالي في 2010 واختار المركز احداهما مرشحا،وكلف الثاني بعد فترة بملف وزارة اتحادية ، ويعتقد متابعون ان الخلاف بين الرجلين تحول من شخصي الى مؤسسي ،وان المواطن بجنوب دارفور هو من يدفع الفاتورة ،ويشيرون الى ان وزير المالية الاتحادي لم يستطع مبارحة محطة تداعيات الانتخابات الم?ضية وان سياسة وزارة المالية تجاه الولاية تؤكد هذه الحقيقة، فيما يرى آخرون ان حاكم جنوب دارفور يتحمل جزءا من الأزمة المكتومة بينه ووزير المالية بتعمده اقصاء انصار الثاني الذين وقفوا ضده في الانتخابات بعيد انتخابه واليا. وكثيرا ما جأر والي جنوب دارفور من ضعف دعم المركز وتعطل التدفقات النقدية دون الاشارة بصورة مباشرة لتعمد وزير المالية فعل ذلك ،وحتى مجلس ولايته التشريعي الذي ثار في النصف الاول من هذا العام ضد وزارة المالية الاتحادية ومفوضية تخصيص الايرادات مناصرا للوالي لم يوجه اصابع الاتهام مباشرة لوزير المالية والوالي الاسبق للولاية ،ولكن أخيرا وجه والي جنوب دارفور اتهاما مباشرا لوزارة المالية الاتحادية ،منتقدا في خطابه امام تشريعي الولاية الاول من امس مسلك المالية الاتحادية القائم على تقديم دعم مباشر لعدد من محليات الول?ية بعيدا عن القنوات الولائية الرسمية ودون معرفته ،موضحا أن هذا الدعم أحدث خللا يتمثل في عدم معرفتهم بحجم المبالغ وأوجه صرفها ومراقبتها، وجدد الوالي في ذات الجلسه البرلمانية حديثه حول ضعف الدعم الاتحادي للولاية، مؤكدا انه لا يتناسب مع حجم السكان واستحقاقات العاملين والتنمية ما أدى إلى ضعف الأداء التنموي بالولاية،وكشف عن أن حكومته تواجه تحديا كبيرا في الإيفاء باستحقاقات «4,632» موظفا تم تعيينهم حديثا لم تصرف مرتباتهم لأكثر من «9» أشهر، مشيرا إلى أن تغطية العجز يحتاج إلى الدعم من وزارة المالية الاتحادية،?منوها إلى أن ولايته تعاني من عجز شهري يقدر ب «5» ملايين جنيه وطالب كاشا نواب المجلس التشريعي بضرورة بذل الجهود لمعالجة الأمر مع الحكومة الاتحادية. وعلى طريق الوالي مضى رئيس التشريعي الولاية علي آدم عثمان الذي حمل نواب المجلس الوطني ومجلس الولايات مسئولية المطالبة باستحقاقات الولاية من قسمة الإيرادات القومية من المالية الاتحادية مشددا على ضرورة التمسك برفع نسبة دعم الولاية إلى وضعها الطبيعي وفق التعداد السكاني الذي وضعها بعد ولاية الخرطوم. الاتهامات المتواصلة التي ظلت تطاله باستهداف ولاية جنوب دارفور جعلت وزير المالية الاتحادي يخرج من صمته خلال اللقاء التنويري الذي جمعه باعضاء الحزب الحاكم في الولاية في النصف الثاني من هذا العام حينما دافع عن نفسه ،مشيرا الى عدد من المشروعات بالولاية التي تم دعمها اتحاديا ،مؤكدا انه ظل متعاونا مع قضايا الولاية المالية والتنموية في إطار السياسات المالية والاقتصادية الكلية للبلاد، وأشار ممازحا مذكرا بانه كُلِف وزيرا قوميا لكل الولايات وليس لجنوب دارفور وأضاف كونه ينتمي الى ولاية معينة لا يعني ذلك أن يوجه كل?امكانيات الدولة لها. ورغم ان الوزير لم يشر يومها الى دعمه المباشر لثلاث محليات ينحدر من احداها ولم يكشف ان له رأي في امر تنزيل الدعم عبر وزارات المالية بالولايات ،ولم يوضح بانه من انصار سياسة توجيه الدعم الاتحادي مباشرة للمحليات حسبما يحمل قانون الحكم المحلي لعام 2011 المقترح ،ولكن حكومة الولاية اعتبرت بحسب وزير طلب حجب اسمه ان هذا الامر يحمل دلالات تذهب ناحية تأليب سكان محليات لاتحظي بدعم كاف ضدها ،معتبرا ان في هذا المسلك تهميشا واضحا لحكومة الولاية وعدم اعتراف غير مباشر بها ،وان هذه السياسة مخالفة للقوانين المالية والمحاسب?،مطالبا الوزير بارساء مبدأ ولاية وزارة المالية بجنوب دارفور على المال العام. ويؤكد والي جنوب دارفور عبد الحميد موسى كاشا في حديث هاتفي ل«الصحافة» سعيهم لاستقطاب الدعم لمختلف المحليات حتي تتمكن من مجابهة متطلبات التنمية والخدمات ،مشيرا الى انهم لا يمانعون في ان تحظي المحليات بدعم من المركز ،غير انه اشترط معرفته به ومروره عبر وزارة المالية بالولاية وذلك للشفافية والمحاسبة، موضحا تكرار هذا المسلك الذي اعتبره لا يتسق مع قوانين الحكم الفدرالي ،مؤكدا مراعاتهم في الولاية للظروف الاقتصادية التي يمر بها السودان ،ولكنه نبه الى حجم التحديات الكبيرة التي تواجه الولاية التي أكد بانها تحتاج للدع? الاتحادي. قد يكون الدعم المباشر من قبل وزارة المالية لثلاث محليات السبب المباشر في احتجاج الوالي والمجلس التشريعي ولكن ينظر اليه مراقبون من زاوية انه تعبير عن الخلاف بين وزير المالية ووالي الولاية ،ويشير أمين المؤتمر الشعبي بجنوب دارفور وعضو تشريعي الولاية عبد الرحمن عبد الله الدومة الى ان العلاقة بين المركز والولايات يجب ان تأتي في اطار الحكم الفدرالي التي يجب ان تكون علاقات مؤسسات وليس افراد تحمل الصبغة الشخصية ،ويقول في حديث ل«الصحافة» رئيس كتلة المعارضة بتشريعي الولاية ان ماذهبت اليه وزارة المالية بتمويلها المب?شر لمشروعات ببعض محليات الولاية دون مرور الدعم الاتحادي بالقنوات الرسمية الولائية حسب اشارة الوالي يعتبر تشويها لممارسة الحكم الفدرالي ،مشيرا الى ان هذا المسلك اذا لم يتوقف من شأنه الاساءة للمركز واحراج الولاية وارباك حساباتها ،مطالبا المجلسين الوطني والولائي القيام بدوريهما الرقابي والاشرافي تجاه مثل هذه الممارسات،وتناول القيادي بالمؤتمر الشعبي الخلاف بين وزير المالية ووالي جنوب دارفور ،مطالبا الطرفين بالتجاوز والتسامي بروحيهما فوق الصغائر ،مؤكدا ضرورة ان تسود العلاقة المؤسسية.