ربما كان عنوان الندوة كفيلا بأن يلزم المتحدثين الاتجاه نحو الاسباب الاساسية وراء الازمات والتي اجمعوا القول بانها نتاج للسياسات الرعناء وسوء التخطيط، على ان ندوة الراهن السياسي والتي أقامتها قوى الاجماع الوطني المعارض بدار حزب المؤتمر الوطني مساء الثلاثاء وحضرها عدد من ممثلي الاحزاب شهدت ملامح لا تشي بذلك. واستهل المداخلات الخبير الاقتصادي محمد ابراهيم كبج والذي اظهر قدرته المعهودة في رصد ارقام الميزانيات وانما ايضا في رصد حجم الاخفاقات والتناقضات داخل حزب المؤتمر الوطني، واصفا اياه بالحزب الذي يناقض بعضه بعضا، موضحا بان الوضع الاقتصادي في السودان اختلفت فيه الآراء داخل المؤتمر الوطني نفسه، فوزير المالية يعتبر بأنها ازمة عابرة، ثم يخرج مهدي ابراهيم ليؤكد عدم جدوى الكذب ويجب مواجهة الناس بأن هناك ثلاث سنين تحتاج لسيولة اكثر مما هو عليه الحال الآن، ويقول على كرتي باننا لن نتأثر. ونادى كبج بضرورة ان يسعى المؤتمر الوطني لتوحيد أقواله ، مشيرا الى حجم المسؤولية الاقتصادية التي تلقيها الاوضاع على قيادات المعارضة. وحث قيادات المعارضة على تحسين العلاقات مع الشعب لكسبهم ، محذرا من عودة النظام حال اسقاطه الى سدة الحكم ما لم يكن هناك برنامج واضح من المعارضة. ولفت الخبير الاقتصادي الى ان تصريحات د.صابر محمد الحسن ود.عوض الجاز ابان الازمة المالية 2008م والتي ادعيا فيها ان السودان لن يتأثر بها، معللين الامر بانه يحتوي على نظام اسلامي، وهو ما يتناقض مع ما يفعلونه الآن من بحث عن شماعة «ان السودان جزء من ازمة يشتكي منها العالم كله». وسخر الخبير كبج من تصريحات الحكومة والتي تحمل الحركة الشعبية اشعال الحرب بالنيل الازرق وجنوب كردفان، مؤكداً انها كانت حربا استباقية نسبة للمعطيات السابقة مع نقض للعهود، لافتا انه على الرغم من ذلك كان تفادي الحرب واردا بالجلوس للحوار، لان الحرب لن تحل المشكلة، مشيرا الى ان ميزانيات الانقاذ منذ ايامها الاولى وحتى الآن ميزانيات حروب بما فيها الميزانية الحالية والتي تحاول ان تضع كل مثالب حكومة الانقاذ على ظهور المواطنين، منتقدا قيام سد مروي ورأى انه وضع في غير مكانه فتكلفته 1.60 مليون دولار، وان كان تم انفاقها في تعلية خزان الروصيرص ومشروع الرهد وكنانة والجزيرة وعلى مساحة قدرها 2.6 كان اجدى، ولما كان الحال كما هو الآن. واضاف كبج ان الحكومة سنت سنة حسنة في عام 1995م باطلاق صندوق دعم الولايات والرامي الى تقليل الفجوة التنموية بين الولايات بأخذه من الولايات الغنية وخلق توازن تنموي ولكن ذلك حسب قوله وأد وحال من ما كان يرجى من الصندوق في التنمية المستدامة. وفي قراءة لميزانية 2012م اكد كبج انها تقوم على افتراضات يستحيل تحقيقها،وكشف عن خطورة السوق الاسود والدور الذي يلعبه في رفع اسعار الدولار ساخراً من الاجراءات المتبعة لايقاف ارتفاع الدولار ، قائلا ان الازمة لا فكاك منها ولا يمكن حلها قبل مضي ثلاث سنوات بشرط تحسين الاداء. رئيس قوى الاجماع الوطني فاروق ابو عيسى قال ان الشعب لا يستطيع أن يصبر على الحالة الاقتصادية الراهنة( 5) سنوات قادمة، مشيرا الى تدمير البنى التحتية بسياسة الخصخصة والتي بيع اصولها حسب قوله الى تجار ينتمون للحزب الحاكم، والى التوسع الافقي في التعليم من دون نظرة نافذة، مما اتاح خروج آلاف الخريجين الجهلة.وانتقد ابوعيسى سياسات الحكومة الخارجية وعلاقاتها مع الدول المختلفة اقليميا ودوليا ، وقال « انها تعادي من تصاحب ومن لا تصاحب لدرجة تحولهم الى خصوم فى الساحة الدولية». وفي سياق ذي صلة كشف فاروق عن حزمة من المتطلبات بعد فشل النظام، على حد تعبيره، من اجل انقاذ حقيقي للوطن، والتي ابرزها برنامج وطني لا يتم تنفيذه الا عبر حكومة قومية.. ومؤتمر دستوري يحدد رؤية كيف يحكم السودان مستقبلا، ورهن ذلك كله بقبول المؤتمر الوطني الجلوس للتفاوض والقبول بأجندة وطنية ودستور وطني.. وقال في اشارة ضمنية الى ما يشهده تجمع المعارضة «الآن اننا ذاهبون وملتزمون بالقرار القديم ولا نتحمل لشخص ان يتزايد علينا ولا احد يفتكر ان البقية تلاميذ عنده..!وكشف رئيس التجمع عند خطة المعارضة عقب الاطاحة بالنظام الحاكم محددا فترة زمنية قدرها 3 سنوات تدار فيها الدولة بحكومة انتقالية، واكد جاهزية البرنامج الذي اعدته المعارضة، وكشف عن سعيهم لتوسيع المشاركة، مشيرا الى تشكيلهم لجنة من 75 من القانونيين اضطلعت بمهمة اعداد الدستور والذي انهي العمل فيه من قبل منظمات المجتمع المدني. رئيس حزب المؤتمر السوداني ابراهيم الشيخ اكد في مداخلته على استحالة استمرار النظام الحاكم بخاصة وان فاتورة استمراره هي اعلى من كل الفواتير، مشيرا الى رضوخ الشعب الى ما اسماه «بعصابات تنهب موارده»، وذكر الشيخ ان تجربة المشاركة فى السلطة وان تمت عبر حوار طويل غير مجدية لعدم مقدرتها على اصلاح حال البلد، ومضى متسائلا عن امكانية ان يفرز ذاك الحوار لشخص يستطيع ان يصد د.نافع عن الاستمرار في دفع البلد الى مزيد من الحروبات، ولفت رئيس حزب المؤتمر الى صعوبة الحياة المعيشية لمواطني مناطق التهميش وما يعانوه من اهمال في الخدمات، داعيا الاحزاب الى ضرورة الالتفاف حول الشعب من اجل اخراجه من النفق الحالي.