اعلن مساعد رئيس الجمهورية المكلف بملف العلاقة مع دولة جنوب السودان، العقيد عبد الرحمن الصادق المهدي، انه بصدد وضع خارطة طريق لتسوية القضايا الخلافية بين البلدين تعتمد علي «المباصرة لا المواجهة،» ورغم ان مساعد الرئيس قد اقر بأن الملف مازال قيد الدراسة الا انه عاد واكد سعيه لمعالجة الملفات العالقة مع الجنوب عبر الحوار المباشر، ووضع كل القضايا محل الخلاف على الطاولة مع المسؤولين بالجنوب ومناقشتها وتسويتها. العقيد عبد الرحمن الصادق المهدي الذي حل في هذا الملف خلفا لنائب رئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه الذي كان يرأس اللجنة السياسية المشتركة المختصة بمناقشة قضايا الشريكين، ومن بعد الدولتين مع نائب رئيس حكومة الجنوب رياك مشار، اثار تكليفه بهذا الملف جدلا واسعا فالبعض وصفوا عبد الرحمن بالشخص الانسب لتولي هذا المنصب لجهة ان تعيينه يعبر عن منحي جديد في استراتيجية التعامل مع دولة الجنوب في الفترة المقبلة، الا ان اخرين شككوا في قدرته علي ادارة الملف الذي شهد جولات ماكوكية في اديس ابابا برئاسة الوسيط الافريقي ثامبو امبيكي، وكذلك لقلة خبرته السياسية لاسيما مع استمرار سياسات النظام الحالية لافتقاره لاية قدرات اومؤهلات تمكنه من ادارة الملف الا ان عبد الرحمن بدا واثقا من امكانية التوصل الي حل جذري في شأن الملفات العالقة مع الجنوب، مشيراً الى انه تلقى محادثات هاتفية من قيادات جنوبية عقب تعيينه في منصبه الجديد. وقال مساعد الرئيس إنه يعكف على دراسة الملف مع الجنوب موضحا أنه ليس من مصلحة الجنوب دعم المتمردين وأن الحكومة لو عاملت الجنوب بالمثل فإن ذلك سيؤدي الى عدم استقرار الدولتين. المحلل السياسي محمد حسن التعايشي اعتبر ان تصورات عبد الرحمن الصادق فيما يتعلق بالعلاقة بين دولتي الشمال والجنوب لا تنفصل عن تصورات والده لهذه العلاقة التي سبق ان قال فيها الاخير في سياق تبريراته لمشاركة نجله «ان عبد الرحمن يتمتع بعلاقات متجذرة مع الجنوبيين ستسهل عملية التسوية في القضايا العالقة «، واردف التعايشي ان هناك اتفاقا بين المؤتمر الوطني والصادق ونجله يتضمن ان يلعب الاخير دورا مهما في تجسير العلاقة بين الدولتين بدا خطواته المهدي بزيارة للجنوب بعد الانفصال قابل خلالها القيادة الجنوبية وتحدث عن العلاقة بين البلدين وضرورة تسوية القضايا العالقة وربط التعايشي، تكليف عبد الرحمن بملف الجنوب بزيارة والده مشيرا الي ان تولي ملف الجنوب لايقرأ بعيدا من سياق تلك الزيارة . ويقول التعايشي ان القراءة الموضوعية تشير الى ان شخصية عبد الرحمن لا تؤهله لادارة هذا الملف معتبرا ان عبد الرحمن سيكون مسرفا في «توهمه» ان ظن ان علاقات اسرته الشخصية مع الجنوب من شأنها تسوية العلاقات الخارجية بين الشمال والجنوب، خاصة ابيي وترسيم الحدود ومسألة القوانين ومناطق التماس ومسألة تسوية قضايا النفط وعائداته. وشدد التعايشي على ان كل هذه القضايا من الوهم ان يظن احد انها يمكن ان تعالج في اطار العلاقات الاجتماعية، مؤكدا ان هذه الملفات تحتاج الي عمليات جراحية عميقة لاتنفصل عن ترتيبات الوضع السياسي في الشمال، وحمل التعايشي النظام الحالي والنظم السابقة مسؤولية المساهمة الى حد بعيد فيما نحن