من المظاهر المحزنة في منطقة شرق كردفان «أم روابة» هذه الايام تزاحم أصحاب الماشية - الضأن والماعز والأبقار وهي من أكثرها جودة من حيث النسل بدأوا عرضها على الاسواق بشكل لافت - وبسؤالنا علمنا أن إحساسهم وتخوفهم من مقبل الايام جعلهم يتخلصون منها خشية أن تنفق وتروح هدراً كما حدث في العام 5891م، حيث لم يستطيعوا التخلص منها ونفقت الماشية ولم يبق منها وأخلوا القرى وزحفوا نحو المدن بصغارهم مشياً على الأقدام وحتى اللحظة لم يعوضوا كريم نسل الأبقار المتوارث، المشهور بجودة الالبان واللحم وأملنا كبير ان يجدوا من المسؤول?ن بالولاية ما يساعدهم على المحافظة على القليل. وان تسعى الولاية لايجاد أسواق للإناث وان توفر لهم القليل من الاعلاف بالسعر المناسب وان تحافظ على الغابات كمرعى من القطع الجائر والحرائق وان توجه الرعاة لمسارات مدروسة - شمالاً وجنوباً وان توفر آبار الباجة شمالاً حتى لا تتكدس الماشية في مسارها في جهة واحدة وتقضي على ما فيها بسرعة ثم تتجه للأخرى في آن واحد وان تسعى الدولة للاتفاق مع أصحاب الأرض بدفع تسهيل يرضي الأطراف ويقف التصادم بين الرعاة والمزارعين ويتحول لحروب من بعد، ففي جنوب كردفان والباجة بعض الفضاء والم?عى وان تكون لجان من النيابة والمعتمدية والادارة الاهلية واتحاد المزارعين والرعاة لمتابعة المشهد وبمرونة وتعاطف مع الجانبين وتحديد زمن لنهاية الحصاد «الطليق». المنطقة تعاني من شح الذرة مما ينبيء بندرة قادمة - كما ان سوق المحصول بدأ يستقبل الوارد الجديد من السمسم والكركدي وباسعار عالية وقلة الموارد وعلى المعتمدية ان تراقب التهريب وهي تعتمد على عائد هذه المحاصيل وكذلك ستفقد معاصر المنطقة ما يعينها على الحراك وترتفع الزيوت والامباز وتتشرد الايدي العاملة مما يزيد الكساد والحالة سوءاً. يشكو الناس من الارتفاع المستمر في أسعار السكر وسوء توزيعه وحصره في قلة منتفعة بعلم الشركة والمعتمدية بل ترفض الشركة تسجيل من يحصل ضريبة القيمة المضافة. وتاجر القطاعي يحصل عليه ممن يحظى بتسجيل اسمه وتسعى الغرفة التجارية على وضع رسم عليه والمحلية وغيرها - والسؤال الذي لا يجد جواباً - طالما هناك مخزن حكومي فما دور الغرفة والمحلية ويمكن لتاجر القطاعي اخذ حصته من المخزن رأساً وان الخيام المصنوعة لا يمكنها ان تكون بديلاً لتجار القطاعي. فالغرفة التجارية لا دور لها في حياة المدينة ولا حتى في المشاكل التجارية كما ك?نت الغرف من قبلها تسهم في حل المشاكل التجارية وتتفاعل مع مشاكل الصحة والتعليم وحاملي الأمراض المعدية والفقراء والمعاقين. هذه المدينة وبالفم المليان أقول تعيش بخلق غير خلقها وسمعة غير سمعتها الفاضلة وعلى ابنائها تدارك الموقف وعاجلاً والا ترجلت وسارت خلف ركب الحضارة والتقدم فالمدارس غير المدارس التي كانت والمستشفى العظيم أصبح في غير حاله حتى كثرت المستوصفات وبغير رعاية والصيدليات من غير مؤهلين وزاد عدد المدارس الخاصة، وهجر المواطنون مدارس الدولة والتي أصبحت لها رسوم وتحصيل غير مباشر لصالح مجلس الآباء وإفطار المعلمين. إننا لا نبكي على الماضي ولكننا ننشد الأفضل. ومن الفضائل الجميلة ان هناك لجنة تقوم بتسوير المقابر وتعمل في صمت وتتحصل على المال من المصلين بالمساجد والمسجد العتيق كما قامت بتوصيل الماء والكهرباء وبناء مظلات للمشيعين وبناء منزل للحارس وزراعة أشجار الظل حول المقابر من الجهد الخاص. كما أن نائب ناظر عموم الجوامعة بام روابة يتبنى المصالحات القبلية وتسويات خلافات المواطنين ويحشد لذلك خيار المواطنين لدعمه في هذا العمل الخير والذي يجد القبول. ومن الفضائل البائنة من ذلك المجد بهذه المدينة ان اتحاد الكرة قام بتغيير ملامح دار الرياضة وبنى لها اوقافاً بعدد كبير من الدكاكين التي ساهمت في تخفيف الايجارات. ومن الفضائل ان لجنة نادي ام روابة الثقافي وبجهدها تمكنت من تجديد المباني وبناء أوقاف تساعد في تسيير وتجديد أثاثه فهو المكان الذي انطلقت منه الحركة الوطنية والثقافية والاجتماعية. وهناك لجان تعمل لتجديد وتوسعة المسجد الكبير الذي ضاق بالمصلين وأحاطت به الأوساخ بسبب تصاديق المحلية باقامة رواكيب على حائطه والخيرين الذين امدوا المسجد بالمراوح والمكيفات وتجديد الطلاء وبناء المرافق «شكراً للجنته القائمة». ورغم هذا فالعشم كبير في أبناء المدينة الذين نهلوا من مدارسها حين كانت منارات والذين نالوا من ثروتها وخلقها الكريم - وعلينا وهم ان نتكاتف ولا نتراجع لنيل كسب رخيص على حساب المواطنة ولا نعتمد على الذين جاءت بهم الاقدار ليجلسوا ويحكموا من أجل الحكم والسلطة والجاه وان نكون مجالس حقيقية ترعى مصالح المواطنين دون مغنم وحوافز ودون بهرج سلطة مظهرية. وحتى تبقى كردفان مأوى للجميع وذات خير برة وحتى تبقى مدينتكم ام روابة الواجهة الكبرى الشامخة أبداً.