فيه الان بين الشمال والجنوب، لافتا الى ان النخب السياسية القديمة هي التي تورطت في جريمة فصل الجنوب وقال (اذن ليس بإماكانها ان تعالج هذه القضايا). واضاف ان تصور المهدي ونجله بأن حل القضايا الخلافية بين الدولتين يمكن ان يتم في اطار الجوار الحميم تصور خاطئ لان طبيعة النظام الحاكم هي من تحدد العلاقة مع الجنوب، وما اذا كانت علاقة تداخل ام تشاكس . وسار في ذات الاتجاه القيادي بحزب البعث السوداني يحيى الحسين الذي قلل من فرص نجاح نجل المهدي في حل القضايا محل الخلاف بين الدولتين مردفا «ولى زمن العبقريات الفردية» واعتبر الحسين ان المسألة تتعلق في المقام الاول بمنهج وسياسة الدولة الخارجية وقال ان تكليف عبد الرحمن بملف الجنوب كان لعدة اعتبارات منها ادعاء الصادق المهدي استمرار الحوار مع القادة الجنوبيين الجدد، وحمل الحسين طرفي نيفاشا مسؤولية عدم الوصول الى حل جذري في القضايا العالقة، مشيرا الى ان الامر يرجع الى الاختلالات الخطيرة التي صاحبت اتفاقية السلام الشامل، لافتا الى أن الشريكين حولا الفرص إلى أزمات ما أدى لتمزيق السودان وربط الحسين حل الملفات الخلافية بمعالجة قضايا التحول الديمقراطي والحريات، وعبر عن اعتقاده بأن لا عبد الرحمن ولا الحكومة ستحل تلك الملفات بطرحها ومواقفها الحالية، مشيرا الى ان الازمة تحتاج الى عملية جراحية وليست مسكنات. واضاف لابد ان تتم عبرحكومة قومية لمعالجة قضايا الحدود وابيي والتماس والنفط والحكم الفيدرالي، وليس عبر الاقصاء وتقريب البعض كما حدث في ملف دارفور. لكن القيادي بحزب المؤتمر الوطني الدكتور اسماعيل الحاج موسى اعتبر من الصعوبة الحكم على امكانية فرص نجاح عبد الرحمن المهدي في ادارة ملف الجنوب لقلة خبرته السياسية. وقال الحاج موسى «لم يعرف عن عبد الرحمن عمله بالسياسة بالقدر الذي عرف به قائدا عسكريا في الجيش النظامي اومليشيا حزب الامة»، وقال ان عبد الرحمن يعتبر الانسب لتولي هذا الملف لا سيما وان العلاقات بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية قد ظلت متأزمة طيلة الخمس سنوات الماضية، مرجحا ان يكون عبد الرحمن الصادق عنصرامحايدا فى ادارة الملف في ظل تزعزع الثقة بين الشمال والجنوب باعتباره وافدا من حزب جديد لم يدخل في مشاكسات مع الحركة الشعبية. المحلل السياسي البروفسير الحاج حمد، قال ان عبد الرحمن دخل مؤسسة الرئاسة بشكل فردي، وبالتالي من الصعوبة التكهن بامتلاكه قدرات تؤهله لدفع تلك الملفات، وقال حمد ان ملف الجنوب يعد جزءا من السياسة الخارجية التي صنعتها رئاسة الجمهورية وليس اجتهادات شخصية وانما سياسة دولة تجاه دولة اخرى، مبينا ان هذا ما لا تدركه حكومة السودان، وقال حمد ان تولي الملف يحتم على صاحبه تحديد مصالح شمال السودان الوطنية واعداد الورقة الزرقاء لسياسة الحكومة تجاه دولة الجنوب، ومعرفة كيفية التعامل مع اللاعبيين الاساسيين من الطرف الاخر ليعمل على مساعدة النظام في تكوين سياسة واضحة حول القضايا مثار الصراع، لاسيما النفط وابيي وباقي الحدود والتجارة الحدودية، وقال حمد ان الحركة الشعبية لن تتأثر بكارزمية «ود الصادق،» وهو لا يملك عصا سحرية لحل الازمة بين الجنوب والشمال؛ لان تحركاته ستكون وفقا لمؤسسة الرئاسة .